تماضر الصباح: الكويت تستعد لحفر آبار في 4 قطاعات بحرية.. وهذه تطورات اكتشاف النوخذة الضخم
أجرى الحوار - عبدالرحمن صلاح
كشفت مدير عام إدارة العلاقات العامة والإعلام البترولي في وزارة النفط الكويتية الشيخة تماضر الصباح، عن تطورات قطاع النفط وأنشطة الحفر المقررة خلال العام المقبل (2025).
وفي حوار مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تحدّثت الشيخة تماضر خالد الأحمد الجابر الصباح، عن أبرز منجزات الوزارة في عام 2024، خاصة اكتشاف النوخذة الضخم، والتطورات الجارية بعدد من القطاعات الأخرى.
كانت الكويت قد أعلنت، مساء يوم الأحد 14 يوليو/حزيران 2024، عثورها على كميات كبيرة من النفط الخفيف عالي الجودة والغاز في حقل النوخذة البحري، باحتياطيات تُقدَّر بنحو 3.2 مليار برميل نفط مكافئ، أي ما يعادل إنتاج الدولة بأكملها لمدة 3 سنوات.
ومن شأن اكتشاف النوخذة البحري أن يدعم إستراتيجية مؤسسة البترول الوطنية لإنتاج 4 ملايين برميل نفط يوميًا بحلول عام 2035.
إذ يأتي هذا الاكتشاف الضخم بعد نحو 6 عقود من عمليات الاستكشاف والبحث عن الغاز في المنطقة المغمورة بمحاذاة الكويت.
وفيما يلي نص الحوار مع الشيخة تماضر الصباح:
ما أبرز منجزات قطاع النفط والغاز الكويتي في 2024؟
شهد قطاع النفط والغاز في دولة الكويت انطلاقة قوية خلال 2024؛ حيث حقق العديد من الإنجازات الإستراتيجية التي عززت من مكانة الكويت في السوق العالمية للطاقة، ووضعت أسسًا قوية للتوسع المستقبلي.
وكان من أبرز تلك الإنجازات تدشين التشغيل الكامل لمصفاة الزور، وذلك في احتفالية نُظِّمت خلال شهر يونيو/حزيران 2024 وحضرها الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
وتعد مصفاة الزور أحد أهم مشروعات خطة التنمية لدولة الكويت وإحدى الركائز الرئيسة للخطة الإستراتيجية لمؤسسة البترول الكويتية 2040 لإنتاج مشتقات نفطية عالية الجودة ذي المحتوى الكبريتي المنخفض للحد من الغازات الملوثة، وفق المعايير والاشتراطات البيئية العالمية، إلى جانب تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية نتيجة النمو السكاني والعمراني؛ حيث تبلغ طاقتها التكريرية 615 ألف برميل يوميًا.
واستمرت الإنجازات التي حققها القطاع النفطي الكويتي في إعلان شركة نفط الكويت خلال شهر يوليو/تموز، اكتشاف حقل النوخذة البحري والذي يقع شرق جزيرة فيلكا في المياه الاقتصادية الكويتية، الذي يحتوي على احتياطيات تقدر بـ3.2 مليار برميل نفط مكافئ، ويُمثل هذا الحقل خطوة إستراتيجية لتعزيز الإنتاج البحري وزيادة الطاقة الإنتاجية المستقبلية.
في حين تشير التقديرات الأولية لمخزون الموارد الهيدروكربونية الموجودة بالطبقة إلى وجود نحو 2.1 مليار برميل من النفط الخفيف، و5.1 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز، وبما يعادل 3.2 مليار برميل نفط مكافئ.
وتعد هذه البيانات أولية، مع وجود احتمالات كبيرة لتعزيز وزيادة كمية مخزون الموارد الهيدروكربونية في طبقات ومكامن مختلفة بالحقل البحري المكتشف.
ما أبرز التطورات المرتقبة بخصوص اكتشاف النوخذة الضخم؟
شركة نفط الكويت أجرت اختبارات ناجحة على البئر؛ حيث بلغ معدل الإنتاج اليومي نحو 2800 برميل من النفط و7 ملايين قدم مكعبة من الغاز.
وتعمل الشركة حاليًا على وضع خطط تطويرية لاستغلال هذه الموارد، مع التركيز على استعمال تقنيات حديثة لضمان الكفاءة والاستدامة في عمليات الاستخراج.
ويُعَد هذا الاكتشاف دافعًا لزيادة الاهتمام بعمليات التنقيب البحري في الكويت؛ حيث تسعى البلاد إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة؛ إذ يسهم الحقل في زيادة احتياطيات الكويت من النفط والغاز؛ ما يدعم خططها لزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2040.
ويجري العمل حاليًا على تطوير حقل النوخذة البحري من خلال مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد لزيادة الفهم الجيولوجي للمنطقة، بالإضافة إلى حفر بئر (نوخذة-2) لاستكشاف الأعماق الجوراسية في المنطقة البحرية، وهذه الجهود ستُسهِم في تعزيز الإنتاج المستدام.
ومن المتوقع أن يُسهم الغاز المستخرج من الحقل في تقليل اعتماد الكويت على واردات الغاز المسال؛ ما يعزز الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، ولذلك يُعَد حقل النوخذة البحري إضافة إستراتيجية لقطاع النفط والغاز في الكويت وتلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة في السنوات المقبلة.
ما الدور المهم للكويت في تحالف أوبك+ ودعم استقرار سوق النفط؟
تؤدي دولة الكويت دورًا محوريًا في تحالف "أوبك+" لدعم استقرار سوق النفط العالمية؛ حيث تسهم بتجربتها وخبرتها الطويلة في تحقيق التوازن بين العرض والطلب في أسواق الطاقة.
ويبرز دور الكويت في التحالف عبر الالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها داخل التحالف وبدقة، ويعكس هذا الالتزام رغبتها في تعزيز مصداقية التحالف وضمان تنفيذ قراراته؛ ما يسهم في تحقيق الاستقرار اللازم لدعم اقتصادات الدول المنتجة وحماية المستهلكين.
كما تحرص الكويت دائمًا على الحضور والمشاركة الفعّالة في اجتماعات أوبك+، وتدعم أي مبادرات تهدف إلى تعزيز استدامة السوق النفطية، مثل مشروعات الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثات الكربون، وبفضل هذا الدور المتوازن والمسؤول.
وخلال اجتماع تحالف "أوبك+" الأخير الذي عقد مطلع شهر ديسمبر 2024، اتخذت دولة الكويت وعدد من الدول المنتجة قرارات بتمديد خفض الإنتاج الطوعي حتى نهاية مارس 2025، وهي خطوة إيجابية تعكس التزام الدول المنتجة بمسؤولياتها تجاه استقرار الأسواق.
ماذا عن أنشطة الحفر والتنقيب الحالية، أو المقرر البدء بها في عام 2025؟
تتضمّن أنشطة الحفر والتنقيب الحالية أو المقرر البدء بها في عام 2025 وفق خطة شركة نفط الكويت، الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الاستكشاف البحري التي تشمل حفر 6 آبار استكشافية في 4 قطاعات بحرية، والتحضير لعمل مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد للمناطق البحرية، خاصة في منطقة النوخذة، لتحديد مواقع جديدة واعدة للتنقيب.
وتهدف الكويت للعمل على خفض المدة الزمنية من الاستكشاف إلى الإنتاج إلى 5 سنوات بدلًا من 12 سنة، من خلال توظيف التكنولوجيا الحديثة وتعزيز كفاءة العمليات.
كما أن دولة الكويت تخطط للتوسع في عمليات الحفر بمنطقة غرب الكويت ومنطقة المطربة؛ حيث تم الانتهاء مؤخرًا من المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد، وبدء تنفيذ مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد جديدة في منطقتي كراع المرو وجزيرة بوبيان.
وتعمل الكويت على إدخال تقنيات حديثة للحفر عبر تبني أحدث تقنيات الحفر لتحسين الإنتاجية وتقليل النفقات، وهو ما أسهم في توفير ملايين الدنانير في النفقات الرأسمالية، فضلًا عن إشراك المقاولين المحليين لتعزيز التعاون ضمن إستراتيجية تطوير القطاع النفطي وتوطين التكنولوجيا.
ما أبرز المشروعات التي تتطلعون لإنجازها في عام 2025؟
تتطلع الكويت إلى تنفيذ مجموعة من المشروعات النفطية الكبرى في عام 2025، والتي ستُسهِم في تعزيز قطاع النفط والغاز، وتحقيق أهدافها الإستراتيجية في زيادة إنتاج النفط والغاز وتطوير البنية التحتية للقطاع، بهدف الوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل يوميًا، وإنتاج 1.5 مليار قدم مكعبة من الغاز الحر يوميًا في عام 2040 من قبل شركة نفط الكويت، ويأتي ذلك من خلال استثمار المزيد من الموارد في تطوير الحقول النفطية القائمة والاكتشافات الجديدة.
وتعتزم مؤسسة البترول الكويتية إنفاق نحو 410 مليارات دولار لتنفيذ إستراتيجية 2040 وإستراتيجية تحول الطاقة 2050، ويتضمن المبلغ إنفاق 110 مليارات دولار على مشروعات التحول في الطاقة، ونحو 300 مليار دولار إنفاقًا استثماريًا معتادًا بالقطاع النفطي لتغطية الأعمال الاستكشافية والإنتاجية والتكرير والبتروكيماويات.
وماذا عن تطورات قطاع التكرير المحلي؟
عند النظر إلى قطاع التكرير المحلي؛ فقد أنجزت شركة البترول الوطنية الكويتية، خلال السنوات الماضية، العديد من المشروعات الهادفة إلى تطوير أدائها التشغيلي والبيئي، وتحسين جودة منتجاتها، لتصبح منتجات عالية الجودة وصديقة للبيئة.
وتوجت الشركة جهودها في هذا المجال بتشغيل مشروع الوقود البيئي في شهر سبتمبر/أيلول 2021، الذي يعد المشروع الأضخم في تاريخ القطاع النفطي الكويتي، وبتشغيله أصبحت الطاقة التكريرية بمصفاتي ميناء الأحمدي وميناء عبدالله 800 ألف برميل يوميًا.
ومع التشغيل الكامل لمصفاة الزور بطاقة إجمالية قصوى قدرها 615 ألف برميل يوميًا؛ فقد نجحت الكويت في تحقيق أحد التوجهات الإستراتيجية الرئيسة لمؤسسة البترول الكويتية 2040 والتي تهدف إلى رفع الطاقة التكريرية لتصل إلى 1.6 مليون برميل يوميًا.
كما تخطط شركة البترول الوطنية الكويتية إلى بدء عمليات الإنشاء لمستودع المطلاع، ويهدف إلى توفير طاقة تخزينية إستراتيجية؛ ما يتيح تلبية الارتفاع المتوقع في الطلب على المنتجات البترولية، ويعد هذا المشروع من العناصر الأساسية في تحسين قدرة الكويت على تلبية احتياجات السوق المحلية ويعزز من استعدادات الدولة لمواجهة أي طوارئ.
وتستمر جهود البلاد نحو إنشاء المزيد من محطات تعبئة الوقود، وذلك ضمن خطة إنشاء 100 محطة جديدة لتعبئة الوقود في مختلف مناطق الكويت، وتتميز هذه المحطات باحتوائها على ألواح الطاقة الشمسية؛ ما يعزز من استدامة الطاقة.
ما دور قطاع النفط الكويتي في خفض الانبعاثات؟
تتركز أهداف مؤسسة البترول الكويتية في زيادة الإنتاج النفطي إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2035، ودعم التوجهات المستقبلية للطاقة من خلال الاكتشافات الجديدة والمشروعات البيئية.
كما أن المؤسسة تستهدف تقليل انبعاثات الكربون، حيث خُفِّضَت نسبة حرق الغاز من 17% إلى أقل من 0.5% منذ عام 2005، وكذلك، هناك مشروعات لتحفيز الإنتاج باستعمال تقنيات حديثة مثل التخزين الجيولوجي لثاني أكسيد الكربون (CO2)؛ حيث يعمل قطاع النفط الكويتي على استعمال وتخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل يعزز الإنتاج ويقلل من التأثيرات السلبية على البيئة، وهذا يشمل استعمال تقنيات جديدة تُسهِم في تقليل الانبعاثات الناتجة عن العمليات الإنتاجية.
وتُستَعمل الطاقة البديلة من خلال محطات مثل (سدرة 500)، وتُستَعمل الطاقة الشمسية لتوفير جزء من احتياجات العمليات الإنتاجية في المكامن النفطية مثل مكمن أم قدير؛ ما يسهم في تقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية وتقليل الانبعاثات، وبالنظر إلى الطلب المتزايد على البتروكيماويات، من المتوقع أن يتجه الاستثمار الكويتي في هذا القطاع بما يعزز من استدامة العمليات وتقليل التأثيرات البيئية.
ما أبرز جهود وزارة النفط، خصوصًا إدارة العلاقات العامة والإعلام البترولي، في تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز العمل الإعلامي وتطوير القطاع النفطي؟
وزارة النفط تؤمن بأهمية التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا الحديثة بوصفهما جزءًا من إستراتيجيتها لتحقيق التميز والابتكار، ومنذ فبراير/شباط عام 2020، أطلقت الوزارة برنامجًا شاملًا للتحول الرقمي، يتضمّن تطوير هوية جديدة وتنفيذ العديد من المبادرات التكنولوجية، ومن أبرز جهود الوزارة في هذا المجال إطلاق جائزتي "التحول الرقمي" و"النفط تبتكر"، اللتين أصبحتا منصة لتكريم المبدعين من العاملين في القطاع النفطي والشباب الكويتي الجامعي.
وفي إطار تطبيقات الذكاء الاصطناعي، نفّذت إدارة العلاقات العامة والإعلام البترولي مشروعات متميزة مثل إطلاق كتب بتقنية الذكاء الاصطناعي، شملت هذه المشروعات كتاب "الأوائل في القطاع النفطي"، الذي يوثق تاريخ وتطور الصناعة النفطية، وكتاب "المرأة في القطاع النفطي.. إنجازات رائدة"، الذي يسلط الضوء على دور المرأة في هذا المجال.
كما أطلقت الوزارة المذيعة الافتراضية (نوف)، وهي أول موظفة افتراضية بالذكاء الاصطناعي تمثل الوزارة، بوصفها وجهًا إعلاميًا جديدًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتقرأ الأخبار وتتفاعل مع الجمهور باستعمال تقنية متقدمة تجمع بين تسجيل صوتي لشخص حقيقي وشخصية افتراضية، وهذه المبادرات تبرز التزام الوزارة باستعمال التكنولوجيا لتعزيز الابتكار في القطاع النفطي وتطوير وسائل التواصل مع الجمهور.
كيف تنظرون إلى دور التحول الرقمي في تطوير وزارة النفط؟
التحول الرقمي يمثل حجر الزاوية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية شاملة للدول والاقتصادات، ومن هذا المنطلق، تولي وزارة النفط اهتمامًا بالغًا بتبني إستراتيجيات رقمية متطورة تسهم في تعزيز الابتكار، وتحسين الأداء، ورفع كفاءة العمليات في قطاع النفط والغاز.
ولا يقتصر التحول الرقمي على الجانب التشغيلي فقط، بل يمتد إلى تطوير البرامج الإعلامية من خلال توظيف التكنولوجيا الحديثة لصناعة محتوى إعلامي رقمي متميز، وتفعيل الاستعمال الأمثل لمنصات التواصل الإعلامي الحديثة.
نرشح لكم..
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة للأسواق العربية والعالمية في 2024 وتوقعات 2025
- الكويت.. ماذا تعرف عن صاحبة ثاني أكبر حقل نفطي في العالم؟
- أكبر اكتشاف غاز في 2024 من نصيب دولة عربية