أمن الطاقة وتحذيرات جادة.. تعليقات "الطاقة" على أبرز الأحداث في أسبوع
السعودية تقترح حلًا للأزمة
بلغت أزمة الغاز في أوروبا وآسيا مستويات خطرة على اقتصادات الدول، لتصل إلى المستوى الأحمر من أمن الطاقة، وهو ما يصيب أساسات الاقتصاد العالمي في مقتل.
نتجت الأزمة الحالية في قطاع الطاقة عن تسارع نمو الاقتصاد العالمي بعد إعادة فتح اقتصادات الدول التي أجبرتها كورونا على الإغلاق، وهو ما زاد الطلب على الغاز في الوقت الذي تراجعت فيه المخزونات لدى الدول نتيجة طقس حار تسبّب في استخدام كميات كبيرة من الغاز الطبيعي للتبريد.
كما أسهم التحول نحو الطاقة المتجددة، من خلال تقليل الاعتماد على الوقود المسبّب للانبعاثات الكربونية مثل الفحم، إلى عدم توازن في العرض والطلب في قطاع الطاقة، نتج عنه تراجع المعروض من مزيج الطاقة أمام زيادة الطلب، لتظهر أزمة الطاقة بوضوح.
زيادة الطلب رفعت أسعار تكاليف الطاقة بالتبعية، ما انعكس على معدلات التضخم حول العالم، لتشكّل عقبة جديدة أمام نمو الاقتصاد العالمي.
اعتماد نهج شامل وعادل ومتوازن في أثناء معالجة تحوّل الطاقة، كان مطلب الأمين العامّ لمنظمة أوبك، محمد باركيندو، عند الإشارة إلى قضية تغيّر المناخ ومؤتمر كوب26.
وحذّر باركيندو صراحة بأن أمن الطاقة سيتعرض للخطر حال وقف الاستثمارات النفطية، وقال: "اسمحوا لي أن أوضّح أن أوبك تدعم الحاجة إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعزيز الابتكار وتحسين الكفاءة، مع ذلك، لا يمكن أن يأتي هذا على حساب استنزاف الاستثمار في الصناعة".
الوضع الحالي للأزمة
تحذيرات باركيندو جاءت بعد أن تراجعت مخزونات النفط العالمية بأكثر من 19 مليون برميل خلال أغسطس، لتصل إلى مستوى 2.855 مليار برميل أغسطس/آب الماضي.
ويعني ذلك أن المخزونات العالمية أقلّ بنحو 363 مليون برميل، مقارنة بمستويات أغسطس/آب عام 2020. كما جاءت أدنى من متوسط السنوات الـ5 بنحو 183 مليون برميل في أغسطس/آب الماضي.
وما زالت أوروبا تعاني نقص إمدادات الغاز الطبيعي، وتتطلع فقط بأن يكون الشتاء رحيمًا بها، في الوقت الذي تراجع فيه توليد الكهرباء من طاقة الرياح في أوروبا، وأيضًا من الطاقة المائية في البرازيل والصين، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفحم والكربون إلى مستويات هي الأعلى على الإطلاق.
لذلك عادت بريطانيا من جديد لتزيد حصة الفحم في مزيج الطاقة لأعلى مستوى له في شهر، على الرغم من تبنّي الحكومة البريطانية الدعوات المطالبة بإغلاق محطات الفحم من أجل التخلص من الانبعاثات.
ودخلت مصر على خط الأزمة، وذلك بعد أن صارت مصدرًا صافيًا للغاز الطبيعي في المدة الأخيرة، وأعلنت خطوة جديدة لإمداد أوروبا بالكهرباء.
يأتي هذا في الوقت الذي اقتربت فيه الهند من حد الأزمة، وهي ثاني أكبر مستورد ومستهلك للفحم وموطن رابع أكبر احتياطيات من الفحم في العالم، وثالث أكبر اقتصاد في قارّة آسيا، تمثّل حصة الفحم نحو 70% من توليد الكهرباء، وتصبح المحطات الكهروحرارية الـ135 في البلاد رهينة التطورات التي تطرأ على إمدادات الفحم.
وتشهد الهند حاليًا نقصًا حادًّا في إمدادات الفحم المحلية نتيجة غزارة الأمطار الموسمية في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول التي عطّلت حركة مناجم الفحم والشحنات المرسلة منها إلى المحطات الكهروحرارية في أرجاء الهند، حسبما أورده موقع "ذي إنديان واير" الهندي.
بالتزامن، ألقت أزمة الغاز بظلالها على تركيا مع قرب انتهاء 4 عقود، على الرغم من أنها تعدّ نقطة عبور لعدد من خطوط الغاز من الدول المنتجة إلى أوروبا.
ورغم الخلافات بين أكبر اقتصادين في العالم، لجأت الصين إلى الولايات المتحدة لتأمين إمدادات الغاز المسال طويلة الأجل، بعد توقّف تجارة الغاز بين البلدين منذ الحرب التجارية في عام 2018، وذلك بعد أن ألقت أزمة ارتفاع أسعار الفحم بظلالها على قطاع العقارات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تحذيرات جادة
لا يمكن أن تنفصل تحذيرات باركيندو عن تحذيرات مماثلة لوزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي عن أن نقص الاستثمارات يهدد النفط بتقلبات مماثلة لسوق الغاز.
وقال المزروعي، على هامش مشاركته في أسبوع الطاقة الروسي الذي يناقش مستقبل الطاقة العالمي، إن سوق النفط معرضة لخطر التقلبات التي تشهدها سوق الغاز حاليًا ما لم يُستثمر فيها بالشكل المناسب.
هذه التحذيرات يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وذلك بعد استمرار أزمة أسعار الكهرباء والغاز في إسقاط ضحاياها في أوروبا، في ظل ارتفاعات قياسية لأسعار النفط.
حتى إن إدارة معلومات الطاقة رفعت توقعاتها لأسعار النفط 9%، في الوقت الذي توقع فيه الرئيس الروسي وصول أسعار النفط إلى 100 دولار.
غير أن وزير النفط العراقي يرى أن 85 دولارًا للبرميل سعر متوازن للمنتجين والمستهلكين، موضحًا أن أسعار النفط يجب أن تستقر حول المستويات الحالية؛ ما يعكس توازن السوق. وحدد العراق سعر برميل النفط بـ50 دولارًا في موازنة 2022، المقرر طرحها على مجلس النواب خلال الأيام المقبلة.
حل سعودي مقترح
الفرق بين قطاع النفط وقطاع الغاز، هو وجود تجمّع أوبك+ الذي يحافظ على مصالح الدول الأعضاء والاقتصاد العالمي عمومًا، ويكون البعد الذي على أساسه يتخذ قرارته، غير أن الغاز يحتاج إلى هذا التجمع لكبح الارتفاعات التي تخطت 800% منذ بداية العام الجاري.
لذلك يرى وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن تجربة أوبك+ الحل المثالي لأزمة سوق الغاز الطبيعي.
وأوضح الأمير خلال مشاركته في جلسة حوارية بأسبوع الطاقة الروسي لمناقشة مستقبل الطاقة العالمي، أن قلة المخزونات ونقص الاستثمارات والتنسيق بين المشترين والبائعين يضرّ بسوق الغاز الطبيعي، مشيرًا إلى أن السوق الفورية للغاز لا توفر سوقًا مستقرة للطاقة، وطالب الوزير بتنظيم سوق الغاز بشكل مناسب.
فهل سنرى تجمع أوبك+ للغاز قريبا؟