التقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

الفساد يطيح بآمال نيجيريا في الاستفادة من بحار النفط

ارتفاع قياسي في تكلفة الوقود

ترجمة: محمد فرج

تعاني نيجيريا -أكبر منتج للنفط الخام في أفريقيا- من سياسات ليست فاعلة، وقوانين غير صارمة، رغم تسجيلها نموًّا اقتصاديًا قويًا، لكنّها -في الوقت ذاته- أهملت قطاعات كانت مزدهرة في الماضي، ونتيجة تفشّي الفساد بات الاقتصاد يتوقّف على أسعار الخام في الأسواق العالمية.

في هذا السياق، ينتقد اقتصاديّون منذ فترة طويلة، اعتماد البلاد على النفط الخام، وعدم قدرتها على تكرير المنتجات النفطية التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية.

ويعتمد الكثيرون على الوقود المدعوم الرخيص، بوصفه أحد المزايا القليلة التي يحصلون عليها من الحكومة، إلّا أن دعم الوقود ألغي، في وقت سابق من هذا العام، وقالت الحكومة آنذاك، إنّها لا تستطيع الاستمرار في دفع قرابة 2.6 مليار دولار لتمويل تكاليف الوقود، وسط التراجع العالمي بسبب فيروس كورونا.

ارتفاع قياسي في تكلفة الوقود

ارتفعت تكلفة الوقود في نيجيريا -الغنيّة بالنفط- لمدّة أشهر متتالية، عقب انتهاء الحكومة من دعم الوقود بسبب أزمة الميزانية.

وزاد سعر الوقود -بشكل حادّ- إلى مستوى قياسي، في سبتمبر/أيلول المنصرم، حيث ارتفع بنحو 15%، وهذا ارتفاع حادّ في نيجيريا، وهو مجتمع غير متكافئ إلى حدّ كبير، حيث يعيش زهاء 40% من سكّانه البالغ عددهم 202 مليون نسمة، تحت خطّ الفقر.

وليس فقط أسعار الوقود التي ارتفعت، حيث تضاعفت تكلفة الكهرباء - من 22 نايرا (0.05 يورو، 0.06 دولار) إلى أكثر من 60 نايرا لكلّ كيلوواط/ساعة.

كما ارتفعت أسعار الأرز والفاصوليا وعدد من السلع، بشكل كبير، منذ أن أغلقت الحكومة حدود البلاد، العام الماضي، لمكافحة التهريب.

وفي الوقت الذي تستعدّ فيه نيجيريا للاحتفال بمرور 60 عامًا على استقلالها، في الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأوّل، يقول الكثيرون، إنّه لا يوجد سبب كبير للفرح، لاسيّما أن أسعار الوقود وصلت إلى مستوى قياسي، والدولة تكافح لكبح هذ الأمر.

تسعى نيجيريا لإقرار مشروع قانون طال انتظاره، من شأنه إعادة تنظيم صناعة النفط في البلاد، وإمكان بيع أسهم في شركة النفط الحكومية.

يقترح مشروع القانون الذي قُدِّم إلى البرلمان، يوم الثلاثاء الماضي، أن تكون شركة النفط الوطنية النيجيريّة مستقلّة عن الحكومة، دون اللجوء إلى تمويل الدولة.

وأصبحت شركة النفط الوطنية النيجيريّة -التي تسيطر عليها الحكومة، منذ إنشائها عام 1977- أداة للمحسوبية السياسية، خاصّةً مع وجود معاملات مبهمة تساعد على تغذية الفساد.

وفي هذا السياق، يجري حاليًّا مناقشة مشروع القانون الذي يقوم العمل عليه وبحثه، منذ 20 عامًا.

ورغم أن القانون المقترح الحالي ليس "مؤيّدًا للخصخصة" كنسخة من مشروع القانون عام 2012 - فإنّه يغفل تاريخًا مستهدفًا سابقًا لبيع الأسهم وخصوصيات حول مقدار الحصّة التي سيجري بيعها - إلّا أنّها لا تزال خطوة كبيرة إلى الأمام، كما قال نائب الرئيس في مجموعة الأبحاث، تينيو إنتليجنس مالتي ليويرشيدت.

ووفق مشروع القانون، يتعيّن على الحكومة الموافقة على أي خطط لخصخصة الشركة، وأن بيع أو نقل الأسهم سيكون "بقيمة سوقية عادلة، ويخضع لعملية مناقصة مفتوحة وشفّافة وتنافسية".

ويُستبدل مسمّى شركة النفط الوطنية النيجيريّة بـ"شركة ذات مسؤولية محدودة"، تعمل على أساس تجاري، وستُحَدّد وزارة الماليّة حصّة الدولة في الكيان الجديد.

وينصّ مشروع القانون أيضًا على إجراء مراجعة سنويّة لشركة النفط الجديدة من قبل شركة مستقلّة.

أبرز ملامح مشروع القانون

جاءت أبرز ملامح مشروع القانون، إنشاء هيئة تنظيمية لتوفير أطر التسعير والتعرفات الجمركية للغاز الطبيعي، وكذلك إنشاء صندوق للبُنية التحتيّة لاستثمارات الأسهم في الأصول المرتبطة بالغاز، نيابة عن الحكومة، بالإضافة إلى إنهاء عقود البنزين المدعوم من الحكومة.

وفّر النفط الخام حوالي ثلثي إيراداته الحكومية، لأكثر من عقد من الزمان، وفقًا لوكالة بلومبرغ، وفي هذا العام، أدّى انهيار أسعار النفط إلى سلب نيجيريا جزءًا كبيرًا من ميزانيتها.

تمتلك نيجيريا 5 مصافي نفط في غرب أفريقيا، حيث يُحوَّل النفط إلى منتجات، مثل الديزل والبنزين، وتدار 4 من هذه المصافي من قبل شركة مملوكة للدولة.

وعلى مدى عقود، كانت هذه المصافي القديمة المملوكة للدولة غير مربحة، وتحتاج إلى الصيانة -لدرجة أنّها أُغلقت في وقت سابق من هذا العام- في حين تتطلّع الحكومة إلى تأمين التمويل اللازم لتجديدها.

استيراد 95% من احتياجات النفط

يدفع فشل نيجيريا في تكرير وقودها، إلى اعتمادها على واردات الوقود المكلفة، ففي عام 2019، وحتّى قبل إغلاق المصفاة، كان لا يزال على البلاد استيراد 95% من احتياجاتها النفطية.

يقول الخبير النفطي النيجيري، أحمد عمر، في تصريحات صحفية: "أعتقد أن الشيء الأساس هو عدم وجود إرادة سياسية لضمان عمل هذه المصافي، وإذا جلبوا الإرادة السياسية المطلوبة، وكانوا يريدون حقًّا أن تعمل هذه المصافي، فإنّهم سينجحون".

قبل 16 عامًا، قال الرئيس النيجيري آنذاك، أولوسيجون أوباسانجو، إن الحكومة ستنوّع الاقتصاد، بعيدًا عن النفط والمعادن الصلبة، لزيادة الاستقرار الاقتصادي، وخلق فرص عمل.

بينما قدّمت حكومة الرئيس الحالي، محمد بخاري، وعودًا مماثلة، لكن لتحقيق نجاح محدود.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق