نقمة النفط.. كيف تسبّبت الثروة الطبيعية في إفقار نيجيريا؟
العالم يخسر تريليوني دولار سنويًا بسبب متلازمة الثروة الطبيعية والفساد
حياة حسين
تعاني نيجيريا نقمة النفط؛ حيث لم يكن ثروة طبيعية بقدر ما كان نقمة عليها؛ إذ تسبب الفساد المستشري في الدولة الأفريقية في تفشي الفقر وتردّي الأحوال المعيشية للسكان، بدلًا من استغلال النفط في دعمهم ورفع مستوى رفاهيتهم، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.
وأصبح مصطلح "نقمة -أو لعنة- الثروة الطبيعية"، الذي أطلقه الباحث البريطاني ريتشارد أوتي في تسعينات القرن الماضي، ينطبق حرفيًا على نيجيريا.
هكذا تكون النقمة
قصد أوتي بمصطلح نقمة النفط أو الثروة الطبيعية، عدم قدرة الدولة على استغلالها في تحسين مستوى شعبها واقتصادها بصورة عامة.
بل على العكس، تُسبب تلك الثروات مزيدًا من الفقر والفساد، وانخفاضًا للنمو والتنمية في دولها أكثر من غيرها من الدول التي لا تتمتع بميزاتها الطبيعية.
وتُعد نيجيريا أكبر منتج للنفط في القارة السمراء، وسادس أكبر مصدّر له عالميًا، كما تحتل الدولة الأفريقية المرتبة العاشرة بين أكبر الدول التي لديها احتياطي نفطي مؤكد.
ومع ذلك، تُعد معدلات النمو، والتنمية البشرية الأقل عالميًا، ومعدلات الفقر وعدم المساواة هي الأعلى.
وفوق ذلك، لدى نيجيريا أسوأ نظام مؤسسي، وصراع متنامٍ يفوق الدول الفقيرة بالموارد الطبيعية.
سوء الإدارة
يرجع ذلك -على الأرجح- إلى سوء الإدارة السياسية وضعف المؤسسات الناجمَيْن عن ظواهر متميزة تتعلق باستغلال النفط، تشكلها الشركات متعددة الجنسيات، والحكومات الوطنية والأجنبية، والممولون والمستثمرون الأجانب، إلى جانب هياكل الدول والجهات الفاعلة الخاصة في البلدان المصدرة للنفط.
نقمة النفط أو نقمة الثروة الطبيعية في نيجيريا بآثارها المدمرة شائعة بين بلدان عديدة مثل: فنزويلا، وأنغولا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
إلا أن هناك دولًا محدودة نأت بنفسها وشعوبها عن تلك النقمة، وعكست خير ثرواتها على كل مناحي الحياة، من خلال نظام مؤسسي قوي في مواجهة الفساد، مثل: النرويج، وكندا، وبوتسوانا.
وتشير خبرات العالم إلى أن نقمة الثروة ولعنة الفساد متلازمة طبيعية، خاصة في الدول النامية.
كما تشير التقديرات الدولية إلى أن شعوب العالم تخسر سنويًا تريليوني دولار بسبب الفساد، وذلك المبلغ قادر على محو الفقر، وتعليم كل أطفال العالم، والقضاء على وباء الملاريا، وسد فجوة البنية التحتية لكل دول العالم.
مكاسب شخصية
عرّفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه "إساءة استخدام السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب شخصية أو خاصة".
وفي عام 1996 وصف رئيس البنك الدولي، جيمس وولفنسون، هذا المرض بالسرطان، وعدّه تحديًا لكل الدول في السعي إلى تحقيق الشفافية والمساءلة من أجل مكافحة التأثير الخبيث الذي يخلفه الفساد على المجتمع.
وقال إن العواقب المترتبة على انتشار الفساد تتمثل في نقاط عديدة، مثل: إعادة توجيه الموارد من الفقراء إلى الأثرياء، وتجاوز التكاليف التجارية، وتثبيط الاستثمار المباشر الأجنبي، واستنـزاف الإنفاق العام، وتوجيه المساعدات على نحو مضلل، وتقويض التنمية الوطنية العادلة.
والدول المصابة بالنقمة النفطية تستثمر -عادة- السيولة الزائدة في مشروعات عشوائية دون دراسة أو تحديد الأولويات في مشروعات كثيفة رأس المال، كما تتبع سياسات التيسير المالي -عبر خفض سعر الفائدة عادة-؛ ما يعمل على رفع معدلات التضخم، وهو ما يؤثر سلبًا في القطاعات الاقتصادية غير النفطية بسبب ضعف قدرتها التنافسية.
خلل الأنشطة الاقتصادية
أظهرت دراسات عديدة، أن خللًا يحدث بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة، في أعقاب الطفرة النفطية؛ إذ يجتذب القطاع النفطي العمالة، بسبب ارتفاع أجوره، مقارنة بالزراعة أو الصناعة؛ ما يتسبب في ضعف هذه القطاعات تلقائيا.
كما تؤدي الوفرة المالية في الإدارات إلى عدم الاعتماد على كفاءات في إدارة الموارد المالية، وهو ما يخلق الفساد.
وعلى جانب المواطنين، ترفع تلك الثروة من تطلعاتهم، وتزيد المطالب برفع الأجور والإنفاق الاجتماعي، كما تتشكل البيروقراطية شيئًا فشيئًا.
وهذا الأمر يحول البلدان إلى دول ريعية؛ إذ تعتمد بصورة أساسية على إيرادات النفط، كما تلبي احتياجاتها الأخرى عبر الاستيراد؛ ما يجعلها عرضة للتضخم والديون ونفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي.
موضوعات متعلقة..
- نيجيريا.. لماذا لا يستفيد أكبر منتج للنفط في أفريقيا من قفزة الأسعار؟
- نيجيريا.. ماذا تعرف عن أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
-
نيجيريا.. تراجع كبير في إيرادات النفط بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود
اقرأ أيضًا..
- ماذا تعرف عن خط أنابيب 5 الذي قد يوقفه بايدن؟ (إنفوغرافيك)
- قمة المناخ كوب 26.. وقفة احتجاجية لمجموعات العدالة المناخية داخل مقر المؤتمر (صور)