مع قرب مؤتمر غلاسكو.. شارما يحذر الدول المعرقلة للجهود المناخية
وسط غياب الرئيسين الصيني والروسي
داليا الهمشري
قبل أيام من انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب26" في غلاسكو، حذّر رئيس المؤتمر، ألوك شارما، من أن العالم لن يتسامح مع الدول التي ستتسبّب في عرقلة الجهود المناخية، لا سيما أن بعض الإسهامات الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني التي تقدّمت بها الدول لا تفي بالتطلعات المنشودة.
وقال شارما إن اتفاق باريس للمناخ عام 2015 وضع "إطار عمل"، إلا أنه ترك تحديد القواعد للمحادثات المستقبلية، مشيرًا إلى أن التوصل إلى اتفاق عالمي للمناخ في غلاسكو في الأسابيع الـ3 المقبلة سيكون أصعب بكثير من توقيع اتفاقية باريس.
وأوضح ألوك شارما أن مهمة قمة غلاسكو ستتلخّص في دفع ما يقرب من 200 دولة إلى تنفيذ أجندة صارمة لتحقيق الحياد الكربوني، بما يتماشى مع الإبقاء على درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية من مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف الذي يصبح من الصعب تحقيقه يومًا بعد يوم في ظل الاستمرار في زيادة إنتاج الكربون العالمي.
تحدٍّ لوجستي كبير
قال شارما: "ما نحاول القيام به هنا في غلاسكو صعب حقًا، لقد نجحوا في باريس في إنجاز اتفاقية رائعة حقًا، إلا أنها وضعت فقط اتفاقًا إطاريًا، وأجلت كثيرًا من القواعد التفصيلية للمستقبل".
وأضاف: "هذا بالتأكيد أصعب من مؤتمر باريس على عدة المستويات، ولكن اتفاقية باريس تمخضت عن تفاهم عالمي حول الحاجة إلى التعامل مع أزمة المناخ"، وفقًا لشارما، الذي تولّى رئاسة القمة في فبراير/شباط 2020، قبل أسابيع من الإغلاق الأول الذي فرضه "كوفيد-19".
وكانت جائحة "كوفيد-19" قد أعاقت الاستعدادات لقمة "كوب26"، التي تبدأ يوم الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول بعد تأجيلها لمدة عام، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.
ومن المتوقع أن يحضر القمة أكثر من 120 من قادة العالم، وما لا يقل عن 25 ألف مندوب، وسط إجراءات تتضمّن توفير اللقاحات والاختبارات وترتيبات الحجر الصحي، التي ستشكل تحديًا لوجستيًا كبيرًا.
وفي أغسطس/آب، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (آي بي سي سي)، والمؤلفة من أبرز علماء المناخ على مستوى العالم، أشد تحذيراتها حدة حتى الآن من كارثة مناخية "لا رجعة فيها".
وعلق شارما على تقرير الهيئة، قائلًا: "على الرغم من أنه كان مقلقًا للغاية، كان مفيدًا كذلك في المساعدة على تنبيه العقول، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت البلدان المشاركة في غلاسكو راغبة في المضي قدمًا، والالتزام بتوافق الآراء بشأن الإبقاء على درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وهنا يكمن التحدي".
اتفاقية باريس
بموجب اتفاقية باريس، وافقت 197 دولة على الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى "أقل بكثير" من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، و"مواصلة الجهود" للحفاظ على درجة الحرارة في حدود 1.5 درجة مئوية.
إلا أن الالتزامات التي تمخض عنها مؤتمر باريس، والتي يُطلق عليها "الإسهامات المحددة وطنيًا" كانت غير كافية، ومن شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع كارثي في درجة الحرارة قد يصل إلى 3 درجات مئوية.
وتعزّزت آفاق المحادثات هذا الأسبوع مع تقديم حكومة المملكة المتحدة إستراتيجيتها لتحقيق الحياد الكربوني التي طال انتظارها.
وتهدف الإستراتيجية البريطانية إلى التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة بخطة تتضمّن 90 مليار دولار من الاستثمارات، و440 ألف فرصة عمل خضراء خلال هذا العقد.
في حين تعرّضت الإستراتيجية لانتقادات من بعض نشطاء البيئة الذين يعتقدون أن بها العديد من الثغرات، ويرون التمويل غير كافٍ، إلا أن تقديم خطة يُعد أمرًا حيويًا لمصداقية الدولة المضيفة للمحادثات.
إسهامات كافية لخفض الانبعاثات
حذّر شارما الدول المشاركة في "كوب26" أنها إذا لم تقدّم إسهامات وطنية جيدة لخفض الانبعاثات، فستضطر إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.
وأكّد أن العالم سيحكم بقسوة على أي دولة يُنظر إليها على أنها تضر بفرص تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، موضحًا أن أي دولة لن ترغب في أن توجه إليها أصابع الاتهام بعرقلة الجهود المناخية أو فشل قمة غلاسكو في الخروج بنتيجة ذات مصداقية.
وأوضح أن غلاسكو لن تمثّل الفرصة الأخيرة لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، وسيظل بإمكان البلدان تعزيز التزاماتها خلال السنوات المقبلة، مضيفًا: "إذا كانت هناك فجوة، وربما تكون هناك فجوة بالفعل بين الإسهامات المحددة وطنيًا والأهداف التي تريد الدول تحقيقها بشأن الإبقاء على 1.5 درجة مئوية، فعلينا أن نجد طريقة لعلاجها".
غياب الرئيسين الروسي والصيني
أشار شارما إلى أنه ما يزال ينتظر الإسهامات المحددة وطنيًا من الصين، أكبر مصدر انبعاثات في العالم، في ظل التساؤلات حول التزامها بأهداف العمل المناخي، في الوقت الذي أعلنت خلاله الحكومة أنها قد تزيد إنتاج الفحم استجابةً إلى أسعار الطاقة المرتفعة.
ومن المرجح أن يتخلّف الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن المشاركة في القمة المقبلة، في حين ستشهد الجلسات مشاركة فاعلة للرئيس الأميركي جو بايدن.
ولم تول المملكة المتحدة والأمم المتحدة أهمية لغياب الرئيسين الروسي والصيني، إذ ستشارك الدولتان بفريقي تفاوض رفيعي المستوى.
ويتعيّن على المملكة المتحدة بوصفها رئيسًا للمحادثات أن تقوم بدور الوسيط والحكم وليس لاعبًا رئيسًا.
ومن المتوقع أن يصر شارما على سماع صوت الدول الأصغر حجمًا، قائلًا: "إنني أعدّ نفسي نصيرًا للبلدان النامية والدول المعرضة لتغير المناخ".
موضوعات متعلقة..
- تقرير يكشف عن خطر يهدد خطة الحياد الكربوني في المملكة المتحدة
- الصين تقوّض طموحات مؤتمر المناخ وتتوسع في محطات الفحم (تقرير)
- أستراليا تستقبل مؤتمر المناخ بـ3 مشروعات للفحم
اقرأ أيضًا..
- شركة أسترالية تجرب بطاريات الهيدروجين في تخزين كهرباء المحطات الشمسية
- الهند تخطط لنشر محطات شحن شمسية لشحن السيارات الكهربائية
- انخفاض مفاجئ في شحنات الغاز الطبيعي المسال الأميركية