نيجيريا.. لماذا لا يستفيد أكبر منتج للنفط في أفريقيا من قفزة الأسعار؟
أحمد عمار
- نيجيريا تعدّ أكبر دولة منتجة للنفط الخام في قارّة أفريقيا
- بيع النفط لا يعود بالنفع على نيجيريا بسبب الوضع السيئ للمصافي
- نيجيريا لديها 4 مصافٍ للتكرير، لكنها تعاني من إغلاق جزئي
- نيجيريا تنفق 40% من أرباحها الدولارية على استيراد المنتجات النفطية
- حكومة نيجيريا تعمل مع أليكو دانغوت للإسراع في استكمال مصفاة يمتلكها
رغم أن نيجيريا تعدّ أكبر دولة منتجة للنفط الخام في أفريقيا وعضو في منظمة أوبك، فإنها لا تستفيد كثيرًا -مثل بقية المنتجين للوقود الأحفوري- من الارتفاع الملحوظ مؤخرًا في سعر برميل النفط.
ومع ارتفاع أسعار النفط وتوقعات وصول سعر البرميل إلى مستوى 100 دولار، تنفق نيجيريا في المقابل المزيد من الأموال على استيراد الوقود لتوفيره محليًا.
وتمثّل الصورة السابقة، المعضلة التي تعاني منها البلاد، رغم كونها الأكثر إنتاجًا للنفط في القارّة السمراء، وفق تقرير نشرته الصحيفة النيجيرية (بريميوم تايمز).
ارتفاع الاستهلاك مع سوء المصافي
لا تجني البلاد الكثير من الأموال عند بيع الخام، إذ إنها مضطرة لشراء النفط المكرر بأسعار مرتفعة مع صعود تكلفة الخام؛ بسبب الوضع السيئ لمصافي النفط في البلاد، حسب التقرير.
ويأتي عجز مصافي النفط الخام التي تمتلكها نيجيريا في توفير الوقود اللازم للبلاد، أحد الأسباب الرئيسة لعدم استفادتها من صعود سعر البرميل وتخطّيه حاجز الـ80 دولارًا، ليتجاوز السعر المرجعي المتوقع في موازنة البلاد عند 57 دولارًا لبرميل النفط.
كما يتزامن مع تقديرات لإنتاج نحو 1.88 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، بما في ذلك ما يتراوح بين 300 إلى 400 ألف برميل يوميًا من المكثفات.
وفي الأحوال الطبيعية -شأنها في ذلك شأن أيّ دولة مصدّرة للنفط-، ينبغي أن تساعد الزيادة الكبيرة في أسعار النفط نيجيريا بتوفير إيرادات أعلى من المتوقع في موازنة العام الجاري، ولكن -بحسب التقرير- شكّل استهلاك نيجيريا من الوقود عائقًا أمام هذه الاستفادة.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار النفط جاء على خلفية تعافي الطلب العالمي مع زيادة وتيرة توفير اللقاحات المضادة لوباء كورونا وإعادة فتح الاقتصادات بعد الإغلاق الناتج عن أزمة الفيروس، بالإضافة لتحوّل بعض الدول إلى استخدام النفط في توليد الكهرباء بدلًا من الغاز الطبيعي والفحم بعدما قفزت أسعارهما لمستويات تاريخية هذا العام.
ونقلت (بريميوم تايمز) عن وزيرة المالية النيجيرية، زينب أحمد، قولها، إن البلاد تحقق مكاسب قليلة من صعود أسعار النفط؛ بسبب ارتفاع المصروفات.
وأكدت الوزيرة النيجيرية أن ارتفاع سعر النفط يعني أن نيجيريا ستحقق المزيد من الإيرادات، خصوصًا أن سعر البرميل في السوق حاليًا عند مستوى 85 دولارًا، وهو أعلى بكثير من السعر المتوقع في موازنة البلاد لعام 2021.
وأضافت أن البلاد مع ذلك تواجه تحديًا في اضطرار شراء المنتجات النفطية؛ نتيجة عدم وجود مصافي تكرير عاملة.
ووفقًا للتقرير، لا تعاني نيجيريا فقط من ضعف الأرباح جراء مبيعات النفط، ولكن هناك تحدٍّ آخر يتمثل في مواجهة البلاد عجزًا بإنتاج النفط الخام.
وانخفض إنتاج الدولة من النفط من 1.38 مليون برميل يوميًا في يوليو/ تموز الماضي، ليصل إلى 1.30 مليونًا خلال أغسطس/آب، قبل أن يعاود الصعود في سبتمبر/أيلول لنحو 1.45 مليونًا، بحسب تقديرات أوبك.
وصعدت أسعار النفط مؤخرًا لأعلى مستوياتها في عدّة سنوات، ما دفع بعض المحللين -مثل بنك أوف أميركا- لاستنتاج أن سعر البرميل من الخام قد يصل لنحو 100 دولار إذا كانت درجات الحرارة أقلّ من المتوقع خلال الشتاء، مع زيادة الطلب بشكل أكبر واستمرار عجز المعروض.
وكان تحالف أوبك+ قد أكد بداية أكتوبر/تشرين الأول أنه سيلتزم باتفاقه الحالي بشأن الزيادة التدريجية في إمدادات النفط.
إغلاق جزئي لمصافي نيجيريا
تمتلك نيجيريا 4 مصافٍ لتكرير النفط، تقع في مدينة واري ومدينة بورت هاركورت ومدينة كادونا النيجيرية، ولكن بسبب سوء الصيانة تعاني من حالة إغلاق جزئي، وفقًا للتقرير.
ووسط هذه الأزمة، تعمل الحكومة النيجيرية مع رجل الأعمال المعروف أليكو دانغوت، للإسراع في استكمال مصفاة نفط يمتلكها باستثمارات تبلغ 35.38 مليار دولار، والتي من المتوقع أن يكتمل بناؤها بحلول عام 2022.
وعند تشغيل المصفاة بكامل طاقتها، من المتوقع أن تنتج البنزين والمنتجات البتروكيماوية الأخرى، مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين.
وتنفق الحكومة النيجيرية نحو 40% من أرباحها الدولارية على استيراد المنتجات النفطية، وهو ما يمثّل ضغطًا على إيرادات الدولة، وفقًا لتصريح لمحافظ البنك المركزي النيجري، جودوين إيمفييلي.
ويرى محافظ البنك المركزي أنه بتشغيل مصفاة رجل الأعمال أليكو دانغوت، ستكون مصدرًا رئيسًا لتوفير العملات الأجنبية في البلاد.
وبحسب التقرير، فإن مصفاة أليكو دانغوت تتمتع بقدرة إنتاجية تبلغ 650 ألف برميل يوميًا.
ورأى محافظ المركزي النيجيري أن المصفاة ستشكّل عاملًا مهمًا في توفير تكلفة الشحن، إذ تتحمل نيجيريا تكلفة شحن كبيرة مقابل استيراد المنتجات النفطية.
العائق أمام النفط النيجيري
تعدّ نيجيريا منتجًا رئيسًا للنفط الخام والأكبر في أفريقيا، وتحلّ في المرتبة الثانية من حيث احتياطيات الخام المؤكدة في القارّة السمراء، ولكن المشكلات الأمنية ومخاطر الأعمال تؤثر في إنتاج النفط النيجيري، والذي يمثّل أكثر من نصف إيرادات البلاد، مما خلق مشكلات اقتصادية.
وفي تعليق سابق لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، أكدت أن المشكلات الأمنية وغيرها من مخاطر الأعمال الأخرى قللت من جهود التنقيب عن النفط في نيجيريا.
وبحسب بيانات شركة بيانات السوق الألمانية، ستاتيستا، توفر صناعة النفط في نيجيريا نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة الأفريقية.
وتقدَّر احتياطيات النفط المؤكدة في نيجيريا بنحو 37 مليار برميل نهاية عام 2019، لتكون ثاني أكبر كمية احتياطيات في أفريقيا بعد ليبيا.
وحسب بيانات شركة (بي بي) البريطانية، بلغت احتياطيات نيجيريا من النفط 36.9 مليار برميل بنهاية عام 2020، دون تغيير عن مستويات عام 2019.
كما تمتلك أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في القارّة السمراء، إذ بلغت نحو 5.5 تريليون متر مكعب بنهاية العام الماضي، نقلًا عن بي بي.
ونتيجة المشكلات الأمنية التي تعاني منها نيجيريا، تراجع إنتاج البلاد النفطي بشكل ملحوظ، ليصل إلى 1.58 مليون برميل يوميًا خلال 2020، مقابل 1.78 مليون برميل خلال 2019، وفقًا لمنظمة أوبك.
موضوعات متعلقة..
- نيجيريا تتوقع انتعاشة اقتصادية في 2022 بعد ارتفاع أسعار النفط
- نيجيريا.. تراجع كبير في إيرادات النفط بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود
- عقود الشراء طويلة الأجل.. هل تمثل طوق النجاة لتفادي أزمات الطاقة؟
اقرأ أيضًا..
- "ناقلات" القطرية و"كارباورشيب" التركية تتعاونان في توليد الكهرباء عبر الغاز المسال
- الصين تضع خطة صارمة لكبح جماح أسعار الفحم
- ارتفاع أسعار البنزين يؤجج المظاهرات في الإكوادور