ضريبة الكربون ترفع أسعار الكهرباء في بريطانيا للأسر وتضغط على الصناعة (تقرير)
نوار صبح

تسهم ضريبة الكربون في رفع أسعار الكهرباء للأسر والضغط على الصناعة البريطانية بهدف خفض انبعاثاتها.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع، عندما أُغلقت آخر محطة كهرباء تعمل بالفحم في بريطانيا عام 2024، أشاد بها نشطاء المناخ وعَدّوها انتصارًا للطاقة الخضراء.
بدورها، صرّحت منظمة "غرينبيس": "قبل أكثر من عقد بقليل، كان الفحم يُشكّل ما يقرب من خُمس توليد الكهرباء في المملكة المتحدة، لكن التقدم السريع في مصادر الطاقة المتجددة جعله قديمًا".
ويرى محللون أن ما قضى على صناعة الفحم لم يكن مصادر الطاقة المتجددة، وإنما الضرائب.
ضريبة الكربون المفروضة على محطات الكهرباء
في عام 2015، ضاعفت الحكومة ضريبة الكربون المفروضة على محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري، ما أدى فعليًا إلى شلل نموذج أعمال محطات الكهرباء العاملة بالفحم. كان ذلك محاولة لخفض الانبعاثات، وقد حقّق نجاحًا باهرًا بهذا المقياس.
حاليًا، يقول الخبراء والشركات، إن هذه الضرائب نفسها ترفع أسعار الكهرباء للأسر، وتضغط على الصناعة البريطانية.
وحذّر قطب الأعمال الملياردير الذي يقف وراء إمبراطورية البتروكيماويات "إنيوس" (Ineos)، السير جيم راتكليف، من أن تسعير الكربون "يقضي على التصنيع" ويزيد من اعتماد المملكة المتحدة على الواردات من دول ذات معايير أقل صرامة، مثل الصين.

وقال رئيس مصنع "إنيوس" للكيماويات في "غرينجموث"، بإسكتلندا، ستيوارت كولينغز: "إن سبب إحباطنا، وسبب انتقادنا لتكاليف الكربون، هو أن الحكومة قادرة على فعل شيء حيال هذا الأمر بضغطة زر، إذا رغبتْ في ذلك".
وأضاف أن ضرائب الكربون تُكلّف مصنع "إنيوس" "عشرات الملايين من الجنيهات" سنويًا، وتُضعف قدرته التنافسية بشدة مقارنةً بالمصانع المنافسة في الولايات المتحدة وآسيا.
ونظرًا لأن أعمال "السير جيم" الأوسع نطاقًا قد دعمت مصنع "غرينجموث" بمئات الملايين من الجنيهات في السنوات الأخيرة، فقد بدأ صبره ينفد.
وأردف كولينغز: "نواجه حاليًا تكاليف طاقة أعلى بكثير من الدول الأخرى، ما يجعلنا غير قادرين على المنافسة بطبيعتنا، ومن ثم تُفرض ضريبة الكربون هذه في المقام الأول".
الهدف من ضريبة الكربون
يتمثل الهدف من ضريبة الكربون في تحفيز الشركات على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الذي يؤدي إلى التسبب في الاحتباس الحراري.
في المملكة المتحدة، يحصل ذلك أساسًا بطريقتين: من خلال نظام "تداول" الانبعاثات، ونظام آخر يُعرف باسم دعم أسعار الكربون.
وطُرِح نظام تداول الانبعاثات لأول مرة عام 2005، عندما كانت بريطانيا ما تزال عضوة في الاتحاد الأوروبي، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وبموجب هذا النظام، تُحدد "مخصصات" ائتمان كربون للجهات المُصدرة للانبعاثات بكثافة، مثل المصانع وشركات الطيران ومحطات الكهرباء، وتغطي حدًا معينًا من الانبعاثات.
وعندما تتجاوز هذه الجهات هذا الحدّ، يتعين عليها شراء ائتمانات إضافية من جهات أخرى لديها فائض، وتُتداول الائتمانات في سوق مفتوحة بسعر كربون عائم.

انهيار سعر الكربون الأوروبي
عندما أدت الأزمة المالية إلى ركود صناعي تسبَّب في انهيار سعر الكربون الأوروبي، قدّمت الحكومة البريطانية "دعمًا إضافيًا لسعر الكربون" في عام 2013 لكبح الانبعاثات.
وحُددت هذه التكلفة في البداية عند 4.94 جنيهًا إسترلينيًا (6.63 دولارًا) للطن من ثاني أكسيد الكربون، وفُرضت على محطات الكهرباء العاملة بالفحم أو الغاز أو الكتلة الحيوية أو النفط.
ثم رُفعت التكلفة لاحقًا إلى 9.55 جنيهًا إسترلينيًا في عام 2014، ثم إلى 18 جنيهًا إسترلينيًا في عام 2015، وسط مخاوف من أن فائض إمدادات الفحم العالمية قد يُنذر بعودة استعماله بسبب انخفاض الأسعار.
(الجنيه الإسترليني = 1.34 دولارًا أميركيًا)
ونظرًا لأن حرق طن من الفحم يُنتج نحو 47% من ثاني أكسيد الكربون أكثر من حرق الغاز الطبيعي، فقد أدت زيادة عام 2015 دورًا رئيسًا في زوال محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وفي الوقت نفسه، ما يزال دعم أسعار الكربون قائمًا بعد 10 سنوات -حتى بعد زوال الفحم–، ما يرفع فواتير الكهرباء التي تدفعها ملايين الأسر والشركات.
في يوليو/تموز الماضي، بلغ متوسط تكلفة الكهرباء المولدة من محطات الكهرباء العاملة بالغاز 79.24 جنيهًا إسترلينيًا لكل ميغاواط/ساعة، ومن هذا المبلغ، كان 25.64 جنيهًا إسترلينيًا أو 32% ضرائب على الكربون، وفقًا للأرقام التي نشرتها مؤسسة إمبر البحثية.
تجدر الإشارة إلى أن محطات الكهرباء العاملة بالغاز تحدد أسعار بقية سوق الكهرباء في معظم الأحيان، ما يعني أن تكلفة ضرائب الكربون تؤدي إلى ارتفاع فواتير الكهرباء للجميع.
موضوعات متعلقة..
- النفط والغاز في بريطانيا مهددان بسياسات حكومية: ضريبة الكربون تقتل الصناعة
- مزيج الطاقة في الإمارات يتأثر بآلية تعديل ضريبة الكربون الأوروبية (تقرير)
- شركة تركية تتجنب ضريبة الكربون الأوروبية بمحطة طاقة شمسية في كوسوفو
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب النفط العراقي السوري.. فرصة ذهبية رغم توقفه منذ 22 عامًا
- اكتشاف غاز ومكثفات في سلطنة عمان يختبر الإنتاج.. احتياطياته 250 مليون برميل
- مخاطر تخزين الهيدروجين الطبيعي تكشفها 3 تفاعلات خفية
المصدر..