التقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

محرك جديد لنمو الطلب على الغاز في أميركا.. هل تتأثر أسعار الكهرباء؟ (تحليل)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • الغاز أكبر مصدر في مزيج الكهرباء الأميركي والثاني في مزيج الطاقة العام
  • الولايات المتحدة أكبر منتج ومستهلك ومُصدّر للغاز الطبيعي في العالم
  • قطاع الكهرباء المحرّك الأكبر لنمو الطلب على الغاز في أميركا
  • مراكز البيانات الأميركية تشكّل 4.4% من إجمالي الطلب على الكهرباء
  • توقعات بارتفاع حصة مراكز البيانات الأميركية إلى 10% بحلول 2030
  • أسعار الكهرباء على المستهلكين ارتفعت في 36 ولاية أميركية بسبب مراكز البيانات

شهد الطلب على الغاز في أميركا زخمًا قويًا خلال السنوات الماضية، لترتفع حصته في مزيج الطاقة، كما يتجه نحو موجة جديدة من النمو يقودها الذكاء الاصطناعي.

وأظهرت بيانات تحليل حديث -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة- ارتفاع حصة الغاز الطبيعي في استهلاك الطاقة الأولية بالولايات المتحدة من 30% عام 2015 إلى 35% في عام 2024، ليصبح ثاني أكبر مصدر في المزيج متحديًا النفط الذي انخفضت حصته إلى 39%.

وأدّى تسارع الطلب على الغاز في أميركا بقطاع التوليد إلى ارتفاع حصته في مزيج الكهرباء الوطني من 31% عام 2012 إلى 43% عام 2024، ليصبح أكبر مصدر على حساب الفحم الذي هبطت حصته من 37% إلى 16% خلال المدة.

وأصبحت الولايات المتحدة -اليوم- أكبر منتج للغاز في العالم بحصة تصل إلى 25% من الإنتاج العالمي، وأكبر مستهلك بحصة 22%، فضلًا عن كونها أكبر مصدر عالمي بحصة 18%، بحسب التحليل المنشور على موقع منتدى الدول المصدرة للغاز.

محركات الطلب على الغاز في أميركا

كان قطاع الكهرباء المحرك الرئيس لزيادة الطلب على الغاز في أميركا خلال السنوات الـ10 الماضية، إلى جانب القطاعات الصناعية والسكنية والتجارية التقليدية التي ظل استهلاكها ثابتًا إلى حد كبير أو ارتفع طفيفًا خلال المدة، في حين كان إسهام قطاع النقل محدودًا في الطلب.

وارتفع إنتاج الكهرباء المولّدة بالغاز الطبيعي بمقدار 550 تيراواط/ساعة خلال المدة من 2015 إلى 2024، متجاوزًا النمو المجمع لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

بينما انخفض إنتاج الكهرباء العاملة بالفحم بمقدار 750 تيراواط/ساعة خلال المدة في إطار خطط خفض الانبعاثات والتحول بعيدًا عن المصادر الأكثر تلويثًا.

ويوضح الرسم الآتي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطورات مزيج الكهرباء الأميركي وحصص الغاز والفحم منذ 2012 وحتى 2024:

تطور مزيج الكهرباء الأميركي من 2012 إلى 2024

وأدى التحول من الفحم إلى الغاز في قطاع الكهرباء إلى انخفاض الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالكهرباء في الولايات المتحدة من 6.2 مليار طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون في عام 2005 إلى 5.5 مليار طن في 2015، ثم إلى 5.1 مليار طن في عام 2024.

ويرجع ذلك بصورة رئيسة إلى أن الغاز الطبيعي ينتج انبعاثات كربونية أقل بكثير من الفحم في أثناء عمليات الاحتراق.

ويمثّل عام 2025 نقطة تحول حاسمة لقطاع الطاقة الأميركي، فمع عودة الرئيس ترمب إلى السلطة مجددًا، حوّلت الإدارة الأميركية سياسة الطاقة من النهج السابق الداعم للطاقة المتجددة إلى أجندة داعمة للهيدروكربونات، ما يُشير إلى تراجع كبير عن سياسات المناخ وإعطاء الأولوية للتطوير الكامل لموارد الطاقة المحلية.

وانعكس هذا التوجه السياسي الجديد على خطط الإدارة الأميركية المعلنة حول إلغاء معايير انبعاثات الميثان، وتخفيف لوائح التكسير المائي (الهيدروليكي)، وتبسيط إجراءات خطوط الأنابيب، وتوسيع نطاق تأجير الأراضي الفيدرالية لمشروعات استخراج النفط والغاز الصخريَيْن.

ومن المتوقع أن تعزّز هذه الإجراءات إنتاج الغاز في الولايات المتحدة، كما ستدفع باتجاه نمو الاستهلاك المحلي للغاز في القطاعات التقليدية والناشئة، فضلًا عن التوسع في صادرات الغاز الطبيعي المسال.

الذكاء الاصطناعي محرك جديد للطلب

من المتوقع أن يظل قطاع الكهرباء المحرك الرئيس لنمو الطلب على الغاز في أميركا خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بطلب مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للكهرباء، خاصة تلك التي تركز على الذكاء الاصطناعي.

ولم تكن مراكز البيانات في السابق محركًا أساسيًا للطلب، لكن زخم التوسع في إنشائها بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة أضاف أعباء جديدة على قطاع الكهرباء والشبكات.

وتستضيف الولايات المتحدة -اليوم- 5 آلاف مركز بيانات أو ما يمثّل 40% من إجمالي عدد مراكز البيانات في العالم، وتتصدّر ولايات فرجينيا وتكساس وكاليفورنيا القائمة.

وتشجع الولايات المتحدة هذا القطاع بقوة في إطار خطط إستراتيجية كبرى تستهدف البقاء في طليعة ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية المقبلة، وسط منافسة شرسة مع آسيا وأوروبا.

وينظر إلى الغاز الطبيعي على أنه مصدر الطاقة الأقرب لتوفير الكهرباء الموثوقة والقابلة للتوسع بتكلفة منخفضة نسبيًا، فضلًا عن كونه منخفض الانبعاثات، ما يضمن تأمين الطاقة اللازمة لدعم التوسع السريع في قطاع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وارتفع استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 0.6% خلال المدة من 2015 إلى 2024، كما ارتفع بنسبة 2.3% على أساس سنوي خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2025، مدفوعًا بالطلب التجاري إلى حد كبير، بقيادة مراكز البيانات التي تصنف ضمن القطاع التجاري.

وبحسب بيانات منتدى الدول المصدرة للغاز، تشكّل مراكز البيانات 15% من استهلاك القطاع التجاري للكهرباء في الولايات المتحدة -حاليًا-.

بينما تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية، إلى أن استهلاك الكهرباء في قطاع مراكز البيانات الأميركي ارتفع إلى 233 تيراواط/ساعة في عام 2025، أي ما يعادل 4.4% من إجمالي الطلب على الكهرباء في البلاد.

كما تتوقع الوكالة ارتفاع الطلب في هذا القطاع، ليصل إلى 10% من إجمالي الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، بقيادة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي ستنمو بصورة أكبر من مراكز البيانات التقليدية.

ويوضح الرسم الآتي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات في العالم حسب المناطق خلال عامَي 2023 و2024، وتوقعاته في 2030:

استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات عبر المناطق

مخاطر الذكاء الاصطناعي على المستهلكين

رغم أن زخم الذكاء الاصطناعي يصبّ في تعزيز المكانة الأميركية عالميًا، فإنه سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء، وزيادة تكلفة إنتاجها في المحطات العاملة بالغاز، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء المحلية على المستهلكين.

ففي سبتمبر/أيلول 2025، بلغ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة 3%، في حين ارتفع متوسط أسعار الكهرباء الوطنية بنسبة 6.7%، ما يمثّل أكثر من ضعف معدل التضخم العام.

ولم يكن تجاوز نمو أسعار الكهرباء لمعدل التضخم عابرًا في عدد محدود من الولايات، بل شمل 36 ولاية أميركية، بما في ذلك 8 ولايات سجّلت زيادات تجاوزت 10% في أسعار الكهرباء.

ولمواجهة هذه التحديات، يتجاوز العديد من مطوري مراكز البيانات في الولايات المتحدة طوابير الربط الطويلة مع شبكات الكهرباء العامة عبر بناء محطات كهرباء خاصة بهم تعمل بالغاز الطبيعي.

وتشتري هذه المحطات الغاز مباشرة عبر خطوط الأنابيب لتشغيل المولدات في الموقع، ما يضمن تسريع خطط بناء المراكز، وزيادة الموثوقية، وتحسين التحكم في التكاليف.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

تحليل أثر الذكاء الاصطناعي في الطلب على الغاز في أميركا، من منتدى الدول المصدرة للغاز.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق