أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةكهرباء

كيف تفاقمت أزمة الكهرباء في لبنان.. وهل حلها سياسي أم تقني؟ خبير يجيب

أحمد بدر

على مدى سنوات طويلة، شهد قطاع الكهرباء في لبنان تطورات عديدة، فأحيانًا تنفرج الأزمة، وأحيانًا أخرى تتفاقم، إلا أن الانقطاع الأخير يُعد الأهم والأكثر خطورة، لا سيما أنه ضرب الدولة بالكامل، عدا مناطق لا تعتمد على الحكومة في توليد الكهرباء.

وفي هذا الإطار، يوضح المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله، أن بلاده جربت كل التجارب السيئة، خاصة في مجال الطاقة، إذ تشهد البلاد حاليًا انقطاعًا للكهرباء، يضع البلد في أسوأ أوضاعه وأحواله.

جاء ذلك خلال مشاركته في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان: "انقطاع الكهرباء في لبنان.. لماذا تفاقمت الأزمة وما الحل؟".

وقال عبدالله إن لبنان لا يوجد فيه رئيس جمهورية، وليست لديه سلطات دستورية منتخبة بطريقة صحيحة، لذلك هناك فراغ دستوري، كما أن حكومته غير مستقلة في أعمالها ولا تملك صلاحيات.

بالإضافة إلى ذلك، وفق الخبير اللبناني، فإن جنوب لبنان يشهد حربًا بين حزب الله وإسرائيل، بالإضافة إلى معاناة البلاد كل أنواع الأزمات المالية والاقتصادية، التي تشهدها منذ عام 2017.

أسباب انقطاع الكهرباء في لبنان

قال المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله، إن انقطاع الكهرباء في لبنان بصورة كاملة سببه المباشر حاليًا هو عدم توافر الوقود الذي تستعمله محطات إنتاج الكهرباء، التي تعمل أغلبها بـ"زيت الوقود الثقيل"، المعروف باسم "الوقود الأسود".

ولفت إلى أن بلاده عقدت اتفاقات مع العراق لاستيراد هذا الوقود، ولكن بطبيعة الحال لأن لبنان يعيش في أزمة، لم يفِ بالتزاماته المالية تجاه العراق، ومن ثم لم تعد لديه إمدادات من الوقود الذي يحتاج إليه لتوليد الكهرباء.

أزمة الكهرباء في لبنان

وأوضح مروان عبدالله، أن قطاع الكهرباء في لبنان ينتج -في المعتاد- بين 5 و6 ساعات يوميًا بالنهار، ولا ينتج الكهرباء على مدار الـ24 ساعة، وهذه المدة المحدودة لم تعد موجودة حاليًا، بسبب هذه السياسات.

وأضاف: "استيقظنا في صباح أحد الأيام، لنجد أن مؤسسة كهرباء لبنان لا تملك أي وقود، وإدارة الكهرباء في لبنان فشلت في معالجة هذه الأزمة قبل أن تتفاقم، واليوم يعيش اللبنانيون في عتمة شاملة".

وفسّر ذلك بأن لبنان لم يدفع التزاماته إلى دولة العراق، ومن ثم لم تعد هناك إمدادات من الوقود لمعامل الكهرباء، وفي الوقت نفسه لم يكن هناك قرار إداري أو سياسي بصرف الأموال لشراء هذه المواد التي تحتاج البلاد إليها لإنقاذ قطاع الكهرباء في لبنان.

وأشار مروان عبدالله إلى أن المسؤولين في لبنان -بعد هذه الفضيحة الكبيرة- انتبهوا إلى أنهم في أزمة، فاتهم حلها في شهر أبريل/نيسان، الذي يُعد شهر الفرص، فأصبحوا يجرون اتصالاتهم السياسية والدولية، لمعالجة هذا الأمر.

ملف شائك ودعم خارجي

قال المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله، إن ملف الكهرباء في لبنان يُعد ملفًا شائكًا، وعلى الرغم من ذلك فإن حله بسيط للغاية، إذ إن الحل سياسي وليس تقنيًا.

وأوضح أن لبنان يعيش اليوم في عتمة شاملة، وهناك وعد من الجزائر بإمداد بيروت باحتياجاتها من زيت الوقود، لتتمكن معامل الكهرباء من توفير الطاقة، وهناك اتصالات أيضًا مع العراق للتوصل إلى حل يناسب الجميع، لا سيما فيما يتعلق بالتزامات لبنان المالية.

وأضاف: "أصبحت الكهرباء في لبنان الآن متوفرة فقط للمرافق الأساسية، مثل المطار والمرفأ وبعض محطات ضخ المياه، التي توصل المياه إلى المنازل، إذ إن هناك ضرورة أن يحصل اللبنانيون على المياه في الصيف، ما دام أنه لا توجد كهرباء".

مقر مؤسسة كهرباء لبنان
مقر مؤسسة كهرباء لبنان - الصورة من موقعها الإلكتروني

الطاقة الشمسية والتوليد الخاص

ردًا على سؤال من مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، بشأن الانتشار الكبير للطاقة الشمسية على الأسطح، وكذلك المولدات الكهربائية الخاصة، وأثرها في توفير الكهرباء لدى لبنان.

وقال الحجي: "من المفارقات أن المنتدى الاقتصادي العالمي صنّف لبنان على أنه من الدول المتقدمة في مجال الحياد الكربوني وتحول الطاقة، وذلك بسبب انتشار الطاقة الشمسية هناك، وهم لا يعرفون أن الناس مضطرة إلى ذلك، لتوفير الكهرباء في بلد يعاني أزمة وقود".

مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي
مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي

ولفت مروان عبدالله إلى أن الاعتماد على المولدات الكهربائية التي تستعمل المازوت والبنزين والديزل يُعد كبيرًا جدًا، وهو منتشر منذ عشرات السنين، لأن أزمة الكهرباء في لبنان عمرها يتجاوز 25 عامًا.

ومن ثم، فإن المولدات تنتج كهرباء لتغطية غياب ساعات التغذية من جانب مؤسسة كهرباء لبنان، ولكن قبل ذلك كانت هذه المولدات تلبي الحاجة إلى 6 أو 8 ساعات بالنهار فقط، والباقي كان يأتي من الحكومة، والآن هناك محاولة لتغطية 18 ساعة من المولدات، وأحيانًا 24 ساعة.

وتابع: "بالنسبة إلى الطاقة الشمسية وتوجه اللبنانيين، أفرادًا وشركات، إلى حلول الطاقة البديلة، لم يكن مخططًا، فالحكومة لم تضع خطة أو ترصد دعمًا ماليًا وتعمل على التطوير، أي أنه لم تكن هناك أفكار أو إستراتيجية طاقية".

وأوضح أن العكس بالعكس، إذ إن اللبنانيين لجأوا إلى الطاقة الشمسية بسبب عدم وجود سياسة لدى الدولة أو إدارة حكيمة لقطاع الكهرباء في لبنان، لذلك فإن كل مواطن اختار إما تبني هذه الطاقة وإما الحياة في الظلام.

وأضاف: "انقطاع الكهرباء في لبنان أدى إلى العمل على تأمين المولدات، ولكن هذه لا تعطي كهرباء 24 ساعة، وتحتاج إلى الراحة، لذلك اضطر اللبنانيون إلى تبني الطاقة الشمسية، لا سيما أن البلاد لديها سطوع شمسي لمدة 300 يوم سنويًا، فأصبح لدى اللبنانيين أنظمة طاقة شمسية فوق أسطح منازلهم".

لذلك، وفق مروان عبدالله، أصبح اللبنانيون يحصلون على الكهرباء من مصدرين رئيسين، إما المولدات المنتشرة في الأحياء والمدن والقرى، وإما الطاقة الشمسية الموجودة فوق أسطح المنازل، خاصة أن البطاريات الموجودة في الأنظمة الشمسية تساعد في أوقات الليل.

واردات لبنان من المنتجات النفطية

طرح خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، سؤالًا بشأن واردات لبنان من المنتجات النفطية، التي تبلغ 90 ألف برميل يوميًا، وعدم استيراد النفط الخام نظرًا إلى توقف المصافي، ومصدر هذه المنتجات، التي تأتي -ظاهريًا أو رسميًا- من مصر واليونان وتركيا وإيطاليا وروسيا ودول أخرى.

ورد المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله، قائلًا إن بلاده لديها مصفاتان أساسيتان، واحدة في جنوب لبنان والأخرى في الشمال، وهاتان المصفاتان كانتا قبل الحرب الأهلية تأخذان النفط الخام وتكررانه، قبل بيعه إلى دول أخرى.

الكهرباء في لبنان

وأضاف: "هاتان المصفاتان متوقفتان عن العمل اليوم، وهو ما يخفّف من قدرة لبنان على أن تكون لديه إنتاجية خاصة بقطاع الطاقة، وتجعله مضطرًا إلى استيراد جميع مصادر الطاقة، وهذه بالتأكيد جزء من مشكلة حوكمة الطاقة في البلاد".

وأوضح أن هناك -أيضًا- ملف الغاز الطبيعي، إذ إن معامل الكهرباء في لبنان، مصممة من أجل إنتاج الكهرباء من الغاز، ولكن بسبب السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، أصبحت المعامل تستعمل زيت الوقود الثقيل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق