بعد ضغوط كبيرة.. النرويج تدرس تطبيق معايير بيئية لصناعة النفط
وخطة لخفض انبعاثات الجرف القاري بنسبة 50% بحلول 2030
نوار صبح
- البرلمان النرويجي يهدف لخفض الانبعاثات بنسبة 50% على الجرف القاري بحلول 2030
- الكهرباء المولدة من الشاطئ تمثل التقنية الوحيدة التي يمكنها خفض الانبعاثات
- محطات الطاقة الكهرومائية تساهم في خفض الانبعاثات من منصات النفط والغاز البحرية
- عدم الوصول إلى الطاقة الرخيصة والمتجددة قد يستدعي إغلاقًا مبكرًا لبعض حقول النفط
يبدو أن النرويج تشهد مرحلة انعطاف جديدة، وعليها اختيار سلوك طريق وعر، نظرًا إلى عدم رغبتها في الاستغناء الكامل عن أرباحها من النفط والغاز اللذين يمثّلان 41% من صادراتها، أو الرضوخ إلى ضغوط نداءات حماية البيئة وخفض الانبعاثات الصادرة عن مشروعات الجرف القارّي.
ولا تزال منافسة مشروعات الطاقة الخضراء تدفع النرويج إلى اعتماد معايير بيئية إضافية في صناعة النفط والغاز لديها.
ونقلت وكالة رويترز تصريح وكيل وزارة النفط والطاقة النرويجي، توني سي تيلر، إذ قال إن البرلمان النرويجي لديه هدف يتمثّل في خفض الانبعاثات بنسبة 50% على الجرف القاري النرويجي بحلول عام 2030.
وتمثّل الكهرباء المولّدة من الشاطئ التقنية الوحيدة التي يمكنها خفض الانبعاثات، بتكلفة مجدية اقتصاديًا، من أجل تيسير بلوغ قطاع النفط والغاز هذا الهدف.
محطات الطاقة الكهرومائية
من جهة ثانية، تلعب الطاقة المتجددة عبر محطات الطاقة الكهرومائية دورًا رئيسًا في خفض الانبعاثات من منصات النفط والغاز البحرية، حسبما أوردت مجلة "أوفشور إنجينير ديجيتال" الأميركية.
- شركة النفط النرويجية "أكر بي بي" تحقق نتائج مالية قوية
- إكوينور تعلن خامس اكتشاف نفطي في الجرف القاري النرويجي
- النرويج تسجّل أعلى استهلاك للكهرباء على الإطلاق
وتتعرّض مشروعات النفط والغاز الجديدة لضغوط عالمية متزايدة تهدف إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري، في الوقت الذي تملك فيه النرويج أكبر أسطول من السيارات الكهربائية للفرد الواحد مقارنة بجميع الدول، وتعتمد على الطاقة المتجددة والطاقة الكهرومائية لتوليد معظم طاقتها الكهربائية.
منافسة الطاقة الخضراء
تراعي شبكة الكهرباء في النرويج احتياجات الصناعات الأخرى، لا سيما منتجي الاقتصاد الأخضر، مثل: مصانع البطاريات ومحطات الهيدروجين.
وأبلغت شركة تشغيل شبكة الكهرباء الوطنية "ستاتنت"، شركة النفط النرويجية "إكوينور" المملوكة للدولة، وشريكتها شركة النفط والغاز النرويجية "أكر بي بي"، في وقت سابق من هذا العام، بضرورة البحث عن بديل لزيادة سعة استهلاك الكهرباء.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "أكر بي بي"، كارل جوني هرسفيك، إن هذا الطلب يستوجب إضافة 6 مليارات دولار مقابل إمداد بعض منصاتها بالكهرباء.
ويرى المحللون أن توصية شركة تشغيل شبكة الكهرباء الوطنية "ستاتنت" تمثّل ضربة لقطاع النفط، الذي أسهم في جعل النرويج واحدة من أغنى البلدان في العالم.
جدير بالذكر أن عدم الوصول إلى الطاقة الرخيصة والمتجددة قد يستدعي إغلاق بعض حقول النفط قبل الأوان، نظرًا إلى ارتفاع تكاليف الانبعاثات.
موقف المجموعات البيئية
يؤيّد دعاة حماية البيئة إجراء "ستاتنت"، إذ لا يبررون استخدام الطاقة المتجددة لإطالة عمر صناعة الوقود الأحفوري.
وقال رئيس مجموعة "أصدقاء النرويج" البيئية، ترولسجولوسن، إنهم يطلقون عليها اسم "الغسل الأخضر"، من أجل الاستغناء التدريجي عن صناعة النفط والغاز، وليس توسيعها، وبما أنه يجب الاستغناء عنها، فليس من المنطقي الاستثمار في التحسين الهامشي.
وأضاف ترولسجولوسن أن الإجراء سيحدّ من إجمالي انبعاثات النفط والغاز، بينما يُعدّ استهلاك الكهرباء من الشاطئ أمرًا ضروريًا لتطوير صناعات خضراء جديدة، حسبما أوردت مجلة "أوفشور إنجينير ديجيتال" الأميركية.
الموقف الرسمي للنرويج
وفقًا لوكالة رويترز، رفضت وزارة النفط والطاقة النرويجية الاتهامات بـ"الغسل الأخضر" رفضًا قطعيًا، لأن الكهرباء ستعالج جزءًا كبيرًا من إجمالي انبعاثات البلاد.
وبلغت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قطاع النفط والغاز 13.3 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2020، أو 27% من إجمالي الانبعاثات في البلاد، وفقًا لمكتب الإحصاء النرويجي.
وكشفت الحكومة النرويجية أن التغذية الكهربائية يمكن أن تقلّل انبعاثات الصناعة إلى نحو 11.5 مليون طن في عام 2025، وأقل بقليل من 9 ملايين طن بحلول عام 2030.
وأفادت شركة النفط السويدية "لوندين إنرجي" بأن حقل "يوهان سفيردروب"، أكبر حقل نفط في النرويج، يعتمد على الكهرباء في إنتاج النفط بنسبة 0.45 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون للبرميل، أي أقل 40 مرة من المتوسط العالمي.
المعايير البيئية لإنتاج النفط والغاز
رغم تجاهل النرويج، والعديد من الدول الأخرى المنتجة للنفط، نداء من وكالة الطاقة الدولية، هذا العام، لوقف الاستثمار في مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة، تعهّدت أوسلو بخفض انبعاثاتها الوطنية بنسبة 50-55% بحلول عام 2030، تماشيًا مع أهداف الاتحاد الأوروبي.
ولا يضاهي تعهّد النرويج أهداف المملكة المتحدة، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد النرويج، بوصفها أكبر منتج للنفط والغاز في أوروبا الغربية.
ولا تراعي أهداف النرويج انبعاثات النفط والغاز التي تبيعها إلى الدول الأخرى، مثل سائر الدول المنتجة للنفط، إذ يمثّل استغلال مصادر الطاقة المتجددة لجعل الصناعات شديدة التلوث أكثر اخضرارًا أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في التحوُّل إلى خفض الانبعاثات.
استخراج النفط والغاز
تتوقّع الحكومة النرويجية أن يتراجع استخراج النفط والغاز بشكل طبيعي بنسبة 65% بحلول عام 2050.
ويرى المراقبون أن إنتاج النفط، بأقل الانبعاثات الممكنة، يساعد الحكومة النرويجية في تسويق منتجاتها، بوصفها أنظف من منتجات المنافسين، ويقلّل تعرّض الصناعة للزيادات الحادة المتوقعة في ضرائب الكربون في السنوات المقبلة.
- النرويج.. 47 مليار دولار استثمارات متوقعة في قطاع النفط والغاز
- عكس الاتجاه.. النرويج تعلن عدم تخليها عن استخراج النفط والغاز
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن مجموعة الضغط الصناعية النرويجية (إن إتش أو)، من المقرر أن يزداد الطلب على الطاقة المتجددة في النرويج بين 170 و190 تيراواط/ساعة بحلول عام 2030، مقارنة بمتوسط 135 تيراواط/ساعة، خلال السنوات الـ5 الماضية.
وبدورها، تبحث الحكومة النرويجية -حاليًا- عن طرق لتسريع تعزيزات الشبكة وتحصيناتها، التي تشتد الحاجة إليها، ولكن تضارب الوقت يمثّل مشكلة في الوقت الحالي.