صفقة استحواذ عالمية تتضمن بيع أصول نفط وغاز في 3 دول عربية
هبة مصطفى
تتجه الأنظار صوب مصير أصول نفط وغاز تابعة لشركة فينترسال ديا الألمانية، خاصة أن صفقة استحواذ بشأنها تُوشك أن تشهد اللمسات الأخيرة.
وتُخطط شركة هاربور إنرجي (Harbour Energy) البريطانية لمواصلة الاستحواذ على الشركة الألمانية في موعد قريب، بعدما أبدت موافقتها على الصفقة خلال ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الماضي 2023.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لخريطة أصول الهيدروكربونات للشركة الألمانية، يبدو أن 3 دول عربية ستقع في نطاق صفقة الاستحواذ.
وتمتد أصول شركة فينترسال ديا (Wintershall Dea) أيضًا إلى دول أوروبية ودول من قارتي أميركا الشمالية والجنوبية، كما يشمل الاتفاق المرتقب أصولًا أخرى خاصة بتخزين الكربون.
ملامح الصفقة
بموجب الصفقة، تعتزم "هاربور إنرجي" شراء أصول نفط وغاز تابعة لشركة "فينترسال ديا" مقابل 11.2 مليار دولار أميركي، وفق ما نقلته رويترز يوم الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2024.
وتُشير التوقعات إلى أن إغلاق الصفقة قد يُنفّذ بحلول مطلع شهر سبتمبر/أيلول المقبل، قبل شهر من موعده المحدد سلفًا في أكتوبر/تشرين الأول مطلع الربع الرابع من العام الجاري.
وتغطي الصفقة أصول نفط وغاز في 3 دول عربية هي: الجزائر، ومصر، وليبيا، بالإضافة إلى أصول في دول أخرى مثل: الدنمارك، والنرويج، والأرجنتين، وألمانيا، والمكسيك.
وأنجزت شركة "هاربور إنرجي" البريطانية خطوات مهمة في إطار الموافقات التنظيمية لنقل ملكية الأصول في بعض الدول السابق ذكرها، ومن بينها الدنمارك والمكسيك.
ومقابل ذلك، تستثني الصفقة أصول الشركة الألمانية في روسيا من عملية الاستحواذ، بموجب إلزام الدول الأوروبية والغربية شركاتها بمعاقبة شركات الطاقة الروسية في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية.
أصول عربية
تنتقل حقوق التنقيب في أصول نفط وغاز بـ3 دول عربية، من شركة "فينترسال ديا" الألمانية إلى "هاربور إنرجي" البريطانية، بموجب صفقة الاستحواذ.
ورغم أن هذه الأصول تغطي "الجزائر، ومصر، وليبيا"، فإن الشركة البريطانية أحرزت خطوات ملموسة لدى الجزائر والقاهرة حتى الآن، وتستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) هذه التطورات أدناه:
الجزائر:
شاركت شركة "فيترسال ديا" الألمانية في امتياز رقان نورد الجزائري بحصة قدرها 24% منذ عام 2002، لكنها بدأت الإنتاج منه في ديسمبر/كانون الأول عام 2017، وتشاركها في عملية التطوير شركة سوناطراك بحصة 40%، وريبسول الإسبانية بـ36%.
ويضم امتياز "رقان" للشركة الألمانية في الجزائر 6 حقول تمتد على مساحة 1800 كيلومتر مربع، وأنتجت 19 بئرًا في المشروع، ما يصل إلى 2.8 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، وفق التقديرات الصادرة عام 2022.
وعقب أشهر من اندلاع الحرب الأوكرانية، سعت الشركة الألمانية (في مايو/أيّار 2022) لزيادة حصتها في مشروع "رقان نورد" للغاز الجزائري، بعد الاتفاق على صفقة استحواذ تتعلّق بحصة قدرها 11.25% تابعة لشركة إديسون الأميركية.
وبعد إتمام الصفقة، حافظت سوناطراك على حصة 40%، في حين ارتفعت حصة "فينترسال ديا" إلى 30.75%، وتراجعت حصة ريبسول الإسبانية إلى 29.25%.
ويستمر إنتاج الغاز من حقول حوض رقان الجزائري حتى عام 2041 بصورة مستقرة وتكلفة منخفضة، وربطت الشركات المطورة 26 بئرًا في المشروع بمرافق المعالجة، طبقًا لآخر تحديث على موقع الشركة الألمانية.
ويكتسب المشروع أهمية دولية، إذ يتصل إنتاج حقول مشروع رقان بمركز "حاسي الرمل" المعني بالتصدير إلى أوروبا، عبر خط أنابيب بطول 760 كيومترًا من إنشاء شركة سوناطراك.
وفي أبريل/نيسان 2024، زارت الرئيسة التنفيذية لشركة "هاربور إنرجي" ليندا كووك، وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، في إطار خطط للتوسع في التنقيب عن أصول نفط وغاز بالدولة الأفريقية.
وتبدو هذه الخطوة وكأنها تمهيد لنقل ملكية أصول "فينترسال ديا" الألمانية إلى كبرى شركات الهيدروكربونات في بريطانيا، ومن ضمنها الجزائر.
مصر:
تمتد جذور شركة "فينترسال ديا" الألمانية في مصر من خلال أصول نفط وغاز منذ 50 عامًا، بعد توقيع اتفاق الامتياز عام 1974.
وخلال 40 عامًا من التطوير في القاهرة، أنتجت الشركة ما يزيد على 650 مليون برميل نفط خام من حقول خليج السويس، وركزت لاحقًا على أعمال الغاز.
وشمل ذلك إنتاج الغاز من منطقة دسوق في الدلتا من 19 بئرًا، كما تشارك في تطوير مشروع غاز بحري غرب الدلتا بالتعاون مع شركة النفط البريطانية بي بي.
وتتعاون الشركة الألمانية مع بي بي أيضًا في تطوير مشروع غاز بحري، يقع في مربع الاستكشاف شمال غرب أبوقير، وفق آخر تحديث لأنشطة الشركة في مصر على موقعها الإلكتروني.
واكتشفت الشركة غازًا في مربع الاستكشاف الواقع شرق دمنهور نهاية عام 2022، وبدأ المشروع الإنتاج العام الماضي، بحصة (مشغل) للشركة الألمانية قدرها 40%.
وتشمل أعمال الشركة في مصر أيضًا، حصة قدرها 17.25% في أحد أبرز مشروعات قطاع الطاقة لدى القاهرة مؤخرًا "مشروع غرب دلتا النيل البحري"، الخاضع لإدارة بي بي.
ويغطي ذلك حقول غاز ومكثفات بالمياه العميقة، في امتياز شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط.
كما أسهمت الشركة الألمانية في خطة لزيادة إنتاج حقل ريفين للغاز الطبيعي الواضع ضمن نطاق امتياز غرب الدلتا، من 600 إلى 900 مليون قدم مكعبة يوميًا، ووقعت الشركات المطورة للمشروع -قبل عام- على اتفاق امتياز رخصة التشغيل.
وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية -مطلع يونيو/حزيران الماضي- مغادرة شركة "فينترسال ديا" الألمانية أصول نفط وغاز في مصر، وإفساح المجال لشركة "هاربور إنرجي" البريطانية لأول مرة في القاهرة، بموجب صفقة الاستحواذ.
وبحضور الرئيسة التنفيذية للشركة البريطانية، ووزير النفط السابق المهندس طارق الملا، وُقِعت اتفاقية استحواذ "هاربور إنرجي" على أصول نفط وغاز مناطق امتياز "فينترسال ديا" في مصر.
ليبيا:
كانت ليبيا أولى محطات شركة "فينترسال ديا" الألمانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ بدأت رحلة البحث عن الإمدادات في أصول نفط وغاز منذ عام 1958.
وتُسهم الشركة في إنتاج النفط الليبي من حوض سرت الشرقي، عبر تطوير 9 حقول نفطية في مناطق رخصة 91 و107.
ويأتي هذا بالإضافة إلى حصة تطوير أخرى في حقل الجرف النفطي البحري، في منطقة 15/16/32.
وتأثرت عمليات الاستشكاف في المربع 58 في برقة -التي تديرها شركة فينترسال ديا الألمانية- بالصراعات الأمنية والسياسية التي تشهدها ليبيا منذ عام 2011، ما أدى إلى تعليق عمل الشركة في المربع منذ عام 2014.
تطورات أوروبية
تُشير محاولات شركة هاربور إنرجي البريطانية للاستحواذ على أصول نفط وغاز خارج حدود البلاد إلى تطور خطير، ضمن تداعيات زيادة حكومة حزب العمال الجديدة للضريبة الاستثنائية.
ودفعت هذه الزيادات -المفروضة من قفزة أسعار الطاقة خلال عام 2022- باتجاه بحث كبرى شركات الهيدروكربونات في بريطانيا "هاربور إنرجي" عن أصول تطوير خارج البلاد، واستعجال إغلاق صفقة الاستحواذ قبل موعدها المتفق عليه سلفًا.
وفي الدنمارك، أصدرت وكالة الطاقة الموافقات اللازمة بشأن نقل حقوق 4 تصاريح لأصول نفط وغاز من الشركة الألمانية إلى نظيرتها البريطانية.
وتشمل هذه الأعمال تصريحي تنقيب وتطوير واستخراج للهيدروكربونات، وتصريحين آخرين لتخزين الكربون، وفق موقع أوفشور إنرجي (Offshore Energy).
وتقترن موافقات وكالة الطاقة الدنماركية على نقل حقوق التطوير بتقديم "هاربور إنرجي" البريطانية ضمانات تتعلق بالتكاليف، خاصة بشأن أصول نفط وغاز الشركة الألمانية وشركائها.
موضوعات متعلقة..
- أكبر شركة نفط وغاز في بريطانيا تدخل سوق الطاقة الجزائرية
- شركة ألمانية تغادر قطاع النفط المصري.. وصفقة استحواذ جديدة
- الغاز الجزائري.. ألمانيا تؤمّن احتياجاتها بصفقة استحواذ لفينترسال ديا
اقرأ أيضًا..
- قطاع الكهرباء في الأردن خلال 2023.. المملكة تؤمّن نفسها بمزيج متنوع
- حقل الظلوف البحري السعودي.. ثالث أكبر الحقول عالميًا بـ31 مليار برميل
- بعد إغلاق حقول النفط في ليبيا.. 4 خبراء يتحدثون للطاقة عن التطورات