التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير دوريةحصاد الطاقة 2024سلايدر الرئيسيةطاقة متجددةغازوحدة أبحاث الطاقة

قطاع الطاقة في مصر 2024.. جهود لحل أزمة الغاز وصفقات ضخمة للمصادر المتجددة

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

واجه قطاع الطاقة في مصر خلال عام 2024 العديد من التحديات الصعبة التي كان قد نجح خلال السنوات الماضية في التخلص منها، ليشهد تحولًا مثيرًا ناتجًا عن تراجع كبير لإنتاج الغاز الطبيعي، تسبَّب في 3 أزمات، زادت حدّتها خلال الصيف.

وأمام ذلك، عمدت مصر إلى توفير الإمدادات عبر استئجار المزيد من سفن الغاز المسال العائمة لتحويل الغاز المسال المستورد إلى حالته الطبيعية، فضلًا عن جهود مكثفة لزيادة الإنتاج المحلي، وفق ملف الحصاد السنوي لعام 2024 الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

واتجاه مصر إلى زيادة قدرة التغويز لديها يفتح الباب أمام تساؤلات.. هل استعدادًا لصيف 2025 مع استمرار انخفاض الإنتاج؟ أم رغبة البلاد في العودة مرة أخرى للسوق العالمية بصفتها مصدرًا لذلك الوقود؟

ورغم أزمات قطاع الطاقة في مصر، فقد نجح في توقيع المزيد من الصفقات الضخمة بالطاقة المتجددة والهيدروجين، لتدعم مستهدفات البلاد بحلول نهاية العقد، وهو ما قد يخفّف من حدّة أزمة تراجع إنتاج الغاز مع تشغيل تلك المشروعات.

قطاع الطاقة في مصر يتعرض لـ3 أزمات.. ماذا حدث؟

تعاقد قطاع الطاقة في مصر على استئجار سفن غاز مسال عائمة جديدة خلال 2024، لتعزيز الواردات من أجل التصدي لتراجع الإنتاج المحلي، ومن ثم تفادي أزمة قطع الكهرباء لساعات طويلة، ليتلخّص ذلك في 3 أزمات، كما يلي:

1- تراجع إنتاج الغاز

ما يزال قطاع الطاقة في مصر يواجه مشكلة تراجع إنتاج الغاز بصورة ملحوظة، ليلامس أدنى مستوى له منذ 7 سنوات ونصف، ويهبط بمقدار بلغ 8.21 مليار متر مكعب خلال الأشهر الـ10 الأولى من 2024.

وتوضح آخر الأرقام المتاحة أن إجمالي إنتاج مصر من الغاز هبط إلى 41.88 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، مقابل 50.09 مليار متر مكعب في المدة المقابلة.

وفي سبتمبر/أيلول 2024، هبط إنتاج مصر إلى 3.81 مليار متر مكعب، عند أدنى مستوى منذ فبراير/شباط 2017، البالغ فيه 3.48 مليار متر مكعب.

ومن المتوقع -بحسب تقديرات وحدة أبحاث الطاقة- انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 4.4 مليار قدم مكعبة يوميًا (124.64 مليون متر مكعب يوميًا) خلال 2024، مقابل 5.5 مليار قدم مكعبة يوميًا (155.8 مليون متر مكعب يوميًا) في عام 2023، وفقًا لما يرصده الرسم البياني التالي:

إنتاج مصر من الغاز الطبيعي

2- قطاع الكهرباء يواجه أزمة كبيرة

جراء نقص الغاز، تعرَّض قطاع الكهرباء لأزمة كبيرة مع اعتماده على هذا الوقود بنسبة تتجاوز 60%، وظهرت بصورة واضحة في أشهر صيف 2024، لتلجأ البلاد إلى تطبيق سياسة تخفيف الأحمال لساعات طويلة، قبل أن تنجح في حلّها مع عودتها للاستيراد الغاز المسال وتكثيف التعاقد على شحنات جديدة.

وقفز استهلاك مصر من الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء والتدفئة بمقدار 867 مليون متر مكعب خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2024، ليبلغ 30.52 مليار متر مكعب، مقابل 29.66 مليارًا في المدة المقارنة من 2023.

وسجلت أشهر الصيف أعلى معدلات في استهلاك الغاز بتوليد الكهرباء ليصل في يوليو/تموز 2024 إلى 3.63 مليار متر مكعب وهو أعلى مستوى منذ أغسطس/آب 2021، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة لمستويات فوق معدلاتها الطبيعية.

ومع الانخفاض التدريجي لدرجات الحرارة، تراجع استهلاك الغاز للشهر الثالث على التوالي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 2.98 مليار متر مكعب، مقابل 3.27 مليار متر مكعب في الشهر السابق له.

ومن المتوقع ارتفاع استهلاك مصر من الغاز في توليد الكهرباء والتدفئة إلى 5.9 مليار قدم مكعبة يوميًا (167.14 مليون متر مكعب يوميًا) خلال 2024، مقابل 5.8 مليار قدم مكعبة يوميًا (164.3 مليون متر مكعب يوميًا) في عام 2023، بحسب ما يوضحه الرسم البياني التالي:

توقعات استهلاك مصر من الغاز الطبيعي

3-وقف التصدير وفقدان مصدر مهم للدولار

مع تعقُّد مشكلة الإنتاج وزيادة الاستهلاك، اضطرت مصر إلى وقف تصدير الغاز المسال والتحول لاستيراده، لتفقد البلاد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي، خاصة مع تضرُّر إيرادات قناة السويس -أيضًا- جراء التوترات الجيوسياسية.

ولم تُصدِّر مصر أيّ شحنة غاز مسال بدءًا من مايو/أيار 2024 كما أعلنت الحكومة، لتهبط صادرات البلاد بصورة حادّة خلال النصف الأول من العام إلى 540 ألف طن، مقابل 2.74 مليون طن في النصف المقارن من عام 2023، وفقًا لبيانات وحدة أبحاث الطاقة.

وفي المقابل، كثّفت مصر من استيراد الغاز المسال لتوفيره للسوق المحلية، إذ تشير أرقام وحدة أبحاث الطاقة أن واردات مصر من الغاز بنوعيه -الطبيعي والمسال- في طريقها لتسجيل مستويات قياسية، بعد أن توقفت منذ أواخر عام 2018.

وعند تتبُّع عدد الشحنات التي تعاقدت عليها مصر؛ فهو الأكبر في تاريخ البلاد منذ سنوات وسط الطلب المتزايد من محطات الكهرباء، مع وجود تقارير تحدّثت عن اتجاه القاهرة إلى إلغاء بعض التعاقدات مع انخفاض الطلب في فصلَي الخريف والشتاء.

وفي ظل تكثيف استيراد الغاز المسال، تعاقدَ قطاع الطاقة في مصر رسميًا على استئجار وحدتين لإعادة التغويز بقدرة تصل إلى 750 مليون قدم مكعبة يوميًا لكل سفينة، حيث استقبلت البلاد هوج غاليون (Hoegh Galleon) في يونيو/حزيران الماضي.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت البلاد التعاقد مع وحدة ثانية لإعادة التغويز، ومن المقرر أن تستقر هي الأخرى في العين السخنة، على أن تبدأ عملياتها خلال النصف الثاني من عام 2025، بالإضافة إلى تقارير تشير التعاقد على وحدة ثالثة من المتوقع أن تصل بحلول يونيو/حزيران 2025.

ويُظهر تتبُّع أجرته وحدة أبحاث الطاقة أن قدرة إعادة التغويز وفقًا للاتفاقيات الجديدة تتخطى الاستهلاك المحلي.

اكتشافات الغاز والنفط

جاء تعقُّد الأزمة في 2024 مع بذل البلاد مزيدًا من الجهود الحثيثة للعمل على زيادة إنتاج الغاز ومواجهة مشكلة الانخفاض الطبيعي في إنتاج بعض الآبار، ويتصدرها حقل ظهر.

ويشار إلى أن إنتاج حقل ظهر انخفض إلى 1.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقابل متوسط 1.9 مليار قدم مكعبة يوميًا في النصف الأول من 2024، وفقًا لتصريحات مصدر حكومي لمنصة الطاقة المتخصصة.

ومن بين الاكتشافات الجديدة، العثور على كميات غاز بمنطقة حقول أبوقير البحرية على يد شركة إنرجيان (Energean)، بمعدل إنتاج 15 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى جانب المكثفات.

وفي يونيو/حزيران 2024، وضع قطاع الطاقة في مصر البئر الأولى لمشروع تنمية المرحلة الثالثة لحقول شمال سيناء البحرية على خريطة الإنتاج بمعدل 17 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز.

وشهد العام كذلك توقيع مصر اتفاقية مع شركتي شل العالمية متعددة الجنسيات وبتروناس الماليزية لضخّ استثمارات إضافية في منطقة غرب الدلتا البحرية العميقة، لتنفيذ المرحلة العاشرة باستثمارات 222 مليون دولار.

وبصفة عامة، يخطط قطاع الطاقة في مصر حفر نحو 110 آبار استكشافية خلال العام المالي الجاري 2024-2025، باستثمارات إجمالية تُقدّر بـ 1.2 مليار دولار، -العام المالي يبدأ في يوليو/تموز وينتهي في يونيو/حزيران من كل عام-.

ومن بين الجهود الأخرى:

  • توقيع 5 اتفاقيات استكشافية جديدة باستثمارات تصل إلى 200 مليون دولار
  • طرح مزايدات استكشافية جديدة في الصحراء الغربية والشرقية والبحر الأحمر.
  • توقيع عقود لتطوير 8 حقول متقادمة في خليج السويس والصحراء الشرقية.
  • طرح مزايدة للتنقيب في 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل، وتشمل 10 مناطق بحرية ومنطقتين برّيتين.
  • استكمال المسح السيزمي لأكثر من 2000 كيلومتر لتحديد المناطق الواعدة.

صفقات ضخمة في قطاع الطاقة المتجددة

واصل قطاع الطاقة في مصر توقيع صفقات لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة خلال عام 2024، وُصِفت بأنها من بين الأضخم عالميًا، مع استمرار افتتاح محطات جديدة.

ومن أبرز المشروعات، توقيع اتفاقية حق الانتفاع لمشروع إنتاج طاقة الرياح بمنطقتي خليج السويس وجبل الزيت بسعة 1.1 غيغاواط، ومحضر استلام الأرض لتنفيذ مشروع محطة طاقة الرياح بقدرة 10 غيغاواط غرب سوهاج، بتكلفة تتجاوز 10 مليارات دولار.

كما وقّعت القاهرة محضر استلام أرض لمشروعَي طاقة الرياح بمحافظة سوهاج، بقدرة 8 غيغاواط، بتكلفة استثمارية 9 مليارات دولار.

وفي المقابل، افتتح قطاع الطاقة في مصر محطة رياح في خليج السويس بقدرة 252 ميغاواط، ومحطة أبيدوس 1 للطاقة الشمسية في محافظة أسوان بقدرة 500 ميغاواط .

زخم مشروعات الهيدروجين في مصر

شهد قطاع الطاقة في مصر توقيع 12 مشروعًا جديدًا في إنتاج الهيدروجين، لتستمر البلاد تصدُّرها عدد الدول العربية في عدد الاستثمارات المعلنة، لتصل إلى 36 مشروعًا بنهاية سبتمبر/أيلول 2024.

ومن أبرزها توقيع 3 اتفاقيات جديدة بقطاع الهيدروجين الأخضر باستثمارات ضخمة تصل إلى 34 مليار دولار، وكذلك 7 اتفاقيات مع مطورين عالميين في مجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة تستهدف استثمارات بنحو 40 مليار دولار خلال 10 سنوات.

وفي السياق ذاته، تعمل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على توقيع اتفاقية إطارية لأحد مشروعات الهيدروجين الأخضر بطاقة إنتاجية مُتوقعة 1.3 مليون طن سنويًا واستثمارات 7.5 مليار دولار.

وكانت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس قالت إنها وقّعت 30 مُذكرة تفاهم، فُعِّلَت 14 مذكرة من بينها، وتتضمن 12 اتفاقية إطارية بحجم إنتاج مُتوقع 18 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا باستثمارات 64 مليار دولار.

وكانت طفرة هذه المشروعات مدعومة بسياسات تحفيزية أقرّتها الحكومة المصرية، ضمن مخطط إنتاج نحو 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول 2030، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة في الإنفوغرافيك التالي:

حوافز الهيدروجين في مصر

الخلاصة..

واجه قطاع الطاقة في مصر عامًا مليئًا بالتحديات، مع انخفاض إنتاج الغاز الذي يقابله ارتفاع الاستهلاك ليدفعها إلى العودة مرة أخرى للاستيراد من السوق الفورية، وجاء ذلك مع مواصلة البلاد نشاطها المكثّف في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين.

يمكنكم متابعة المزيد من حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2024 عبر الضغط (هنا)، كما يمكن الاطّلاع على حصاد عام 2023 (هنا).

المصادر:

  1. إنتاج واستهلاك مصر من مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي).
  2. صفقات الطاقة المتجددة والهيدروجين من منصة الطاقة وبيانات حكومية
  3. قدرة التغويز في مصر من تقرير سابق لوحدة أبحاث الطاقة.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق