تعدّ توربينات الرياح البحرية حجر الأساس في الصناعة بوصفها أبرز المكونات والمعدات اللازمة لتشغيل المزارع والمحطات، لكن يبدو أنها تمرّ الآن بمنعطف شديد الخطورة.
ونسف تقرير حديث معتقَدًا ساد سنوات طويلة حول أفضلية اختيار التوربينات كبيرة الحجم، إذ أطلق جرس إنذار حول تأثير اندفاع المطورين باتجاه الأحجام الكبيرة في سلسلة التوريد.
ووفق تطورات وتحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعوّل الدول الأوروبية على تطوير الرياح البحرية بصفته أحد التحولات الرئيسة خلال عملية انتقال الطاقة.
ووفق التقرير الصادر عن شركة الاستشارات العالمية رولاند بيرغر (Roland Berger) -التي تتخذ من ألمانيا مقرًا لها- فإن أهداف الرياح في أوروبا باتت في مهب الريح، إذ تقف في مفترق طرق ما بين الالتزام بالمستهدفات والتأسيس لسلسلة توريد قوية.
معضلة حجم توربينات الرياح
تُعدّ الأحجام الكبيرة من توربينات الرياح البحرية النوع المفضّل للمطورين؛ لدورها في توفير التكلفة المستحقة لوحدات توليد الكهرباء.
وجاء تقرير شركة "رولاند بيرغر" ليقلب الموازين رأسًا على عقب، بالإشارة إلى أن انخفاض التكلفة في وقت سابق لا يقدّم ميزة إضافية في الآونة الحالية.
ووصف تقرير الشركة اعتماد الصناعة على التوربينات كبيرة الحجم بأنه يصيب طاقة الرياح البحرية بـ"الشلل"، حسب موقع رينيوز.
ويرجع ذلك إلى أن تصنيع مكونات التوربينات وأساساتها حاليًا يحتاج إلى تحديد الحجم المتفق عليه في الصناعة مستقبلًا.
وتنعكس هذه الضبابية على سلسلة التوريد بالكامل، إذ إن نقل توربينات الرياح البحرية كبيرة الحجم -أيضًا- يتطلب رافعات وسفنًا محددة، بالإضافة إلى ضمان استعداد أرصفة المواني لاستقبال الأحجام الكبيرة.
ومع افتقار الملامح الواضحة لحجم توربينات الرياح البحرية، يتراجع ضخ الاستثمارات في مكونات التصنيع؛ ما كان سببًا كافيًا لتعطيل نشر مستهدفات الصناعة وزيادة أسعار المعدّات لضعف سلسلة التوريد.
الصناعة في أوروبا
يأتي الجدل حول ما تُسبّبه الأحجام الكبيرة لتوربينات الرياح البحرية من قلق، بالتزامن مع زخم الصناعة في أوروبا لزيادة التطوير في القطاع.
وتستهدف القارة العجوز الوصول إلى قدرة 120 غيغاواط بحلول نهاية العقد (2030) من الرياح البحرية؛ ما يتطلب إضافة ما يتراوح بين 7 و20 غيغاواط سنويًا.
وشكّك تقرير شركة "رولاند بيرغر" في إمكان تنفيذ هذه المستهدفات، في ظل الضغوط التي تتعرض لها الصناعة وسلسلة التوريد حاليًا.
وقدّر الشريك في شركة الاستشارات، برام ألبيرز، أن أوروبا تحتاج إلى زيادة قدرة الرياح البحرية 3 أضعاف حتى تحقق مستهدفاتها؛ ما يتطلب التأسيس لسلسلة توريد واضحة وقوية.
وأضاف أن الهدف من هذه الإجراءات ضمان توافر إمدادات الكهرباء بتكلفة تنافسية؛ ما يعزز استمرار وتيرة العمل الصناعي في القارة.
وتطرَّق التقرير إلى "الفجوة" بين تركيز الحكومات على طرح مناقصات لتطوير مزارع الرياح، في الوقت الذي يتسبب فيه إقبال المطورين على التوربينات كبيرة الحجم بزيادة الضغط على سلسلة التوريد "غير المستقرة"، ما يتسبب في رفع الأسعار.
معيار موحد
هناك حاجة ملحّة للتوصل إلى معيار موحد لمعدّات الصناعة في ظل تعطُّل سلسلة توريد توربينات الرياح البحرية، وسبق أن كانت هذه المعايير محل مناقشة لسنوات طويلة مضت.
وتقدّمت جمعية طاقة الرياح في هولندا "نيد زيرو Ned Zero" بمقترح للاتفاق على سقف لارتفاع التوربينات، دون المضي قدمًا في تنفيذ ذلك.
بدوره، أكد كبير المشاركين في شركة الأبحاث "مارتن دي فاريس" أن الاتفاق حول معيار لحجم تصنيع التوربينات بات ضرورة ملحّة في ظل اندفاع المطورين نحو الوحدات كبيرة الحجم.
وأضاف أن اعتماد هذا المعيار يعدّ ضروريًا لدعم صناعة الرياح البحرية في أوروبا، وتسهيل ضمان سلسلة توريد قوية للصناعة.
وأشار "دي فاريس" إلى أن الاتفاق الموحّد من أطراف الصناعة يمثّل خريطة طريق واضحة للصناعة؛ ما يعزز ابتكارات التوربينات القادرة على ضمان المنافسة العالمية، ودعم تحول الطاقة في أوروبا بتكلفة وإطار زمني ملائمين.
موضوعات متعلقة..
- تشغيل توربينات الرياح البحرية العائمة يشهد تحديثات جديدة (تقرير)
- نقص سفن تركيب توربينات الرياح البحرية يهدد مستقبل الصناعة.. ما الحل؟
- استثمارات طاقة الرياح البحرية في أوروبا تحقق رقمًا قياسيًا جديدًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط العراقي في أكتوبر 2024 ترتفع 17 ألف برميل يوميًا
- الطاقة النووية في أفريقيا قد تدخل 11 دولة.. بلد وحيد يشغلها حاليًا (تقرير)
- أكبر توربين رياح برية في العالم يحقق قدرته التشغيلية القصوى (تقرير)
المصادر: