الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية يهبط أقل من 7%.. ماذا يحدث في الأسواق؟

تَعرَّض الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية لانتكاسة كبيرة خلال العام الماضي، مع إلغاء -أو تقييد- برامج الحوافز السخية تدريجيًا في كبرى الأسواق المؤثّرة.

وبحسب تقرير تحليلي حديث –حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه (مقرّها واشنطن)-، انخفض الإنفاق الحكومي ممثلًا في خفض إعانات الشراء والحوافز الضريبية إلى أقل من 7% لكل مركبة في عام 2024.

وكان الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية قد وصل إلى 20% لكل مركبة في عام 2017، ما يشير إلى اتجاه ملحوظ للتخلص التدريجي من برامج الإعانات والحوافز السخية المقدَّم للصناعة.

وتسارع هذا الاتجاه بصورة واضحة منذ عام 2022، مع تقييد -أو إلغاء- برامج الدعم في كبرى الأسواق الأوروبية الرائدة مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والسويد وغيرها، بينما حافظت الصين على أشكال الدعم بصور مختلفة، بحسب التقرير.

الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في الصين

بالقيمة المطلقة، بلغ متوسط الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية قرابة 38 مليار دولار سنويًا منذ عام 2022 حتى عام 2024.

وارتفع إجمالي إنفاق المستهلكين على السيارات الكهربائية عالميًا بصورة مستمرة، ليصل إلى 560 مليار دولار في عام 2024، بحسب أحدث تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية (مايو/أيار 2025).

وحققت الصين أكبر إنفاق عام مطلق على السيارات الكهربائية في العالم منذ عام 2020، على الرغم من انتهاء برنامج الدعم الخاص بها في ديسمبر/كانون الأول 2022، وذلك بعد 12 عامًا من إطلاقه.

ومع ذلك، ظلّت الحوافز الأخرى قائمة في الصين، لا سيما إعفاء السيارات الكهربائية من ضريبة المبيعات البالغة 10% التي تُطبَّق على المركبات الأخرى.

كما أعلنت الصين في عام 2024 برامج دعم جديدة لاستبدال سيارات جديدة بالحاليّة، مع وضع علاوة أعلى لشراء السيارات الكهربائية لتحفيز المستهلكين.

استنادًا إلى ذلك، قدّرت وكالة الطاقة الدولية حجم الإنفاق الحكومي الإضافي لدعم شراء السيارات الكهربائية في الصين بنحو 2.7 مليار دولار في عام 2024.

ومع ذلك، انخفض الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في الصين بنسبة 25% لكل مركبة بين عامي 2022 و2024.

على الجانب الآخر، تُقدِّم الصين أعلى دعم حكومي في العالم للسيارات الهجينة القابلة للشحن، تصل نسبته إلى 45%.

ويتمثل هذا الدعم في الإعفاء من ضريبية المبيعات البالغة 10% على هذه السيارات التي تكون عادةً أغلى من السيارات الكهربائية الخالصة أو العاملة بالبطارية فقط.

واختفت الحوافز الحكومية للسيارات الهجينة القابلة للشحن -تقريبًا- من الأسواق الرئيسة في أوروبا، ضمن إطار مراجعة برامج الدعم القائمة للسيارات الكهربائية وإعادة تشكيلها في عامي 2023 و2024.

خفض برامج الدعم في أوروبا

تعرّض الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في أوروبا لانتكاسة خلال العامين الماضين، وكان التغيير الأبرز في ألمانيا مع تخفيض الدعم البالغ 4500 يورو (5 آلاف دولار) لكل سيارة إلى الصفر –تقريبًا- بداية من ديسمبر/كانون الأول 2023.

وأدّى هذا الخفض إلى هبوط حصة سوق السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات في ألمانيا بنسبة 4% في عام 2024، بحسب تقرير الوكالة.

ومع انخفاض حصة السيارات الكهربائية في السوق، أعلنت الحكومة الألمانية مزايا ضريبية جديدة للشركات التي تشتري السيارات الكهربائية، مع تطبيقها بداية من يوليو/تموز 2024 حتى عام 2028.

وتمثّل سيارات الشركات قرابة 66% من إجمالي تسجيلات السيارات في ألمانيا، بحسب بيانات سوقية تتابعها وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.

على الجانب الآخر، ألغت المملكة المتحدة جميع الإعانات منذ نهاية 2022، لكن مبيعات السيارات الكهربائية استمرت في الارتفاع بسبب ضغوط لوائح انبعاثات المركبات التي حددت أهدافًا لمبيعات السيارات عديمة الانبعاثات، بدءًا من عام 2024.

إضافة إلى ذلك، فقد حظيت الشركات بمجموعة من التخفيضات الضريبية غير المباشرة لتشجيعها على اقتناء السيارات الكهربائية، حيث شكّّلت سيارات الشركات قرابة 60% من إجمالي تسجيلات السيارات في المملكة المتحدة عام 2024.

وعند احتساب جميع الحوافز الحكومية في بريطانيا، يمكن للسيارات التقليدية التي تمتلكها الشركات أن تتحمل ضريبة تزيد 10 مرات على تلك التي تتحملها نظيرتها الكهربائية، بينما تزيد هذه الضريبة في ألمانيا بمقدار 4 مرات.

وكما فعلت ألمانيا، أنهت السويد -مبكرًا- برنامج دعم مماثلًا يصل إلى 60 ألف كرونة سويدية (5800 دولار أميركي) لكل سيارة كهربائية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أي قبل برلين بعام.

وأدّى ذلك إلى انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في البلاد بنسبة 10% في عام 2024، لكن حصتها في السوق لم تتراجع إلّا بصورة طفيفة بسبب انخفاض إجمالي مبيعات السيارات في البلاد.

ولم تكن هذه الدول وحدها مَن ألغت برامج الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية، فقد لجأت دول أوروبية أخرى إلى خفض الإعانات أو تشديد شروطها، خاصة فيما يتعلق بالسيارات الهجينة القابلة للشحن.

نتيجة لذلك انخفض متوسط الدعم الحكومي لكل مركبة في أوروبا بسرعة من 4500 دولار في عام 2022 إلى 1000 دولار فقط في عام 2024.

وكان لذلك عواقب متفاوتة في حصص سوق المركبات الكهربائية على المستوى الوطني من دولة لأخرى، لكن الانخفاض السريع في الدعم لم يتبعه انخفاض مماثل في حصة سوق المركبات الكهربائية، ما يقدّم مؤشرًا على مرونة السوق، بحسب تقديرات الوكالة.

الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في أميركا

على الجانب الآخر، أدى تطبيق قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة إلى زيادة عدد المركبات المؤهلة للحصول على ائتمانات ضريبية في عام 2023.

ومع ذلك، فقد حصلت تغيرات متكررة في قائمة المركبات المؤهلة للحصول على الائتمان الضريبي الأعلى البالغ 7500 دولار منذ تطبيق إرشادات مصلحة الضرائب الداخلية.

وأدّى تطبيق هذه الإرشادات لانخفاض متوسط الائتمان الضريبي إلى 4 آلاف دولار لكل مركبة في عام 2024؛ نظرًا لعدم أهلية جميع السيارات الكهربائية، كما حصل بعضها على 3750 دولارًا فقط.

ورغم ذلك ظلت الولايات المتحدة الأولى عالميًا من حيث الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية (لكل مركبة) من بين جميع أسواق السيارات الكهربائية الرئيسة خلال عامي 2023 و2024.

موضوعات متعلقة..

• برنامج دعم شواحن السيارات الكهربائية في بريطانيا يتعرض لعمليات احتيال
• خبير أوابك: النرويج تدعم السيارات الكهربائية بعائدات النفط والغاز (تقرير)
• جدل ضرائب السيارات الكهربائية يتصاعد في الغرب.. لماذا؟ (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب تهبط 9% رغم زيادة إمدادات الجزائر
• إيرادات صادرات الطاقة الروسية تنخفض 6%.. سوريا ضمن 8 دول عربية مستوردة
• أكبر 10 محطات كهرباء في الوطن العربي.. قدرات عملاقة تتقاسمها 5 دول (صور)
• رؤية وطنية متكاملة لتحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عمان (مقال)

المصادر:

تحولات الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في الأسواق من وكالة الطاقة الدولية