تقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

تقنية الاندماج النووي تمهد لثورة الكهرباء النظيفة التجارية (تقرير)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يُعول على توليد الكهرباء من الاندماج النووي لتعزيز أمن الطاقة للدول
  • تحولت تقنية الاندماج النووي التجاري من مجرد خيال علمي إلى حقيقة علمية في أقل من عقد
  • تُستعمَل المغناطيسات لدمج نظائر الهيدروجين عبر ضغط البلازما الساخنة جدً داخل جهاز توكاماك
  • الاندماج النووي الخاضع للرقابة هو الاتجاه الوحيد للكهرباء المستقبلية
  • تكتسب تقنية الاندماج النووي جاذبيتها من قدرتها على توليد كهرباء أكثر بواقع 4 ملايين مرة من تلك المولدة بالوقود الأحفوري

تتزايد الآمال المعقودة على تقنية الاندماج النووي في توليد كميات مهولة من الكهرباء النظيفة التي يمكن استعمالها تجاريًا عبر تغذية الشبكات بها؛ بما يحقق أمن الطاقة للدول وتعزيز أهداف الحياد الكربوني.

ويشير الاندماج النووي إلى عملية تندمج خلالها نواتان ذرّيتان خفيفتان لتكونا نواة ذرّية واحدة أثقل وزنًا، وتلك التقنية هي المصدر للطاقة في الشمس وفي النجوم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويختلف الاندماج النووي عن الانشطار النووي الذي يحدث فيه انقسام نواة ذرة ثقيلة إلى قسمين أو أكثر، وبهذه العملية يتحول عنصر معين إلى عنصر آخر، وينتُج عن عملية الانشطار نيوترونات وفوتونات عالية الطاقة.

حقيقة علمية

تحولت تقنية الاندماج النووي التجاري من مجرد خيال علمي إلى حقيقة علمية في أقل من عقد، وفق ما أوردته صحيفة تليغراف (Teleghraph) البريطانية.

وأعلنت شركة فيرست لايت فيوجن (First Light Fusion) البريطانية، الأسبوع الماضي، أنها حطمت الرقم القياسي العالمي للضغط في مختبرات سانديا الوطنية في الولايات المتحدة، ليصل إلى 1.85 تيراباسكال، أي أعلى 5 مرات من الضغط الواقع في قلب كوكب الأرض.

وقبل أيام من إعلان فيرست لايت فيوجن، أكدت مجموعة من الأوراق البحثية أن شركة كومنولث فيوجن سيستمز (Commonwealth Fusion Systems) الواقعة قرب مدينة بوسطن قد حطمت الرقم القياسي العالمي لمغناطيس كبير الحجم بقوة مجال تصل إلى 20 تيسلا، مستعملةً أحدث تقنية موصلية فائقة في درجات الحرارة العالية.

والتيسلا هي وحدة قياس المجال المغناطيسي، ويعادل 1 تيسلا 1 ويبر لكل متر مربع، علمًا بأن رقم الـ20 تيسلا يتجاوز الحد اللازم لإنتاج كهرباء صافية، أو معامل جودة كيو فاكتور (Q factor) يزيد على 1.0.

وقال البروفيسور وعميد البلازما في معهد ماساتشوستس للتقنية إم آي تي (MIT) دينيس وايت "بين عشية وضحاها، غيّرت تلك التقنية التكلفة لكل واط من مفاعل الاندماج النووي بمعامل جودة يقارب 40".

منشأة للاندماج النووي
منشأة للاندماج النووي - الصورة من موقع شركة كومنولث فيوجن سيستمز

دور المغناطيسات

تُستعمَل المغناطيسات لدمج نظائر الهيدروجين عبر ضغط البلازما الساخنة جدً داخل جهاز توكاماك - جهاز تجريبي مصمم لتحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة الناجمة عن الاندماج النووي.

ويتعين أن تكون درجة الحرارة أسخن 10 مرات من سطح الشمس بهدف تكرار الاندماج الشمسي، نظرًا لأن المجال المغناطيسي للأرض أضعف بكثير جدًا.

وتُصنع المغناطيسات القديمة ذات درجات الحرارة المنخفضة من سبائك النيوبيوم التي تعمل بالقرب من الصفر المطلق عند -270 درجة مئوية.

وتعمل المغناطيسات الجديدة على رفع درجة الحرارة من 4 كلفن (-269.15 درجة مئوية) إلى 20 كلفن (-253.15 درجة مئوية) باستعمال أكسيد النحاس الباريوم الأرضي النادر (ReBCO)، بتصميم جديد.

وتجمع تلك المغناطيسات الجديدة بين الموصلية الفائقة والقوة المغناطيسية الكبيرة؛ ما يَنتُج عنه تعزيز الزيادة في القدرة على الاندماج، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة كومنولث فيوجن سيستمر بوب مومغارد، إن تقنية الاندماج النووي المغيرة لقواعد اللعبة لم تكن موجودة –تقريبًا- منذ 10 سنوات، وكانت ما تزال في بدايتها قبل 5 سنوات.

وأضاف مومغارد: "الطفرة تكمن في الموصلات الفائقة، وتعني المغناطيسات الأكثر قوة أنه بمقدورنا بناء محطة أصغر بواقع 40 مرة".

تقنية وشيكة

حان الوقت لاستبعاد الأقاويل القديمة التي كانت ترى أن العالم ما يزال أمامه 30 عامًا لتطوير تقنية الاندماج النووي.

ووفق استطلاع رأي أجراه منتدى تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يرى 65% من الخبراء أن تلك التقنية ستولّد الكهرباء إلى الشبكة بتكلفة ميسورة بحلول أواسط العقد المقبل (2023)، في حين يرى 90% من الخبراء أن هذا لن يحدث قبل عام 2040.

وقالت جمعية صناعة الاندماج النووي، ومقرّها واشنطن، إن 4 من أعضائها يعتقدون أنه من الممكن توليد الكهرباء بتلك التقنية وتوصيلها إلى الشبكة بحلول 2030.

وقال مجلس الدولة الصيني: إن "الاندماج النووي الخاضع للرقابة هو الاتجاه الوحيد للكهرباء المستقبلية"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

منشأة للاندماج النووي
منشأة للاندماج النووي - الصورة من scitechdaily

مشروع طموح

يَلقى مشروع "كومنولث فيوجن" -فرع من مركز علوم البلازما والاندماج التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- دعمًا من قطبي الأعمال الأميركيين بيل جيتس وجيف بيزوس، ونظيرهما البريطاني السير ريتشارد برانسون.

ويستهدف المشروع إنتاج أول بلازما خاصة بالشركة في العام المقبل (2025)، والوصول إلى عامل جودة Q ثابت قدره 10 بحلول نهاية 2030، وهو مستهدف الكهرباء اللازم لاستعمالها تجاريًا.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة كومنولث فيوجن سيستمز بوب مومغارد، إن شركته تتطلع إلى تكاليف تتراوح بين 60 و80 ميغاواط/ الساعة، مما يقلل من تكلفة الكهرباء المتجددة المتقطعة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

وتابع: "بل ربما تكون أقل من ذلك، فنحن لا نستعمل اليورانيوم، كما لا يوجد خطر في حصول كوارث".

ولا تشبه الانبعاثات الإشعاعية نظيرتها من مفاعل انشطار اليورانيوم؛ ما يعني أنه من الممكن بناؤها في أيّ مكان تقريبًا ونشرها بسرعة.

مزايا قياسية

تكتسب تقنية الاندماج النووي جاذبيتها من قدرتها على توليد كهرباء أكثر بواقع 4 ملايين مرة من تلك المولدة بالوقود الأحفوري، دون وجود انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو الميثان.

كما لا يَنتُج عن تلك التقنية أيّ نفايات على المدى الطويل تقريبًا؛ إذ يتمثل منتجها الثانوي الرئيس في الهيليوم الخامل.

ولا تتطلب تقنية الاندماج النووي أي أرض -تقريبًا- ولا تستعمل سوى كميات قليلة من الماء، كما لا يوجد خطر من حصول تفاعل متسلسل هارب، ولا تستعمل تلك التقنية مواد انشطارية، ولا جدوى منها في إنتاج الأسلحة.

وعلى النقيض من تقنية الانشطار النووي، يُنتِج الاندماج النووي حرارة صناعية عالية الجودة للمساعدة في إزالة الكربون من الزجاج، والأسمنت، والصلب، والأمونيا، والهيدروجين، وغيرها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق