المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

وزير النفط الإيراني وناقلات الظل في مرمى عقوبات أميركا المشددة.. ما التبعات؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الصادرات النفطية تمثّل مصدرًا رئيسا لإيرادات الحكومة الإيرانية
  • • باكنجاد يؤدي دورًا محوريًا في توجيه إيرادات النفط الإيرانية لتمويل العمليات العسكرية
  • • سفينتا "سيسكاي" و"بيس هيل" شاركتا في نقل النفط الإيراني إلى الصين
  • • بحلول نهاية عام 2025 قد يتجاوز النفط المخصص للجيش الإيراني 500 ألف برميل يوميًا

يخضع وزير النفط الإيراني وناقلات الظل لعقوبات جديدة مشددة من جانب الولايات المتحدة، بهدف إضعاف النفوذ الاقتصادي والسياسي والعسكري للبلاد.

مع فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الوزير الإيراني، محسن باكنجاد، وسفن وجهات أخرى مشاركة في بيع النفط القادم من إيران، اتخذت حملة "الضغط الأقصى"، التي تشنّها إدارة ترمب ضد إيران، منعطفًا كبيرًا نحو الأسوأ.

وفُرِضَت هذه العقوبات في 13 مارس/آذار 2025، ردًا على رسالة كتبها الرئيس دونالد ترمب إلى إيران يهدد فيها باستعمال القوة إذا رفضت البلاد الدخول في مفاوضات بشأن البرنامج النووي.

ويمثّل هذا الإجراء تحولًا عن الإستراتيجية السابقة المتمثلة في استبعاد الشخصيات السياسية رفيعة المستوى من العقوبات، إلى التركيز على كبار الموظفين المسؤولين مباشرةً عن تجارة النفط الإيرانية.

استهداف صادرات إيران النفطية

فرضت الولايات المتحدة لسنوات عديدة عقوبات على إيران، تستهدف في المقام الأول صادراتها النفطية، التي تمثّل مصدرًا رئيسًا لإيرادات الحكومة الإيرانية.

وتهدف حملة "الضغط الأقصى"، التي بدأت في عام 2017 وأُعيد فرضها في يناير/كانون الثاني 2025 بعد عودة ترمب إلى منصبه، إلى تفكيك النظام الإيراني من خلال استهداف قطاعاته الاقتصادية الحيوية، مع التركيز على قطاع النفط.

وتبرر العقوبات الأنشطة النووية الإيرانية ونفوذها الإقليمي، الذي يشمل دعم المنظمات المزعزعة للاستقرار، ويتمثل الهدف الرئيس للحملة الحالية في وقف صادرات النفط الإيرانية، خصوصًا إلى الصين، التي تظل أكبر مشترٍ لها على الرغم من العقوبات المستمرة.

ناقلة النفط آيس إنرجي التي ترفع العلم الليبيري تحمل نفطًا إيرانيًا من الناقلة لانا التي تحمل العلم الإيراني
ناقلة النفط آيس إنرجي التي ترفع العلم الليبيري تحمل نفطًا إيرانيًا من الناقلة لانا التي تحمل العلم الإيراني – الصورة من رويترز

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018، تطورت سياسة العقوبات الأميركية.

وطوال مدة ولاية ترمب الأولى، تكثفت العقوبات، بهدف عزل إيران دبلوماسيًا وتطبيق أقصى قدر من الضغط الاقتصادي لإجبار إيران على التخلّي عن طموحاتها النووية والحدّ من نفوذها الإقليمي.

وتستمر هذه السياسة في إعطاء الأولوية للعزلة الدبلوماسية وتطبيق التدابير الاقتصادية الصارمة.

إضعاف قدرة إيران على تصدير النفط

تمثّل العقوبات التي أُعلِنَت في 13 مارس/آذار 2025 تصعيدًا ملحوظًا يهدف إلى إضعاف قدرة إيران على تصدير النفط.

ومن الأمور اللافتة استهداف وزير النفط الإيراني، محسن باكنجاد، للمرة الأولى على الإطلاق، الذي كان له دور فعّال في الإشراف على صادرات النفط في البلاد، وتخصيص إيرادات النفط لدعم العمليات العسكرية.

بحسب وزارة الخزانة الأميركية، يؤدي باكنجاد دورًا محوريًا في توجيه إيرادات النفط الإيرانية لتمويل العمليات العسكرية، بما في ذلك عمليات الحرس الثوري الإيراني.

في المقابل، أكد إعلان العقوبات الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية بالاشتراك مع وزارة الخارجية، أن هذه التدابير تهدف إلى تعطيل التدفقات المالية التي تدعم النفوذ العسكري والإقليمي لإيران.

ويعكس هذا القرار باستهداف مسؤول كبير موقفًا أكثر عدوانية من جانب الحكومة الأميركية.

تاريخيًا، كانت مثل هذه الشخصيات السياسية رفيعة المستوى بمنأى عن العقوبات، لكن هذا التحول يشير إلى أن إدارة ترمب مستعدة لممارسة الضغط مباشرةً على الأفراد الذين يشرفون على قطاعات رئيسة في الاقتصاد الإيراني، مثل تجارة النفط.

السفن العاملة في تجارة النفط الإيرانية

تستهدف العقوبات الجديدة مجموعة واسعة من الأشخاص والمجموعات والسفن العاملة في تجارة النفط الإيرانية.

وتُعدّ الشخصية الأكثر شهرة في هذا الصدد وزير النفط باكنجاد، المسؤول عن تخصيص إيرادات النفط، التي يذهب جزء كبير منها إلى تمويل القوات المسلحة الإيرانية.

وتُقدّر وزارة الخزانة الأميركية أن الجيش الإيراني يحصل على نحو 200 ألف برميل من النفط يوميًا، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم خلال الـ12 شهرًا المقبلة.

إلى جانب باكنجاد، فُرضت عقوبات على مؤسسات أخرى مشاركة في نقل النفط الإيراني، مثل شركة فالون للشحن -مقرّها سيشل-، والسفن "بيس هيل" (المسجلة في هونغ كونغ)، و"بولاريس 1" (التي ترفع العلم الإيراني).

وتسلّط هذه العقوبات الضوء على النطاق الدولي لتجارة النفط غير المشروعة في إيران، التي تشمل مؤسسات من دول مثل الصين والهند وبنغلاديش وسورينام.

ناقلة نفط إيرانية قبالة مقاطعة رياو في إندونيسيا
ناقلة نفط إيرانية قبالة مقاطعة رياو في إندونيسيا – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

أسطول الظل وعمليات تهريب النفط

يتمثل الهدف الرئيس لهذه العقوبات في "أسطول الظل" أو "أسطول الشبح" الإيراني، وهي شبكة من السفن المصممة لإخفاء منشأ شحنات النفط الإيرانية.

وتقوم هذه السفن، التي تعمل أساسًا في جنوب شرق آسيا، بعمليات نقل من سفينة إلى أخرى لتجنُّب اكتشافها من جانب السلطات الدولية.

ومن بين السفن المستهدفة بالعقوبات الأميركية، سفينتا "سيسكاي" و"بيس هيل"، اللتان شاركتا في نقل النفط الإيراني إلى الصين.

وفُرِضت عقوبات على شركات أخرى، مثل شركة "هيشون ترانسبورتيشن تريدينغ" Heshun Transportation Trading Limited وشركة" سيسكاي مارين" (Seasky Marine)، بسبب دورها في تسهيل عمليات تهريب النفط الإيراني.

ويؤكد الإجراء الأميركي الالتزام بمنع إيران من التهرب من العقوبات من خلال أنشطة الشحن غير المشروعة.

الرد الإيراني والسياق الدبلوماسي

تأتي العقوبات في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

في 12 مارس/آذار 2025، أرسل الرئيس ترمب رسالة إلى إيران يحذّر فيها من أن الخيارات العسكرية ستظل مطروحة على الطاولة ما لم تشارك إيران في المفاوضات النووية.

من جانبه، رفض المرشد الأعلى الإيراني، آية الله خامنئي، إمكان إجراء مفاوضات، مشيرًا إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018 دليلًا على أن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها.

ويؤكد رفض خامنئي إجراء محادثات انعدام الثقة العميق بين البلدين، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير للإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب والانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي.

تداعيات استهداف العقوبات لوزير النفط الإيراني

تمثّل الخطوة التي تستهدف وزير النفط الإيراني باكنجاد و"أسطول الظل" الإيراني تصعيدًا كبيرًا في إستراتيجية إدارة ترمب لعزل إيران اقتصاديًا.

ويمثّل هذا تحولًا في السياسة الأميركية، التي كانت تتجنّب تقليديًا فرض عقوبات على كبار المسؤولين.

ومن خلال التركيز على الأفراد المسؤولين عن قطاعات حيوية في الاقتصاد الإيراني، تهدف الولايات المتحدة إلى تعطيل صادرات النفط الحيوية للبلاد، التي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل بالنسبة للنظام.

وتهدف هذه الإجراءات إلى تحييد القنوات المالية المستعمَلة في تمويل الجيش الإيراني، ودعم الأنشطة المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.

ناقلة النفط (دانيال) المحملة بالنفط الإيراني في ميناء تشوشان بمدينة تشوشان شرقي الصين
ناقلة النفط (دانيال) المحمّلة بالنفط الإيراني في ميناء تشوشان بمدينة تشوشان شرقي الصين – الصورة من أسوشيتد برس

وبالنظر إلى أن صادرات النفط ضرورية للاقتصاد الإيراني، فإن إدارة ترمب تأمل أن تؤدي العقوبات على قطاع النفط والمسؤولين الذين يديرونه إلى إعاقة قدرة إيران على تمويل جيشها ومجموعاتها الوكيلة بشكل كبير.

وتشكّل العقوبات جزءًا من إستراتيجية أوسع نطاقا لتقليص القوة العسكرية الإيرانية ونفوذها الإقليمي، من خلال الحدّ من شحنات النفط إلى قوّاتها المسلحة.

وتتوقع وزارة الخزانة الأميركية أنه بحلول نهاية عام 2025، قد يتجاوز النفط المخصص للجيش الإيراني 500 ألف برميل يوميًا، وهو ما يشكّل أكثر من نصف إجمالي إيرادات النفط في البلاد.

ورغم أن هذه العقوبات قد تؤدي إلى تقليص صادرات إيران النفطية، فإن فعاليتها في تحقيق الأهداف الأوسع نطاقًا المتمثلة في وقف طموحات إيران النووية والحدّ من دعمها للوكلاء الإقليميين تظل غير مؤكدة.

وقد تخفف قدرة إيران على التحايل على العقوبات من خلال شبكات التجارة السرّية، من بعض التأثير.

إضافة إلى ذلك، تظل الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني، وقد انتقدت إدارة ترمب إدارة بايدن لعدم فرضها بشكل كامل العقوبات التي من شأنها أن تمنع تجارة النفط الإيرانية غير المشروعة.

نتيجة لهذا، فإن تركيز إدارة ترمب على استهداف الشركات والسفن المتورطة في تهريب النفط الإيراني يشكّل جزءًا أساسيًا من حملتها للضغط.

الخلاصة

من المتوقع أن تطبّق إيران أساليب جديدة للتغلب على العقوبات الحالية التي تستهدف قطاع النفط في البلاد ووزير النفط محسن باكنجاد.

ومن المتوقع أن تعتمد طهران على شبكات التجارة السرّية، وطرق الشحن البديلة، و"أسطول الظل" لديها لدعم إمدادات النفط، خصوصًا للعملاء الكبار مثل الصين، نظرًا لسجلّها في التحايل على عقوبات الأمم المتحدة.

ومن المرجّح أن تتضمن الخطة الإيرانية الأكبر لتجنّب الكشف وتنفيذ العقوبات إجراءات مثل النقل من سفينة إلى سفينة وتوظيف شركات واجهة.

وتأمل إيران حماية أموالها النفطية الحيوية من خلال تغيير أساليب التهريب، على الرغم من الضغوط المتزايدة الناجمة عن العقوبات الأميركية التي تهدف إلى تآكل قوّتها الاقتصادية والعسكرية.

ويُعدّ هذا النزاع المستمر بمثابة تذكير بمدى صعوبة فرض العقوبات في الاقتصاد الدولي.

النفط الإيراني

وتمثّل العقوبات الجديدة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على وزير النفط الإيراني باكنجاد، إلى جانب عدد من الشركات والسفن العاملة في تجارة النفط في البلاد، زيادة كبيرة في الضغوط الاقتصادية التي تمارسها واشنطن على طهران.

وفي الوقت نفسه، أظهرت الولايات المتحدة عزمها على قطع الموارد المالية الحيوية التي تساعد العمليات العسكرية والإقليمية لإيران، من خلال استهداف مسؤول إيراني كبير.

وتأتي هذه الخطوة ضمن إطار تغيير أكبر في سياسة العقوبات الأميركية، التي كانت تحمي السياسيين الأقوياء تقليديًا.

وتشكّل هذه الإجراءات جزءًا من خطة أوسع نطاقًا لإضعاف النفوذ السياسي والاقتصادي لطهران، من خلال عزل البلاد دبلوماسيًا والضغط عليها للدخول في محادثات، ولكن شبكات التجارة السرّية الراسخة في إيران قد تقلل من فعالية هذه العقوبات.

وسوف تكون قدرة الحملة الأميركية على تأمين الدعم الدولي وتنفيذ هذه العقوبات في جميع أنحاء العالم أمرًا حاسمًا لنجاحها.

ومن الممكن أن يكون لهذه العقوبات تأثير كبير في الاقتصاد الداخلي الإيراني، والاستقرار الإقليمي، وأسواق الطاقة الدولية، فضلًا عن تداعياتها السياسية والدبلوماسية.

وسوف تكون النتائج موضع مراقبة واسعة النطاق من قبل صنّاع السياسات والمحللين، خصوصًا فيما يتصل بالمرونة الاقتصادية لإيران، وردود فعل شركائها في مجال الطاقة، والتداعيات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا على الشرق الأوسط.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق