مقالات الكهرباءالمقالاترئيسيةكهرباءمقالات منوعةمنوعات

مقال - هؤلاء لا يريدون تحمل مسؤولية أزمة الوقود في لبنان

أبلغ مصرف لبنان المركزي المسؤولين أنه لم يعد بإمكانه دعم واردات الوقود، إلا أن هناك العديد من التحديات المقبلة.

من ناحية، لا يستطيع المواطنون تحمُّل تكاليف الوقود، لأن البلد يمر بأزمات اقتصادية ومالية والعملة في حالة سقوط حر، ومن ناحية أخرى، تتسع فجوة الثقة بين المواطنين والحكومة، ولا يريد أي مسؤول أن يتحمّل مسؤولية عواقب إلغاء الدعم.

أزمة الوقود في لبنان

يعاني الشعب اللبناني نقصًا في الوقود -بما في ذلك البنزين- إذ تفاقمت الأزمات الاقتصادية والمالية بسبب عدم تحرّك الدولة منذ أكثر من عام، وتحديدًا منذ أول تعثر للبلاد في مارس/آذار 2020.

وحافظ المسؤولون اللبنانيون على السياسة كالعادة -على الرغم من تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين-، واستنفدوا احتياطيات العملات الأجنبية على الواردات المدعومة.

وتُخفّض قيمة العملة بمعدل متسارع، إذ يصل السعر الرسمي إلى 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الأميركي، والسعر في السوق السوداء يتجاوز 18 ألف ليرة لبنانية للدولار، ومع ذلك، يُستورد الوقود بمعدل 3 آلاف و900 ليرة لبنانية، بدعم من المصرف المركزي.

يُخزّن جزء كبير من هذا الوقود، إذ واصلت الحكومة إعلان أنها ستلغي الدعم في مرحلة ما، دون وجود شبكة أمان أو آلية، وتُهرّب حصة أخرى إلى سوريا التي تخضع للعقوبات وتشهد تكاليف وقود أقل.

تهرُّب من المسؤولية

الأسبوع الماضي، أبلغ حاكم مصرف لبنان المسؤولين أن المصرف لن يدعم واردات الوقود بعد الآن.

ويبدو أن المحافظ لا يريد أن يتحمّل مسؤولية إلغاء الدعم، وقد أبقى الأمر على عاتق وزير الطاقة للإعلان عن المعدل الجديد.. هذا الأخير الذي لا يريد أيضًا تحمّل المسؤولية، لم يصدر بعد آلية تسعير جديدة.

لا يوجد مسؤول يريد أن يتحمّل مسؤولية إلغاء الدعم، خاصةً أن هناك فقدانًا للثقة بين المواطنين والدولة، وتتسع فجوة الثقة مع تخوّف المواطنين من تورط موظفيهم المدنيين في ادخار الوقود.

تخزين الوقود

صادر الجيش اللبناني، خلال الأيام القليلة الماضية، ملايين اللترات من البنزين والديزل التي يخزّنها الموزعون ومحطات الوقود والمستخدمون النهائيون، التي يبدو أن السياسيين متورطون فيها أو على علم بها.

وأعرب المواطنون عن غضبهم وخوفهم وسط مزاعم بأنه عند رفع الدعم، فإن صفيحة البنزين سعة 20 لترًا ستبلغ سعرها ما يقرب من 300 ألف ليرة لبنانية، ومتوسط الراتب لن يكون كافيًا لتغطية نفقات البنزين.

غياب الخطة المالية

مع ذلك فإن الوضع أكثر تعقيدًا، نظرًا إلى أن البلاد تفتقر إلى خطة مالية، ولم تتفاوض على حزمة مالية مع صندوق النقد الدولي، وتقتصر تدفقات العملات الأجنبية إلى البلاد على تحويلات المغتربين وبعض المساعدات الإنسانية الصغيرة.

وعلى هذا النحو، ستُخفّض قيمة العملة بشكل أكبر عند إلغاء الدعم، إذ سيكون هناك المزيد من الضغط على السوق السوداء وتقلص احتياطيات العملات الأجنبية.

وبالتالي، قد يصبح البنزين أغلى بكثير مما كان متوقعًا في البداية، ما يؤثّر سلبًا على القطاعات الإنتاجية.

احتجاج وخدعة

في بلد هش، قد يعني ذلك خروج المواطنين إلى الشوارع للاحتجاج على إلغاء الدعم، وهو ما يبرر عدم رغبة أي مسؤول في تحمّل المسؤولية عن ذلك.

ومن المحتمل جدًا أن تعتمد الحكومة بالتالي على أقدم خدعة لها: دع الخوف من الأسعار المرتفعة يسود، ثم امتص بعض الغضب العام من خلال الإزالة الجزئية للدعم، ما يؤيّد تكلفة نصف توقعات المواطنين تقريبًا.

وهذا سيقلل من مستوى الغضب، فقط حتى وقت حدوث الأزمة المقبلة، التي لا بد أن تصل في غضون أسابيع قليلة.

*جيسيكا عُبيد - مستشارة في السياسات الخاصة بالطاقة لدى الحكومات والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط بمجال الكهرباء

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق