التقاريرتقارير الغازرئيسيةسلايدر الرئيسيةغاز

بعد هدنة هشّة.. دوّامة صراع الطاقة تتسارع في شرق المتوسّط

تركيا تستأنف التنقيب.. اتّفاق يوناني مصري.. ومخاوف أوروبّية ودولية

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • اليونان تعقد اجتماعا طارئا لمجلس الأمن القومي لبحث موقف أنقرة
  • تركيا: استئناف أنشطة التنقيب جاءت ردا على الاتفاق بين أثينا والقاهرة
  • الاتحاد الأوروبي: تصاعد التوتر يهدد الاستقرار في المنطقة
  • أنقرة تتهم أثينا باستبعادها من كعكة الطاقة في شرق المتوسط
  • أثينا: الحكومة التركية تنتهك القانون الدولي بالتنقيب في المنطقة

قبل أقلّ من أسبوعين من الآن، وتحديدًا يوم 28 يوليو/تمّوز الماضي، ألقت تركيا حجرًا في مياه العلاقات الثنائية الراكدة مع اليونان، بإعلانها تعليق التنقيب عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها في شرق البحر المتوسّط، والذي أثار توتّرات مع اليونان وقبرص ومصر.

في ذلك الحين، أحيا الإعلان التركي الآمال مجدّدًا في عودة أنقرة إلى المسار الدبلوماسي لنزع فتيل التوتّرات المتصاعدة، وتسوية صراع الطاقة في شرق البحر المتوسّط.

لم يكد يمرّ أسبوعان، حتّى عاد التوتّر مجدّدًا بين الدول الثلاث، حيث تراجعت أنقرة عن إعلانها الذي قالت عند إصداره، إنّه يفسح المجال أمام المفاوضات والتسوية السلمية، معلنةً استنئاف عمليات الحفر والتنقيب في شرق المتوسّط.

الاتّفاق المصري اليوناني

جاء ذلك ردًّا على الاتّفاق الذي وقّعته اليونان ومصر، الخميس الماضي، لترسيم الحدود البحريّة، بما يحدّد المنطقة الاقتصادية الخالصة لعمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسّط.

وفي تصريحات شديدة اللهجة، قال الرئيس التركي رجب أردوغان، بعد أقلّ من أربع وعشرين ساعة من الاتّفاق: إنّه "بالرغم من خطط أنقرة بشأن وقف أعمال الحفر لمدّة ثلاثة إلى أربعة أسابيع، فإنّه لا يمكن الوثوق باليونان".

ووصف أردوغان الاتّفاق بأنّه "باطل ولاغٍ"، مضيفًا: "لا القاهرة، ولا أثينا، لهما الحقّ في التنقيب داخل تلك المنطقة".

اجتماع طارئ

عودة التوتّرات مرّة أخرى، دفعت رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إلى الإعلان عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي التابع للحكومة، اليوم الإثنين، بعد أن أعلنت تركيا قيام سفينة بحثية تابعة لها، بإجراء عمليات حفر استكشافية في شرق البحر المتوسّط بمنطقة بين قبرص واليونان.

ومن المقرّر أن يجتمع المجلس الذي يضمّ وزيري الخارجية والدفاع، في وقت لاحق من اليوم.

وأكّدت تركيا أن سفينتها البحثية (أوروتش رئيس)، وسفينتين مساعدتين، ستُجري عمليات حفر استكشافية، بداية من اليوم الإثنين وحتّى 23 أغسطس/ آب.

وفي هذا السياق، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، اليوم الإثنين: إن (أوروتش رئيس) وصلت إلى المنطقة التي تسعى للاستكشاف بها، قادمة من مرسى قبالة الساحل الجنوبي لتركيا.

وكتب دونماز تغريدة في تويتر، جاء فيها: "83 مليونًا يدعمون أوروتش رئيس"، وذلك في إشارة إلى سكّان تركيا.

حقوق التنقيب

تتنازع اليونان وتركيا -الحليفتين في الناتو - بشأن حقوق التنقيب في شرق البحر المتوسّط.

تتّهم تركيا اليونان بمحاولة استبعادها من فوائد اكتشافات النفط والغاز في بحر إيجة وشرق البحر المتوسّط، مشدّدة على ضرورة تقسيم الحدود البحريّة للاستثمار التجاري بين البرّ الرئيس لكلا البلدين، وعدم تضمين الجزر اليونانية على قدم المساواة. وتؤكّد أثينا أن موقف تركيا هو انتهاك للقانون الدولي.

وفي أواخر الشهر الماضي، قالت تركيا: إنّها علقت عمليات التنقيب الاستكشافية في شرق البحر المتوسّط، وعُدَّت تلك الخطوة دليلًا على أنّها تهدّئ الوضع، إلى حدّ ما.

لكن أنقرة انتقدت اتّفاقًا جرى، الأسبوع الماضي، بين اليونان ومصر، لترسيم الحدود البحريّة والمناطق الاقتصادية الحصرية للدولتين، للحصول على حقوق الحفر.

وفي السياق ذاته، قال مسؤولون: إن رئيس الوزراء اليوناني تحدّث، صباح اليوم الإثنين، مع رئيس المجلس الأوروبّي شارل ميشال، وأبلغه بالاتّفاق اليوناني المصري، والوضع في شرق البحر المتوسّط.

ومن المقرّر أن يتحدّث رئيس الوزراء اليوناني، إلى الأمين العامّ لحلف الناتو "ينس ستولتنبرغ"، في وقت لاحق من اليوم.

وفي مقابلة تلفازيّة، مساء أمس الأحد، قال إبراهيم قالين، المتحدّث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن تركيا واليونان كانتا تجريان محادثات في برلين منذ شهرين ونصف، وكانتا على وشك إصدار بيان مشترك عند ظهور الاتّفاق اليوناني المصري.

وأضاف في تصريحات لشبكة سي إن إن التركيّة التلفازيّة: "لحظة إعلان الاتّفاق مع مصر، تلقّينا تعليمات واضحة من رئيسنا: 'أوقفوا المحادثات.. وأبلغوا الألمان واليونانيّين، بأنّنا لن نمضي قُدمًا في المفاوضات".

وتابع قالين: "هذه خطوة أخرى لإبعاد تركيا عن شرق البحر المتوسّط، وحصرها في خليج أنطاليا"، مؤكّدًا أن أنقرة تؤيّد حلّ النزاع من خلال الحوار، "لكن الجانب اليوناني هو الذي عطّل الاتّفاقية، وخرق الثقة."

وكانت تركيا قد وقّعت، العام الماضي، اتّفاقًا مشابهًا مع الحكومة الليبيّة المدعومة من الأمم المتّحدة في طرابلس، ما أثار غضبًا في اليونان وقبرص ومصر، الذين قالوا جميعًا، إنّه ينتهك حقوقهم الاقتصادية في البحر المتوسّط.

تحذيرات أوروبّية

حذّر الاتّحاد الأوروبّي من أن ما يحدث في شرق المتوسّط، يُعدّ انتهاكًا للقانون، ويهدّد الاستقرار في المنطقة.

واقترب الخصمان الإقليميان التاريخيان (تركيا واليونان) من الحرب ثلاث مرّات، منذ أوائل السبعينات، لاسيّما على حقوق الاستثمار البحري، وملكيّة جزيرة بحر إيجة غير المأهولة.

وكانت أخطر مواجهة عام 1974، عندما غزت تركيا دولة قبرص الواقعة شرق البحر المتوسّط ​، بعد انقلاب فاشل قام به أنصار الاتّحاد مع اليونان.

وقادت ألمانيا جهودًا دبلوماسية بين الجانبين، واستضافت في وقت سابق من هذا الشهر، اجتماعًا ضمّ قالين ورئيس المكتب الدبلوماسي لرئيس الوزراء اليوناني. جرى الكشف عن الاجتماع الذي عُقد في برلين، بعد عدّة أيّام من قبل وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو.

وأنقرة على خلاف مع دول الاتّحاد الأوروبّي، وخصوصًا قبرص واليونان، حول ملكيّة الموارد الطبيعية في شرق المتوسّط. وانتقد وزراء خارجية الاتّحاد الأوروبّي، تركيا، مؤخّرًا، بسبب التنقيب عن النفط في مياه البحر الأبيض المتوسّط، المتنازع عليها.

وكانت الدول الـ27 الأعضاء في الاتّحاد، قد دعت تركيا مرارًا إلى وقف التنقيب عن الغاز والنفط، قبالة سواحل قبرص، لأنّها تتداخل مع المنطقة الاقتصادية لقبرص، العضو في التكتّل الأوروبّي.

3 سفن بحث وتنقيب

في تطوّر مثير تتحدّى به دول ساحل شرق المتوسّط، أطلقت تركيا في شهر مايو /أيّار من العام الماضي، أنشطة للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسّط، قبالة سواحل قبرص، وأرسلت 3 سفن للبحث والتنقيب، هي «فاتح» و«ياووز» في مايو، و«أورتش رئيس» في سبتمبر /أيلول، إلى جانب سفينة رابعة للدعم اللوجستي، رافقتها قطع بحريّة عسكرية.

وأعلنت تركيا سحب سفينة التنقيب «فاتح» من منطقة شرق البحر المتوسّط إلى إسطنبول، وقرّرت مشاركتها في أعمال التنقيب عن مصادر الطاقة في البحر الأسود.

وتسبّب هذا الإجراء في غضب الاتّحاد الأوروبّي ودول إقليمية، منها مصر واليونان وقبرص وإسرائيل، إلى جانب الولايات المتّحدة، التي قرّرت رفعًا جزئيًا لحظر السلاح المفروض على قبرص.

وترفض تركيا اتّفاقات أبرمتها الحكومة القبرصية مع مصر واليونان، في منطقة شرق البحر المتوسّط، بشأن المناطق الاقتصادية البحريّة، وتقول، إنّها تقوم بأعمال التنقيب فيما يسمّى جرفها القارّي، وبموجب ترخيص من «جمهورية شمال قبرص».

غير أن الاتّحاد الأوروبّي أعلن أن ما تقوم به تركيا هو عمل غير قانوني، وأن تركيا تقوم بالتنقيب في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص، الدولة العضوة في الاتّحاد، والمعترف بها دوليًا.

ومؤخّرًا، انتقد وزراء خارجية الاتّحاد الأوروبّي، تركيا، بسبب التنقيب عن النفط في مياه البحر الأبيض المتوسّط، المتنازع عليها، لاسيّما قبالة السواحل القبرصية.

وأثار إعلان تركيا عزمها القيام بعمليات تنقيب عن النفط والغاز، قبالة سواحل قبرص، القلق لعدّة أطراف، تضمّ مصر وأميركا والاتّحاد الأوروبّي، إذ رأت الولايات المتّحدة أنّها عمليات "استفزازية، تثير التوتّرات في المنطقة"، وفرض الاتّحاد الأوروبّي عقوبات على أنقرة، بتعليق أيّ اجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين.

يُذكر أن الاتّحاد الأوروبّي جدّد، في 16 أبريل/نيسان الماضي، التأكيد على دعمه لقبرص، في ظلّ أعمال التنقيب التركيّة "غير الشرعية" شرق المتوسّط، مع الإشارة إلى استمرار النقاش حول هذه الأزمة، داخل أروقة الاتّحاد.

الغاز الطبيعي

​​يُقدّر احتياطي الغاز الطبيعي ما بين 102 و170 مليار متر مكعّب، في منطقة تعدّها قبرص "منطقتها الاقتصادية الحصرية"، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وتعدّ شركة "نوبل إنرجي" -ومقرّها تكساس- أوّل من أعلن، عام 2011، اكتشاف الغاز قبالة قبرص في حقل "أفروديت"، الذي يُقدّر احتواؤه على 4.5 تريليون قدم مكعّبة من الغاز الطبيعي.

وفي عام 2018، اكتشفت "إكسون موبيل" و"قطر للبترول" احتياطيًا ضخمًا من الغاز الطبيعي، قبالة ساحل قبرص، قُدِّر أنّه يحتوي على ما بين 5 و 8 تريليونات قدم مكعّبة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق