التقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةغازنفط

البنوك الأميركية تقطع شهر العسل مع شركات النفط

تزايد هائل لطلبات إشهار الإفلاس

وائل عبد الحميد

على مدار العقد الماضي، اتسمت علاقة البنوك وشركات النفط الصخري في الولايات المتحدة بحميمية خاصة كان لها الفضل في طفرة أميركية بترولية غير مسبوقة لكن يبدو أن الطرف الأول قرر قطع شهر العسل.

وتحت عنوان "مقرضو النفط الصخري ينسحبون بعد 10 أعوام من الازدهار النفطي"، أوردت وكالة بلومبرغ الأميركية تقريرًا يغوص في أعماق ذلك التحول.

ولخصت بلومبرغ الوضع الراهن في جملة واحدة حينما قالت: "أحد المصادر الرئيسية للتمويل بالنسبة لقطاع النفط الصخري يتبخر رغم حاجته إليه أكثر من أي وقت مضى"، في إشارة إلى البنوك التي أدارت ظهرها لتلك المؤسسات.

وأفادت بأن البنوك التي دأبت على ضخ القروض في أوصال المئات من شركات الحفر الأميركية المستقلة انسحبت هذا العام بمعدل غير مسبوق بعد تراجع أسعار النفط والغاز.

القادم أسوأ

يرى العديد من خبراء صناعة النفط أن القادم أسوأ في تلك العلاقة حيث توقعوا أن تلجأ المؤسسات المصرفية إلى المزيد من اختزال التسهيلات الائتمانية في الخريف المقبل. وتأتي هذه التطورات في وقت هو الأكثر وعورة بالنسبة لقطاع النفط الصخري الأميركي.

وشددت بلومبرغ على أن أزمة صناعة النفط الصخري ليست وليدة اللحظة، لكنها كانت قائمة حتى قبل فيروس كورونا لكن الجائحة تسببت في إحداث هلاك للطلب العالمي. ومع التعافي المحدود لأسعار النفط الخام على مدار الشهرين الماضيين إلى ما يناهز 40 دولارا للبرميل، يواجه القائمون على النفط الصخري مستقبلا يشوبه عدم اليقين. ويتعين على الشركات إجراء المزيد من عمليات الحفر لتوليد تدفقات نقدية لكنها في نفس الوقت تواجه تكلفة أكبر لرأس المال.

أسعار نفط طاردة للبنوك

من جانبه، قال سبنسر كاتر، المحلل بقسم "بلومبرغ إنتيليجينس" التابع للوكالة الإخبارية الأميركية: "طالما ظلت أسعار النفط عند مستوى 40 دولارا للبرميل أو أقل، والغاز عند دولارين أو أقل، أعتقد أن البنوك سوف تواصل حذرها الشديد وتستمر في الانسحاب". ومضى يقول: "ستكون نهاية النفط الصخري إذا استمر السعر تحت 40 دولارا للبرميل".

ولا تقتصر تعاملات الإقراض لشركات النفط الصخري على عمالقة البنوك أمثال "جيه بي مورغان" و"ولز فارجو"، لكنها تمتد إلى مؤسسات مصرفية أصغر حجما أمثال "بوك فاينانشال كورب" و"كادينز بانكورب" و"أميجي بانك إن.إيه". وعادة ما تقوم شركات النفط الصخري بعملية تفاوض بشأن الخطوط الائتمانية في الربيع والخريف.

ورغم أن التعديلات الائتمانية في هذا الشأن تكون ضئيلة عادة لكن الأزمة تتمثل في أن البنوك قلصت العديد من عمليات الإقراض هذا الربيع. ووفقا، لمؤسسة "إس أند بي غلوبال ريتينجس" الأميركية المتخصصة في التصنيف الائتماني، فإن قواعد الإقراض التي تحددها القيمة الضمانية لاحتياطي النفط والغاز اختُزلت بنسبة تناهز 23% كما انخفضت الالتزامات الائتمانية بنسبة 15% في المتوسط.

إشهار إفلاس

وضربت بلومبرغ مثلا بالمعاناة المالية التي تواجهها شركتا الطاقة "تشابارال إنرجي" و"أويسيس بتروليوم". وقدمت شركة "بروين إي أند بي" طلبُا الأسبوع الماضي لإشهار إفلاسها جراء أوضاعها المالية المتعثرة وعدم قدرتها على سداد ديونها.

وبلغ عدد شركات النفط والغاز التي تقدمت بطلبات لإشهار إفلاسها وفقا لبيانات قامت بلومبرغ بتجميعها 27 شركة, وأفادت بأن معظم هذه المؤسسات هي شركات نفط صخري أشهرها "تشيسابيك إنرجي كورب" و"ويتينج بتروليوم كورب" و"ألترا بتروليوم كورب". وقال بنك "جيه بي مورغان" إن 87% من مستحقاته التي لا يتوقع أن يتم سدادها ترتبط بقطاع الاستكشاف والإنتاج.

بدوره، قال ديفيد باجيتن، المدير المشارك بشركة "أوبورتيون إل إل بي" المنوطة بتقديم استشارات لمؤسسات النفط والغاز المتعثرة ماليا، إن البنوك عادة ليست متمرسة في إدارة الشركات النفطية، ولذلك يتم الاعتماد على خيارات أخرى في حالة الإفلاس مثل الاستعانة بأطراف ثالثة لإدارة الأصول.

قروض أكثر تكلفة

لا يقتصر انزعاج شركات النفط على انكماش حجم القروض المتاحة، لكن المشكلة أيضا، وفقا لبلومبرغ، تتمثل في أنها أضحت أكثر تكلفة بنحو 50 نقطة أساس، كما انخفض حد نفوذ خطوط الائتمان إلى نحو 3.5 أضعاف الأرباح وفقا لمصادر مطلعة. واتخذت البنوك إجراءات لمنع المقترضين من سحب أموال كبيرة بتسهيلات ائتمانية ثم الإمساك عليها وهو تكتيك تنتهجه بعض الشركات.

وثمة بعض شركات النفط الصخري أفضل حالا من هذا الوضع المتردي مثل "دبليو بي إكس إنرجي" التي تشير التوقعات إلى أنها حققت أرباحا في الربع الثاني ومستمرة في عمليات الإنتاج رغم التراجع الكبير في أسعار الطاقة. ورأت بلومبرغ أن قطاع النفط والغاز يستطيع النهوض مجددا إذا اكتسب التعافي العالمي زخمًا وقوة دافعة.

ولكن الأمر يتزايد صعوبة في ظل التكلفة العالية للإنتاج وكذلك مدفوعات سعر الفائدة مما يجعل البيئة السعرية الراهنة شديدة الصعوبة.

ورطة هيوستن

لم تبلغ خسائر النفط والغاز في مدينة هيوستن الأميركية مرحلة الدرك الأسفل بعد لكن ثمة مؤشرات تشير إلى اقترابها من ملامسة القاع وفقا لـ "هيوستن كرونيكل" أكبر صحيفة يومية بولاية تكساس.

وهيوستن ‏ هي أكبر مدن ولاية تكساس، ورابع أكبر مدن الولايات المتحدة الأميركية وتعتبر عاصمة النفط والغاز في العالم.

وخسرت شركة الخدمات النفطية بيكر هيوز 201 مليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بـ 9 ملايين دولار فقط في ذات الفترة من العام الماضي.

وعلاوة على ذلك، أعلنت شركة "كايندر مورغان" الأربعاء إنها خسرت 637 مليون دولار في الربع الثاني.

وبررت بيكر هيوز خسائرها بجائحة كورونا وتقلص أنشطة الحفر حتى أنها اضطرت إلى تقليص موازنة الإنفاق لديها بنسبة 20% وخفضت قيمة أصولها بأكثر من 16 مليار دولار. كما اعلنت هاليبرتون، وهي شركة خدمات نفطية ايضا ومركزها هيوستن، عن خسائر كبيرة، وكذلك شركة شلومبرجيه، والتي أعلنت عن تسريح آلاف الموظفين في هيوستن.

وأخبر رئيس القطاع المالي بالشركة التي تقع في هيوستن المستثمرين الأربعاء الماضي أنه بالرغم من وجود علامات تحسن، لكن تعافي الصناعة ليس متوقعا حدوثه في الربع الثالث من العام الجاري 2020.

وأعادت بعض شركات النفط الصخري في أميركا الشمالية فتح آبارها، كما بدأ عدد الحفارات في أحواض النفط الصخري في تكساس بالزيادة حيث زاد عدد الحفارات في كل من حوضي برميان وأيغل فورد بمقدار اثنتان. وتأتي الزيادة في عدد حفارات النفط في الأسبوع الماضي بعد 18 أسبوعا من الانخفاض المستمر.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق