صادرات الغاز المسال الأسترالية.. ربح للمنتجين وخسارة للمستهلكين (تقرير)
الأسر والشركات المحلية أكبر المتضررين
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
حقّقت صادرات الغاز المسال الأسترالية طفرة نمو غير مسبوقة في تاريخ البلاد خلال السنوات الـ10 الماضية، حتى صارت تنافس على المراكز الأولى ضمن قائمة أكبر المصدرين للغاز المسال عالميًا.
وبلغت صادرات أستراليا من الغاز المسال قرابة 58 مليون طن خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2025، لتحتل المركز الثالث عالميًا بعد الولايات المتحدة (77 مليون طن)، وقطر (61 مليون طن)، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
وشكّلت صادرات الغاز المسال الأسترالية قرابة 13% من إجمالي قيمة صادرات البلاد من السلع خلال عام 2024، مع تحقيقها عائدات بلغت 67.5 مليار دولار أسترالي (43.7 مليار دولار أميركي).
ورغم ما تحققه هذه الصناعة من أرباح سنوية للمنتجين، فإن تكلفة التوسع في التصدير ظلّت تأتي على حساب السوق المحلية بصورة مباشرة وغير مباشرة، بحسب تحليل حديث صادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي -مؤخرًا-.
تكلفة صادرات الغاز المسال الأسترالية
ركّز معهد اقتصادات الطاقة على تحليل التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لصادرات الغاز المسال في ولاية كوينزلاند شرق أستراليا، التي تضم أكبر 3 مشروعات للغاز المسال في البلاد.
وانتهى التحليل إلى أن مشروعات تصدير الغاز المسال الثلاثة ما زالت تحقّق معدل عائدات أقل من المتوقع والمطلوب، رغم تجاوز استثماراتها الأولية 60 مليار دولار.
على الجانب الآخر، كان للتوسع في صادرات الغاز المسال الأسترالية تداعيات اقتصادية واجتماعية سلبية على السوق المحلية التي صارت تضج بالشكوى من ارتفاع أسعار الغاز وتراجع النشاط الصناعي.

وبحسب التحليل الذي حمل عنوان "التكلفة الخفية لطفرة الغاز المسال في أستراليا"، فإن هذه التكلفة جاءت على حساب 4 فئات محلية هي: الأسر، والعمال، والشركات، ودافعو الضرائب.
وتشمل الآثار المرصودة تضاعف أسعار الغاز المحلية في شرق أستراليا 3 مرات خلال 10 سنوات فقط، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بالتبعية، وتسارع التضخم بمعدلات غير مسبوقة.
كما أدت أسعار الغاز المرتفعة إلى زيادة معدلات إغلاق المصانع وفقدان 1240 وظيفة منذ عام 2021، مع وجود 500 وظيفة أخرى معرضة لخطر التسريح، وكلها في شرق أستراليا.
وكانت مصانع الأسمدة والكيماويات والبلاستيك والزجاج الأكثر عرضة للإغلاق وتسريح العمالة والأكثر خفضًا في الطلب على الغاز في قطاع التصنيع السنوات الـ4 الماضية.
ويقدّر معهد اقتصادات الطاقة، أن كل بيتاجول من الغاز المستعمل في صناعة المواد الكيماوية الأسترالية يمكنه أن يوفّر 1500 وظيفة، في حين لا يخلق سوى 4 وظائف في قطاع النفط والغاز.
وحذّرت لجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية من استمرار فقد الوظائف في قطاعات التصنيع الوطنية، إذا استمرت أسعار الغاز الطبيعي في الارتفاع، فضلًا عن الآثار والتداعيات الأوسع نطاقًا على الاقتصاد الوطني.
ارتفاع تكاليف الغاز على الأسر والشركات
بلغت قيمة ما تكبّدته الأسر والشركات بسبب ارتفاع أسعار الغاز خلال السنة المالية 2023-2024 وحدها، قرابة 4.3 مليار دولار أسترالي (2.8 مليار دولار أميركي).
بينما بلغ ما تكبّدته الأسر وحدها من تكاليف إضافية خلال العام المالي السابق (2023/2022) قرابة مليارَي دولار أسترالي (1.3 مليار دولار أميركي)، وهو العام الذي وصلت فيه الأسعار إلى ذروتها، وحقّق فيه المنتجون أرباحًا قياسية في أثناء ذروة الحرب الأوكرانية.
*(الدولار الأميركي = 1.54 دولارًا أستراليًا)
على الجانب الآخر، ارتفعت التكلفة الإجمالية للغاز على الشركات الأسترالية المحلية بأكثر من 6 مليارات دولار خلال المدة من 2014 إلى 2022.
بالإضافة إلى ذلك، لم تدفع مشروعات الغاز المسال الـ3 في كوينزلاند أي ضريبة شركات لمدة تزيد على 10 سنوات وحتى السنة المالية 2023-2024.
كما انخفضت عائدات الدولة من الإتاوات المفروضة على صناعة الغاز بصورة أكبر من التوقعات الأولية حتى عام 2022، عندما قررت الحكومة إدخال تعديلات جديدة على معدل الإتاوات وتحصيلها.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أسهم قطاع تصدير الغاز المسال في زيادة الطلب على الكهرباء في ولاية كوينزلاند بأكثر من 10%، فضلًا عن إسهامها بنسبة 5.5% من إجمالي انبعاثاتها الكربونية، وهو ما يتوقع زيادتها إلى 16% بحلول 2035.

وتشير أبعاد التكلفة الخفية لصادرات الغاز المسال الأسترالية إلى ضرورة إعادة تقييم صافي فوائدها الاقتصادية، عبر إدراج أضرار السوق المحلية وحساب تكاليفها ضمن معادلة الفوائد الاقتصادية الشاملة.
موضوعات متعلقة..
- فوضى بسوق الغاز في أستراليا.. المستهلكون يدفعون فاتورة التحول
- جدل حول تعاقدات صادرات الغاز المسال الأسترالية.. عرض أدنوك يثير مخاوف محلية (تقرير)
- 80% من إنتاج الغاز في أستراليا يذهب للتصدير.. والسوق المحلية تشتكي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: وكالة الطاقة الدولية تُصدر مبالغات وليس توقعات.. وترمب سبب التناقضات
- قطاع الكهرباء وتحولاته في 8 دول عربية.. بلدان ناجحة وأخرى في خطر (حوار 1/2)
- اكتشاف نفطي في أفريقيا يقترب من صفقة.. احتياطياته 10 مليارات برميل
- صادرات سلطنة عمان من النفط ترتفع 5%.. وهؤلاء أكبر المستوردين
المصدر:
تكلفة صادرات الغاز المسال الأسترالية على السوق المحلية من معهد اقتصادات الطاقة.





