أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تهدد إمدادات 5 دول
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
- مصفاة دانغوتي تستقبل 400 ألف برميل يوميًا في أكتوبر ونوفمبر
- مخاوف من انخفاض صادرات النفط النيجيري وتأثّر كبار المستوردين
- زيادة إنتاج المصفاة قد تحقق هدف خفض واردات المشتقات النفطية
- نيجيريا بدأت بيع النفط الخام إلى المصفاة بالعملة المحلية
تشير التطورات الأخيرة المحيطة بأكبر مصفاة نفط في أفريقيا إلى حدوث تحوّل جذري بأسواق النفط خلال المدة المقبلة، جراء الاتجاه لزيادة استهلاكها من الخام المحلي؛ ما قد يهدد إمدادات المستوردين الدوليين.
ووفق تقديرات وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) فإن التشغيل الكامل لمصفاة دانغوتي النيجيرية، بسعة تصل إلى 650 ألف برميل يوميًا، سيكون له تداعيات بعيدة المدى على الصادرات، وسيشكّل هذا التحول تهديدًا للمستوردين التقليديين للخام النيجيري.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب إعلان الحكومة النيجيرية بدء بيع النفط النيجيري ومشتقاته بالعملة المحلية (النايرا) داخل البلاد منذ مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري؛ ما يشجع المصفاة على شراء المزيد من الخام المحلي.
وأوضح تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، أن مصفاة دانغوتي تخطط لاستقبال قرابة 400 ألف برميل يوميًا من الخام النيجيري على مدى شهرين، ومن شأن ذلك أن يغيّر ديناميكيات استيراد النفط وتصديره.
ومن المقرر أن تتسلم المصفاة، الواقعة خارج لاغوس، قرابة 24 مليون برميل من النفط المحلي خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، في ظل تحولها إلى الاعتماد على الإمدادات المحلية.
مصفاة دانغوتي
رغم أن مصفاة دانغوتي -أكبر مصفاة نفط في أفريقيا وأوروبا أيضًا- واجهت تأخيرات لعدّة سنوات عن الجدول الزمني، فإن التطورات الأخيرة سيكون لها تأثير هائل بحجم صادرات نيجيريا من النفط الخام وسوق النفط في المحيط الأطلسي عمومًا.
ومن المتوقع أن تتجه نيجيريا إلى خفض إجمالي صادرات النفط الخام لأقل من مليون برميل يوميًا، مع حاجة المصفاة إلى استلام ما بين 13 و14 شحنة من خطة التصدير الشهرية، البالغة نحو 50 شحنة، بحسب تقرير نشره موقع بلومبرغ (Bloomberg).
ونتيجة الطلب المتزايد من المصفاة على الخام المحلي، من المتوقع أن تواجه سوق الخام في غرب أفريقيا صعوبات بحلول الربع الرابع من 2024، كما قد تُسبّب تحديات للدول المعتمدة على النفط النيجيري؛ نتيجة النقص المحتمل في الإمدادات.
ورغم احتمال حدوث تأخيرات في تسليم شحنات النفط النيجيري إلى مصفاة دانغوتي خلال الشهرين المقبلين، فإن إجمالي التسليم المخطط له لشهر أكتوبر/تشرين الأول ما يزال أعلى بكثير من متوسط استهلاك المصفاة البالغ 255 ألف برميل يوميًا خلال النصف الأول من 2024.
وحاليًا، تعمل مصفاة دانغوتي بنسبة 60-70% من إجمالي طاقتها الإنتاجية، ومن المقرر أن تصل إلى أقصى قدراتها التشغيلية في غضون بضعة أشهر.
فضلًا عن ذلك، تعمل المصفاة على خفض وارداتها من الخام الأميركي، إذ استوردت كميات كبيرة من خام غرب تكساس الوسيط (الخفيف الحلو) في وقت سابق من هذا العام، لكنها أعادت بيع جزء من هذا النفط، وألغت خطط الشراء الأخرى.
ومع زيادة الإنتاج من مصفاة دانغوتي، قد تحقق نيجيريا هدفها المتمثل في خفض واردات المشتقات النفطية باهظة التكلفة، والحاجة إلى استيراد البنزين والديزل من غرب أفريقيا.
كبار مستوردي النفط النيجيري
في عام 2023، صدّرت نيجيريا نحو 1.476 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، ارتفاعًا من 1.388 مليونًا خلال 2022، مع استحواذ الدول الأوروبية على غالبية الشحنات، بحسب بيانات أوبك.
وفي عام 2024، ما يزال متوسط صادرات النفط النيجيري أقل من عام 2023، إذ بلغ خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري، نحو 1.32 مليون برميل يوميًا، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر الدول المستوردة للنفط النيجيري في 2024:
وتعدّ إسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا وهولندا والهند أكبر مستوردي الخام النيجيري خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2024.
فخلال هذه المدة، تصدّرت إسبانيا قائمة أكبر المستوردين، إذ استوردت 163 ألف برميل يوميًا في المتوسط، تليها الولايات المتحدة بواقع 123 ألف برميل يوميًا.
كما تعدّ فرنسا وهولندا من أبرز الدول المستوردة للخام النيجيري، إذ تستوردان 120 ألف برميل يوميًا و106 آلاف برميل يوميًا على التوالي.
وتحلّ الهند بالمرتبة الخامسة، إذ تبلغ وارداتها من الخام النيجيري نحو 96 ألف برميل يوميًا، كما تُصدِّر أبوجا الخام بكميات أقل لعدّة دول أخرى مثل إندونيسيا وإيطاليا وكندا وجنوب أفريقيا، وفق أحدث بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
وقد يسفر زيادة استهلاك مصفاة دانغوتي من النفط النيجيري عن تقليص الإمدادات لهذه البلدان، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار، أو يجبر هذه الدول على البحث عن مصادر بديلة لتلبية احتياجاتها.
بيع النفط بالعملة المحلية
في الوقت نفسه، بدأت شركة النفط الوطنية النيجيرية بيع النفط الخام إلى مصفاة دانغوتي بالعملة المحلية (النايرا) بدءًا من مطلع الشهر الجاري (أكتوبر/تشرين الأول)، ما يمثّل تحولًا كبيرًا بتجارة النفط في البلاد.
وهذه الخطوة تضع المصفاة بمثابة لاعب رئيس في تلبية الطلب المحلي على الوقود، والحدّ من واردات المشتقات النفطية.
ويتضمن الاتفاق توريد شركة النفط الوطنية قرابة 385 ألف برميل يوميًا من النفط الخام إلى المصفاة.
وبموجب الاتفاقية، ستوفر دانغوتي البنزين والديزل للسوق النيجيرية بقيمة تتناسب مع أسعار السوق المحلية، مع سداد ثمنها بعملة (النايرا).
كما يتضمن الاتفاق بيع البنزين لشركة النفط الوطنية النيجيرية فقط؛ ما يضمن سيطرة الحكومة على السوق المدعومة، إذ بدأت عمليات البيع في 15 سبتمبر/أيلول بعقد قديم تدفع بموجبه شركة النفط الوطنية بالدولار.
وتهدف هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النايرا، وتسهيل المعاملات داخل السوق المحلية؛ ما قد يؤدي إلى استقرار الاقتصاد المحلي من خلال الحدّ من الاعتماد على العملات الأجنبية لشراء المنتجات النفطية.
كما تضمن استقرار إمدادات النفط الخام للمصفاة بتكلفة يمكن التنبؤ بها، ما يعزّز الربح، ويسهم في استمرار تشغيل المصفاة.
هل المصفاة كافية لحل أزمة الوقود؟
تعوّل نيجيريا على مصفاة دانغوتي لإنهاء اعتماد البلاد على واردات المشتقات النفطية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
فرغم أن البلاد تعدّ أكبر منتج للنفط الخام في أفريقيا -بنحو 1.4 مليون برميل يوميًا حاليًا-، فإنها تعاني من أزمة وقود حادة، وتكافح لتأمين احتياجاتها.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج نيجيريا من النفط الخام شهريًا بين عامي 2020 و2024:
وشرعت البلاد في بناء المصفاة المملوكة للملياردير النيجيري أليكو دانغوتي عام 2016، وبدأت إنتاج الديزل ووقود الطائرات في يناير/كانون الثاني من 2024.
ورغم قدرة المصفاة على إنتاج كميات كبيرة من الوقود فور العمل بكامل طاقتها، فإنها واجهت صعوبات لتأمين احتياجاتها من الخام المحلّي، واضطرت للاعتماد على الواردات.
ويعكس ذلك معضلة أكبر داخل قطاع النفط النيجيري، الذي شهد انخفاضًا كبيرًا في إنتاج الخام على مدى العقدين الماضيين، من 2.5 مليون برميل يوميًا في عام 2005، إلى ما يتراوح بين 1.2 مليونًا و1.4 مليون برميل يوميًا في الوقت الراهن.
وقد لا تتمكن مصفاة دانغوتي وحدها من تلبية الطلب المحلي، لا سيما أن الخلافات حول التسعير تزيد من تعقيد الموقف.
وقد أثارت إستراتيجية التسعير التي تنتهجها المصفاة مخاوف بين الجهات المعنية، وخاصة فيما يتعلق بمبيعاتها لشركات تسويق النفط في نيجيريا.
وفي حين اختارت الحكومة عدم التدخل في هذه النزاعات، يزعم المسؤولون أن المنافسة بين مورّدي الوقود قد تفيد المستهلكين في نهاية المطاف.
موضوعات متعلقة..
- أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تبدأ بيع البنزين بعد اتفاق نهائي
- بيع النفط النيجيري ومشتقاته بالعملة المحلية.. ما السبب؟
- أزمة الوقود في نيجيريا تتفاقم.. ضائقة مالية وارتفاع وشيك للأسعار
اقرأ أيضًا..
- مستقبل سوق البتروكيماويات العالمية يتوقف على 4 عوامل رئيسة (تقرير)
- إنتاج أكبر حقل غاز في مصر ينخفض لأدنى مستوى منذ اكتشافه (خاص)
- ليبيا تنافس مصر على موقع اكتشاف غاز ضخم.. احتياطياته 122 تريليون قدم مكعبة