مقالات النفطالمقالاترئيسيةغازمقالات الغازنفط

النفط والغاز في أذربيجان.. خطوات استكشاف وتطوير الاحتياطيات بمشاركة أميركية (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • خبرة إكسون موبيل تُؤهّلها لأداء دور مهم في إستراتيجية أذربيجان المتطورة في مجال الطاقة
  • إستراتيجية أذربيجان المتطورة في مجال الطاقة تهدف إلى الحفاظ على الإنتاج وزيادته
  • زيادة قدرة الاستكشاف والإنتاج المحلية ستعزز استقلال أذربيجان في مجال الطاقة
  • دبلوماسية الطاقة تُمكّن باكو من ضمان دعم الولايات المتحدة وموازنة الخصوم الإقليميين

من المرتقب أن يشهد استكشاف وتطوير احتياطيات النفط والغاز في أذربيجان، بالمناطق البرية غير المستغلة، تطورات مهمة، بمشاركة أميركية.

في هذا الإطار، ترأّس الرئيس الأميركي دونالد ترمب مراسم توقيع اتفاق سلام تاريخي بين باكو وأرمينيا، يهدف إلى إنهاء عقود من النزاع حول إقليم ناغورنو-كاراباخ، وإعادة فتح ممرات النقل الحيوية في جنوب القوقاز، المغلقة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.

ويُعدّ "طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين" محورًا أساسيًا في الاتفاق، وهو ممر إستراتيجي يمرّ عبر أرمينيا ويربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها، الذي حصلت الولايات المتحدة على حقوق تطويره حصريًا.

ومن المتوقع أن يُعزز هذا الطريق الترابط الإقليمي، ويحفّز التكامل الاقتصادي، ويرسي أسس سلام دائم في المنطقة.

تعزيز شراكة الطاقة بين باكو وواشنطن

إلى جانب مبادرة السلام، عززت باكو وواشنطن شراكتهما في مجال الطاقة، لا سيما اكتشاف وتطوير احتياطيات النفط والغاز في أذربيجان.

خلال زيارة الرئيس إلهام علييف، إلى واشنطن، وقّعت شركة النفط والغاز في أذربيجان "سوكار" (SOCAR) وشركة "إكسون موبيل" الأميركية (ExxonMobil) مذكرة تفاهم تُركّز على استكشاف وتطوير احتياطيات النفط والغاز البرية غير المستغلة بالكامل.

وتشمل احتياطيات النفط والغاز في أذربيجان، الهيدروكربونات غير التقليدية التي تتطلب تقنيات استخراج متطورة.

صادرات أذربيجان من النفط والغاز

بدورها، فإن خبرة إكسون موبيل تُؤهّلها لأداء دور مهم بإستراتيجية أذربيجان المتطورة في مجال الطاقة، التي تهدف إلى الحفاظ على الإنتاج وزيادته بما يتجاوز حقولها البحرية الناضجة في بحر قزوين.

ويعكس هذا المسار المزدوج، الذي يجمع بين دبلوماسية السلام والتعاون في مجال الطاقة، إستراتيجية أميركية أوسع نطاقًا لتعزيز الاستقرار، وتعزيز النفوذ في جنوب القوقاز، وتأمين إمدادات طاقة متنوعة من دولة تقع على حدود تركيا وإيران وروسيا.

من ناحية ثانية، تتماشى هذه الاتفاقيات مع التزامات الولايات المتحدة بإزالة بعض العوائق التشريعية وتخفيف قيود التعاون الدفاعي مع باكو، ما يجعل البلدين حليفين إستراتيجيين يُشكّلان مستقبل المنطقة.

مذكرة التفاهم بين "سوكار" و"إكسون موبيل"

في حفل توقيع مذكرة التفاهم بين "سوكار" و"إكسون موبيل"، التقى الرئيس الأذربيجاني علييف بالمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف.

وأبرم رئيس شركة النفط والغاز في أذربيجان "سوكار"، روفشان نجف، ونائب رئيس شركة إكسون موبيل، جون أرديل، الشراكة رسميًا خلال أسبوع باكو للطاقة، بحضور الزعيمين.

وتستند هذه الاتفاقية إلى علاقة طويلة الأمد بين شركة سوكار وإكسون موبيل، ما يوسّع نطاق التعاون في مجالات استكشاف وإنتاج النفط والغاز والابتكار في أذربيجان.

ومن خلال استهداف موارد الهيدروكربون البرية وغير التقليدية غير المستغلة، تطبّق الاتفاقية أحدث تقنيات إكسون موبيل لمساعدة أذربيجان في الحفاظ على الإنتاج عند نحو 582 ألف برميل يوميًا، ما يضمن إمدادات طاقة متّسقة ومبتكرة.

نتائج أعمال إكسون موبيل في الربع الأول 2025
مرافق تخزين تابعة لشركة إكسون موبيل - الصورة من Energy Connect

وتجمع مذكرة التفاهم بين الخبرة المحلية لشركة سوكار والقدرات التكنولوجية العالمية لشركة إكسون موبيل، ما يعزز دور الولايات المتحدة بصفتها شريكًا موثوقًا به في مجال الطاقة في أذربيجان.

بدورها، تُرسّخ زيادة قدرة الاستكشاف والإنتاج المحلية استقلال أذربيجان في مجال الطاقة وتقلل من اعتمادها على المصادر الأجنبية.

وتُكمل هذه الشراكة إستراتيجية أذربيجان الأوسع للتنويع، التي تشمل توسيع صادرات الغاز الطبيعي وتوسيع نطاق تطوير الطاقة المتجددة من خلال اتفاقيات مثل تلك المُبرَمة مع شركة "جيه إيه سولار" (JA Solar) الصينية لتعزيز تصنيع الألواح الشمسية.

ويُعزز هذا التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة أمن الطاقة على المديين المتوسط والطويل، مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والواردات.

وتدعم هذه التطورات قدرة أذربيجان على الصمود في مواجهة تقلبات السوق العالمية والضغوط الجيوسياسية، مع تعزيز الأهمية الإستراتيجية لتعاونها مع الولايات المتحدة.

وبالنظر إلى موقعها على مفترق طرق بين روسيا وإيران وتركيا، تُوفر أذربيجان للغرب طرق إمداد بديلة تتجاوز احتكارات النقل الروسية والإيرانية، ما يُحسّن وصول الولايات المتحدة وأوروبا إلى موارد بحر قزوين.

وهذا يُعزز انحياز باكو الموالي للغرب، ويحدّ من النفوذ الروسي والإيراني في جنوب القوقاز، ويوسّع الوجود الأميركي بالقرب من ممرات النقل الحيوية، ويعزز دور أذربيجان في شؤون الطاقة والسياسة الإقليمية.

عبور الهيدروكربونات من آسيا الوسطى إلى أوروبا

تعزز هذه الشراكة مكانة أذربيجان بصفتها مركزًا رئيسًا لعبور الهيدروكربونات من آسيا الوسطى المتجهة إلى أوروبا، ما يزيد من نفوذها في المفاوضات الإقليمية والعالمية.

وتُشكل ديناميكيات التحالف - لا سيما فيما يتعلق بإقليم ناغورنو-كاراباخ - من خلال تعزيز مكانة أذربيجان السياسية والاقتصادية، وتشجيع توجُّه أرمينيا غربًا، ودعم استقلال جورجيا في مجال الطاقة عن روسيا.

بالنسبة لواشنطن، يتمثل الهدف في منع احتكار أيّ قوة لعبور بحر قزوين، مع تعزيز نمو قطاع الطاقة في أذربيجان وإدارة المنافسة مع موسكو.

من جهتها، فإن دبلوماسية الطاقة تُمكّن باكو من ضمان دعم الولايات المتحدة، وموازنة الخصوم الإقليميين، وترسيخ مكانتها في الجغرافيا السياسية العالمية للطاقة، ما يجعل العلاقات الأميركية الأذربيجانية في مجال الطاقة عاملًا حاسمًا في الصراع على النفوذ، وتنويع مصادر الطاقة، وتوازن القوى في جميع أنحاء أوراسيا.

ويتقاطع التعاون في مجال الطاقة مع الأهداف الإستراتيجية الأميركية في إدارة النزاعات الإقليمية.

بدعم من الولايات المتحدة، يرسّخ قطاع الطاقة المُعزز في أذربيجان نفوذه في مفاوضات ناغورنو كاراباخ، ويدعم مبادرات السلام.

في المقابل، يُقلل تنويع مسارات التصدير من النفوذ الروسي والإيراني، ويُعزز أمن الطاقة الأميركي من خلال إمدادات موثوقة تتجاوز قنوات الشرق الأوسط وروسيا، ويُرسّخ النفوذ الأميركي في ممر حيوي يربط أوروبا وآسيا.

مقر شركة سوكار الأذربيجانية
مقرّ شركة سوكار الأذربيجانية - الصورة من موقعها الإلكتروني

نقل تكنولوجيا البنية التحتية لأذربيجان

إلى جانب المكاسب الفورية في مجال الطاقة، تُعزز الاستثمارات المشتركة ونقل تكنولوجيا البنية التحتية لأذربيجان، وتُحفز النمو الاقتصادي، وتُحسّن التواصل، وتُسهم في الاستقرار.

وتُشير هذه الاتفاقيات إلى التزام باكو بالشراكات الغربية، وتُمارس ضغطًا خفيًا على أرمينيا، وتُعيد تشكيل التحالفات الإقليمية.

وتُعزز هذه المبادرات مجتمعةً الموقع الإستراتيجي للولايات المتحدة، وتُنشئ حليفًا موثوقًا به في مجال الطاقة، وتُنوّع سلاسل التوريد.

وتُشكّل هذه الاتفاقيات توازنات القوى في منطقة تتداخل فيها الطاقة والأمن والدبلوماسية بعمق، ما يجعل العلاقات الأميركية الأذربيجانية أداةً رئيسةً في العلاقات الجيوسياسية الأوراسية وحل النزاعات.

مكانة أذربيجان العالمية في قطاع الطاقة

تعزز اتفاقيات إكسون موبيل-سوكار مكانة أذربيجان العالمية في قطاع الطاقة من خلال توسيع وتنويع إنتاج النفط، لا سيما بالموارد البرية غير التقليدية.

وبالاستفادة من خبرة "إكسون موبيل" في مجال التكسير المائي الهيدروليكي، تستغل أذربيجان احتياطيات جديدة تتجاوز حقولها البحرية الناضجة في بحر قزوين -التي تُنتج حاليًا أكثر من 95% من الإنتاج-، مع زيادة حصة الحقول البرية من 5% الحالية.

ومن خلال استخراج هذه الاحتياطيات والحفاظ على إنتاج يقارب 582 ألف برميل يوميًا، تُرسّخ أذربيجان مكانتها موردًا موثوقًا ومبتكرًا قادرًا على تلبية الطلب العالمي.

وتعزز هذه الشراكة دور أذربيجان بصفتها مركزًا إستراتيجيًا يربط موارد بحر قزوين بالأسواق الأوروبية والعالمية، ما يوفر بديلًا للإمدادات الروسية والشرق أوسطية.

وتدعم إستراتيجية أذربيجان الأوسع في مجال الطاقة، التي تدمج التوسع في الغاز الطبيعي وتطوير الطاقة المتجددة، ما يُعزز مرونتها في مواجهة التحولات العالمية بمجال الطاقة.

النفط والغاز في أذربيجان
منصة نفط في أذربيجان - الصورة من يورو نيوز

ويُنهي اتفاق السلام التاريخي بين أذربيجان وأرمينيا، الذي تمّ التوصل إليه في واشنطن ووُقّع في البيت الأبيض، عقودًا من الصراع على إقليم ناغورنو-كاراباخ.

وتؤسس هذه الاتفاقية، التي دعمتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ممر عبور "طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين" الذي يربط أذربيجان بنخجوان عبر أرمينيا، مع حقوق تطوير حصرية للولايات المتحدة.

عزّز هذا الممر الترابط الإقليمي، ويدعم التكامل الاقتصادي، ويُرسي أسس السلام الدائم في جنوب القوقاز.

وفي الوقت نفسه، يُسهم التعاون المعمق بين الولايات المتحدة وأذربيجان في مجال الطاقة، من خلال شراكة سوكار وإكسون موبيل، في دفع عجلة استكشاف وتطوير الاحتياطيات البرية وغير التقليدية غير المستغلة باستعمال تقنيات متقدمة.

ويهدف هذا التعاون إلى استقرار وتوسيع إنتاج أذربيجان النفطي، ويتماشى مع أهداف الولايات المتحدة في تنويع مصادر الطاقة خارج القنوات الروسية والشرق أوسطية.

ومن خلال ربط بناء السلام بتطوير البنية الأساسية والطاقة، تعمل واشنطن على تعزيز نفوذها، وتعزيز التكامل الإقليمي، وتقديم بدائل موثوقة للهيمنة الروسية والإيرانية، وهو ما يعزز النفوذ الجيوسياسي لأذربيجان، ويفتح الطريق نحو الاستقرار المستدام والازدهار المشترك في المنطقة.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق