الطاقة النووية الاندماجية تشهد طفرة صينية لخفض التكلفة
دينا قدري
تتسابق الصين مع الغرب للتفوق في نشر الطاقة النووية الاندماجية، من أجل تأمين كهرباء خالية من الانبعاثات دون نفايات نووية مشعة طويلة العمر.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تسعى شركة ناشئة في شنغهاي إلى جمع 500 مليون دولار لتطوير تكنولوجيا الاندماج النووي من الجيل التالي الأرخص، إذ تندمج نظائر الهيدروجين بعد تسخينها إلى درجات حرارة شديدة، ما يؤدي إلى إطلاق الطاقة.
وتعمل شركة إنرجي سينغولاريتي (Energy Singularity)، التي تأسست في عام 2021، على تطوير مفاعل "توكاماك" صغير الحجم، وهي آلة من المتوقع أن تكون في قلب محطات الطاقة الاندماجية.
ووفقًا لجمعية صناعة الاندماج، ومقرّها الولايات المتحدة، فإن الشركة الناشئة الصينية هي واحدة من 45 شركة على الأقل في نحو 13 دولة تعمل على تسويق الاندماج النووي، باستعمال أساليب تكنولوجية متنوعة ومصادر وقود.
ومع ذلك، ما تزال التكنولوجيا ناشئة، ويقول الخبراء، إنه ما يزال لا يوجد ضمان لتحقيق محطات الطاقة الاندماجية.
تطوير الطاقة النووية الاندماجية
قال الرئيس التنفيذي للعمليات، المؤسس المشارك لشركة إنرجي سينغولاريتي، يي يمينغ، إن نهج الشركة مستوحى من العمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وشركة كومنولث فيوجن سيستمز (Commonwealth Fusion Systems) التابعة له.
إذ يطوّر المهندسون الأميركيون مفاعل توكاماك صغير الحجم -أحد المفاعلات النووية الاندماجية- باستعمال مادة فائقة التوصيل عالية الحرارة، لتغليف بلازما النظائر المسخّنة إلى درجات حرارة أعلى من الشمس.
وقال يي: "لقد كان حكمنا أن هذه مشكلة هندسية أكثر من كونها مشكلة علمية"، مضيفًا: "تعتمد جميع مفاعلات توكاماك على الفيزياء نفسها لتحقيق طاقة الاندماج.. ولكن من خلال ابتكار مغناطيس فائق التوصيل عالي الحرارة، يمكننا تقليل حجم الآلة بشكل كبير، ومن ثم يمكننا تقليل التكلفة بشكل كبير".
وبينما يعتقد "يي" أن المجموعات الأميركية المنافسة تتمتع ببيئة تمويل "أكثر ملاءمة"، تتوقع شركة إنرجي سينغولاريتي أن تكون قادرة على الاستفادة من سلاسل التوريد العميقة في الصين لمواد الاندماج الرئيسة، بما في ذلك المادة فائقة التوصيل عالية الحرارة، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times).
وقالت الشركة، إن نحو 95% من المواد لجهازها الأول، هونغهوانغ 70 أو إتش إتش 70، صُنِّعَت محليًا؛ ما يسلّط الضوء على "التراكم الطويل الأجل" للمزايا في تكنولوجيا الطاقة النووية الصينية.
وقال يي: "لدينا ميزة التكلفة على المواد، والموظفين، وكل شيء.. نعتقد أن التكلفة في الصين ستكون أقل بنسبة 50% -على الأقل- من بناء النوع نفسه من الآلات في الولايات المتحدة".
ومع ذلك، أشار إلى أنه "قد يكون هناك بعض عدم اليقين العلمي" مع تقدّم التكنولوجيا نحو مجالات مغناطيسية أقوى من أيّ وقت مضى.
أسّس يي -خريج جامعة تسينغهوا- الشركة مع زملاء سابقين في جامعة بكين يانغ تشاو ودونغ جي، بالإضافة إلى الأستاذ السابق في الهندسة الكهربائية من جامعة شنغهاي جياو تونغ، لي تشويونغ.
تحويل الاندماج النووي إلى حقيقة
جمعت شركة إنرجي سينغولاريتي نحو 110 ملايين دولار لتطوير "إتش إتش 70"، الذي أعلن أولى عملياته في يونيو/حزيران.
وتستهدف الشركة نحو 500 مليون دولار في جولات جمع الأموال المستقبلية، إذ تحاول تطوير جهاز الاندماج النووي من الجيل التالي، إتش إتش 170، بحلول عام 2027.
ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، من المقرر أن يكون أكبر، ويولّد المزيد من الكهرباء بشكل كبير، وتأمل الشركة في الانتقال إلى تسويق التكنولوجيا قبل عام 2035.
يثق "يي" في جمع الأموال من المستثمرين المحليين، على الرغم من خلفية التوترات بين الولايات المتحدة والصين التي أضرّت ببيئة التمويل.
وقال: "نعم، 500 مليون دولار أمر صعب بالتأكيد.. لكنه ليس بعيد المنال تمامًا إذا عملنا بجدّ".
وبعيدًا عن القطاع الخاص، قال "يي"، إن إنرجي سينغولاريتي كانت "في حوار" مع مجموعات مدعومة من الدولة بشأن الاستثمار المحتمل.
وقد وقّعت المجموعة عقود تعاون مع مؤسسات وجامعات صينية، بما في ذلك معهد ساوث ويسترن للفيزياء وجامعة شنغهاي جياوتونغ وجامعة لانزو.
ومع ذلك، قال "يي"، يبدو أن القطاع الخاص يتحرك بشكل أسرع نحو جعل الاندماج النووي حقيقة تجارية.
وأضاف: "لقد صممنا وبنينا وشغّلنا أول آلة لدينا في غضون عامين فقط.. وهذا أقصر بكثير من الإطار الزمني الذي تحتاج إليه أيّ جامعات أو مؤسسات بحثية عادةً لبناء مفاعل توكاماك".
موضوعات متعلقة..
- أول محطة لتوليد الطاقة النووية الاندماجية بالليزر
- تقنية الاندماج النووي تمهد لثورة الكهرباء النظيفة التجارية (تقرير)
- توليد الكهرباء من الاندماج النووي يسجل رقمًا قياسيًا.. خطوة لتعزيز أمن الطاقة
اقرأ أيضًا..
- حقول النفط والغاز في السعودية.. قصص الاكتشافات والاحتياطيات الضخمة (ملف خاص)
- أكبر الدول المستوردة للغاز في 2024.. صدارة كويتية ومفاجأة مغربية (تقرير)
- مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر.. السعودية تسبق العالم (تقرير)
- تويوتا تقلص إنتاج السيارات الكهربائية بمعدل 500 ألف وحدة