الفحم الروسي يمر بمرحلة عصيبة.. خسائر بالمليارات
الحرب والعقوبات والأسعار المنخفضة تتحد ضد الصناعة
حياة حسين

تتواصل خسائر الفحم الروسي بعد أن تضاعفت في أول 7 أشهر من العام الجاري (2025)؛ ما يفاقم أوضاعًا هي الأسوأ يعيشها القطاع منذ 30 عامًا؛ الأمر الذي دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى وصفها بـ"أوقات عصيبة"، خلال سبتمبر/أيلول الماضي.
وبلغت خسائر القطاع في هذه المدة 225 مليار روبل (2.8 مليار دولار أميركي)، وهي ضعف الخسائر المُحققة في 2024 بالكامل، مقابل أرباح بلغت 375 مليار روبل (4.6 مليار دولار أميركي) في 2023.
ووصف تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، صناعة الفحم الروسي؛ بأنها أصبحت واحدة من أكبر ضحايا التدهور الاقتصادي في روسيا.
وشنت روسيا حربًا على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022؛ ما دفع الدول الغربية إلى فرض عقوبات هائلة على موسكو، كما فرضت قيودًا عديدة لتحول دون تدفق نفطها وغازها إلى الأسواق العالمية.
أسباب أزمة الفحم الروسي
تأثرت صناعة الفحم الروسي سلبًا بالحرب في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية التي رفعت تكلفة الإنتاج، خلال وقت تتراجع فيه الأسعار.
وقال أحد رجال الأعمال الروس لصحيفة فايننشال تايمز: "الحرب سيئة لكل أنشطة الأعمال في البلاد، لكن قطاع الفحم يشهد معاناة عميقة".
ويمثّل الفحم الروسي أكثر من 1% من الناتج المحلي للبلاد؛ ما يجعل إيراداته أقل أهمية من النفط والغاز، لكن الصناعة توفر أكثر من 140 ألف وظيفة مباشرة، وما تزال ضرورية في بعض المناطق لكل من التشغيل وتوفير إيرادات للمحليات.
وفي وقت سابق من العام الجاري (2025)، عبّر عن أزمة الفحم الروسي المتعلقة بالتوظيف والتشغيل، الرئيس التنفيذي لشركة "روسيان كوول" التي تتصدر قائمة أكبر 15 شركة مُنتجة، فلاديمير كورتين، قائلًا: "الصناعة تعيش أصعب الأزمات منذ تسعينيات القرن الماضي.. آلاف الوظائف مُهددة في 12 منطقة روسية".
وتمثل أزمة الفحم الروسي الحالية رمزًا ثقيلًا للمواطنين، إذ سبق انهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر 1991؛ إضرابات واسعة لعمال الفحم في أنحاء البلاد.
كما أصبح عمال المناجم الذين يضربون خوذاتهم الصلبة على أحجار الرصف في موسكو رمزًا للأزمة الاقتصادية عام 1998، وهي الأسوأ في تاريخ روسيا الحديث، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

إغلاق 23 شركة
بحلول سبتمبر/أيلول 2025، أُغلقت 23 شركة في صناعة الفحم الروسي، تمثل نحو 13% من إجمالي النشاط الوطني، وفق بيانات وزارة الطاقة، التي أشارت إلى أن 53 شركة أخرى باتت مُهددة بالإغلاق أيضًا.
وقال كبير محللين في معهد "إنرجي آند فاينانس"، الذي يتخذ من موسكو مقرًا له، ألكسندر تيتوف: "الكيانات الصغيرة ومتوسطة الحجم هي الأكثر انكشافًا على مخاطر الصناعة حاليًا".
وعلى المستوى العالمي، وصلت أسعار الفحم الحراري، الذي يُستعمل في محطات توليد الكهرباء، إلى مستوى قياسي منخفض؛ بسبب فائض الإنتاج الصيني، التي تُعد أكبر مُنتج ومستهلك للفحم.
ويدور سعر الفحم حاليًا حول 93 دولارًا للطن، بانخفاض نسبته 78% عن ذروته في 2022.
وتفاقم تلك الأسعار معاناة شركات تعدين الفحم الروسي، التي تواجه مخاطر العقوبات والعراقيل اللوجستية المرتبطة.
واضطر منتجو الفحم الروسي إلى تقديم تخفيضات سعرية كبيرة للمستوردين في آسيا بعد الحرب في 2022؛ لإغرائهم على الاستمرار في الشراء، وتجاوزت التخفيضات 60% من السعر العالمي في البداية، ثم تقلصت إلى 20% فقط في وقت لاحق، وفق حسابات "فايننشال تايمز" التي اعتمدت على بيانات "آرغوس"، وهي الوكالة المتخصصة في شؤون الطاقة، والأمر نفسه حدث مع النفط الروسي.
ولا يزال مصدرو الفحم الروسي يبيعونه بربح منخفض، أو حتى بالخسارة؛ كون خفض الإنتاج يقلص إيرادات النقد الأجنبي الذي تحتاج إليه موسكو، ويعرّض مناطق الإنتاج إلى مشكلات اجتماعية، وفق قول كبير محللين في "كبلر" فيرات إيرجن.
موضوعات متعلقة:
- احتياطيات الفحم في روسيا تكفي 1000 عام.. وتوجيه من بوتين
-
صادرات روسيا من الفحم تهبط 13% منذ 2022.. ونصفها يذهب إلى دولة واحدة
-
صادرات الفحم الأميركية تغزو أوروبا منذ العقوبات على روسيا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أسعار النفط ترتفع 1.5%.. وخام برنت لشهر ديسمبر قرب 64 دولارًا
-
قمة الهيدروجين الأخضر في المغرب.. تحول مثير وتساؤل يطرح نفسه (مقال)
-
أكبر صفقات الكهرباء في مصر.. وإنجاز تاريخي على يد شركة إماراتية (مسح)
المصادر: