تُبرز اكتشافات النفط في بحر الشمال كيف يُمكن أن تساعد السياسات الحكومية في الاستفادة من الموارد الطبيعية إلى أقصى حدّ.
ووفق أحدث تقاريرها التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، ترى الهيئة النرويجية للموارد البحرية أن "بحر الشمال هو محرك صناعة النفط النرويجية"، حيث يضم 69 حقلًا منتجًا.
وتُشكّل اكتشافات بريطانيا تناقضًا صارخًا مع قطاعها من بحر الشمال، الذي تضرَّر بشدة من ضريبة الحكومة البالغة 78% على أرباح النفط والغاز، فضلًا عن حظرها للتنقيب الجديد.
وعلى النقيض من السياسة البريطانية، تهدف سياسة النفط والغاز الرسمية في النرويج إلى "توفير إطار عمل لإنتاج النفط والغاز بشكل مربح على المدى الطويل".
اكتشافات بحر الشمال
حفرت النرويج نحو 45 بئرًا استكشافية في عام 2025، أسفر 12 منها عن كميات تجارية من النفط والغاز، وشمل ذلك 30 بئرًا في بحر الشمال، منها 6 آبار ذات جدوى اقتصادية.
واكتشفت شركة "أوكيا" النرويجية (OKEA) المزيد من النفط في حقل أقرب قليلًا إلى النرويج، وفي الوقت نفسه، حققت بئر استكشافية حفرتها شركة الطاقة الحكومية "إكوينور" (Equinor) نجاحًا أيضًا، حيث اكتُشِف 7 ملايين برميل.
كما حققت شركتا "هاربور إنرجي" (Harbour Energy) و"آكر بي بي" (Aker BP) البريطانيتان اكتشافات حديثة في القطاع النرويجي من بحر الشمال قرب الحدود مع المياه البريطانية؛ ما يشير إلى أن المنطقة ما تزال تزخر بإمكانات هائلة حتى مع توقُّف حزب العمال البريطاني عن العمل.
ويُعدّ كل حقل من الحقول الجديدة صغيرًا نسبيًا، لكنها مجتمعةً تُعزز إنتاج النرويج بتكلفة منخفضة، نظرًا لإمكان ربطها بخطوط الأنابيب البحرية القائمة وغيرها من البنى التحتية.
ويُوضح تقرير الهيئة النرويجية للموارد البحرية أن القطاع النرويجي من بحر الشمال سيظل منتجًا لسنوات.
ويُصدَّر جزء كبير من غاز النرويج وبعض نفطها إلى المملكة المتحدة، لتعويض النقص الناتج عن تقليص الحكومة البريطانية المتعمّد لقطاعها المحلي.

القطاع البريطاني من بحر الشمال
أمّا في بريطانيا، فقد أكد متحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني التزام الوزارة بالطاقة المتجددة والتحول عن الوقود الأحفوري.
وقال: "إن إصدار تراخيص جديدة لاستكشاف حقول جديدة لن يحسم أيّ مبلغ من فواتير الطاقة، ولن يُحقق لنا أمن الطاقة، بل سيزيد من تفاقم أزمة المناخ".
بسبب هذه الضرائب المفروضة على الطاقة، باتت صناعة النفط والغاز البريطانية تعاني من ركود اقتصادي، حيث تنكمش بنحو 15% سنويًا، وتفقد 1000 وظيفة شهريًا، وفقًا لتقديرات الهيئات التجارية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أنتجت الشركات العاملة في المياه البريطانية ما يعادل 33 مليون برميل من النفط والغاز، أي خُمس ما كانت تُنتجه عام 2000، وربع الإنتاج الشهري الحالي للنرويج البالغ 126 مليون برميل، بحسب ما نشرته صحيفة ذا تيليغراف (The Telegraph).
ويرى وزير الطاقة إد ميليباند أن القطاع البريطاني من بحر الشمال في تراجع مستمر، وأن على البلاد التخلص من اعتمادها على الوقود الأحفوري.
لكن بعض خبراء الصناعة يُخالفون هذا الرأي، مؤكدين أن بريطانيا ستحتاج إلى النفط والغاز لعقود مقبلة، وأن احتياطيات بحر الشمال قادرة على تلبية جزء كبير من احتياجاتها.
فمن جانبها، قالت وزيرة الطاقة في حكومة الظل، كلير كوتينيو: "تُسهم النرويج في خلق فرص عمل واستثمارات وإيرادات ضريبية نفتقدها في بريطانيا.. إن زيادة اعتمادنا على الواردات الأجنبية مع رفضنا التنقيب عن مواردنا الخاصة سيُذكر بوصفه أكبر ضرر اقتصادي نُلحقه بأنفسنا منذ جيل".

وقال رئيس رابطة شركات التنقيب البريطانية المستقلة (بريندكس) روبن آلان، إن بحر الشمال يزخر بما يكفي من النفط والغاز لدعم المملكة المتحدة لسنوات أو عقود، شريطة أن تُغيّر الحكومة سياساتها الضريبية والتنظيمية.
وأضاف أن "مكامن النفط والغاز التي يُستخرج منها النفط والغاز النرويجي هي نفسها الموجودة في المملكة المتحدة، إلّا أن المملكة المتحدة تتبنّى سياسة عدائية بضرائب باهظة تعوق نموها، ما جعلنا نعتمد بشكل كبير على واردات النفط والغاز".
وعلّق مايك ثولين، من شركة أوفشور إنرجيز، قائلًا: "تجمع المملكة المتحدة بين معدلات الضرائب المرتفعة وعدم القدرة بالتنبؤ، وهذا يُؤثّر سلبًا في الاستثمار.. إذا أرادت المملكة المتحدة ضمان إمدادات طاقة آمنة ودعم الوظائف، فهي بحاجة إلى نظام ضريبي يُشجع الاستثمار، لا نظام يُنفّره".
موضوعات متعلقة..
- استكشاف النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني يتوقف لأول مرة منذ الستينيات
- حقل غاز في بحر الشمال يحرز إنجازًا غير مسبوق.. بعد 56 عامًا
- انطلاق أكبر شركة نفط وغاز في بحر الشمال البريطاني بعد عام من صفقة اندماج
اقرأ أيضًا..
- حقل نفط أفريقي يواجه مشكلات فنية تؤجل الإنتاج
- خطط زيادة إنتاج روسيا من الغاز المسال تتعطل.. 100 مليون طن هدف بعيد المنال
- مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر في السعودية يقترب من الإنجاز
- صناعة السيارات الكهربائية في 2025.. تحديات عابرة أم مأزق ممتد؟
المصدر:





