أستراليا.. نشطاء يعرقلون عبور قطارات الفحم.. والشرطة تتوعدهم بالسجن (صور)
مي مجدي
تواصل أستراليا حرق الفحم لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، ضاربة بعرض الحائط باتفاقيات مؤتمر المناخ كوب 26، وأجراس الإنذار المحذّرة من صناعة الفحم.
وما يزيد الحيرة أن أستراليا ليست دولة نامية، ولديها الإمكانات الكافية للتحول إلى الطاقة المتجددة، لكنها فضلت الاعتماد على أقذر أنواع الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاتها، بدلًا من التخلص منه.
ودفعت سياسات الحكومة إلى تصعيد النشطاء المناهضين للفحم موقفهم وتولّي زمام الأمور بتعطيل أكبر ميناء للفحم في العالم، ومواصلة الاحتجاجات على مدار الـ10 أيام الماضية، رغم التهديدات بالسجن المشدد.
واستخدم النشطاء أجسادهم والحبال والغراء للاحتجاج، وأوقف اثنان من المتظاهرين النشاط في ميناء نيوكاسل والضغط على إنذار الأمان، مما أدى إلى توقّف تصدير الفحم، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية.
خسائر بالملايين
تعدّ مدينة نيوكاسل ومنطقة هانتر المحيطة بها، موطنًا لأكبر ميناء للفحم في العالم، وفصلًا مهمًا في تاريخ أستراليا لازدهار الفحم.
وأصبحت حماية الوظائف في المنطقة حجّة شائعة يستخدمها السياسيون لمواصلة الاعتماد على الفحم.
إذ توفر صناعة الفحم ما يقرب من 61 ألف وظيفة في هانتر، وبها خط سكة حديد ينقل 150 مليون طن من الفحم إلى محطات توليد الكهرباء في أستراليا والعالم.
وعلى مدى الأيام الـ10 الماضية، لم تستطع الشرطة أو السياسيون وقف مجموعة من نشطاء المناخ من تعطيل سلاسل توريد الفحم والتي تُقدّر بمليارات الدولارات.
وهذا هو السبب الذي جعل وزير شرطة نيو ساوث ويلز، ديفيد إيلوت، يصف الاحتجاجات التي نظمتها جماعة "بلاكيد أستراليا" بـ"التخريب الاقتصادي".
كما أثارت المظاهرات غضب نائب رئيس الوزراء، بارنابي جويس، وزعم أن كل حمولة قطار من الفحم تساوي نحو مليون دولار من قيمة الصادرات.
وقال، إنه بحلول يوم الإثنين، عطّلت الاحتجاجات صادرات بقيمة 60 مليون دولار.
وتابع: "كلنا آذان صاغية لأيّ مقترح يوفر للأمة مصدرًا لجني المال، وحتى حلول ذلك الوقت، علينا أن نحقق ربحًا".
كما إن أمين صندوق نيو ساوث ويلز، مات كين، أبدى اعتراضًا للمظاهرات، رغم أنه من منتقدي إستراتيجية التحول المناخي للحكومة، ودعا الشرطة بمعاقبة المتظاهرين بشدة.
وخلال حديثه لراديو سيدني أمس الأربعاء، طالب مات كين المتظاهرين بضبط النفس والابتعاد عن الطريق ووقف إيذاء الآخرين، مضيفًا أنه يمكنهم التعبير عن آرائهم والدعوة للتغيير بمئات الوسائل، لكن المخاطرة بحياة عمّال السكك الحديدية ليست واحدة منهم.
عقوبة السجن
في محاولة لمواجهة استمرار الاحتجاجات وتعطيل صادرات الفحم، أعلن مفوض شرطة نيو ساوث ويلز، ميك فولر، تشكيل قوة مداهمة لاستهداف النشطاء يوم الإثنين.
وقال، إن المتظاهرين يواجهون تهمًا محتملة بالسجن لمدة تصل إلى 25 عامًا.
وينصّ قانون الجرائم في نيو ساوث ويلز على معاقبة الشخص الذي يقوم بأيّ فعل ينتج عنه انحراف المسارات لمدة 14 عامًا.
عدالة المناخ
تقول جماعة "بلاكيد أستراليا" -التي تقف وراء الاحتجاجات-، إنها تسعى إلى وقف أزمة المناخ، والفرصة الوحيدة لخلق مستقبل ملائم للعيش هو التضامن واستخدام القوة الجماعية للنضال من أجل العدالة المناخية، بحسب ما كتبته في موقعها الإلكتروني.
وقالت كلانسي ماهر، إحدى المشاركات في الحصار، إنها ستواصل هذا النوع من الإجراءات، رغم التهديدات الأخيرة بفرض عقوبات أشد.
وقيل، إن ماهر البالغة من العمر 26 عامًا، صعدت في فجر يوم الجمعة الماضي إلى جسر السكك الحديدية -الذي يمر عبر نهر هانتر ومحطة الفحم في ميناء نيوكاس- وربطت حبلًا على القضبان.
وزعمت التقارير أن ماهر تسلقت مع متظاهر آخر يدعى تيم نيفيل الجسر، وبقيا معلقين على ارتفاع 5 أمتار فوق النهر، ولم تتمكن القطارات من المرور.
ونتيجة لذلك، ألقت الشرطة القبض على "ماهر"، بينما قام نيفيل بلصق يديه على الجسر بالغراء.
وأوقفت الأحداث الدرامية دخول الفحم إلى الميناء لمدة ساعتين ونصف الساعة.
علاقة سامّة
تتعرض حكومة رئيس الوزراء سكوت موريسون إلى ضغوطات هائلة لاتخاذ إجراءات فعّالة للتخلص من الفحم.
لكن الحجة دائما تكمن في أن صناعة التعدين دفعت الاقتصاد الأسترالي لعقود من الزمن، ويحتلّ الفحم ثاني أكبر صادرات البلاد، وغالبًا ما تنسب الحكومة ثروتها الضخمة إلى الفحم.
وخلال العام الماضي، بلغ إجمالي صادرات الفحم 40 مليار دولار، لكن احتفظت شركات التعدين بأغلب هذه الثروة، وذهب العُشر إلى أستراليا- وهذا يمثّل نحو 1% من الإيرادات الوطنية.
ويرى خبراء أن أستراليا قادرة على إنهاء هذه العلاقة السامّة مع الفحم، وسيدعمها اقتصادها المستقر والتنوع في مصادر الطاقة المتجددة.
لكن أستراليا صرّحت بأنها ستواصل استخراج الفحم والاعتماد على الغاز الطبيعي المسال، متحديةً الدعوات العالمية لإنهاء مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة.
الحياد الكربوني
تحتل أستراليا المرتبة 16 بين أكبر الدول المصدرة للانبعاثات، وهي مسؤولة عن 1.3% من الانبعاثات، ومع ذلك، لم تنضم إلى أكثر من 40 دولة في التعهد بإنهاء طاقة الفحم بحلول عام 2030.
وخلافًا للتوقعات، أعلن رئيس الوزراء سكوت موريسون عن خطة أستراليا للحدّ من الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، خلال الشهر الماضي.
وتضع أستراليا أهدافًا طموحة لعام 2030، بخفض الانبعاث إلى 26% عن مستويات 2005، وهو نصف معايير الولايات المتحدة وبريطانيا.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة النووية.. دراسة تؤكد أحقية إدراجها في التصنيف الأوروبي
- الاستغناء عن النفط يفتح أبواب العودة إلى العصر الحجري - مقال