أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير الطاقة النوويةسلايدر الرئيسيةطاقة نووية

لماذا تحتاج السعودية إلى الطاقة النووية رغم توافر النفط والغاز؟ أنس الحجي يجيب

أحمد بدر

تتزايد التساؤلات -ومعها الجدل- حول الأسباب التي تدفع السعودية إلى توسيع استثماراتها في مشروعات الطاقة النووية والمتجددة رغم امتلاكها واحدًا من أضخم احتياطيات النفط والغاز في العالم، وهو ما يفتح الباب لتحليل أعمق للتوجهات المستقبلية لسياسات الطاقة في المملكة.

وفي هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن التحول الجاري داخل المملكة لا يرتبط بغياب الموارد الهيدروكربونية، بل يرتبط برؤية إستراتيجية تهدف إلى ضمان استدامة النمو الاقتصادي وتحصين موقعها المستقبلي عالميًا.

وأكد أن التحول داخل السعودية يستعمل منظورًا مختلفًا، يقوم على ربط أمن الطاقة بأمن الاقتصاد، مع الأخذ في الاعتبار متطلبات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وارتفاع استهلاك الكهرباء خلال السنوات المقبلة، بما يفرض مصادر طاقة جديدة لا تؤثر في صادرات النفط.

كما يشير إلى أن تطوّر النظرة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب نحو مفهوم الهيمنة في مجال الطاقة والذكاء الاصطناعي يعكس منطقًا مشابهًا يتقاطع مع طموحات المملكة في تعزيز نفوذها الإقليمي والدولي من خلال استثمار موارد الطاقة بشكل مختلف وأكثر تأثيرًا.

جاءت تلك التصريحات في أثناء حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدمه أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، وجاءت بعنوان: "الطاقة والذكاء الاصطناعي.. رؤية ترمب للهيمنة الأميركية على العالم".

الطاقة النووية في السعودية

أشار أنس الحجي إلى أن السعودية تنظر إلى الطاقة النووية بوصفها ضرورة إستراتيجية لا ترتبط بندرة النفط والغاز، بل بارتفاع استهلاك الكهرباء المتوقع خلال العقود المقبلة، خاصة مع التوسع في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي التي تتطلب طاقة هائلة.

وأكد أن استمرار توليد الكهرباء من النفط سيؤدي إلى تراجع صادرات المملكة من الخام بصورة حادة، ما ينعكس على الإيرادات والدخل الفردي، ولذلك يجب توفير بدائل تضمن استمرار التصدير بوصفه ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن الاعتماد المتزايد على الغاز في توليد الكهرباء سيجبر المملكة على تحويل جزء كبير من الغاز المخصص للقطاع الصناعي إلى محطات الكهرباء، وهو ما يعني إضعاف النمو الصناعي وتقليل القيمة المضافة، ومن ثم خفض قدرتها التنافسية الاقتصادية.

أرامكو تطور مشروعات الغاز في السعودية

وأضاف أنس الحجي أن الطاقة النووية والمتجددة تمنحان السعودية قدرة أكبر على تحرير الغاز من الاستخدامات منخفضة القيمة وتحويله للقطاع الصناعي؛ ما يرفع معدلات النمو ويحافظ على مستويات الدخل، ويضمن استدامة التنمية مع ارتفاع الطلب المحلي على الطاقة.

وأبرز جانبًا جغرافيًا مهمًا؛ إذ تمتلك السعودية مساحة شاسعة وتضاريس متنوعة، كما تتركز موارد النفط والغاز في الشرق؛ ما يجعل نقل الوقود إلى مناطق مثل تبوك وجازان وأبها مكلفًا جدًّا مقارنة ببناء مصادر طاقة محلية تعتمد على الشمس والرياح والنووي.

وشرح أن العائد الاقتصادي للطاقة المتجددة والنووية داخل المملكة أعلى بكثير من أوروبا،؛ لأنها توفر النفط والغاز اللذين يمكن تصديرهما، في حين لا تملك دول أوروبا الخيار نفسه لغياب الإنتاج المحلي؛ ما يعني اختلافًا واضحًا في جدوى الاستثمار.

وشدد على أن الجمع بين الطاقة النووية والمتجددة يمثل خيارًا إستراتيجيًا يضمن للمملكة تحصين صادراتها النفطية وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وأمن الطاقة، وهو ما يجعل اللجوء إلى الطاقة النووية خطوة ضرورية وليست ترفًا، رغم وفرة النفط والغاز.

الطاقة النووية في السعودية

الهيمنة العالمية.. والتقاطع مع رؤية السعودية

أشار أنس الحجي إلى أن طرح الرئيس دونالد ترمب لإستراتيجية الأمن القومي التي تقوم على تعزيز الهيمنة الأميركية من خلال موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي يتقاطع مع ما تقوم به السعودية من خطوات كبرى تعزز موقعها المستقبلي، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.

وقال إن رؤية المملكة 2030 وما تلتها من تحولات تُظهر أن السعودية تدرك أن مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي ستكون لاعبة محورية في الاقتصاد العالمي، ولذلك تعمل على بناء قدرات ضخمة تجعلها ضمن أفضل 3 دول عالميًا في هذا القطاع.

ولفت إلى أن زيارة ترمب إلى المملكة وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة والعقود التي وُقعت، عكست انفتاحًا غير مسبوق بين البلدين في ملفي الطاقة والذكاء الاصطناعي؛ ما عزّز رغبة المملكة في دفع هذا القطاع بقوة.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من رويترز

وأبرز خبير اقتصادات الطاقة أن الفكرة الأساسية في هذا التوجه تقوم على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن ينمو دون موارد طاقة هائلة، وأن وجود قدرات طاقة ضخمة داخل السعودية يمنحها موقعًا يمكن تطويره إلى نفوذ عالمي أو إقليمي مشابه للهيمنة الأميركية.

وأكد أن التوجه الجديد في واشنطن نحو "الهيمنة من خلال الطاقة" بدلًا من "استقلال الطاقة" يمثل تحولًا كبيرًا ينعكس منطقيًا على تفكير السعودية، التي تدرك أن من يريد موقعًا عالميًا يحتاج إلى تحصين موارده وضمان استدامة طاقته.

وشرح أن استمرار الولايات المتحدة في استيراد ملايين البراميل من النفط يوميًا يعكس استحالة تحقيق الاستقلال الطاقي الكامل، وهو ما يجعل مفهوم الهيمنة أكثر واقعية، وهو المفهوم الذي يتقاطع مع خطوات المملكة في تعزيز قدراتها.

واختتم أنس الحجي تصريحاته بالقول إن الدمج بين موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي هو محور التحول العالمي، وإن السعودية تعمل بوضوح ضمن هذا الإطار؛ ما يجعل توجهها نحو الطاقة النووية خيارًا إستراتيجيًا لضمان موقع متقدم في خريطة القوى المستقبلية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق