بولندا تتحدى تغريمها أوروبيًا بسبب الفحم: لن ندفع سنتًا واحدًا
بعد حكم محكمة العدل الأوروبية
مي مجدي
دفعت خطط بولندا المتواضعة للتخلص التدريجي من الفحم إلى إصدار محكمة العدل الأوروبية أمس الإثنين قرارًا بتغريم وارسو 500 ألف يورو (586166 دولارًا أميركيا).
جاء ذلك بعدما تجاهلت الدولة حكمًا سابقًا بتعليق استخراج الفحم من منجم تورو، الذي يعمل منذ أكثر من قرن على إنتاج الفحم البني، لكنه توسّع مؤخرًا نحو الحدود التشيكية، بحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقالت الحكومة اليمينية في بولندا، إنها ستواصل استخراج الفحم على حدودها مع التشيك بالرغم من تغريمها بدفع 500 ألف يورو عن كل يوم تتحدى فيه أمر محكمة العدل الأوروبية بوقفه.
ووصف وزير العدل مارسين رومانوفسكي -في تغريدة عبر تويتر- قرار المحكمة بالسرقة، مؤكدًا أن بلاده لن تدفع سنتًا واحدًا.
وقال، إن المحكمة تطالب البلاد بدفع نصف مليون غرامة يومية، لأنها توفر الكهرباء لمواطنيها، ولم تغلق المناجم بين عشية وضحاها.
المفاوضات مع التشيك
بدأ الخلاف مع بولندا عندما ألقت ألمانيا والتشيك اللوم على منجم تورو، المملوك لمجموعة بي جي إي للطاقة، لاستنزاف المياه الجوفية والتسبّب في تلوث الهواء والضوضاء.
وفي أبريل/نيسان، مدّد وزير المناخ والبيئة في بولندا، ميشال كورتيكا، رخصة استخراج الفحم من المنجم السارية حتى عام 2026، إلى عام 2044.
وأدى ذلك إلى رفع الحكومة التشيكية القضية إلى محكمة العدل الأوروبية في فبراير/شباط، ونجحت في إثبات أن المنجم يتسبّب في مخاطر بيئية.
وطلبت براغ من المحكمة تغريم بولندا 5 ملايين يورو يوميًا لفشلها في وقف إنتاج الفحم.
وفي مايو/أيار، أمرت المحكمة بإغلاق المنجم مؤقتًا لحين الفصل في القضية، لكن بولندا رفضت.
ورغم أن العقوبة اليومية التي أقرّتها المحكمة أمس أقلّ بكثير من التي طلبتها براغ، فإن الحكومة التشيكية رحّبت بالعقوبة، ولا تزال تبحث عن اتفاق ودّي مع وارسو.
من جانبها، ترى الحكومة البولندية أن العقوبة تقوّض المحادثات الجارية، وستواصل عملياتها، نظرًا لأن تورو يوفر نحو 7% من إمدادات الكهرباء في البلاد، وفرص عمل لقرابة 3600 موظف.
استبدال الفحم
على الجانب الآخر، صرّح المفوّض الحكومي البولندي للبنية التحتية للطاقة الإستراتيجية، بيوتر نيمسكي، بأن بولندا ستواجه موسمًا صعبًا في المستقبل.
وفي كلمته أمام المؤتمر العلمي السادس حول "أمن الطاقة – الركائز ومنظور التنمية" في 13 سبتمبر/أيلول، أشار نيمسكي إلى ضرورة استبدال الغاز الطبيعي والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة بالفحم.
وفال، إن بولندا ستكون قادرة على تنويع إمداداتها من الغاز الطبيعي مع افتتاح خط أنابيب بحر البلطيق القادم من النرويج بحلول عام 2022، ولتحقيق ذلك، سيسلتزم بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز لتحلّ محلّ محطات الفحم.
ويأمل نيمسكي تشغيل خط أنابيب غاز البلطيق بالكامل بحلول 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مضيفًا أن بولندا لن تمدّ العقد مع شركة غازبروم الروسية.
إغلاق المناجم يثير غضب المواطنين
رغم أن بولندا تعتمد على الفحم لتلبية 80% من احتياجاتها، فإنها وافقت على إغلاق آخر منجم لها بحلول عام 2049 تماشيًا مع أهداف خفض الانبعاثات التي حدّدها الاتحاد الأوروبي.
وفي يونيو/حزيران، اتّهم متظاهرون الحكومة اليمينية بالانصياع لمطالب الاتحاد الأوروبي، ووضع جدول زمني للإغلاق الكامل للمناجم.
وأفادت النقابات العمّالية في البلاد أنّ تحوُّل بولندا نحو الطاقة المتجددة سيقضي على مئات الآلاف من الوظائف في البلاد.
في حين قال المتظاهرون، إن هذه السياسة ستجعل البلاد تعتمد على واردات الوقود والكهرباء من ألمانيا وروسيا، ويرون أنه لا يمكن استبدال طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالفحم، وأن الخيار الوحيد القابل للتطبيق هو الطاقة النووية.
في المقابل، قالت ألمانيا، إنها لن تسمح بإنشاء محطة للطاقة النووية بالقرب من حدودها.
وفي عام 2019، نتج عن حرق الفحم البني في محطة كهرباء تورو 5.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يجعله خامس أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بولندا.
ولم يتبقّ سوى 20 منجمًا وأقلّ من 80 ألف عامل، من بين أكثر من 70 منجمًا للفحم، وقرابة 400 ألف عامل في المناجم في عام 1990.
في الوقت نفسه، ازدهر قطاع الطاقة الشمسية في العامين الماضيين، بفضل الإعانات الحكومية وتطور طاقة الرياح، وهناك خطط لبدء عمليات محطة للطاقة النووية بحلول عام 2035.
اقرأ أيضًا..
- أسعار الغاز.. اختلاف إماراتي قطري حول أسباب الأزمة وتوافق على سبل الحل
- وزير النفط النيجيري يتحدث عن مشروعات الغاز مع الجزائر والمغرب