التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

هل تتحول الصين إلى منفذ لشحنات مشروع أركتيك2 الروسي للغاز المسال؟

هبة مصطفى

هل انتهى "تجميد" صادرات الغاز المسال من مشروع أركتيك2 الروسي؟ بات هذا التساؤل مُلحًّا مع وصول أولى شحناته إلى وجهتها -قبل أيام- بعد تعثر دام ما يقرب من عامين.

وفي خضم حزم العقوبات المتتالية، عانت شركة نوفاتيك المشغلة للمشروع صعوبات في إيجاد مشترين، وتأمين الناقلات اللازمة للشحن، منذ فرض العقوبات على المشروع عام 2023.

وأكد مسؤول في الشركة أن أولى الشحنات وصلت إلى وجهتها الصينية بالفعل، وتمت عملية التسليم بنجاح، حسب تصريحات حديثة صادرة عنه تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).

ويعكس تسلُّم أكبر الاقتصادات الآسيوية للشحنة في هذا الوقت دلالات عدة؛ إذ وصلت قبيل لقاء جمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ.

أولى شحنات مشروع أركتيك2 الروسي

وصلت أولى شحنات مشروع أركتيك2 الروسي إلى محطة بيهاي الصينية، قبل أسبوع، ولم تواجه هذه الخطوة بردود أفعال غربية حتى الآن.

واستقبلت المحطة -الواقعة في قوانغشي جنوب الصين- شحنة الغاز المسال، يوم الخميس 28 أغسطس/آب الماضي (2025)، على متن الناقلة "أركتيك مولان" الرافعة للعلم الروسي، وفق بيانات لتتبع السفن.

وتلقّت بيانات التتبع دعمًا من إعلان رسمي بتسليم الشحنة، بعد تأكيد من نائب الرئيس التنفيذي لشركة نوفاتيك "يفغيني أمبروسوف".

الناقلة مولان سبيريت
الناقلة مولان سبيريت - الصورة من Ukrainian Shipping Magazine

وقال "أمبروسوف" إن أول ناقلة مُحمَّلة بشحنات غاز مسال من مشروع أركتيك2 الروسي وصلت إلى وجهتها في الصين، بحسب ما نقلته عنه رويترز، يوم الخميس 4 سبتمبر/أيلول.

وتُشكِّل عملية التسليم محطة فارقة من عمر المشروع الملاحق بالعقوبات؛ إذ تعد أول شحنة تصل إلى المستهلك منذ بدء التشغيل.

وبعد فرض العقوبات على عمليات المشروع الروسي، اضطرت موسكو لتغيير مسار الشحنات واتخذت من ممر بحر الشمال المتجمد طريقًا لها؛ ما تطلّب دعم أسطولها بناقلات كاسحة للجليد.

دلالات تسليم الشحنة

يعكس تسلم المحطة الصينية لشحنة الغاز المسال الفريدة اتجاهًا جديدًا؛ إذ قد تتحول بكين إلى منفذ رئيس لصادرات مشروع أركتيك2 الروسي.

ففي ظل عزوف المشترين تمسّكت الدولة الآسيوية بأن تكون الوجهة الأولى للشحنات، لكن لم تحسم البيانات والمعلومات السيناريوهات المستقبلية حول استمرار انسياب الصادرات أو اعتبار شحنة "أركتيك2" استثنائية.

ويمكن للصين أن تستفيد من إمدادات مشروع الغاز المسال، حال تلقيها خصومات سعرية، مثلما تعاملت موسكو خلال التسويق لشحناتها النفطية بعد الحرب الأوكرانية.

وبذلك، قد تؤمّن روسيا سوقًا مستوردة كبيرة لشحناتها مع تقديمها الإغراءات الكافية، في ظل وقت حرج يمر به المشروع نتيجة العقوبات.

ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ إذ تزامن وصول الشحنة مع متغيرين مهمين؛ الأول يتعلق بتوقيع اتفاق جديد، والثاني يحمل أبعادًا دبلوماسية وسياسية.

1) اتفاق غاز جديد

وطّدت روسيا والصين تعاونهما الطاقي باتفاق ثانٍ، وُقع يوم 2 سبتمبر/أيلول الجاري.

ووقّعت شركة غازبروم الروسية مذكرة تفاهم ملزمة لزيادة صادرات الغاز إلى الصين، ومواصلة تطوير خط أنابيب "باور أوف سيبيريا2".

واستند الاتفاق إلى "إغراء سعري" بمنح المشترين الصينيين أسعارًا أقل من نظرائهم الأوروبيين، مع الالتزام بإمدادات تتراوح بين 38 مليارًا و44 مليار متر مكعب سنويًا.

وبالتوازي مع زيادة الصادرات، يتواصل تطوير خط أنابيب "باور أوف سيبيريا2" لنقل 50 مليار متر مكعب سنويًا إلى بكين، والذي ينظر إليه بوصفه أكبر مشروع غاز في العالم مع اكتماله.

جانب من أعمال البناء في محطة بيهاي الصينية
جانب من أعمال البناء في محطة بيهاي الصينية - الصورة من LNG Prime

2) دلالات دبلوماسية جديدة

وصلت أول شحنة غاز مسال من مشروع أركتيك2 الروسي إلى محطة صينية، قبل أيام من لقاء الرئيسين "بوتين" و"جين بينغ"، خلال قمة شنغهاي التي انعقدت نهاية الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري.

وعوّلت موسكو على هذه القمة للظهور بإطار دبلوماسي جديد، خاصة أنها جاءت عقب أيام قليلة من لقاء "بوتين" مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتُعَد هذه الخطوات أبرز التحركات الروسية بعد فرض عقوبات غربية عليها، استهدفت قطاع الطاقة وصادراته في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية، في فبراير/شباط 2022.

وتوقّع محللون أن يكون لقاء الرئيس الروسي مع نظيريه الأميركي والصيني بمثابة بوادر انفراجة للقيود التي يعانيها قطاع الطاقة.

ووقّع الرئيسان الروسي والصيني عددًا من اتفاقيات التعاون المشترك، تضمّنت تفاهمات في قطاع الطاقة.

ويأتي هذا وسط ترجيحات بأن الهند ستكون ثاني وجهة تستقبل شحنات الغاز المسال من مشروع أركتيك2، وبأسعار مخفضة أيضًا، حال غض الطرف الأميركي والأوروبي عن الشحنة الصينية، وفق تحليل لـ"رويترز".

سوق الغاز المسال

يُنظر إلى مشروع أركتيك2 بوصفه أكبر محطات الغاز المسال الروسية؛ إذ يعمل بـ3 خطوط لإنتاج 19.8 مليون طن متري سنويًا.

وقد تزود السوق بنحو 12 مليون طن سنويًا في غضون وقت قصير، في حالة رفع العقوبات عنها.

ومن المحتمل أن تتسلم الصين 4 شحنات غاز مسال إضافية من "أركتيك2" خلال أيام قليلة، لتلحق ناقلات أخرى -من فئة أرك4، وسعة 174 ألف متر مكعب- بـ"أركتيك مولان" المحمّلة منذ يونيو/حزيران ولم تكن قد استقرّت حينها بعد على مشترٍ أو وجهة محددة.

وجاء تسليم الناقلة حمولتها في 28 أغسطس/آب الماضي ليفتح باب التساؤلات حول سيناريوهين؛ هما: "استثنائية" الشحنة، أو اعتبارها انطلاقة لتدفق شحنات أخرى عبر ممر البحر الشمالي.

وتؤكد هذه الخطط التحول في إستراتيجية التصدير الروسية، التي كانت متحفظة حتى وقت قريب وسط مخاوف حول استثمارات شركة نوفاتيك في ظل العقوبات، حسب تحليل لموقع لويدز ليست.

وحملت الناقلة السادسة "لا بيروز" شحنة من مشروع أركتيك2 الروسي، وانطلقت في 30 أغسطس/آب الماضي إلى وجهة غير معلنة.

ويبدو أن "نوفاتيك" تخطط لنقل 30 شحنة غاز مسال من المشروع خلال الأشهر الـ4 المقبلة.

ورجّح المدير التنفيذي لشركة إيكلاند إنرجي، كجيل إيكلاند، أن الناقلات الروسية ستنقل مليون طن غاز مسال من المشروع إلى الصين خلال الأسابيع المقبلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق