التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

طيران أرامكو السعودية.. أسطول ضخم لخدمة أكبر حقول النفط في العالم

سامر أبووردة

منذ ما يزيد على 9 عقود، لم يرتبط اسم أرامكو السعودية بالنفط والغاز فحسب، بل أيضًا برحلة موازية في مجال الطيران.

فبينما انطلقت الشركة عام 1934 بأول طائرة صغيرة لأعمال المسح الجوي، تطوَّر ذراعها الجوي ليصبح أحد أكبر الأساطيل المملوكة لشركات على مستوى المنطقة، وركيزة رئيسة في منظومة الطاقة واللوجستيات بالمملكة.

ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تدير شركة الأولى للطيران، التابعة لأرامكو السعودية، أكثر من 60 طائرة حديثة، وتخدم نحو مليون مسافر سنويًا عبر 12 مطارًا محليًا وأكثر من 300 مهبط للطائرات العمودية، ما يجعلها من أكبر مشغّلي الطيران المملوكين للشركات في المنطقة.

لقد مثّل الطيران في بداياته أداة مساعدة على استكشاف المناطق النائية، لكنه تحوَّل لاحقًا إلى عنصر حيوي لتسيير الأعمال المعقّدة التي تخوضها الشركة على اليابسة وفي البحر لتطوير قاعدة من أكبر حقول النفط في العالم.

واليوم، يدعم هذا القطاع عمليات التنقيب والإنتاج، ويخدم آلاف الموظفين، ويؤدي أدوارًا إستراتيجية في الإخلاء الطبي والاستجابة للطوارئ.

البدايات مع "فيرتشايلد 71"

بدأت قصة الطيران في شركة أرامكو عام 1934 مع شراء طائرة أميركية من طراز "فيرتشايلد 71"، كانت مزودة بنافذة أسفل البدن تسمح بالتقاط الصور الجوية، ما ساعد الجيولوجيين في رسم خرائط دقيقة لقبّة الدمام، وصولًا إلى اكتشاف البئر رقم 7، أول بئر نفط تجارية في السعودية.

وبحلول الأربعينيات والخمسينيات، توسَّع الأسطول ليشمل طائرات "دوغلاس دي سي - 3" (DC-3) و"دي سي - 6" (DC-6)، التي أسهمت في نقل الموظفين والإمدادات إلى مواقع التنقيب البعيدة، ولا سيما في الربع الخالي.

كما دعمت طائرة "دي سي-4" (DC-4) الربط الجوي مع مدن رئيسة، ووصلت إلى وجهات بعيدة مثل نيويورك.

طائرة من طراز "فيرتشايلد 71" الأميركية
طائرة من طراز "فيرتشايلد 71" الأميركية - الصورة من موقع أرامكو

الاعتماد على الطائرات المروحية

مع طفرة الحقول العملاقة مثل الغوار وبقيق والسفانية في ستينيات القرن الماضي، أصبح الطيران عنصرًا محوريًا في نمو الشركة.

وخلال السبعينيات والثمانينيات، أدخلت أرامكو السعودية الطائرات المروحية، التي غيّرت قواعد اللعبة في الوصول إلى المنصات البحرية والمواقع النائية، بعدما كان النقل بالقوارب بطيئًا ومرهقًا.

ولتعزيز عملياتها الجوية، بنت الشركة حظائر متطورة مثل "الحظيرة رقم 3" في مطار الظهران عام 1980، التي صارت مركزًا رئيسًا للصيانة والفحوصات الدورية.

ومنذ ذلك الوقت، لم يعد الطيران مجرد وسيلة دعم، بل تحول إلى ركيزة أساسية للأعمال.

تحديث الأسطول

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استثمرت أرامكو السعودية في طائرات أكثر تطورًا مثل "ليوناردو أيه دبليو 139" (AW139) العمودية، وطائرات "بوينغ 737 و767" لنقل الموظفين والإمدادات عبر المملكة وخارجها.

كما عززت الشركة أنظمة السلامة بإدخال تقنيات طيران حديثة ونظام إدارة أمني قائم على البيانات في عام 2020.

وجعلت هذه الاستثمارات الطيران أداة إستراتيجية لتأمين استمرار الأعمال، سواء في الظروف الطبيعية أو عند الطوارئ.

طائرة بوينغ 737 لنقل الموظفين من أسطول أرامكو
طائرة بوينغ 737 لنقل الموظفين من أسطول أرامكو - الصورة من موقع الشركة

أسطول طائرات أرامكو السعودية

يُعدّ أسطول طائرات أرامكو السعودية اليوم من الأكثر تنوعًا في المنطقة، إذ يضم طائرات ركّاب لنقل الموظفين، وأخرى مخصصة للرحلات التنفيذية، بالإضافة إلى الطائرات العمودية الحديثة التي تُستعمل في المهام البحرية والبرية.

وتشمل الطائرات العمودية طرازات مثل "AW139" المزودة بأجهزة للرؤية الليلية، و"إيرباص H145" المصممة للمهام الصعبة.

واشترت الشركة في يونيو/حزيران 2025 طائرتين متعددتَي المهام من طراز "سي - 27" (C-27) المخصصة لمكافحة الحرائق والانسكابات النفطية، المتوقع تشغيلهما في 2027.

هذا التنوع جعل الأسطول يخدم أكثر من مليون مسافر سنويًا، ويربط مواقع الإنتاج والحقول النائية بمراكز الشركة التشغيلية في الدمام وغيرها.

شركة الأولى للطيران

في 2023، فصلت أرامكو السعودية إدارة الطيران وحولتها إلى شركة "مكاملة للطيران"، قبل أن تعيد تسميتها في 2024 إلى "الأولى للطيران"، لتصبح كيانًا تجاريًا مستقلًا يقدّم خدماته داخليًا وخارجيًا.

وتوسَّع نشاط الشركة ليشمل الهيئات الحكومية وخدمات الإخلاء الطبي وشركات الطاقة والبنية التحتية، من خلال خدمات "الشارتر" التي تغطي نقل الأطقم، ورحلات المديرين، والمسح الجوي، والاستجابة للطوارئ.

وحاليًا، تخطط الشركة لتوسيع حظائرها من 17 ألف متر مربع إلى 20 ألفًا لتلبية الطلب المتزايد على خدمات الصيانة، كما تعتزم تعزيز جاهزيتها في مكافحة الحرائق وحوادث النفط بفضل الطائرات الجديدة.

ويعكس هذا التطوير المستمر التزام أرامكو السعودية بجعل الطيران عنصرًا إستراتيجيًا في أعمالها، وضمان استمرارها في تلبية متطلبات قطاع الطاقة العالمي.

شعار شركة الأولى التابعة لأرامكو على طائرة من أسطول الشركة
شعار شركة الأولى التابعة لأرامكو على طائرة من أسطول الشركة - الصورة من موقع الشركة

السلامة والاعتمادات الدولية

تُعدّ معايير السلامة من أبرز نقاط قوة الشركة، إذ حصلت على التصنيف البلاتيني من مؤسسة "أرغوس" عام 2022، لتُصنَّف ضمن أفضل 5% من مشغّلي الطيران العارض عالميًا.

كما حصلت على اعتماد من الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة وإدارة الطيران الفيدرالية الأميركية بصفتها محطة إصلاح معتمدة.

وفي يوليو/تموز 2024، نالت اعتمادًا من شركة ليوناردو الإيطالية بصفتها مركز خدمة معتمدًا لطائراتها المروحية، ما أتاح لها صيانة طائراتها الخاصة وتقديم خدمات الإصلاح لمشغّلين آخرين في المنطقة.

الخلاصة..

تؤدي شركة الأولى دورًا محوريًا في دعم أعمال الشركة الأم، إذ تتيح مرونة تشغيلية عالية في عمليات الاستكشاف والإنتاج والتكرير والتسويق.

فنشاط الشركة لا يقتصر فقط على نقل المعدّات وقطع الغيار، بل تعمل أيضًا على تأمين عمليات الإخلاء الطبي وتدوير أطقم العمل بسرعة، ما يخفّف الإجهاد ويقلل فترات التوقف.

ومن طائرة واحدة قبل 90 عامًا، إلى أسطول ضخم يخدم ملايين الكيلومترات سنويًا، تروي رحلة الطيران في أرامكو السعودية قصة رؤية بعيدة المدى وابتكار متواصل.

واليوم، ومع صعود "الأولى للطيران" إلى واجهة القطاع، تواصل هذه المسيرة التحليق نحو آفاق جديدة تواكب التوسع الكبير في أعمال الشركة ومكانتها العالمية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق