شركات السيارات الكهربائية الصينية تتعطّل في أوروبا.. هل تهرب من "كمين" الجمارك؟
محمد عبد السند
- هبوط مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا خلال أكتوبر
- فرض الاتحاد الأوروبي تعرفات على السيارات الكهربائية الصينية
- تتواصل المباحثات بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن المركبات الكهربائية
- مبيعات "بي واي دي" ترتفع بأعلى من الضعف في أكتوبر الماضي
- هبطت مبيعات "إم جي" بنسبة 56% في أكتوبر
ما تزال شركات السيارات الكهربائية الصينية تسجل تراجعًا ملحوظًا في مبيعاتها في السوق الأوروبية حتى قبل بدء سريان قرار التعرفات الجمركية المفروضة عليها من قِبل الاتحاد الأوروبي في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وهبطت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك للشهر الرابع على التوالي الذي تقل فيه تلك المبيعات عن مستوياتها قبل عام.
وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، صوّت الاتحاد الأوروبي لصالح قرار فرض تعرفات جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، بموافقة 10 من الدول الأعضاء مقابل رفض 5، في مسعى لحماية صناعة السيارات الأوروبية من غزو نظيراتها الآتية من البلد الآسيوي.
واشتمل قرار الاتحاد الأوروبي على رفع التعرفات على السيارات الكهربائية الصينية من 10% إلى 45%، ولمدة 5 سنوات، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
مقاومة عنيفة
تَلقَى مساعي شركات السيارات الكهربائية الصينية لابتلاع السوق الأوروبية مقاومةً عنيفة؛ إذ تراجعت حصة مبيعاتها إلى دول القارة العجوز خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، أي خلال المدة التي سبقت فرض التعرفات الجمركية الجديدة، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ.
ومثّلت شركتا "بي واي دي" و"إم جي" التابعتان لشركة سايك موتور كورب (SAIC Motor Corp)، 8.2 % من إجمالي تسجيلات السيارات الكهربائية في أوروبا خلال المدة المذكورة، وفق بيانات صادرة عن شركة أبحاث السوق داتافورس (Dataforce).
وكان هذا تراجعًا من تسجيلات السيارات الكهربائية في أوروبا خلال سبتمبر/أيلول الماضي، كما أنه يُعد الشهر الرابع على التوالي التي تقل فيها الحصة السوقية لشركات السيارات الكهربائية الصينية عن مستوياتها قبل عام.
وفي أعقاب سنوات عديدة من المكاسب السريعة التي حققتها في السوق الأوروبية، توقف التقدم الذي تحرزه شركات السيارات الكهربائية الصينية منذ يوليو/تموز (2024)، حينما فرض الاتحاد الأوروبي تعرفات جمركية مؤقتة على المركبات الكهربائية المصنعة في البلد الآسيوي؛ ما نتجت عنه زيادة رسوم الاستيراد إلى 45%.
ودخلت الرسوم الجمركية الأخيرة حيز التنفيذ في الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد شهور من المباحثات مع بكين، والتعديلات التي أٌدخِلت على القواعد المعلقة.
وقال المحلل في داتافورس جوليان ليتزينغر: "لا يبدو أن الشركات المصنعة للمعدات الأصلية الصينية قد رفعت أحجام مبيعاتها" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما سبق أن فعلت في يونيو/حزيران السابق، قبل موعد بدء تطبيق التعرفات الأصلية.
وأضاف ليتزينغر: "سيكون من المثير أن ننتظر لنرى ما يحدث في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي".
مفاوضات مستمرة
تتواصل المباحثات بين الاتحاد الأوروبي والصين، لكن ومع توقعات بعدم إحراز سوى تقدم طفيف، يظل التوصل إلى اتفاقية لاستبدال التعهدات بشأن الأسعار بالتعرفات الجمركية مسألة بعيدة المنال في الوقت الراهن، وفق ما أوردته بلومبرغ.
في الوقت نفسه تواصل شركة "بي واي دي"، على غرار مواطناتها من شركات السيارات الكهربائية، تعزيز مكانتها في السوق الأوروبية.
وللشهر الثاني على التوالي، تفوقت "بي واي دي" في مبيعاتها على "إم جي"، وهي العلامة التجارية الصينية الأكثر مبيعًا في المنطقة، وفقًا لأرقام صادرة عن شركة ياتو دايناميكس (Jato Dynamics)، المتخصصة في تتبع أسواق السيارات.
وارتفعت مبيعات "بي واي دي" بأعلى من الضعف خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 4 آلاف و630 مركبة، مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق، بحسب ياتو دايناميكس.
مبيعات "إم جي"
هبطت مبيعات شركة "إم جي" بنسبة 56% في أكتوبر/تشرين الأول لتصل إلى 3 آلاف و846 مركبة، وفق أرقام ياتو دايناميكس، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى مدى الأشهر الـ10 الأولى من العام الحالي، ظلت علامة السيارات الرياضية التجارية البريطانية السابقة متفوقةً بأريحية كبيرة؛ إذ لامست مبيعاتها 63 ألفًا و895 وحدة؛ ما يقارب ضعف مبيعات "بي واي دي".
وأضحت التوترات التجارية عاملًا مهمًا يُلقي بتداعياته على صناعة السيارات العالمية، فعلى سبيل المثال عدّلت شركة صناعة السيارات الصينية شيري أوتوموبيل كو (Chery Automobile Co) عن خططها لبدء تصنيع السيارات الكهربائية في مصنع جرى تجديده في مدينة برشلونة الإسبانية.
معضلة ترمب
من المرجح أن يستمر التوجه الخاص بإلغاء خطط التوسع في تصنيع المركبات الكهربائية في أعقاب فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بنتائج الانتخابات الرئاسية، ووعوده الصريحة بفرض المزيد من التعرفات الجمركية على التقنيات النظيفة.
وفي أوروبا اتخذت شركات السيارات الكهربائية الصينية خُطوات إضافية لتهدئة المخاوف بشأن آثارها في صناعة السيارات المحلية عبر بناء مصانع محلية، وتأسيس شراكات وشبكات إمدادات.
غير أن ريادة شركات السيارات الكهربائية الصينية قد تأكدت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري من خلال إفلاس شركة نورث فولت إيه بي (Northvolt AB) السويدية المتخصصة في صناعة البطاريات.
وكان يُنظَر إلى "نورث فولت إيه بي" التي تُعد فولكسفاغن أكبر مساهم فيها، على أنها مقاوم محتمل للهيمنة الصينية على سوق البطاريات.
من جهته يشجع الرئيس الصيني شي جين بينغ شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية، لضمان بقاء إنتاج تلك التقنية النظيفة في البلاد.
وفي مختلف أنحاء أوروبا، واجهت سوق السيارات الكهربائية بوجه عام صعوباتٍ خلال العام الجاري؛ إذ خفّضت الدول الكبرى مثل ألمانيا الدعم الذي ساعد على تحفيز الطلب.
تعرفات جمركية
تخضع جميع السيارات الكهربائية المصنّعة في الصين للرسوم الجمركية الإضافية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تلك التي تُشحَن بوساطة العلامات التجارية الغربية أمثال فولكسفاغن وبي إم دبليو.
ورغم ارتفاع تسجيلات السيارات الكهربائية بنسبة 6.9% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإنها ما تزال منخفضة بنسبة 1.7% منذ بداية هذا العام، بحسب ما صرّحت به رابطة مصنعي السيارات الأوروبية في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ومع تحويل الحكومات استثماراتها من قطاع السيارات الكهربائية، تظل آفاق صناعة السيارات المحلية ضبابية.
وتدرس فولكسفاغن غلق مصانعها في ألمانيا، وهو شيء لم يكن يتصوره أحد، في حين تعمل شركة ستيلانتس على خفض إنتاج السيارات الكهربائية طراز "فيات 500" في إيطاليا، مبررة خُططها تلك بهبوط المبيعات في أوروبا.
موضوعات متعلقة..
- ستوكهولم تلغي حظر سيارات الوقود الأحفوري.. انتكاسة خضراء جديدة
- مبيعات السيارات الكهربائية الصينية تنجو بفضل الكثافة السكانية وتخفيضات الأسعار
- قطار ثورة السيارات الكهربائية في الصين يدهس الفقراء (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- 3 دول عربية ترفع أسعار الوقود خلال ساعات
- أين يوجد النفط في الأردن وما حجم الاحتياطيات؟
- مصافي النفط الأفريقية تعزز قدراتها وتترقب استثمارات جديدة (تقرير)
المصادر:
1.شركات السيارات الكهربائية الصينية تسجل تراجعًا ملحوظًا في أوروبا من بلومبرغ.