التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

الهندسة الحيوية سبيل واعد لإنتاج الوقود الحيوي وكبح تغير المناخ (تقرير)

ستُسهم في الحد من الانبعاثات وتقديم حلول منخفضة الكربون

وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • الهندسة الحيوية من الحلول الحاسمة للحد من آثار تغير المناخ
  • الهندسة الحيوية يمكنها إيجاد طرق أفضل لإنتاج الوقود الاصطناعي
  • الهندسة الحيوية قد تُسهم في تطوير طرق فعّالة لالتقاط الانبعاثات
  • تطبيقات الهندسة الحيوية بحاجة إلى دعم صُنّاع السياسات والعامة
  • الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من الدول الداعمة للهندسة الحيوية

تُشكّل الهندسة الحيوية أحد الحلول المبتكرة والواعدة للحد من انبعاثات الكربون، إذ بدأت الحكومات والصناعات تدرك إمكانات هذا المجال وقدرته على مكافحة تغير المناخ.

ووفق تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، تتنوع تطبيقات هندسة علم الأحياء؛ إذ تتيح تطوير الوقود الحيوي الذي يُعد بمثابة بديل نظيف للوقود الأحفوري، ويمكنها أن تعزّز إنتاج الغذاء، بالإضافة إلى توفير حلول مستدامة لمكافحة تغير المناخ مع دفع النمو الاقتصادي.

وإدراكًا لإمكاناتها، تستثمر الحكومات حول العالم في مبادرات الهندسة الحيوية، على رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من خلال دعم البحث العلمي ومواءمة اللوائح مع المصالح العامة، مما يمهّد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.

ومع ذلك، ثمة تحديات هائلة قد تنجم عن تبني التقنيات الجديدة القائمة على الهندسة الحيوية، بداية من قدرتها على المنافسة إلى العقبات السياسية والتنظيمية.

ما هي الهندسة الحيوية؟

الهندسة الحيوية هي مجال يطبّق المعرفة العملية بالحمض النووي والجينات والبروتينات والعمليات البيولوجية، جنبًا إلى جنب مع المبادئ الصناعية والتصنيع، لتصميم وإنشاء أنظمة بيولوجية جديدة.

وتنطوي على تعديل الكائنات الحية مثل الميكروبات لأداء مهام لا تؤديها عادة، مثل إنتاج مضادات حيوية جديدة أو مركبات مفيدة أخرى، بحسب تقرير حديث نشره منتدى الطاقة الدولي.

ويمكن تطبيق الهندسة الحيوية في مختلف المجالات، من بينها الرعاية الصحية والزراعة وإنتاج المواد الكيميائية، إلى جانب اللقاحات والعلاجات الجينية، وأنواع جديدة من المواد الغذائية والوقود الصديق للبيئة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُسهم في حل المشكلات البيئية، وتعزيز الممارسات المستدامة وتعزيز كفاءة مختلف الصناعات.

تطبيقات لمكافحة تغير المناخ

يمكن أن تساعد الهندسة الحيوية في الحد من آثار تغير المناخ عبر مجموعة من الطرق، أبرزها:

الوقود الاصطناعي:

تستكشف الهندسة الحيوية طرقًا لتطوير وقود صناعي من النفايات الزراعية، وهو أرخص وصديق للبيئة من الخيارات الحالية، مما يسرّع جهود إزالة الكربون.

ورغم استعمال الوقود الحيوي منذ القدم، فإنه ما يزال ضروريًا، وتقدّر سوق الوقود الحيوي في الوقت الراهن بنحو 120 مليار دولار، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

واكتسب زخمًا مؤخرًا كونه بديلًا نظيفًا مقارنة بالديزل في قطاع النقل، خاصة في قطاعات مثل الطيران، حيث يُنتج انبعاثات غازات دفيئة أقل بنسبة تصل إلى 90%.

على سبيل المثال، يمكن إنتاج وقود الطيران المستدام من النفايات الزراعية، ما يسمح بتخصيص مساحة أكبر للمحاصيل الغذائية، بدلًا من محاصيل الذرة أو فول الصويا المستعملة لإنتاج الوقود.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطوير الوقود المستدام للمركبات، الذي يتطلّب المزج بالديزل حاليًا، بحيث يمكن استعماله بمفرده وقودًا لتشغيل المركبات الثقيلة.

من داخل أحد معامل الهندسة الحيوية
باحثة داخل أحد المعامل - الصورة من موقع إنوفيت يو كيه

التقاط الانبعاثات:

يمكن أن تُسهم الهندسة الحيوية في ابتكار أساليب ميسورة التكلفة لالتقاط انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من المصانع ومواقع البناء والمزارع، وبدلًا من التعامل معها بصفتها نفايات، يمكن إعادة استعمالها في التصنيع الحيوي لإنتاج سلع قيمة، مثل المواد الكيميائية الصناعية أو الوقود الحيوي.

استبدال أساليب الإنتاج كثيفة الكربون:

قد تؤدي الهندسة الحيوية دورًا في استبدال أساليب الإنتاج التقليدية التي تنتج مستويات عالية من الانبعاثات ببدائل أكثر استدامة.

على سبيل المثال، تعتمد بعض الشركات على "التخمير الدقيق" لإنتاج حليب صناعي، ما يحد من انبعاثات الميثان المرتبطة عادة بتربية الماشية، في حين تعمل شركات أخرى على تطوير ميكروبات يمكنها تثبيت النيتروجين في التربة، مما يقلّل من الاعتماد على الأسمدة المشتقة من الوقود الأحفوري، كما يمكن استعمال الكائنات الحية الدقيقة لإنتاج البلاستيك القابل للتحلل من الموارد المتجددة.

احتجاز غازات الدفيئة من الهواء مباشرة:

يمكن تحقيق ذلك من خلال البكتيريا المعدلة وراثيًا، إذ يستطيع العلماء تعديل البكتيريا لامتصاص ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء، ومن خلال تعزيز قدرتها على امتصاص الكربون، يمكنها التقليل من تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، أو استعمالها في طرق لتحليل الملوثات عالية السمية، مثل التسربات النفطية والنفايات البلاستيكية.

أو النباتات المعدلة وراثيًا لتعزيز قدرتها على عزل الكربون، ويعني ذلك أنها ستكون أكثر فاعلية في امتصاص الكربون من الهواء وتخزينه في الجذور، ومن ثم خفض مستويات غازات الدفيئة.

يوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج الوقود الحيوي العالمي من 2013 وحتى عام 2023:

إنتاج الوقود الحيوي العالمي

ما مدى واقعية هذه الحلول؟

تثير الحلول المطروحة العديد من التساؤلات حيال مدى جدواها السوقية والوقت اللازم لتطويرها.

وتسلّط الأمثلة التاريخية، مثل الطاقة الشمسية، الضوء على أن طرح التقنيات الجديدة في السوق يتطلّب في الغالب دعمًا حكوميًا مضنيًا وعقودًا من البحث، قبل أن تصبح قادرة على المنافسة من حيث التكلفة.

ورغم أن قطاع الهندسة الحيوية يجتذب -حاليًا- استثمارات ضخمة، فإن أغلب التمويل موجّه صوب مشروعات ذات قيمة تجارية كبيرة، خاصة في المجالات الطبية والزراعية.

على النقيض من ذلك، تواجه المبادرات التي تركز على الحد من الانبعاثات صعوبات كبيرة في تأمين استثمارات القطاع الخاص بسبب ارتفاع التكاليف، ومن ثم فإن الدعم الحكومي ضروري لدعم تطوير هذه التقنيات الصديقة للبيئة وتسويقها.

دور الحكومات

تحديد تطبيقات الهندسة الحيوية التي تستحق الدعم الحكومي أمر صعب، ويتعيّن على صُنّاع السياسات تقييم الفوائد الاجتماعية والتقنية لهذه التطبيقات بانتظام لضمان توافقها مع أهداف تغير المناخ.

أولًا، يجب أن يشمل الدعم الحكومي استمرار تمويل الأبحاث العملية والأدوات المحتملة للحد من آثار تغير المناخ.

ثانيًا، ثمة أهمية كبيرة للمشاورات العامة حول التطبيقات، ففي حين تلقى بعض الابتكارات، مثل الألبان الصناعية المخمرة، قبولًا بمرور الوقت حتى رغم المعارضات في البداية، قد تواجه ابتكارات أخرى رفضًا تامًا، ولضمان تمثيل هذه المشاورات للمصالح العالمية، يتعيّن على البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بناء خبرات في الهندسة الحيوية.

ثالثًا، هناك حاجة إلى وضع لوائح تنظيمية تتماشى مع المصالح العامة وتضمن المنافسة العادلة، إلى جانب الانتباه لاحتمال محاولة الصناعات القائمة استعمال هذه اللوائح لمنع المنافسين الجدد.

رابعًا، دعم الحكومات لعمليات التسويق وتوسيع نطاق التقنيات الهادفة إلى الحد من انبعاثات الغازات، من خلال التمويل المباشر أو خلق حوافز، مثل تسعير الكربون أو الإعفاءات الضريبية أو التنظيمات البيئية، ما يجذب مستثمري القطاع الخاص لدعم هذه الابتكارات الصديقة للبيئة.

خامسًا، تنفيذ سياسات شراء طويلة الأجل لدعم نشر التقنيات اللازمة لتحقيق أهداف المناخ على نطاق واسع، ومن الأمثلة على ذلك قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة، الذي يقدم إعفاءات ضريبية غير محدودة لالتقاط الكربون مباشرة من الهواء، ورغم أنها لا تستهدف الهندسة الحيوية، فإنها مرنة ويمكن أن تدعم تطويرها.

يوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكثر 10 دول إنتاجًا للوقود الحيوي عالميًا خلال عام 2023:

أكثر 10 دول إنتاجًا للوقود الحيوي عالميًا

دول رائدة

حاليًا، تشارك الحكومات في السباق العالمي لترسيخ مكانتها في الاقتصاد الأخضر الناشئ، واتجهت إلى تقديم الدعم لهندسة علم الأحياء.

ففي عام 2022، أصدرت حكومة الولايات المتحدة أمرًا تنفيذيًا لتعزيز دور الاقتصاد الحيوي، وأدى ذلك إلى إنشاء مكتب التقنيات الحيوية والناشئة في عام 2023، كما قدم قانون خفض التضخم حوافز ضريبية لتشجيع الاستثمار في الوقود السائل المشتق من الكتلة الحيوية والوقود الاصطناعي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

أما المملكة المتحدة فهي رائدة في هذا القطاع، فقد أعلنت إستراتيجية وطنية بقيمة ملياري جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار أميركي) لدعم الهندسة الحيوية؛ أملًا في تحقيق أهداف المناخ عبر مختلف القطاعات الصناعية.

(جنيه إسترليني = 1.30 دولارًا أميركيًا)

وخلال عامي 2017 و2022، جمعت الشركات المتخصصة في هندسة علم الأحياء مجتمعة أكثر من 5.2 مليار جنيه إسترليني.

الخلاصة..

يمكن أن تُسهم الهندسة الحيوية في مكافحة تغير المناخ عبر مجموعة من الطرق، أبرزها إنتاج وقود حيوي مستدام، والتقاط الانبعاثات، وتطوير بدائل منخفضة الكربون لعمليات الإنتاج التقليدية. ورغم التحديات التمويلية والتنظيمية، تحظى بدعم متزايد من الحكومات، لا سيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. دور الهندسة الحيوية في مكافحة تغير المناخ من منتدى الطاقة الدولي.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق