الغاز التركمانستاني.. هل يعزز التعاون بمجال الطاقة بين تركيا وإيران؟ (مقال)
أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح
- • إيران تمثّل حاليًا 16% من إمدادات الغاز الطبيعي في تركيا
- • بالنسبة لتركيا يُعدّ الحصول على إمدادات موثوقة ومتنوعة من الغاز أمرًا ضروريًا
- • إيران أعربت عن استعدادها لتعزيز العلاقات مع تركيا في قطاعَي استكشاف النفط وتكريره
- • الضبابية المحيطة بموثوقية إيران بصفتها دولة عبور والحاجة إلى تحسين البنية الأساسية يشكّلان تحديات كبيرة
يكشف الحوار الأخير -الذي تطرَّق إلى مرور الغاز التركمانستاني- بين الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، سعيد توكلي، والمسؤولين الأتراك، تقدمًا مهمًا في تعزيز التعاون بمجال الطاقة بين إيران وتركيا.
وشملت الموضوعات الرئيسة للمناقشة الإمداد طويل الأجل بالغاز الطبيعي الإيراني إلى تركيا وطرق العبور المحتملة للغاز من تركمانستان عبر إيران.
وأعرب وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي عن اهتمامه بشراء ما يصل إلى مليارَي متر مكعب من الغاز التركمانستاني سنويًا عبر شبكة الغاز الإيرانية، ما يؤكد الأهمية الإستراتيجية لهذه الشراكة.
في المقابل، تلتزم الدولتان بتعزيز تعاونهما في قطاع الطاقة، خصوصًا بالإمدادات طويلة الأجل والموثوقة من الغاز الطبيعي.
أهمية التعاون الإيراني التركي في مجال الطاقة
أبرزت المحادثات الأخيرة بين الرئيسين التنفيذيين لشركة بوتاش BOTAS التركية وشركة الغاز الوطنية الإيرانية NIGC أهمية هذا التحالف.
ويوضح احتمال التوصل إلى اتفاق طويل الأجل بشأن صادرات الغاز الإيراني هدفًا مشتركًا لتعزيز علاقاتهما في مجال الطاقة، مع معالجة ديناميكيات الطاقة الإقليمية الأوسع.
وتؤكد هذه المناقشات الالتزام بالتعاون الوثيق في مجال الطاقة، ما يعكس الروابط الأوسع بين البلدين.
وتؤكد قدرة تركيا على استيراد ما يصل إلى مليارَي متر مكعب من الغاز من تركمانستان عبر إيران الأهمية الإستراتيجية لهذا التعاون.
بالنسبة لتركيا، يُعدّ الحصول على إمدادات موثوقة ومتنوعة من الغاز أمرًا ضروريًا، وبالنسبة لإيران، قد يعزز هذا الترتيب مكانتها مركزًا إقليميًا لنقل الطاقة.
وقد تساعد الروابط المعززة في مجال الطاقة على تحقيق هدف نمو التجارة الثنائية إلى 30 مليار دولار سنويًا، وهو ما يُبرز الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لهذه الشراكة.
تجدر الإشارة إلى أن إيران تمثّل، حاليًا، 16% من إمدادات الغاز الطبيعي في تركيا، ما يجعلها ثاني أكبر مورّد.
ومن المقرر أن ينتهي عقد تصدير الغاز الحالي لمدة 25 عامًا -الذي وُقِّعَ عام 2001- في عام 2026، ما دفع إلى إجراء مناقشات لتجديده بين شركة الغاز الوطنية الإيرانية وشركة بوتاش.
بدوره، أشار وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إلى استعداده لتمديد هذا العقد، ما يدل على التزام البلدين بتعزيز التعاون في مجال الطاقة.
وأعربت إيران عن استعدادها لتعزيز العلاقات مع تركيا في قطاعي استكشاف وتكرير النفط، ما يعزز دورها في سعي تركيا إلى تنويع طرق استيراد الغاز.
من ناحية ثانية، ركّزت المحادثات على إمكانات الاستثمار التركي في تطوير حقول الغاز الإيرانية، وتحسين البنية التحتية لنقل الغاز.
ورغم ذلك، ما تزال التحديات قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بموثوقية إيران بصفتها موردًا، وانقطاعات الإمدادات السابقة، وتأثيرات العقوبات الدولية التي قد تعقّد اتفاقيات الطاقة.
وتدرس الدولتان التعاون في قطاعات الطاقة الأوسع، بما في ذلك تجارة الكهرباء ومبادرات الطاقة المتجددة، التي من شأنها تعميق علاقاتهما الاقتصادية.
تداعيات نقل الغاز التركمانستاني عبر إيران
من الممكن أن يعيد مشروع نقل الغاز التركمانستاني عبر إيران إلى تركيا تشكيل ديناميكيات الطاقة الإقليمية، من خلال إنشاء ممر جديد يربط آسيا الوسطى بأوروبا.
ومن شأن هذا الممر أن يحسّن من قدرة الغاز التركمانستاني على الوصول إلى الأسواق الغربية، ويرسّخ مكانة تركيا مركزًا للطاقة، ويولّد عائدات النقل لإيران، ومن ثم يزيد من نفوذها في المنطقة.
وبالنسبة لتركيا، فإن تنويع إمداداتها من الغاز من شأنه أن يقلل من اعتمادها على روسيا، ويعزز قوّتها التفاوضية مع المورّدين الحاليين، ما يعزز طموحاتها لتصبح لاعبًا رئيسًا في تجارة الغاز.
ومن شأن دور إيران بصفتها دولة عبور أن يرفع من أهميتها الجيوسياسية في شؤون الطاقة، ويحقق فوائد اقتصادية من رسوم العبور.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تدفُّق الغاز التركمانستاني من شأنه أن يساعد في تخفيف بعض النقص المحلي من الغاز في إيران، خصوصًا في المناطق الشمالية.
وفي الوقت نفسه، يثير هذا الترتيب قضايا جيوسياسية، خصوصًا فيما يتعلق بالعقوبات الدولية المفروضة على إيران، والتحدي المحتمل لهيمنة روسيا على سوق الغاز الإقليمية.
ومن الناحية الاقتصادية، من شأن الاتفاق أن يوفر الغاز التركمانستاني مصدرًا جديدًا للإيرادات للدولة، وقد يؤدي إلى خفض أسعار الغاز بالنسبة لتركيا بسبب زيادة المنافسة.
وقد يعزز الاتفاق أهداف كل من تركيا وإيران لتعزيز التجارة الثنائية، ومع ذلك، فإن الضبابية المحيطة بموثوقية إيران بصفتها دولة عبور والحاجة إلى تحسين البنية الأساسية يشكّلان تحديات كبيرة.
في المقابل، فإن من شأن مشاركة إيران في ممر العبور أن تخلّف عواقب جيوسياسية واقتصادية، وبوصفها دولة عبور، سوف تكتسب إيران نفوذًا في مفاوضات الطاقة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز موقفها التفاوضي.
قد تحدّ التعقيدات الناجمة عن العقوبات الدولية من نطاق المشروع ومشاركة أصحاب المصلحة فيه، وقد تؤدي مشاركة إيران إلى تغيير ديناميكيات القوة الإقليمية القائمة، وهو ما يؤثّر تحديدًا في سيطرة روسيا على سوق الغاز.
التحديات والفرص
توفر الإمكانات المتاحة للاستثمار التركي في البنية الأساسية للطاقة الإيرانية، إلى جانب المصلحة المشتركة في تنويع طرق إمداد الغاز، فرصًا كبيرة للبلدين.
وفي الوقت نفسه، ما تزال التحديات قائمة بسبب عدم موثوقية إيران تاريخيًا والسياق الجيوسياسي، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقاتها مع أذربيجان وبرنامجها النووي.
وتعتمد جدوى نقل الغاز التركمانستاني إلى تركيا عبر إيران على معالجة العقبات السياسية والاقتصادية واللوجستية.
ويمكن لخطَّي أنابيب موجودين من تركمانستان إلى إيران التعامل مع سعة إجمالية تبلغ نحو 20 مليار متر مكعب سنويًا، ويمكن لربط خط أنابيب بين إيران وتركيا أن ينقل نحو 14 مليار متر مكعب سنويًا.
ومن الممكن أن يسهّل اتفاق المبادلة تسليم الغاز، ما يسمح لإيران بإرسال كمية مكافئة إلى تركيا باستعمال البنية الأساسية القائمة.
وعلى الرغم من إمكان التوصل إلى اتفاق ثلاثي، لا يمكن تجاهل التعقيدات التي فرضتها العقوبات الدولية وقضايا الموثوقية السابقة. ويمكن أن يكون التنفيذ الناجح لتسليم أولي يبلغ مليارَي متر مكعب بمثابة اختبار مهم للتعاون في المستقبل.
الخلاصة
توفر مشاركة إيران في ممر نقل الغاز لتركيا آفاقًا كبيرة لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز دورها بصفتها مركزًا رئيسًا للطاقة في المنطقة.
ومن الممكن أن تغيّر هذه الشراكة، إلى حدّ كبير، إستراتيجية تركيا في استيراد الطاقة، وتعزز قوتها التفاوضية مع المورّدين الآخرين، ما يمكّنها من تأمين اتفاقيات أكثر فائدة.
رغم ذلك، فإن هذا التعاون معقّد بسبب قضايا مثل العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ومشكلات الموثوقية السابقة فيما يتعلق بإمدادات الغاز.
ومن ثم، فإن إدارة هذه المخاطر بفعالية ستكون ضرورية لنجاح الاتفاق.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- صفقة استيراد العراق الغاز التركمانستاني عبر إيران تقترب من دخول حيز التنفيذ
- وزير الكهرباء العراقي يكشف مصير الغاز التركمانستاني والقطري.. ومستجدات الربط مع السعودية
- وزارة الكهرباء العراقية تكشف مصير صفقة الغاز التركمانستاني عبر إيران
اقرأ أيضًا..
- هل تتأثر أسعار النفط باغتيال حسن نصر الله؟.. مسؤول روسي يجيب
- حوض دلتا النيل البحري.. مصر تستكشف 223.2 تريليون قدم مكعبة من الغاز
- منجم يورانيوم عربي يرفع إنتاجه 44%.. احتياطياته 41 مليون طن