تقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

محطة طاقة نووية خليجية مشتركة.. طموح ينتظر التحقيق منذ 15 عامًا (تقرير)

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • دراسة جدوى إنشاء المحطة النووية المشتركة في دول الخليج
  • 5 عوامل تدفع إحياء مبادرة إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة
  • هيئة الربط الكهربائي لدول الخليج يُمكن أن تكون إطارًا لحوكمة نووية مشتركة
  • السعودية والإمارات تقودان دول الخليج في الطاقة النووية

جذبت مبادرة إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة الانتباه مجددًا في ظل الحاجة إلى تحقيق أهداف الحياد الكربوني، والتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ووفق ما جاء في مقال حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، هناك عدة تطورات طرأت في مشهد الطاقة، من شأنها أن تحيي فكرة إنشاء محطة نووية مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي.

ففي عام 2006، اجتمع المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، واتفق على إجراء دراسة مشتركة حول استعمال التقنية النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء وتحلية المياه.

ووافقت دول مجلس التعاون الخليجي الـ6 -السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان وقطر والبحرين- على إجراء دراسة جدوى، تليها دراسة مفصلة وبرنامج تنفيذ.

جدوى إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة

أكدت نتائج الدراسة التفصيلية، التي أنجزت عام 2010، جدوى إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة، من الناحيتين الفنية والاقتصادية، بحسب ما أفاد به الباحث في معهد الكويت للأبحاث العلمية، أسامة عبدالله الصايغ.

وتضمّنت الشروط الرئيسة الواجب توافرها: تطوير شبكة الربط الكهربائي، ونظم ولوائح تجارة الكهرباء واتفاقيات التسعير، بالإضافة إلى موافقة دولة أو أكثر من الدول الأعضاء على استضافة المحطة، وكذلك استعداد الدول الأعضاء المشاركة للاعتماد على الدولة أو الدول المضيفة للمحطات النووية.

ومنذ ذلك الحين، توالت أحداث أحبطت الجهود الرامية إلى تحقيق تماسك أكبر بين دول الخليج، وكانت المبادرة الوحيدة القابلة للتطبيق عبر الحدود التي نشأت هي إنشاء هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، وفق ما أكده تقرير نشرته مجلة "ميس" الاقتصادية (MEES).

وشدد كاتب المقال، أسامة عبدالله الصايغ، على أن هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي يُمكن أن تكون بمثابة الأساس لإطار حوكمة نووية مشترك.

وأشار الصايغ إلى أن التطورات الأخيرة والاهتمام العالمي المتجدد بالطاقة النووية بوصفها وسيلة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني تستدعي مراجعة اقتراح إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة.

واستشهد بتوسعة هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي التي امتدت مؤخرًا إلى العراق.

كما حصلت الهيئة على قرض بقيمة 43 مليار دولار من صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية لتعزيز الشبكة والسماح بتبادل الكهرباء وتجارتها، التي يشير أحد التقارير إلى أن قيمتها قد تبلغ 20 مليار دولار على مدى السنوات الـ15 المقبلة.

الإستراتيجية النووية في دول الخليج

على الرغم من ذلك، لم تتجاوز مبادرة إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة مرحلة دراسة الجدوى، وبحلول نهاية عام 2010 بدأت كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي في تطوير إستراتيجيتها الخاصة.

وتُعد الإمارات الدولة العربية الخليجية الوحيدة التي لديها محطة طاقة نووية عاملة، والتي حلت محل بعض الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء.

ووفقًا لوزير الطاقة سهيل المزروعي، شكّلت الطاقة النظيفة 27.83% من توليد الكهرباء في الإمارات في عام 2023، إذ تقترب الدولة بسرعة من هدفها المتمثل في 32% بحلول عام 2030.

وحققت الإمارات المكاسب الأخيرة بفضل محطة براكة للطاقة النووية التي تبلغ قدرتها 5.6 غيغاواط، إذ بدأت الوحدة الرابعة والأخيرة التي تبلغ قدرتها 1.4 غيغاواط في 5 سبتمبر/أيلول.

محطة براكة النووية في الإمارات
المحطة الرابعة في مشروع براكة النووية - الصورة من وام

وتخطط الإمارات لإضافة مفاعلين إضافيين بسعة إجمالية تبلغ 2.8 غيغاواط، كما تخطط السعودية لبناء مفاعلين بسعة إجمالية تبلغ 2.9 غيغاواط، لكنها لم تشرع بعد في خطط ملموسة.

وما تزال دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تقيّم اعتماد الطاقة النووية.

وعلى الرغم من أن الكويت ألغت برنامجها النووي وحلّت اللجنة الوطنية للطاقة النووية في عام 2011، فإنها تستكشف جدوى التقنيات النووية المتقدمة، خاصة المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة.

وأعربت البحرين مؤخرًا عن اهتمامها بالمفاعلات النووية المعيارية الصغيرة، شريطة أن تصبح مجدية تجاريًا.

وتستثمر قطر في تطوير المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة مع شركة رولز رويس (Rolls-Royce)، ولكنها لا تخطط لبناء القدرة النووية المحلية؛ وتواجه عمان موقفًا مماثلًا، وفقًا للمقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

عوامل إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة

ذكر كاتب المقال أسامة عبدالله الصايغ، أن أهم العوامل الرئيسة التي تدفع إلى إعادة النظر في إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة هي التالية:

1- التطورات الاجتماعية والاقتصادية:

نما عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي من 47 مليون نسمة في عام 2010 إلى 60 مليون نسمة في عام 2023، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي المشترك تقريبًا من 1.16 تريليون دولار إلى 2.1 تريليون دولار.

ونتيجة لهذا النمو، ارتفع الطلب على الطاقة 1.2 مرة بين عامي 2010 و2022، مع هيمنة الوقود الأحفوري على المزيج بنسبة 99%.

و"مع التزام معظم دول مجلس التعاون الخليجي بأهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050-2060، تبرز الطاقة النووية بوصفها خيارًا حيويًا لتوليد الكهرباء النظيفة والمستقرة"، كما يقول الصايغ.

2- شبكة الربط الكهربائي الخليجي:

أحد الشروط الرئيسة لنجاح إقامة محطة نووية خليجية مشتركة التي أشارت إليها الدراسات الاستشارية السابقة، هو توفر قدرة نقل الكهرباء (تصدير/استيراد) بين دول المجلس، التي لم تكن متوافرة في المستويات المطلوبة في عام 2010.

وأشار الصايغ إلى أن شبكة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون تواصل تعزيز قدرة شبكتها، لاستيعاب زيادة قدرة توليد الكهرباء في الدول الأعضاء.

ونظرًا إلى قدرتها الحالية، فإن شبكة هيئة الربط الكهربائي الخليجي قادرة على التعامل مع تدفقات أكبر من الطاقة الكهربائية بين دول المجلس بما يتجاوز أغراض الاستجابة للطوارئ.

3- تقدم تجارة الكهرباء:

منذ عام 2010، أُحرِز تقدم كبير في إنشاء إطار قوي لتجارة الكهرباء، بقيمة إجمالية للكهرباء المتداولة تبلغ 773.2 مليون دولار في المدّة 2016-2022.

وارتفع عدد العروض والعطاءات من 5 عروض في عام 2016، إلى 45 و40 عرضًا في عامي 2021 و2022 على التوالي.

وفي عام 2022، أصدرت هيئة الربط الكهربائي مناقصتين لشراء الكهرباء بعقود طويلة ومتوسطة الأجل لصالح الكويت والعراق؛ مما أثبت فاعلية سوق تجارة الكهرباء في منطقة الخليج في استيعاب المعاملات.

كما أكدت قدرة الإطار التنظيمي في التعامل مع عمليات التصدير والاستيراد الكهربائي، وفق ما أكده الصايغ في المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

4- تطوير أطر تنظيمية نووية:

أشار المقال إلى أن أغلب دول مجلس التعاون الخليجي قطعت خطوات بارزة في تطوير أنظمتها القانونية والتنظيمية النووية منذ عام 2009.

فقد طوّر كل من الإمارات والسعودية أطرًا تنظيمية نووية متقدمة، ويُمكن أن تكون هذه بمثابة نماذج لإطار حوكمة مشترك لمشروع نووي إقليمي.

وتحتل دولة الإمارات الصدارة في هذا المجال، بفضل امتلاكها وقدرتها على تشغيل مفاعلات الطاقة النووية التي تزيد قدرتها على 5 آلاف و300 ميغاواط.

كما طوّرت السعودية إطار الحوكمة عن طريق هيئة الرقابة النووية والإشعاعية (NRRC)، التي تأسّست في عام 2019 لتنظيم الاستعمال السلمي للطاقة النووية والإشعاع، ووضع السياسات واللوائح لمراقبة الأنشطة والمرافق ولوائح السلامة والأمن والضمانات النووية، ومراقبة استيراد المواد النووية وتصديرها وتداولها، ووضع متطلبات الاستعداد للطوارئ النووية والإشعاعية.

الطاقة النووية في السعودية

5- التقدم التقني للطاقة النووية:

وصل التطور في تقنيات توليد الكهرباء بالطاقة النووية إلى مستوى مرتفع، من خلال تقديم نظم أكثر أمانًا وكفاءة وأكثر صداقة للبيئة.

ومن بين هذه الابتكارات، تبرز المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMR)، التي تتميز بتصاميم تسمح بنشرها في المناطق النائية أو دمجها بسهولة في الشبكات القائمة.

وبينما يمكن التغلب على الحواجز الفنية والتنظيمية، فإن التحديات الجيوسياسية والاجتماعية ليست كذلك، وهي الإحجام عن الاعتماد على دولة أخرى للحصول على الطاقة، وموازنة نفوذ الاقتصادات الأكبر داخل الشراكة، كما يلاحظ الصايغ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. إحياء مبادرة إنشاء محطة طاقة نووية خليجية مشتركة من منصة "طاقة الشرق".
  2. معلومات إضافية عن مبادرة محطة الطاقة النووية من مجلة "ميس".
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق