التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تغير المناخ يفجر أزمة شوكولاتة عالمية.. ونبات بديل قد ينهي المعضلة

محمد عبد السند

يحمل تغير المناخ أخبارًا غير سارة لمحبي تناول الشوكولاتة في العالم؛ مع توقعات باختفاء نبات الكاكاو بحلول أواسط القرن الحالي بفعل الحرارة المتطرفة والطقس الجاف.

وتنمو أشجار الكاكاو في شريط ضيق من الأراضي المطيرة الواقعة على بُعْد نحو 20 درجة شمال خط الاستواء وجنوبه؛ حيث تبقى درجة الحرارة والأمطار والرطوبة ثابتة نسبيًا طوال العام.

وتستأثر ساحل العاج وغانا -البلدان الواقعان في غرب أفريقيا- بأكثر من نصف إنتاج الشوكولاتة في العالم حاليًا، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

لكن البلدين المذكورين لن يكونا صالحين لزراعة الشوكولاتة في العقود القليلة المقبلة؛ إذ ستدفع درجات الحرارة المتنامية مناطق زراعة الشوكولاتة الحالية إلى ارتفاع يزيد على 1000 قدم في التضاريس الجبلية، وفق الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

نبات مرن

بينما ينخفض إنتاج الكاكاو عالميًا، يتحول العلماء إلى نبات أكثر مرونة للظروف المناخية من أجل إنقاذ صناعة الشوكولاتة التي تمر بمنعطف خطير خلال وقت تهدد فيه ظروف الطقس المتطرف مستقبل محاصيل الكاكاو، وفق دراسة نشرها موقع "يورو نيوز".

وتأتي أغلبية الكاكاو -نحو 60%- المزروعة عالميًا من غرب أفريقيا؛ حيث تُنتَج في البلدان التي ترتفع بها مستويات الرطوبة مثل ساحل العاج وغانا، والتي تتناوب فيها درجات الحرارة المرتفعة والأمطار الوفيرة مع مواسم جافة قصيرة.

لكن -على مدار العامين الماضيين- تراجع إنتاج الكاكاو بنسبة 40%؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشوكولاتة إلى مستويات لم تعهدها منذ سبعينيات القرن الماضي، مع تحذيرات الخبراء من إمكان خلو العالم من الكاكاو بحلول عام 2050.

العلماء في جامعة سنغافورة الوطنية
العلماء في جامعة سنغافورة الوطنية – الصورة من موقع الجامعة

الشوكولاتة مهددة

ثمة عوامل عدة تنبئ بقرب انتهاء الشوكولاتة من العالم، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.

وسبق أن ألقت تقارير بحثية سابقة باللائمة على تعدين الذهب بشكل غير قانوني وتقادم عُمْر الأشجار ومهربي الكاكاو.

غير أن البحث الحالي يشير إلى أن السبب الرئيس هو التباين الشديد في هطول الأمطار.

وفي هذا الخصوص قال معهد سالاتا للمناخ والاستدامة (The Salata Institute for Climate and Sustainability) في جامعة هارفارد إن حساسية الطقس بالنسبة للكاكاو ليست شيئًا جديدًا، موضحًا أن تغير المناخ يزيد شدة الأمطار الغزيرة مع ارتفاع درجات الحرارة.

وأشار إلى أن لكل زيادة قدرها درجة مئوية واحدة في درجات الحرارة، يستطيع الجو أن يحتجز رطوبةً أكثر بنسبة 7%، وهو ما يمكن أن يتسبب بمزيد من الأمطار الغزيرة.

وتابع: "الفيزياء الأساسية تشير إلى أن الجو الساخن يحتجز للمزيد من الرطوبة؛ ويعظّم شدة الطقس المطير المتطرف".

واستطرد: "ويؤدي هذا إلى تشبع التربة بالمياه وتعريتها، وكذلك تفشي الظروف المواتية لانتشار الأمراض الفطرية".

نبات الخروب
نبات الخروب - الصورة tucson

حل سنغافوري

انطلاقًا من الظروف السلبية تلك الناجمة عن تغير المناخ، بدأ علماء من جامعة سنغافورة الوطنية في البحث عن حل خارج الصندوق لإنقاذ صناعة الشوكولاتة.

وركز الباحثون على نبات الخروب الذي ينبُت بكثرة في منطقة البحر المتوسط ويُعرَف بمرونته للظروف المناخية.

ومع ذلك لم يجذب الخروب، طيلة المدة الماضية، اهتمام العلماء بوصفه بديلًا واعدًا للكاكاو.

وعَكْس الكاكاو، يزدهر الخروب في الظروف المناخية الحارة والجافة، ولا يحتاج سوى لكميات مياه قليلة جدًا، ولديه القدرة كذلك على الازدهار في موجات الجفاف.

وبعد تحميص الخروب، تنبعث منه "رائحة مميزة" تشبه رائحة الكاكاو، وإن كانت نكهته لا تصل إلى مستوى التوقعات.

وللتغلب على تلك المشكلة، استحدث الباحثون من جامعة سنغافورة الوطنية تقنيتين جديدتين لتغيير نكهة الخروب، عبر استعمال إنزيمات لزيادة درجة المرارة ورفع مستوى الحلاوة.

وتُعد معالجة الإنزيم تقنية مباشرة ونظيفة يمكن إنجازها بأقل المتطلبات مقارنةً بطرق أخرى تشتمل على مواد كيميائية قاسية مثل حمض الهيدروكلوريك، لتحسين النكهة.

وعبر تحسين نكهة الخروب، يقول الباحثون إن التقنيتين المذكورتين يمكن أن تشجعا مصنعي الحلويات على استعمال النبات في منتجات الأغذية التي عادةً تتطلب الكاكاو مثل قوالب الشوكولاتة ومساحيق الكاكاو ومشروبات الشعير وغيرها من المنتجات الأخرى القائمة على الكاكاو.

وقال الباحثون إن استعمال الخروب يمكن أن يخفض اعتماد صناعة الشوكولاتة على الكاكاو؛ ما يجعل سلاسل الإمدادات أكثر مرونةً إلى تغير المناخ والأمراض الفطرية التي تصيب المحاصيل.

وقال المؤلف الأول للبحث مانفريد كو: "بحثنا الأول لا يتمحور حول استنساخ نكهة الكاكاو فحسب، ولكنه يستهدف كذلك تنويع المكونات التي نستعملها لتصنيع بدائل الشوكولاتة".

وأضاف: "عبر التحول إلى محاصيل مرنة للمناخ مثل الخروب، فإننا نساعد الصناعة في تجاوز التحديات البيئية مع منح المستهلكين منتجًا يضفي إليهم البهجة والسعادة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق