رئيسيةتقارير النفطنفط

عاصمة النفط الأوروبية.. كيف انطفأ التوهج منذ 10 سنوات؟ (تقرير)

دينا قدري

جذبت "أبردين" عاصمة النفط الأوروبية كبرى الشركات العالمية في أعقاب أزمة الطاقة عام 1973، بفضل انتشار التقنيات البحرية المتطورة، ما جلب رواتب عالية، وارتفاعًا حادًا في أسعار العقارات، واستهلاكًا مفرطًا.

ورغم نشاطها الملحوظ، كافحت أبردين للتعافي من ركود النفط العالمي عام 2014، على عكس مراكز الوقود الأحفوري الأخرى، عندما انخفضت الأسعار بنسبة 75% على مدى عامين، لتصل إلى 27 دولارًا للبرميل.

وفي العقد الذي تلا ذلك، تجاوز متوسط أسعار النفط 65 دولارًا للبرميل، ما عزّز النمو المتجدد في المدن المزدهرة من دبي إلى هيوستن، التي استفادت من انتعاش نشاط النفط والغاز في مناطقها.

وسلّط تقرير حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على أيام "توهج" أبردين التي ما تزال عالقة في الماضي، في الوقت الذي تدرس فيه حكومة حزب العمال في المملكة المتحدة سياستها المستقبلية بمجال الطاقة هذا الخريف.

وفي ظل التحوّل المستمر بعيدًا عن الوقود الأحفوري، ستحتاج المملكة المتحدة إلى عدد كبير من الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة، لتعويض الخسائر الناجمة عن توقُّف مشروعات التنقيب عن النفط والغاز.

عوامل تراجع عاصمة النفط الأوروبية

يجادل الكثيرون في أبردين بأن الضرائب المرتفعة التي فرضتها الإدارات المتعاقبة وعدم كفاية مخصصات الاستثمار، وليست الجيولوجيا الخاصة بحوض متدهور، هي سبب عدم قدرة أكثر ثالث مدينة في إسكتلندا على النمو، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط فيما بعد الركود العالمي.

يقول الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة "وود غروب" (Wood Group)، رجل الأعمال بوب كيلر، الذي بدأ مسيرته في مجال النفط والغاز عام 1986: "لقد جعلت الحكومات من المدينة مكانًا صعبًا لقبول الاستثمار.. وقد شهدت أبردين عواقب ذلك".

وأشار التقرير -الذي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times)- إلى أن ضعف قطاع الوقود الأحفوري التاريخي يُظهر تداعيات سلبية في اقتصاد شمال شرق البلاد، حيث يعمل واحد من كل 6 عمّال في قطاع الطاقة البحرية، ثلثاهم في قطاع النفط والغاز.

ومنذ عام 2010، فقدت أبردين نحو 18 ألف وظيفة، أي ما يعادل 10% من القوى العاملة، ويعود ذلك أساسًا إلى تراجع صناعة النفط والغاز المحلية، وفقًا لشركة إرنست آند يونغ (EY).

منصة تنقيب عن النفط والغاز
منصة تنقيب عن النفط والغاز - الصورة من منصة "أوفشور إنرجي"

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، تُثير مخاوف قطاع النفط بشأن مستقبل المدينة استنكارًا واسعًا لخطوة الحكومة البريطانية لإنهاء عمليات الحفر الاستكشافية الجديدة في بحر الشمال.

ويجادل مؤيّدو النفط بأن خفض ضريبة "الأرباح غير المتوقعة" على أرباح الطاقة وزيادة مخصصات الاستثمار من شأنهما أن يسمحا بتلبية نصف احتياجات المملكة المتحدة من النفط والغاز بحلول عام 2050 من مصادر محلية، مقارنةً بالتوقعات الحالية التي تُشير إلى أقل من الثلث.

ويردّ نشطاء المناخ بأن السعي وراء آخر براميل النفط والغاز من حوض بحر الشمال الناضج سيعوق الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف البيئية المنصوص عليها قانونًا.

من جانبها، تقول وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني: "تُعدّ أبردين محور مهمّتنا في مجال الطاقة النظيفة.. نحن نُحقق انتقالًا عادلًا ومزدهرًا في بحر الشمال".

التحول إلى الطاقة المتجددة في إسكتلندا

مع توقُّع انخفاض القوى العاملة البحرية في إسكتلندا من 75 ألفًا خلال عام 2024 إلى ما بين 45 ألفًا و63 ألفًا في أوائل ثلاثينيات القرن الـ21، تحتاج البلاد إلى "الاستحواذ على حصة كبيرة من أنشطة الطاقة المتجددة المستقبلية"، وفقًا لتقرير حديث صادر عن جامعة روبرت جوردون.

وحذّر هذا التقرير من أن قطاع الطاقة المتجددة في إسكتلندا، الذي يواجه تحديات مثل بطء الموافقات وارتفاع تكاليف النقل، قد يفشل في توليد فرص عمل كافية لتعويض الوظائف المفقودة في قطاع الوقود الأحفوري.

وأشار تقرير "فايننشال تايمز" -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إلى إحدى الشركات الرائدة في تحول إسكتلندا للطاقة المتجددة، وهي شركة نورث ستار (North Star)، ومقرّها أبردين.

ففي السنوات الـ5 الماضية، انتقلت شركة تشغيل السفن من الالتزام بجميع التزاماتها المتعلقة بالتأجير مع قطاع الوقود الأحفوري، إلى الالتزام بنسبة 70% في قطاع الطاقة المتجددة، وفقًا للرئيسة التنفيذية، غيتي غارد تالمو.

عندما انتقلت تالمو إلى إسكتلندا العام الماضي (2024)، افترضت أن المنافسة على أعمال طاقة الرياح البحرية ستكون "مزدحمة"، في حين سيكون أداء قطاع النفط والغاز "متميزًا".

وقالت: "في الواقع، اتّضح أن الأمر كان عكس ذلك، بسبب السياسات التي تُضعف آفاق شركات النفط الرئيسة في أبردين".

الطاقة المتجددة في إسكتلندا

ويتجلى تعثُّر اقتصاد أبردين في لافتات التأجير المرئية على القصور في مختلف أنحاء المدينة، حيث تُجدَّد بعض المكاتب التجارية الفخمة وتُحوَّل إلى مساكن، بسبب انخفاض الطلب التجاري.

ولطالما ارتبطت سوق العقارات في المدينة، التي نافست لندن بمجدها في التسعينيات، بأسعار النفط.

وعلى الرغم من تعافي سوق العقارات في أبردين بشكل أسرع من المدن الأخرى في أعقاب الأزمة المالية العالمية، فإنها عانت خلال العقد الماضي، وفقًا للشريك في شركة أبردين كونسيدين (Aberdein Considine) كريس كومفورت.

وقال: "إنّ تأخُّر الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة يؤدي إلى هجرة عدد من العمال المهرة".

وقال نيك دالغارنو، من بنك بايبر ساندلر الاستثماري (Piper Sandler)، إن اتجاه الموظفين للانتقال إلى أسواق ذات أنظمة ضريبية أكثر ملاءمة، وخاصة دول الخليج الغنية بالنفط، "أمر مقلق للغاية".

وأعلنت بعض الشركات، مثل هانتينغ (Hunting) المُدرجة في المملكة المتحدة خططًا للنمو في الخليج، في حين تعمل شركات أخرى بهدوء على توسيع نطاق حضورها في الشرق الأوسط؛ إذ تلقّت مجموعة وود (Wood) المتعثرة عرض استحواذ من شركة سيدارا (Sidara) التي تتخذ من دبي مقرًا لها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق