استخلاص النفط من المخلفات الزراعية.. تقنية مبتكرة لباحث مصري
داليا الهمشري

يسعى البحث العلمي إلى تطوير استخلاص النفط من خلال حلول تجمع بين الكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية، في ظل الارتفاع المستمر في الطلب العالمي على الطاقة، والتوجهات العالمية لمواجهة تغير المناخ.
فعلى الرغم من التقدم في تقنيات الحفر والاستخراج، ما تزال الطرق التقليدية لاستخلاص النفط قادرة على إنتاج نحو 30 إلى 40% فقط من إجمالي النفط الموجود في المكامن.
وهنا تبرز أهمية تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط، التي تسعى إلى رفع معدلات الإنتاج من خلال تحسين خصائص المكمن أو تغيير سلوك السوائل بداخله، كما تمثّل التقنيات المعتمدة على المواد النانوية أحد أحدث الاتجاهات في هذا المجال؛ لما توفّره من كفاءة عالية وقدرة على الوصول إلى المناطق التي تعجز الطرق التقليدية عن اختراقها.
وفي هذا السياق، توصّل باحث مصري إلى طريقة مبتكرة -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- لاستعمال المخلّفات الزراعية في إنتاج جسيمات نانوية من أكسيد الجرافين لتحسين عمليات الاستخلاص المعزز للنفط.
وأُنجز البحث ضمن مشروع تخرُّج في قسم هندسة البترول وتكنولوجيا الغاز بكلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية في مصر، وقدّمه الباحث السعيد طلحة، الذي نال تقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وحلّ في الترتيب الثالث على دفعته؛ تقديرًا لأدائه الأكاديمي المتميز وجهوده البحثية.
وأُجري البحث بإشراف عميد الكلية الدكتور عطية عطية، بالتعاون مع قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة، حيث أشرفت على الجانب الكيميائي الدكتورة أميرة لبيب، وشارك فيه عدد من طلاب القسم هم: إيمان حمزة، وأحمد المراسي، وإسراء شريف.
استخلاص النفط من المكامن
أوضح الباحث السعيد طلحة أن فكرة البحث انطلقت من الحاجة إلى حلول بديلة وأكثر استدامة لزيادة كفاءة استخلاص النفط من المكامن، خاصة مع استمرار اعتماد الصناعة على طرق تقليدية لا تسترجع سوى نِسب محدودة من النفط الخام.
ولفت إلى أنه قد اعتمد على مخلّفات الشاي وقش الأرز كونها مصادر منخفضة التكلفة وبيئية لصناعة جسيمات أكسيد الجرافين، بدلًا من الجرافيت التجاري مرتفع الثمن، ما يمثّل قفزة في مجال استخلاص النفط باستعمال تقنيات النانو.
وشمل المشروع مراحل متعددة، بدءًا من معالجة المخلّفات الزراعية لإنتاج الكربون النشط، وصولًا إلى تحويله إلى أكسيد الجرافين، مرورًا بالتحليل الطيفي والتجارب الفيزيائية والكيميائية، وانتهاءً بتطبيق الجسيمات النانوية داخل بيئة محاكاة لحقول النفط.
تحسين كفاءة الاستخلاص
أظهرت النتائج أن الجسيمات النانوية حسّنت من قدرة محلول البوليمر على استخلاص النفط، إذ ساعدت على خفض التوتر السطحي، وتعديل درجة بلل الصخور، مما سهّل حركة النفط داخل الطبقات الجيولوجية.
وأكد الباحث أن الجرافين الناتج من المخلفات الزراعية أظهر كفاءة شبه مطابقة للجرافين الصناعي، مع ميزة كبيرة من حيث انخفاض التكلفة والأثر البيئي الإيجابي؛ ما يعزز إمكان تطبيقه في حقول الإنتاج الفعلية.
ولا يقتصر تأثير المشروع بالجوانب التقنية فقط، بل يمتد -أيضًا- إلى دعم مفاهيم الاقتصاد الدائري في قطاع الطاقة، فبدلًا من أن تُحرَق المخلّفات الزراعية أو تُترَك لتتحلل مسببةً تلوثًا، يمكن إعادة تدويرها لإنتاج مواد نانوية عالية القيمة.
توظيف المخلفات
أوضح الباحث السعيد طلحة -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن هذا البحث يمثّل نموذجًا لتوظيف المخلّفات في تقنيات عالية القيمة، ما يفتح الباب أمام حلول مبتكرة محلية لمواجهة تحديات الطاقة والاستدامة.
وقال طلحة، إن هذا المشروع يمثّل نموذجًا يمكن توسيعه على نطاق أوسع بالتعاون مع القطاع الصناعي، ولا سيما في ظل تزايد الضغط العالمي نحو تقنيات استخراج نظيفة وفعّالة، كما يسلّط الضوء على أهمية دعم البحث العلمي المحلي وربطه باحتياجات السوق، خاصة في مجال النفط والغاز.
وأضاف الباحث المصري قائلًا: "نأمل أن يسهم هذا المشروع في إرساء الأسس لتطبيقات واسعة لتقنيات النانو الصديقة للبيئة داخل مصر وخارجها، خصوصًا في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والمستدامة".
موضوعات متعلقة..
- الاستخلاص المعزز.. تقنية فعالة لزيادة إنتاج حقول النفط في سوريا
- الاستخلاص المعزز للنفط في سلطنة عمان يشهد مشروعًا فريدًا (صور)
- تعزيز إنتاج النفط بتقنية جديدة مدعومة رقميًا.. تكلفتها أقل
اقرأ أيضًا..
- مصادر: مفاوضات العراق حول الغاز المسال مع الجزائر وسلطنة عمان تتوقف
- أكبر صفقات النفط في السعودية خلال 9 أشهر.. طفرة بقيادة أديس وأرامكو
- الهيدروجين الأخضر في المغرب.. مسؤول: هذه 3 تحديات و"موعد مهم" (خاص)
- سفن إعادة التغويز تنتشر في 3 دول عربية.. والعراق والمغرب ينضمان قريبًا