غاز شرق المتوسط.. 5 محاور لتسريع استغلال 80 تريليون قدم مكعبة
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- توقعات بارتفاع واردات مصر من الغاز المسال إلى 6 ملايين طن في 2025
- التقديرات تشير إلى أن صافي القيمة الحالية المتبقية من المشروعات بنحو 19 مليار دولار
- مصر لديها فرصة لتعزيز موقعها مركزًا إقليميًا للطاقة ما يدعم تدفقات النقد الأجنبي
- التعاون بين مصر وقبرص يعزز الاستفادة من موارد شرق المتوسط
تمثّل موارد غاز شرق المتوسط أحد أبرز الملفات الجيوسياسية والاقتصادية التي تشغل الأسواق العالمية، حيث تحتل مصر وإسرائيل وقبرص مركز الصدارة في هذه المعادلة المعقدة.
ووفقًا لتقديرات حديثة، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، تحتضن المنطقة موارد متبقية عالية الجودة وقابلة للاستخراج تُقدّر بنحو 80 تريليون قدم مكعبة، بالقرب من هذه الأسواق المتعطشة للطاقة؛ ما يجعلها نقطة جذب رئيسة للمستثمرين.
غير أن تحويل هذه الإمكانات الهائلة إلى واقع ملموس يواجه تحديات متعددة، بدءًا من الأزمات السياسية وصولًا إلى المعوقات الاقتصادية.
ومع ذلك، قد تحمل التحركات الأخيرة بارقة أمل، إذ شهدت الأيام الماضية توقيع اتفاقيات تصدير بين مصر وقبرص، تعكس رغبة قوية في تجاوز العقبات وإطلاق العنان لفرص جديدة.
وفي هذا السياق، تبرز 5 محاور رئيسة يمكن أن تسرع استغلال غاز شرق المتوسط:
- تعزيز التعاون بين مصر وقبرص.
- إعادة إحياء إنتاج الغاز المصري.
- تنويع إمدادات الغاز في مصر.
- ضمان استمرار اهتمام الشركات الكبرى.
- جذب استثمارات جديدة.
تحديات تواجه غاز شرق المتوسط
حتى أواخر العقد الأول من القرن الـ21، كانت منطقة شرق المتوسط يُنظر إليها بوصفها معبرًا للطاقة أكثر من كونها منطقة إنتاج.
ومع ذلك، أدّت اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز في المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من إسرائيل ومصر وقبرص إلى قلب المعادلة، فقد كشفت التقديرات عن احتياطيات تضاهي تلك الموجودة في بحر الشمال.
غير أن هذه الآمال اصطدمت بتعقيدات الجغرافيا السياسية؛ ما أوجد خريطة مشحونة بالتوترات.
وبحسب ما قاله نائب رئيس منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة وود ماكنزي، غافين طومسون، خلال مشاركته في جلسة ضمن فعاليات معرض ومؤتمر مصر الدولي للطاقة إيجبس 2025، ما يزال مسار تطوير قطاع غاز شرق المتوسط يواجه عقبات رغم امتلاكه مقومات نجاح تجعله لاعبًا رئيسًا في أسواق الطاقة.
في مصر، على سبيل المثال، تتفاقم أزمة نقص إمدادات الغاز، وفي إسرائيل، تسعى الحكومة إلى توسيع صادرات الغاز وإنتاجه، في حين لم يشهد قطاع الإنتاج في قبرص انطلاقة فعلية بعد، ما يعني الحاجة إلى تسريع وتيرة التطوير.
شراكات غاز شرق المتوسط تتحدّى الأزمات
في قلب التوترات الجيوسياسية التي تعصف بغاز شرق المتوسط، يبرز التعاون بين مصر وقبرص محورًا أساسيًا لإعادة تشكيل المشهد.
ففي ظل تصاعد المنافسة، وتباطؤ تطوير مشروعات الغاز بسبب حرب غزة، جاء إعلان اتفاقيات تصدير جديدة بين البلدَيْن ليؤكد أن شهية الاستثمار ما تزال مفتوحة، سواء من جانب المنتجين أو المشترين.
وكانت مصر قد تعرّضت لأزمة طاقة هائلة، إذ تراكمت ديونها لصالح منتجي الغاز بمليارات الدولارات؛ ما أضر بتدفق الاستثمارات، لكنها بدأت تحقق تقدمًا ملموسًا منذ تشكيل الحكومة الجديدة في يونيو/حزيران 2024.
في المقابل، وبعد أكثر من عقد على اكتشاف أول احتياطيات الغاز، بدأت قبرص تحقق تقدمًا في استغلال مواردها.
فقد أبرمت شركة شيفرون اتفاقًا لتصدير الغاز القبرصي من حقل أفروديت إلى مصر عبر خطوط الأنابيب، في حين وقّعت إيني اتفاقًا مع مصر وقبرص لتطوير حقل كرونوس والاستفادة من البنية التحتية لحقل ظهر ومحطة الإسالة في دمياط.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي:
إنتاج الغاز المصري طوق نجاة
بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة، انخفض إنتاج الغاز المصري 6.6 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2022 إلى 4.4 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2024.
ويعود هذا التراجع إلى انخفاض إنتاج حقل ظهر، وتراجع إنتاج الحقول القديمة، بالإضافة إلى ضعف وتيرة الاستكشافات الجديدة، ما أدى إلى عجز في الإمدادات أسرع مما كان متوقعًا.
ومع تحسّن أزمة مستحقات الشركات الأجنبية، بدأت ملامح انتعاش خجولة تظهر في أنشطة التنقيب، وقد تُسهم مشروعات، مثل "نرجس" التابع لـ"شيفرون"، واكتشافات شركة "شل"، في تخفيف الأزمة.
كما يشير اكتشاف "نفرتاري" في منطقة شمال مراقيا البحرية، الذي أعلنته "إكسون موبيل" بالشراكة مع "قطر للطاقة" والذي يحتوي على تريليونات الأقدام المكعبة، إلى إمكانات واعدة.
ويرى نائب رئيس منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، غافين طومسون، أن تحفيز المستثمرين يتطلّب تحسين الحوافز المالية، ورفع الأسعار المحلية.
تنويع إمدادات الغاز في مصر
وسط تراجع إنتاج حقول الغاز العملاقة مثل ظهر وغرب الدلتا، تجد مصر نفسها أمام تحدٍّ لتأمين إمدادات جديدة تعوّض الانخفاض الحاد في الإنتاج المحلي.
وتتجه الأنظار إلى الغاز الإسرائيلي، إذ يُتوقع أن تزداد صادرات حقل تمار إلى مصر، في حين تسعى توسعة المرحلة "1 بي" في ليفياثان إلى تلبية الطلب الإقليمي.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي شهريًا بين عامي 2022 و2024:
في الوقت ذاته، تقترب مصر أكثر من الغاز القبرصي، إذ أصبحت وارداته أكثر ضمانًا مع إمكان إبرام مزيد من الصفقات في المستقبل القريب.
بالإضافة إلى ذلك، تتحرك القاهرة نحو تأمين الإمدادات عبر استيراد الغاز المسال، بوساطة التعاقد مع وحدتيْن عائمتيْن للتخزين وإعادة التغويز، مع إمكان تشغيل وحدة ثالثة هذا الصيف لمواكبة ذروة الاستهلاك.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن ترتفع واردات مصر من الغاز المسال إلى 6 ملايين طن هذا العام، بعدما بلغت ما يقرب من 3 ملايين طن العام الماضي، وفق بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم هذا العجز المستمر فإن الباب غير مغلق أمام طموحات مصر لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، فمع امتلاكها بنية تحتية ضخمة لإسالة الغاز، تبقى الفرصة سانحة لاستقطاب كميات إضافية وإعادة تصديرها إلى أوروبا، ويُسهم ذلك في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي.
دور شركات النفط الكبرى والاستثمارات الجديدة
في الوقت الذي يستعد فيه غاز شرق المتوسط لمرحلة جديدة من النمو، تبقى شركات النفط الكبرى حجر الأساس في هذه المعادلة، مستفيدةً من التدفقات النقدية المستقرة وانخفاض انبعاثات الغاز، بالإضافة إلى ميزة الوصول إلى الأسواق الأوروبية.
ويُقدّر صافي القيمة الحالية لمشروعاتها المتبقية في المنطقة بقرابة 19 مليار دولار، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم أن المنطقة تتمتع بتنافسية قوية مقارنة بمناطق أخرى، فإن هوامش الربح المحدودة وأسعار الغاز المحلية غير الجاذبة للاستثمارات طويلة الأجل تبطئ زخم الاستكشاف والتطوير، لا سيما في الحقول البحرية العميقة.
في المقابل، بدأت موجة جديدة من الاستثمارات تدخل السوق المصرية، مع ظهور لاعبين جدد في قطاع الغاز:
- شركة أركيوس إنرجي، المشروع المشترك بين أدنوك وبي بي البريطانية، تركز على تطوير حقل ظهر وحقل أتول ومنطقة دلتا النيل، وقد تسعى إلى فرص في إسرائيل وقبرص.
- استحواذ مجموعة كارلايل على أصول شركة إنرجيان اليونانية في مصر قد يعزّز شهية المستثمرين لصفقات الاندماج والاستحواذ.
- من المتوقع أن تحافظ شركة هاربور إنرجي على أصولها في مصر، التي تحتل المرتبة الخامسة من حيث صافي القيمة الحالية في محفظتها الاستثمارية.
الخلاصة..
تمثّل موارد غاز شرق المتوسط الضخمة فرصة اقتصادية كبيرة، لكن تحقيق الاستفادة القصوى منها يتطلّب تعزيز التعاون بين مصر وقبرص، وإعادة إحياء إنتاج الغاز المصري، إلى جانب ضمان استمرار اهتمام الشركات الكبرى، وجذب استثمارات جديدة.
موضوعات متعلقة..
- حقول غاز شرق المتوسط.. احتياطيات ضخمة تتصدرها مصر (تقرير)
- كيف يتأثر غاز شرق المتوسط بحرب غزة.. وما تطورات غزة مارين؟ خبير دولي يجيب (صوت)
- منصة الطاقة تناقش 4 خبراء حول تطورات غاز شرق المتوسط
اقرأ أيضًا..
- نشطاء المناخ يحاصرون شركات النفط والغاز في كولورادو.. ما القصة؟
- نمو الطلب على الكهرباء في مصر قد يتسارع إلى 3% سنويًا
- حصة النفط في مزيج الكهرباء السعودي قد تهبط إلى 20% خلال 2027
المصادر: