استثمارات الصين في باكستان تتجاوز 21 مليار دولار بقطاع الطاقة.. والتهديدات تحاصرها (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- استثمارات الصين في باكستان بلغت 68 مليار دولار منذ عام 2005
- ذروة الاستثمارات الصينية كانت عام 2015 ضمن مبادرة الحزام والطريق
- المخاطر الأمنية والسياسية وضعف الالتزامات التعاقدية أبرز تحديات المستثمرين
- تصاعد الهجمات على العمال الصينيين في مشروعات باكستان منذ عام 2021
- شركات صينية تتحول إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا
تراكمت استثمارات الصين في باكستان خلال العقدين الماضين بصورة ملحوظة، رغم ضعف الاستقرار السياسي والأمني المزمن الذي تعاني منه البلاد.
وبحسب تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في قطاعات الاقتصاد الباكستاني قرابة 68 مليار دولار خلال الـ26 عامًا الممتدة من 2005 إلى 2024.
وبلغت استثمارات الصين في باكستان ذروتها عام 2015، متجاوزة 20 مليار دولار، ومعظمها تَركَّز في قطاع الطاقة ثم النقل، في إطار المرحلة الأولى من مبادرة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.
ويُنظر إلى مبادرة الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان بوصفها أحد المشروعات الرائدة في إطار مبادرة الحزام والطريق الكبرى التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013.
تطور استثمارات الصين في باكستان
بلغ إجمالي استثمارات الصين في قطاع الطاقة الباكستاني قرابة 21.3 مليار دولار خلال المدة من 2005 إلى 2024، بحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
واستحوذت استثمارات الطاقة على 74% من إجمالي استثمارات المرحلة الأولى لمبادرة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، التي بدأت منذ عام 2015.
واهتمت المرحلة الأولى من هذا التعاون بمشروعات توليد الكهرباء العاملة بالفحم إلى حدّ كبير، إذا بلغ حجم القدرة المضافة العاملة بالفحم قرابة 8 غيغاواط من إجمالي القدرة المضافة منذ عام 2015، البالغة 13 غيغاواط.

وأسهمت مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مجتمعة في إضافة 1.4 غيغاواط إلى القدرة التوليدية العاملة لباكستان منذ عام 2015 وحتى عام 2024.
ودخل مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان مرحلته الثانية بدءًا من عام 2025، ما قد يمثّل فرصة للبلاد للاستفادة من موجة الاستثمارات المقبلة في دعم مسار تحول الطاقة ومتطلباته في قطاعات الكهرباء والنقل والمنازل والصناعة وغيرها.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد تعهَّد في عام 2021 بوقف الاستثمار في مشروعات التوليد بالفحم خارج الصين، ما قد يمثّل فرصة لإعادة توجيه الاستثمارات الصينية إلى مشروعات الطاقة المتجددة في باكستان خلال السنوات المقبلة.
كما يمكن لباكستان الاستفادة من التقدم الهائل الذي أحرزته الصين في تصنيع الطاقة الشمسية والرياح وبطاريات الليثيوم أيون والمركبات الكهربائية، خاصة في ظل الحروب التجارية المتصاعدة بين الغرب والصين.
تحديات الاستثمار في باكستان
رغم الفرص المتاحة لإعادة توجيه استثمارات الصين في باكستان نحو مشروعات الطاقة المتجددة، فإن المخاوف الأمنية وتغير السياسات وضعف الالتزامات التعاقدية ما زالت تثير قلق المستثمرين الصينيين من التوسع أو اقتناص الفرص التي تقدّمها إسلام آباد.
ففي يناير/كانون الثاني 2024، أخفق مزاد مُعلَن حول مشروع للطاقة الشمسية بقدرة 600 ميغاواط في مدينة مظفر جاره بإقليم البنجاب، في جذب أيّ مستثمرين، بسبب المخاطر الأمنية، والاضطرابات السياسية المحتملة.
وكان من اللافت للنظر أن الصين -وهي الحليف الإستراتيجي القديم وأكبر مستثمر في قطاع الطاقة الباكستاني- لم تُبدِ أيّ اهتمام بهذا المزاد، ما يشير إلى أزمة الثقة التي وصلت إلى أقرب المستثمرين.
وتشير بيانات معهد اقتصادات الطاقة إلى أن الاستثمارات الصينية في قطاع الطاقة الباكستاني لم تزد على 4.8 مليار دولار منذ عام 2020 وحتى 2024.
كما خُصِّص 3.7 مليار دولار من هذا الرقم لمحطة طاقة نووية تعمل الشركات الصينية على بنائها في مدينة تشاشما منذ يوليو/تموز 2023، بقدرة مخططة تصل إلى 1.2 غيغاواط.
وحتى هذا المبلغ، من المرجح أن يكون مجرد دفعة أولى لمشروع يتطلب تمويلًا أكبر من ذلك بكثير حتى تشغيله بحلول عام 2030، حيث من المخطط تركيب 4 وحدات مع توفير الصين اليورانيوم المطلوب لتشغيلها.

التهديدات الأمنية أكبر المخاوف
تظل التهديدات الأمنية الهاجس الأكبر لتوسيع استثمارات الصين في باكستان، خاصة مع زيادة الهجمات على مشروعات الشركات الصينية.
وكانت الهجمات المتزايدة على العمال الصينيين بين عامي 2021 و2024 السبب في إطلاق الشركات والدبلوماسيين الصينيين تحذيرات متتالية من خطورة الوضع الأمني وضرورة تشديد التدابير الأمنية في باكستان.
وأثار الهجوم على عمال صينيين في محطة كهرباء تعمل بالفحم في ميناء قاسم خلال أكتوبر/تشرين الأول 2024 مخاوف واسعة بين الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.
على الجانب الآخر، يشتكي المستثمرون الصينيون والأجانب في البلاد من طول إجراءات التراخيص وتعدُّد الموافقات اللازمة من جهات عديدة، إضافة إلى عدم استقرار الأطر التنظيمية وكثرة تغييرها.
كما تتراكم على محطات الكهرباء المُدرجة ضمن مبادرة الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، متأخرات مالية كبيرة وصلت إلى 1.4 مليار دولار حتى عام 2024.
ورغم محاولة الحكومة سداد المتأخرات المستحقة للشركات الأجنبية دوريًا، فإن الظروف الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمرّ بها البلاد، ما زالت غير مشجعة على جذب الاستثمارات الجديدة.
وأسهمت هذه التحديات في تقليص بعض الشركات الصينية استثماراتها في باكستان خلال السنوات الماضية، والتحول إلى دول أخرى أكثر استقرارًا في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا.
فعلى سبيل المثال، كانت شركة تشاينا تري جورجز غروب (China Three Gorges Group) أكبر مستثمر للطاقة النظيفة في باكستان، مع امتلاكها محفظة مكونة من 3 مزارع رياح بقدرة 150 ميغاواط، ومحطة طاقة كهرومائية بقدرة 720 ميغاواط.
وتشير البيانات إلى أن هذه الشركة لم تضخّ أيّ استثمارات جديدة في باكستان منذ عام 2016، مع تحولها إلى مصر والأردن -مؤخرًا- حيث ركّبت مشروعات شمسية وهوائية بقدرة 400 ميغاواط.
ورغم محاولة زيادة استثمارات الصين في باكستان من خلال الإعفاءات الضريبية الخاصة، فإن العقبات الأساسية ما زالت قائمة، وأبرزها المخاطر الأمنية، والركود الصناعي في البلاد، وارتفاع تكاليف الكهرباء والغاز، إضافة إلى البنية الأساسية الضعيفة التي تعوق القدرة على المنافسة.
موضوعات متعلقة..
- ماذا حققت مبادرة الحزام والطريق الصينية في قطاع الطاقة خلال 10 أعوام؟ (تقرير)
- خطة تصنيع السيارات الكهربائية في باكستان تثير انتقادات "المصنّعين" (تقرير)
- الألواح الشمسية الصينية تفاقم أوضاع شبكة الكهرباء في باكستان المثقلة بالديون (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- شحنة ديزل روسية تصل إلى سوريا عبر ناقلة خاضعة للعقوبات.. ما القصة؟
- متى يستعيد إنتاج السعودية من النفط مستوياته الطبيعية؟
- واردات النفط الأميركية من 5 دول عربية تتجاوز 19 مليون برميل
- أكبر 5 صفقات طاقة متجددة في فبراير 2025.. صدارة إماراتية
المصادر:
بيانات استثمارات الصين في باكستان من معهد اقتصادات الطاقة.