تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي.. مسح لـ"الطاقة" يشمل 12 دولة
سامر أبووردة
بدأ توجُّه تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي يكتسب طابعًا إستراتيجيًا، بعدما ظلّت المخلفات لعقود تُعامَل بوصفها عبئًا بلديًا يُدفَن أو يُحرَق دون استرداد قيمة.
تتعامل الحكومات العربية اليوم مع النفايات بوصفها تدفّقًا ماديًا يمكن توجيهه لمنظومة الطاقة، سواء عبر الحرق المباشر بتقنيات السيطرة على الانبعاثات، أو عبر إنتاج الغاز الحيوي من المخلّفات العضوية، أو عبر استخراج الوقود البديل (RDF) لتغذية محطات توليد كهرباء وتقليل الضغط على المكبات.
ووفقًا لمسح أجرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يشهد تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي توسعًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة، إذ تتجه الحكومات العربية إلى الاستفادة من الكمّ الهائل من المخلّفات الصلبة -المُقدّر بأكثر من 150 مليون طن من النفايات سنويًا، يُعاد تدوير أقل من 10% منها فقط- لتوليد الكهرباء وتخفيف أعباء الطمر والتلوث.
وتأتي التحركات في وقتٍ يتزايد فيه الضغط على الموارد التقليدية، وتتصاعد التزامات الدول بخفض البصمة الكربونية ضمن اتفاق باريس للمناخ.
وتشهد دول الخليج والمغرب العربي والمشرق ومصر نماذج مختلفة لمشروعات ناشئة أو قائمة بالفعل، ما يعكس وعيًا متناميًا بأهمية استثمار النفايات بوصفها أصلًا طاقيًا واقتصاديًا واعدًا.
ووفق تقديرات منصة الطاقة، تبدو تجربة تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي في طور النضوج، مدعومة بشراكات مع شركات آسيوية وأوروبية متخصصة، بالإضافة إلى انخراط صناديق التمويل الدولية في دعم هذه المشروعات بوصفها أحد أهم مسارات الاقتصاد الدائري في المنطقة.
تحويل النفايات إلى كهرباء في الإمارات
تعدّ الإمارات النموذج العربي الأكثر تطورًا في مجال تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، إذ تعمل على تطبيق منظومة متكاملة لتحويل النفايات البلدية إلى طاقة ضمن مسارها نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويبلغ معدل إنتاج الفرد الإماراتي من النفايات نحو 1.8 كيلوغرامًا يوميًا، ما دفع الجهات التنظيمية مثل وزارة التغير المناخي والبيئة وشركات إدارة النفايات إلى تبنّي حلول تقنية متقدمة لتحويل هذه الكميات الضخمة إلى كهرباء نظيفة، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعدّ محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة أول مشروع تجاري من نوعه في الشرق الأوسط، إذ أُطلقت في يوليو/تموز 2022 بشراكة بين شركتي "بيئة" و"مصدر"، وتُعالج 300 ألف طن من النفايات سنويًا لتوليد 30 ميغاواط من الكهرباء، تكفي لتزويد 28 ألف منزل، وتقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 450 ألف طن سنويًا.
أمّا مركز دبي لمعالجة النفايات في ورسان، فهو من أضخم مشروعات المنطقة باستثمارات تتجاوز 4 مليارات درهم (1.00 مليار دولار).
بدأ تشغيل مرحلته الأولى في يوليو/تموز 2023 بطاقة 2300 طن يوميًا، لإنتاج 80 ميغاواط، على أن ترتفع القدرة الكلّية إلى 220 ميغاواط بعد اكتماله، ما يضمن تغذية 135 ألف وحدة سكنية.
وفي أبوظبي، يُطوَّر مشروع ضخم بالقرب من مكب الظفرة بتمويل من مصرف ستاندرد تشارترد وشراكة مع "تدوير" و"مياه وكهرباء الإمارات"، لمعالجة 900 ألف طن من النفايات سنويًا وتوليد 90 ميغاواط، بما يغطي احتياجات 52 ألف منزل، ويخفض أكثر من مليون طن من الانبعاثات سنويًا.
تحويل النفايات إلى كهرباء في المغرب
يواصل المغرب جهوده لتوظيف المخلّفات المنزلية والزراعية والصناعية في توليد الطاقة، ضمن خطة وطنية لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق التنمية المستدامة.
في عام 2015، دشّنت مدينة فاس أول مشروع لإنتاج الكهرباء من النفايات المنزلية باستثمار يتجاوز 10 ملايين يورو (11.59 مليار دولار)، ويعتمد على استغلال الغاز الناتج من معالجة نحو 900 طن من المخلّفات يوميًا، لتوليد كهرباء تُستعمل في إنارة المنازل والشوارع.
(اليورو = 1.16 دولارًا أميركيًا)
وفي عام 2024، أُطلِقت وحدة جديدة بمدينة طنجة لتوليد الكهرباء من بقايا الزيتون، نفّذتها مجموعة "مجابن بل المغربية" باستثمار قدره 30 مليون درهم (3.25 مليون دولار)، وتوفر 80% من احتياجات المصنع من البخار، بقدرة إنتاجية تبلغ 3 أطنان/ساعة.
وتمثّل هذه المبادرات جزءًا من نهج المغرب في تحويل النفايات إلى مصدر اقتصادي مستدام يقلل الانبعاثات ويعزز كفاءة الطاقة.
(الدرهم المغربي = 0.11 دولارًا أميركيًا)
تحويل النفايات إلى كهرباء في قطر
تُعدّ قطر من أوائل الدول التي أنشأت مركزًا متكاملًا لتحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، إذ يُنتج مركز مسيعيد قرابة 50 ميغاواط من الكهرباء يوميًا، يُستهلَك منها 8 ميغاواط في تشغيله، بينما تُغذَّى الشبكة الوطنية بـ42 ميغاواط.
ويعتمد المركز، الذي بدأ عمله عام 2011، على تقنيات الحرق المتكامل، وتديره شركة "كيبل سيجرز" السنغافورية بعقد يمتد 20 عامًا.
وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمركز 2200 طن يوميًا من النفايات المنزلية والصلبة غير الخطرة، وتشمل مرافقه وحدات فرز وإعادة تدوير، وإنتاج السماد العضوي، ومدفنًا هندسيًا للرماد.
وبحسب وزارة البلدية، يسهم المشروع في خفض الانبعاثات ودعم الزراعة المستدامة من خلال توزيع السماد مجانًا، ليمثّل أحد أعمدة رؤية قطر 2030 لتحقيق الاقتصاد الأخضر.
تحويل النفايات إلى كهرباء في الأردن
في إطار التوجّه نحو تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، تمكّن الأردن من إدخال تقنيات الطاقة الحيوية في إدارة نفاياته عبر مشروع الغاز الحيوي في مكب الغباوي، الذي أطلقته أمانة عمّان الكبرى عام 2019.
وينتج المشروع طاقة كهربائية بقدرة 4.8 ميغاواط/ساعة، تُضخ إلى الشبكة الوطنية، مع خطط لتوسيع الإنتاج لتغطية احتياجات العاصمة كاملة.
ويسهم المشروع في تقليل 175 ألف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، مستفيدًا من نحو 19 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي الناتج عن تحلل النفايات.
تحويل النفايات إلى كهرباء في اليمن
في بلد يعاني من أزمة طاقة حادّة، شكّل مشروع تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي تجربة رائدة في اليمن، إذ أنشأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي محطة لتحويل المخلّفات الزراعية والمنزلية إلى غاز يُستعمل لتوليد الكهرباء.
تنتج المحطة نحو 100 كيلوواط/ساعة من الكهرباء عبر معالجة 5 أطنان من النفايات يوميًا، وتوفر كهرباء بأسعار منخفضة (نحو 2 دولارًا مقابل 12 ساعة تشغيل)، مقارنة بـ20 دولارًا عبر الوقود الأحفوري.
كما تتيح بيع الحبيبات البلاستيكية المعاد تدويرها بنحو 900 دولار للطن، ما يخلق عوائد اقتصادية محلية.
تحويل النفايات إلى كهرباء في العراق
شهد شهر مارس/آذار 2025 دخول العراق إلى مسار تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي عبر إطلاق أول مشروع من نوعه في منطقة النهروان ببغداد، بالتعاون مع شركة "شنغهاي" الصينية.
وبحسب بيانات المشروع لدى منصة الطاقة، يعالج المشروع نحو 3 آلاف طن من النفايات يوميًا لإنتاج 100 ميغاواط من الكهرباء، في خطوة تمهّد لتقليل التلوث وتعزيز الاستدامة.
ومن أجل تحفيز الاستثمار في هذا المجال، أكد وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل التزام الحكومة بشراء الكهرباء المنتجة بأسعار تحفيزية لتشجيع القطاع الخاص، مع خطط لتكرار التجربة في محافظات أخرى.
تحويل النفايات إلى كهرباء في مصر
تسير مصر بخطى متسارعة نحو تعزيز مسار تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، لا سيما بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم 41 لعام 2019، الذي حدّد تعرفة التغذية عند 1.40 جنيهًا (0.029 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة لمدة 25 عامًا، بهدف جذب استثمارات جديدة.
(الجنيه المصري = 0.021 دولارًا أميركيًا)
وتُعدّ محطة أبو رواش بالجيزة -قيد الإنشاء- من أبرز النماذج، إذ تُعالج 1200 طن من المخلّفات يوميًا لتوليد 30 ميغاواط/ساعة من الكهرباء.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2025، وُقِّع اتفاق مصري–نمساوي لإطلاق أول منظومة متكاملة لتحويل النفايات إلى طاقة (كهربائية بقدرة 65 ميغاواط، وحرارية بقدرة 410 ميغاواط، ما يمثّل نقلة نوعية في إدارة المخلّفات والطاقة.
تحويل النفايات إلى كهرباء في سلطنة عمان
تستعد سلطنة عمان لتنفيذ أول مشروع وطني لتحويل النفايات إلى كهرباء في ولاية بركاء بمحافظة جنوب الباطنة، باستثمار يبلغ 385 مليون ريال (أكثر من مليار دولار).
(الريال العماني = 2.60 دولارًا أميركيًا)
وسيعالج المشروع 3 آلاف طن من النفايات يوميًا لتوليد ما بين 95 إلى 100 ميغاواط من الكهرباء، ويُتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري في 2031.
وسيسهم في خفض 302 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، في حين تمتد مدة التشغيل إلى 35 عامًا، بإشراف الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة".
تحويل النفايات إلى كهرباء في السعودية
تتبنّى السعودية خطة شاملة ضمن رؤية 2030 لمعالجة 100% من النفايات البلدية، واسترداد 60% منها على شكل طاقة ومواد قابلة لإعادة التدوير.
وضمن مجال تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، تشمل المبادرات مشروعات حرق بتقنيات احتراق مراقب في مدينة جدة، وإنتاج الغاز الحيوي من النفايات العضوية في الجبيل وينبع لاستعماله في توليد الكهرباء، إلى جانب برامج متطورة في مدينة نيوم التي تطبّق منظومات اقتصاد دائري متكاملة.
ويجري العمل على ربط هذه القدرات بشبكة الكهرباء الوطنية عبر مشروعات بقدرات تتراوح بين 20 و120 ميغاواط في عدد من المدن، مع إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للدخول بنظام البناء والتشغيل والنقل (BOT).
تحويل النفايات إلى كهرباء في الكويت
تسير الكويت في اتجاه مماثل عبر مشروع كبد لتحويل النفايات إلى كهرباء، الذي يقام على مساحة 500 ألف متر مربع لمعالجة النفايات البلدية الصلبة، إذ سيسهم في معالجة نفايات 21 مردمًا على نحو مستدام.
من المتوقع أن ينتج المشروع 80 ميغاواط من الكهرباء باستعمال تقنيات الحرق الحديثة، مع طمر الرماد في مردم صحي متطور.
كما نجح معهد الأبحاث العلمية في تجربة مردم القرين بتحويل غاز الميثان إلى نصف ميغاواط من الكهرباء، ما حفّز على التوسع في مشروعات أكبر لتحويل النفايات إلى كهرباء.
تحويل النفايات إلى كهرباء في الجزائر
ضمن سباق تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، بدأت الجزائر تجارب تشغيلية لاستغلال الغاز الحيوي الناتج عن النفايات في توليد الكهرباء بولايات ساحلية، بالاعتماد على خزانات هضم لاهوائي.
وتُجرى شراكات تقنية مع شركات أوروبية لتوسيع القدرات من 5 ميغاواط تجريبية إلى محطات تصل إلى 50 ميغاواط حال نجاح التجارب، ما يمهّد الطريق لتوسيع تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي شمالًا نحو أفريقيا.
تحويل النفايات إلى كهرباء في تونس
في بداية طريقها نحو مسار تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي، تختبر تونس نماذج للهضم الحيوي للمخلّفات العضوية في العاصمة وصفاقس لتوليد كهرباء تغذّي مرافق بلدية، بدعم من الاتحاد الأوروبي.
ورغم محدودية التمويل، تُمثّل هذه الخطوات مرحلة تأسيسية لقطاع ناشئ يحتاج إلى تطوير بنية الجمع والفرز لضمان الجدوى الاقتصادية والبيئية.
آفاق مشروعات تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي
تكشف التجارب العربية أن تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي لم يعد مشروعًا تجريبيًا، بل أصبح مسارًا متكاملًا يربط بين البيئة والطاقة والاقتصاد.
ومن الإمارات إلى المغرب، ومن مصر إلى سلطنة عمان، تتسابق الحكومات لتبنّى نماذج إنتاج نظيفة تدعم أمن الطاقة وتقلل التلوث، في وقتٍ باتت فيه النفايات تُعامَل بوصفها أصولًا إستراتيجية، لا بصفتها أعباء بيئية.
ومع توسُّع الشراكات الإقليمية والدولية، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التحول الطاقي، يكون فيها استغلال المخلّفات وتحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي جزءًا رئيسًا من معادلة الاستدامة.
موضوعات متعلقة..
- تحويل النفايات إلى كهرباء.. خبراء يرشحون 4 دول عربية للريادة (تقرير)
- العرب يستفيدون من المخلفات الصلبة في توليد الكهرباء.. الإمارات ومصر وقطر الأبرز
- تحويل النفايات إلى طاقة.. الإمارات تبدأ تنفيذ المنشأة الأكثر تطورًا في العالم
- أول محطة لتحويل المخلفات إلى كهرباء في مصر ينفذها تحالف من 3 شركات
نرشّح لكم..
المصادر:
- بيانات مشروع مركز دبي لمعالجة النفايات، من موقع حكومة دبي
- بيانات أول مشروع لتحويل المخلفات إلى كهرباء في العراق، من المكتب الإعلامي لوزير الكهرباء العراقي
