التقاريرتقارير الغازتقارير النفطدول النفط والغازرئيسيةعاجلغازموسوعة الطاقةنفط

أفغانستان.. عقود من الضياع لموارد ضخمة من النفط والمعادن

موارد الدولة تدفع ضريبة انعدام الأمن

أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • أفغانستان تمتلك موارد ضخمة غير مكتشفة من النفط والمعادن
  • احتياطيات النفط المؤكدة تبلغ نحو ملياري برميل في أفغانستان
  • أفغانستان اكتشفت النفط عام 1959 لكن إنتاج الخام لم يكتب له النجاح
  • انعدام الأمن في أفغانستان يُعطل إتمام مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي
  • أفغانستان تمتلك كميات هائلة من الليثيوم قد تجعلها كالسعودية في النفط

موارد هائلة من المعادن والنفط والغاز دون استقرار أمني وحكومة مسيطرة، ستكون بلا جدوى، هذا حال أفغانستان إحدى أفقر دول العالم، التي أرهقتها الحرب الأهلية لسنوات.

ومع سيطرة حركة طالبان هذا الأسبوع على القصر الرئاسي في كابول، وفرار الرئيس أشرف غني، عاد الحديث عن الموارد الضخمة التي تمتلكها الدولة الواقعة بين وسط آسيا وجنوبها، وإمكان استغلالها تحت هيمنة طالبان.

النفط والغاز

قدّر تقرير صدر عام 2006 عن وزارة الطاقة الأميركية، أن أفغانستان لديها مليار برميل من احتياطيات النفط، في حين أشارت تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في العام ذاته إلى احتياطيات بنحو ملياري برميل.

وتُقدر الهيئة الأميركية متوسط ​​الموارد غير المكتشفة في أفغانستان بـ15.7 تريليون قدم مكعبة من الغاز، و1.6 مليار برميل من النفط، بالإضافة إلى 562 مليون برميل من سوائل الغاز الطبيعي.

وبالعودة إلى الوراء؛ إذ اكتُشف النفط في أفغانستان عام 1959 بالجزء الأفغاني من حوض آمو داريا، في حين جرى اكتشاف معظم حقول النفط والغاز في سبعينات القرن الماضي خلال حملات الاستكشاف التي قادها الاتحاد السوفيتي.

ويُعَد حقل أنغوت (Angot) المكتشف عام 1959، هو حقل النفط الوحيد الذي شهد إنتاجًا مستدامًا للخام في أفغانستان حتى أُغلق عام 2006 مع الاحتياطيات المتبقية المقدرة بنحو 6 ملايين برميل، بحسب وزارة التعدين الأفغانية.

وفي عام 2012، بدأت أفغانستان إنتاج النفط على نطاق تجاري لأول مرة، إذ استخرجت شركة النفط الوطنية الصينية (CNPC) النفط من حوض آمو داريا (Amu Darya basin) في شمال أفغانستان، بعد أن وقّعت الدولة عقدًا لحفر حقول النفط لمدة 25 عامًا مع الشركة الصينية نهاية عام 2011.

أفغانستان - وزير التعدين الافغاني السابق وحيد الله شهراني
وزير التعدين الأفغاني السابق وحيد الله شهراني - أرشيفية

وفي ذلك الوقت، قال وزير التعدين حينذاك، وحيد الله شهراني، إن إنتاج النفط من حوض آمو داريا من المتوقع أن يبلغ 1950 برميل نفط يوميًا، وهو ما قد يساعد أفغانستان في تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي، لكن حالت الاضطرابات السياسية والأمنية دون ذلك.

ومع ذلك، لم يحرز هذا المشروع الصيني تقدمًا يُذكر؛ فبحسب تقرير لمعهد بروكينغز الأميركي، اعترف مسؤولو الحكومة الصينية والخبراء في أفغانستان بأن بكين سعت لهذه الاتفاقية لمجرد استباق الدول الأخرى من الحصول على الامتيازات، مع توقعها بشكل جيد أنها لن تبدأ في تطوير امتيازاتها لسنوات مقبلة بسبب انعدام الأمن.

مشروع أنبوب الغاز

في عام 1998، وقّعت شركة يونوكال الأميركية صفقة مع طالبان لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي (تابي) بطول 890 ميلًا من تركمانستان إلى باكستان، لكنها باءت بالفشل، بسبب استمرار الحرب الأهلية.

وأبلغت يونوكال وزارة الطاقة الأفغانية بأن صفقة خط أنابيب الغاز لن تستمر حتى تشكيل حكومة معترف بها دوليًّا في أفغانستان.

ويُعَد مشروع خط أنابيب تابي (TAPI) أو مشروع (Trans-Afghanistan Pipeline)، أحد أكبر مشروعات نقل الغاز في المنطقة، الذي كان من المتوقع عند تنفيذه أن تصبح أفغانستان مركزًا اقتصاديًا مهمًا، بحسب وزارة المعادن والنفط.

ورغم أن فكرة المشروع تعود إلى وقت التسعينات؛ فإنه جرى التعجيل بالمشروع فقط عام 2003 بدعم بنك التنمية الآسيوي، قبل أن تنضم الهند إلى المشروع عام 2008.

وبحسب الوزارة الأفغانية؛ يهدف المشروع إلى تصدير 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا عبر خط الأنابيب من تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان والهند.

وحال اكتمال مشروع تابي؛ فإنه سيؤدي دورًا مهمًا في تطوير اقتصاد أفغانستان من خلال توليد إيرادات بملايين الدولارات، وتوفير فرص عمل، وتطوير البنية التحتية.

وبحسب وزارة المعادن والنفط الأفغانية؛ فمن المتوقع أن يُدرّ المشروع سنويًا ما يقرب من 400 مليون دولار.

وستحصل أفغانستان على 500 مليون متر مكعب من الغاز في العقد الأول، ستزداد إلى مليار متر مكعب في العقد الثاني و1.5 مليار متر مكعب في العقد الثالث.

المعادن.. موارد منسية

بحسب صحيفة نيويورك تايمز تُقدّر احتياطيات البلاد من المعادن بما يصل إلى 3 تريليونات دولار، مع مجموعة هائلة من الذهب والمعادن الصناعية.

كما تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إلى أن أفغانستان تمتلك 60 مليون طن متري من النحاس و2.2 مليار طن من خام الحديد و1.4 مليون طن من المعادن الأرضية النادرة، وفقًا لتقرير صادر 2020 عن صحيفة ذا دبلومات.

أفغانستان
أحد مناجم النحاس والكوبالت - أرشيفية

وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 2010، اكتشفت الولايات المتحدة ما يقرب من تريليون دولار من الرواسب المعدنية غير المستغلة في أفغانستان، مثل الحديد والنحاس والكوبالت والذهب، والمعادن الصناعية مثل الليثيوم.

وتنتشر الرواسب المعدنية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الجنوبية والشرقية على الحدود مع باكستان.

ونقلت الصحيفة عن مذكرة لوزارة الدفاع الأميركية، أن أفغانستان تمتلك كميات هائلة من الليثيوم قد تجعلها مثل السعودية في النفط، وهذا من شأنه أن يجعل أفغانستان من أهم مراكز التعدين في العالم، ويكفي لتغيير الاقتصاد الأفغاني بشكل أساسي.

وربما يكون الأهم بالنسبة إلى مستقبل البلاد هو وجود رواسب هائلة من الليثيوم، وهو مادة أساسية للبطاريات الكهربائية، في وقت يتسارع فيه العالم لخفض الانبعاثات.

وفي حين أن تطوير صناعة التعدين قد يستغرق سنوات عديدة، فإن الإمكانات كبيرة لدرجة أن المسؤولين والمديرين التنفيذيين في الصناعة يعتقدون أنها يمكن أن تجتذب استثمارات ضخمة حتى قبل أن تكون المناجم مربحة، بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.

وأمام ذلك؛ فإن التحديات كبيرة أمام استغلال هذه الموارد المهمة لدعم مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة الاستثمارات فيها مع حقيقة الصورة الراسخة عن أفغانستان والمتعلقة بالاضطرابات الأمنية.

وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تكون الصين، التي تُعد بالفعل أكبر مستثمر أجنبي في أفغانستان، شريكًا منطقيًا لحركة طالبان إذا جرى استغلال احتياطيات البلاد المعدنية الكبيرة، لكن الأمور لن تكون سهلة وستتطلب ضمانات قوية بشأن الأمن.

غولدمان ساكس - قطاع النفط - براميل نفط

وفضلًا عن توقف استخراج النفط، لم تتمكن شركة المعادن الصينية (China Metallurgical Group)، التي تمتلك حقوق استغلال أحد أكبر رواسب النحاس في أفغانستان منذ عام 2007، من العمل، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن.

وفي 28 يوليو/تموز، التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وفدا من طالبان برئاسة الملا عبدالغني بارادار أحد كبار الشخصيات في الحركة.

وبخلاف العبارات الدبلوماسية المعتادة، وصف وانغ طالبان بأنها "قوة عسكرية وسياسية مهمة في أفغانستان، ومن المتوقع أن تؤدي دورًا مهمًا في عملية السلام والمصالحة وإعادة الإعمار في البلاد".

اقتصاد أفغانستان

رغم كل هذه الموارد والاحتياطيات السالف ذكرها، فإن أفغانستان تُعد إحدى أفقر الدول في العالم.

وبسبب الحرب، يعيش نحو 90% من سكان أفغانستان بما يقل عن دولارين في اليوم بدعم من المساعدات الأمريكية.

ويرى تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس في يونيو/حزيران، أن مستقبل الاقتصاد الأفغاني غير مؤكد، في أحسن الأحوال، وكان ذلك قبل سيطرة طالبان التي أعقبت انسحاب القوات الأميركية، على خلفية قرار للرئيس الأميركي، جو بايدن.

ووفقًا لبيانات البنك الدولي، نما الناتج المحلي الإجمالي في أفغانستان من 4.055 مليار دولار عام 2002 إلى 20.561 مليار دولار عام 2013.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أسهم فيه تدفق المساعدات الخارجية منذ عام 2002، في دعم متوسط ​​النمو السنوي للاقتصاد ليبلغ 9.4% بين عامي 2003 و2012.

وتباطأ النمو بشكل كبير عندما غادرت معظم القوات الأجنبية، وهي مصدر رئيس للدخل، البلاد عام 2014 مع مغادرة قوة المساعدة الأمنية الدولية المدعومة من الأمم المتحدة.

ونتيجة لذلك، انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان من 14% عام 2012 إلى أقل من 1.5% بحلول عام 2015.

وكان هناك انتعاش لاحق للاقتصاد من عام 2016 فصاعدًا، لكن عادت البلاد إلى الركود العام الماضي، بسبب تفشي فيروس كورونا وتزايد الاضطرابات السياسية التي عطلت الصادرات.

وبحسب تقرير حديث لشبكة سكاي نيوز؛ يُعتقد أن خُمس الناتج المحلي الإجمالي في أفغانستان يأتي من تجارة الأفيون، التي تسيطر حركة طالبان على معظمها؛ ما يساعد في تسليح الجماعة، رغم أن تقارير صحفية سابقة، منها تقرير لمجلة فورين بوليسي وآخر لصحيفة لوموند الفرنسية، أكدت أن حركة طالبان قضت بشكل كامل على تجارة المخدرات في جميع أماكن سيطرتها، وأوقفت بشكل غير مسبوق الاتجار العالمي بالهيروين خلال مدة حكمها الأول لأفغانستان بين عامي 1996 و2001.

وبشكل عام، تُشكل الزراعة نصف النشاط الاقتصادي في أفغانستان، وبعدها تأتي المساعدات الخارجية -مصدر دخل رئيس للدولة- إذ تغطي 75% من إنفاق الحكومة الأفغانية، بحسب البنك الدولي.

وتُظهر هذه الأرقام حقيقة غياب الموارد الهائلة من المعادن والنفط والغاز عن دعم الاقتصاد، فبحسب تقرير صادر يونيو/حزيران 2021 عن مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في أفغانستان، بلغت عائدات الحكومة من الصناعات الاستخراجية أكثر من 55 مليون دولار عام 2019.

ورغم أن القوى العظمى حول العالم قد تنظر إلى سيطرة طالبان على أنها ستحقق استقرارًا نسبيًا في أفغانستان، ومن ثم دعم استثمارات التعدين وغيرها، فإنه يمكن أن تتحوّل نعمة الموارد المعدنية إلى لعنة موارد، ومن ثم تحويل الصراع العسكري في البلاد إلى صراع على الموارد.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق