الطاقة النووية في أميركا تترقب انتعاشًا بخطة جديدة لإدارة ترمب (تقرير)
نوار صبح

تترقّب الطاقة النووية في أميركا انتعاشًا بدعم من إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي تسعى إلى تقليل الاستيراد والاعتماد على القدرات المحلية.
ففي مايو/أيار الماضي، وقّع الرئيس ترمب 4 أوامر تنفيذية لتسهيل بناء المفاعلات النووية وتطوير تكنولوجيا الطاقة النووية.
وبحسب مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تهدف هذه الأوامر إلى تقليص الإجراءات البيروقراطية، وتسهيل إجراءات الموافقة، وإعادة هيكلة دور الهيئة التنظيمية الرئيسة، وهي اللجنة التنظيمية لقطاع الطاقة النووية في أميركا "إن آر سي" (NRC).
وصرحت الإدارة بأن هذه الخطوات جزء من جهد لتحقيق استقلال الولايات المتحدة عن الموردين الأجانب من خلال "نهضة الطاقة النووية".
العودة إلى الطاقة النووية
لا يُعد الاعتماد على الذات العامل الوحيد الذي يحفز مؤيدي الطاقة النووية خارج الإدارة؛ فبعد عقود من الابتعاد عن الطاقة النووية في أميركا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مخاوف تتعلق بالسلامة وارتفاع التكاليف، برزت هذه التكنولوجيا بوصفها خيارًا محتملًا لمحاولة التخفيف من آثار تغير المناخ.
وبفضل الانشطار النووي، الذي تنقسم فيه الذرات لإطلاق الطاقة، لا تنبعث من المفاعلات أي غازات دفيئة.
بدورها، تسعى إدارة ترمب إلى مضاعفة إنتاج الكهرباء للقطاع النووي المحلي 4 مرات، بهدف إنتاج 400 غيغاواط بحلول عام 2050.
وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف، تعمل مؤسسات علمية، مثل مختبر أيداهو الوطني، وهو معهد بحثي رائد في مجال الطاقة النووية، على دفع عجلة الابتكارات، مثل أنواع الوقود الأكثر كفاءة.

الاستثمار في تطوير المفاعلات النووية
تستثمر الشركات ملايين الدولارات لتطوير تصاميم مفاعلاتها النووية الخاصة، وهي خطوة لم تكُن معروفة من قبل في القطاع النووي.
على سبيل المثال، تخطط شركة وستنغهاوس (Westinghouse)، وهي شركة طاقة نووية مقرها بنسلفانيا، لبناء 10 مفاعلات كبيرة جديدة للمساعدة في تحقيق هدف عام 2050.
رغم ذلك؛ فإن الطريق إلى النهضة النووية مليء بالعقبات المألوفة.
وقالت خبيرة سياسات العلوم والتكنولوجيا في جامعة بريتيش كولومبيا، التي كانت ترأس اللجنة التنظيمية النووية من عام 2012 إلى عام 2014، أليسون ماكفارلين: "إن بناء البنية التحتية للطاقة النووية مكلف للغاية ويستغرق وقتًا طويلًا".
التقنيات النووية الجديدة
ينقسم الخبراء حول ما إذا كانت التقنيات النووية الجديدة، مثل الإصدارات الصغيرة من المفاعلات، جاهزة للاستعمال على نطاق واسع.
وقال مدير سلامة الطاقة النووية لدى اتحاد العلماء المهتمين، وهي منظمة غير ربحية للدفاع عن العلوم تعمل منذ مدة طويلة بصفتها جهة رقابة على السلامة النووية، إدوين ليمان، إن مجال الطاقة النووية في أميركا "يشهد فقاعة ضجيج تدفع توقعات غير واقعية".
وفي الوقت نفسه، تحاول إدارة ترمب النهوض بالطاقة النووية من خلال إضعاف اللجنة التنظيمية النووية. وأضاف ليمان "الرسالة هي أن اللوائح التنظيمية هي العائق أمام نشر الطاقة النووية، وإذا تخلصنا من كل هذا البيروقراطية، فإن الصناعة ستزدهر"، وقال: "أعتقد أن هذا في غير محله حقًا".

ارتفاع تكاليف الطاقة النووية
على الرغم من أن تبسيط عملية الموافقة قد يُسرّع التطوير؛ فإن المشكلة الحقيقية تكمن في ارتفاع تكاليف الطاقة النووية في أميركا، التي يجب أن تكون أرخص بكثير لمنافسة مصادر الطاقة الأخرى مثل الغاز الطبيعي، حسبما قال الباحث في العلوم النووية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كوروش شيروان.
وأوضح أنه "حتى المفاعلات الجاهزة للترخيص لا تزال غير اقتصادية".
وأشار إلى أنه في حال نجاح تقنيات المفاعلات الأحدث، فمن دون دعم حكومي وإعانات، من الصعب تصور "دخولها الخدمة قبل عام 2035".
وتُثير بوادر النهضة النووية لدى الخبراء شعورًا بالتكرار والرتابة.
وكان أول انتعاش في الاهتمام بالطاقة النووية نحو عام 2005، عندما اعتقد الكثيرون أن الطاقة النووية يمكن أن تُخفف من تغير المناخ وتُشكل بديلًا للطاقة في مواجهة تناقص المعروض وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقد تراجع هذا الحماس بعد حادثة فوكوشيما عام 2011؛ حيث أدى انقطاع التيار الكهربائي الناجم عن تسونامي -إلى جانب العديد من أعطال السلامة- إلى انصهار نووي في إحدى منشآت اليابان.
وقال مدير سلامة الطاقة النووية لدى اتحاد العلماء المهتمين إدوين ليمان: "هكذا، تلاشت أول نهضة نووية".
وعلى الرغم من زيادة توليد الكهرباء؛ فإن الطاقة النووية أسهمت بشكل أقل في حصة الطلب العالمي على الكهرباء، حيث انخفضت إلى 9% في عام 2024 من ذروة بلغت نحو 17% في عام 2001.
وفي الولايات المتحدة، تولد 94 مفاعلًا نحو خُمس كهرباء البلاد، وهي نسبة ظلت ثابتة منذ التسعينيات، حيث بدأ اثنان فقط من هذه المفاعلات العمل خلال ما يقرب من 30 عامًا.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة النووية في أميركا.. ترمب يصدر أوامر تنفيذية لتحديثها
- الطاقة النووية في أميركا تتعزز بتركيب 30 مفاعلًا جديدًا
- محطات الطاقة النووية في أميركا تستورد 99% من اليورانيوم.. و5 دول مهيمنة
اقرأ أيضًا..
- إدارة الطاقة بالمنشآت الصناعية ودورها في خفض البصمة الكربونية (مقال)
- ما مصير الغاز المسال القطري بعد هجمات إسرائيل وضغوط ترمب؟ (تقرير)
- أول ناقلة غاز مسال نووية في العالم تحصل على الضوء الأخضر
المصدر..