التقاريرتقارير التكنو طاقةتكنو طاقةسلايدر الرئيسية

مستقبل سوق المركبات الكهربائية.. حصة مهيمنة للصين وخطر قومي يهدد أميركا

107 مصانع لبطاريات الليثيوم قيد الإنشاء في الصين مقابل 9 في الولايات المتحدة

ترجمة: كريم الدسوقي

في ظل هيمنة المركبات الكهربائية على المستقبل، تستعد الصين للسيطرة على زمام الصناعة في حال لم تُجر الولايات المتحدة التغيير اللازم لديها في السنوات المقبلة.

فالسياسة المحلية في بكين تشجع العديد من المنافسين على إطلاق أعمالهم في الصين، التي تعد أكبر سوق للسيارات على مستوى العالم. وفي مجال المركبات الكهربائية، سجّلت الصين من مبيعات السيارات الكهربائية -وغيرها من المركبات التي تعمل بأنواع جديدة من الطاقة- رقمًا قياسيًا في سبتمبر/أيلول الماضي.

وتعد تيسلا (مقرها في ولاية كاليفورنيا الأميركية) واحدة من أبرز هؤلاء المنافسين في الصين، بعد أن استحوذت على اهتمام جمهور صناعة السيارات الكهربائية. وقد أطلقت الشركة مصنعاً لها هناك، العام الماضي، كما تخطط لترويج سياراتها المصنوعة في الصين داخل السوق الأوروبية.

ووفقًا لتقارير مؤسسة "يو بي إس" للخدمات المالية، فإن هذه الفئة من السيارات تعمل بالبطاريات الكهربائية، وتتولى إنتاجها شركتان صينيتان، هما: أمبيركس المعاصرة للتكنولوجيا، وشركة بي واي دي أوتو؛ ما يتيح للصين امتلاك ما يقرب من ثلث السوق العالمي للسيارات.

كما تذكر تقارير المؤسسة أن أكبر 6 شركات مصنعة للبطاريات في العالم آسيوية، وتوقع محللوها، في مذكرة يوم الأربعاء الماضي، أن تقتحم الشركات الصينية العاملة بسلسلة توريد السيارات الكهربائية السوق العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة.

إن تكلفة المواد في الصين أقل من نظيرتها في السوق العالمية، و"إذا حافظت الصين على هذه الميزة، فستتمكن من تحقيق أفضلية في جانب التكلفة تتفوق بها على المنافسين من خارجها" بحسب المذكرة.

ويتوقع الباحثون في "يو بي إس" أن تزيد "أمبيركس" من حصتها في السوق الخارجي لترتفع من 2% في عام 2019 إلى 14% في 2025، يدفعها في ذلك النمو المحموم لسوق المركبات الكهربائية في أوروبا.

وفي هذا الإطار، يقول "دانييل يرغن"، نائب رئيس مؤسسة "آي إتش إس ماركيت" للأبحاث، ومؤلف كتاب "الجائزة: ملحمة البحث عن النفط والمال والسلطة" الحائز على جائزة بوليتزر عام 1992: "ما إن تدخل المركبات الكهربائية أحد أسواق الطاقة العالمية التي تعتمد على النفط وتصبح عنصراً إضافياً فيه، حتى تتحول إلى مكون جديد في النظام البيئي لهذه السوق، بما في ذلك السيارات ذاتية القيادة".

وكان "دانييل" قد سرد تأثيرات السيارات الكهربائية على مشهد الجغرافيا السياسية، في كتابه الأخير، المنشور في سبتمبر/أيلول الماضي بعنوان "الخريطة الجديدة: الطاقة والمناخ وصِدام الأمم".

وفي مقابلة هاتفية أجراها مع شبكة "سي إن بي سي"، الشهر الماضي، قال "يرغن": "إن ريادة الصين في صناعة المركبات الكهربائية يمكن أن تمنحها تفوقاً على مستوى السوق العالمية، ومن الواضح أن تلك الصناعة ذات أهمية حيوية للصين، ليس فقط بسبب الطلب على النفط أو الحاجة لخفض التلوث، ولكن بسبب قوتها التنافسية".

وأضاف: "بدأ العالم في التركيز على رؤية أشياء كثيرة عبر عدسة المنافسة الجديدة هذه. وإذا حققت الولايات المتحدة تطوراً حقيقيا في مجال المركبات الكهربائية، فسيكون الدافع أكبر لإنشاء سلسلة التوريد في الولايات المتحدة. لكن ينبغي الانتباه إلى أن هذه المسألة لن تتم بمعزل عن التوترات التجارية بين أهم نظامين اقتصاديين في العالم".

ظلت الولايات المتحدة والصين حبيستَيّ قيود التوترات التجارية بينهما لأكثر من عامين، وامتدت تلك التوترات إلى مجال التكنولوجيا، وكذلك مجال التمويل إلى حدٍ ما. وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم للتعافي من أزمة جائحة كورونا، يصبح تأمين مستقبل صناعة السيارات المحلية أكثر أهمية لكلا الاقتصادين.

وفي الولايات المتحدة توفر صناعة السيارات 10 ملايين وظيفة، وتسهم بنحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وفقًا لتقرير فريق العمل المعني بالصين، الصادر عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي في 29 سبتمبر/أيلول.

أما في الصين، فيمثل قطاع السيارات حوالي سدس الوظائف فيها، ونحو 10% من مبيعات التجزئة، وفقًا لأرقام وزارة التجارة الرسمية لعام 2018.

ومن بين 142 مصنعًا ضخمًا لبطاريات الليثيوم قيد الإنشاء على مستوى العالم، يوجد 107 مصانع من نصيب الصين، مقابل 9 للولايات المتحدة، وفقًا لتقرير أصدرته مؤسسة "تأمين مستقبل الطاقة الأمريكية" في واشنطن (SAFE).

وذكر التقرير ذاته أن "كل صناع السيارات الكبار -تقريباً- يأخذون التحول إلى النقل عبر المركبات الكهربائية على محمل الجد، ويستثمرون بكثافة في تقنياتها"، وأن "صانعي المركبات سيستثمرون 300 مليار دولار على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة في تطوير السيارات الكهربائية وإنتاجها. وما يقرب من نصف هذا الإنفاق سيستثمر في الصين، ويعد هذا مؤشرًا على رؤية شركات التصنيع لمكان تركز الطلب".

وفي السياق، حذر المدير التنفيذي لمؤسسة مستقبل تأمين الطاقة الأمريكية "روبي دايموند"، من أثر ذلك بوصفه "خطرًا" على الأمن القومي الأميركي، في مقابلة عبر الهاتف مع شبكة "سي إن بي سي" الشهر الماضي.

وبدأ اندفاع الصين نحو تصنيع السيارات الكهربائية منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، بقيادة مهندس سابق لشركة أودي (Audi) هو "وان جانج". وفيما اجتذب مبلغ 30 مليار يوان (4.54 مليار دولار) -الموجه لدعم الصناعة- عدة شركات هامشية ناشئة، نجح القليل منها في البقاء، إذ أُدرجت شركة "إن آي أو" في بورصة نيويورك عام 2018 وارتفعت قيمة أسهمها بأكثر من 340% منذ ذلك الحين.

كما طُرحت شركة "إل آي أوتو" و"إكس بنج" للاكتتاب العام في الولايات المتحدة هذا العام، وارتفعت أسهمهما بأكثر من 65% و35% على التوالي. وقفزت أسهم "أمبيركس"، المدرجة ببورصة شنزن في الصين، بأكثر من 110% هذا العام، وكذلك أسهم "بي واي دي" المدرجة ببورصة هونغ كونغ بأكثر من 250%، لتسجل ارتفاعات قياسية بعد إطلاق تقنية بطاريات جديدة تستخدمها شركة "هان" بشكل أساسي في صناعة سيارة سيدان الفاخرة.

وقالت كبيرة الباحثين في سياسة الطاقة الجديدة بالصين في المجلس الدولي للنقل النظيف، "هي هوي"، إن بكين أمّنت المعادن والمواد الرئيسية لإنتاج البطاريات لمدة 5 سنوات مقبلة -على الأقل- من خلال الصفقات مع المناجم والجهات الفاعلة الأخرى في الصناعة.

وأشارت إلى أن التعاون العابر للحدود بين الشركات المصنّعة بات أكبر نسبياً، وأن مستقبل الصناعة سيعتمد بشكل أكبر على خفض كلفة البطاريات بالقدر الذي يجعل المستهلك يرغب في التحول إلى المركبات الكهربائية.

ويتوقع المحللون -عمومًا- أنه في غضون 4 سنوات، ستكون كلفة صناعة المركبات الكهربائية مماثلة لتلك التقليدية (التي تعمل بحرق الوقود).

وبحلول عام 2030، تقدّر شركة "ماكنزي" الاستشارية أن ما يترواح بين ثلث ونصف المركبات المباعة في الصين وأوروبا ستكون كهربائية تعمل بالبطاريات أو هجينة، وأن الحصة السوقية المتوقعة للولايات المتحدة ستكون أقل بكثير من معدل يتراوح بين 17% و36% فقط.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق