التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

التعدين في الخليج يدخل الصراع الأميركي الصيني.. واستثمار قطري

هبة مصطفى

تملك خطط التعدين في الخليج طموحات للتوسع في التنقيب عن المعادن الأرضية النادرة، خاصة أن التقديرات تشير إلى ارتفاع الطلب على هذه المعادن مستقبلًا، وفق التوقعات التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لهذه السوق.

وأقدمت هيئة قطرية على خطوة مهمة بضخّ استثمارات قدرها 180 مليون دولار في شركة تك مت (TechMet) المعنية بتطوير المشروعات الحيوية والمدعومة بنك التنمية الأميركي عبر مؤسسة التمويل الإنمائي.

ويشير التعاون الجديد بين قطر وأميركا في قطاع المعادن إلى محاولة الأخيرة حشد الاستثمارات لتقليص الهيمنة الصينية، مستفيدة من الرغبة الحثيثة لدى دول الخليج في اقتحام السوق المهمة.

وتُستعمل المعادن الأرضية النادرة في عدد هائل من مجالات الطاقة النظيفة؛ إذ تُعدّ مكونًا رئيسًا بالنسبة لعملية انتقال الطاقة، خاصة فيما يتعلق بالنقل وبطاريات السيارات الكهربائية.

استثمار قطر

تلقّت خطط التعدين في الخليج دعمًا من استثمار قطري أُعلِن مؤخرًا؛ ما يؤكد دور المعادن الأرضية النادرة لخطط انتقال الطاقة إقليميًا ودوليًا.

وقررت هيئة الاستثمار القطرية ضخ 180 مليون دولار في شركة "تك مت"، تدعم تنوع استثمارات الدولة الخليجية، ورفع إنتاج المعادن الضرورية والمعادن الأرضية النادرة، وفق موقع فايننشال تايمز (Financial Times).

وتشكّل الشركة استثمارًا مشتركًا هو الأول من نوعه بين دولتين غربية وخليجية، ويهدف إلى تشكيل مبادرة لتقليص الهيمنة الصينية على سوق المعادن الضرورية (وأبرزها الليثيوم، والكوبالت) في العالم.

موقع للمعادن الأرضية النادرة
موقع للمعادن الأرضية النادرة - الصورة من Resources Magazine

ومنذ تأسيس شركة "تك مت" عام 2017، وهي تسعى لجمع الاستثمارات اللازمة، إذ بلغ حجم إنفاقها على 10 مشروعات في أوروبا وأفريقيا وغيرها ما يقارب 450 مليون دولار.

وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، بريان مينيل، أن الاستثمار القطري يأتي بمثابة "اعتراف" من أميركا، بالحاجة إلى تشكيل جبهة تساعدها في تحدي الصين عبر التمويل المناسب.

بدوره، أوضح مسؤول الاستثمارات مع الأميركيتين لدى الهيئة القطرية محمد السويدي أن التعاون مع "تك مت" يشكّل خطوة مهمة للتعدين والتحول العالمي الأخضر، وفي القلب منه دور الدوحة.

ويضاف التعاون مع الشركة، التي تتخذ من أيرلندا مقرًا لها، إلى حصتها بنسبة 8.6% في شركة "غلينكور" إحدى أكبر شركات التعدين والسلع عالميًا.

دور التعدين في الخليج

تعول أميركا على قطاع التعدين في الخليج لمواجهة الهيمنة الصينية على سوق المعادن النادرة، واستهدف الرئيس الأميركي "جو بايدن" سحب البساط من تحت أقدام بكين.

وتستهدف أميركا إقناع الأطراف الكبرى المحتمل سطوع نجمها بقطاع التعدين في الخليج، بضخ الاستثمارات في مبادراتها للتنقيب عن المعادن الحيوية واستخراجها، وأبرز هذه الأطراف: السعودية والإمارات وقطر.

وقد يتوافق هذا التعاون مع الخطط الخليجية الطموحة التي تسعى لحجز موقع لها في سوق المعادن العالمية، بالإضافة إلى دور هذه المعادن في تسهيل التزام دول المنطقة بأهداف الحياد الكربوني.

وإضافة إلى الاستثمار القطري، فإن السعودية تسعى لتوفير المعادن اللازمة لإنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات، بخطوط تأمين إمدادات مستقرة ومستمرة، خاصة للمعادن النادرة، مثل: النيوديميوم والبراسيوديميوم.

وبالنسبة لخطط التعدين في الخليج إجمالًا، هناك حزمة من المعادن المهمة لصناعات التحول، من بينها المعادن المستعملة في تصنيع توربينات الرياح ومولدات الكهرباء مثل النيوديميوم والساماريوم، والمعادن اللازمة لنقل وتوزيع الكهرباء، مثل: الإيتربيوم واللانثانوم، ومعدن السيريوم اللازم لعمليات التحفيز.

عمليات تجريف تمهيدية للتنقيب عن المعادن
عمليات تجريف تمهيدية للتنقيب عن المعادن - الصورة من Economy Middle East

الوفرة والأسعار

كيف يؤدي نمو وازدهار التعدين في الخليج دورًا في الصراع الأميركي- الصيني على السوق العالمية؟، للإجابة عن هذا التساؤل يتعين النظر إلى توقعات الطلب بحلول عام 2040، والذي قد يرتفع بما يتراوح من 3 إلى 7 أضعاف المستويات الحالية، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

ومع ضخ الاستثمارات في السوق الدولية مثلما فعلت قطر، أو توسعة رقعة التنقيب والاستخراج المحلي مثل المحاولات السعودية والإماراتية، قد تتلقى السوق المزيد من الإمدادات، وتحظى بتكافؤ مقابل هيمنة الصين على نصيب الأسد.

وانخفضت أسعار المعادن الأرضية النادرة بنسبة 70% خلال العامين الماضيين، إثر الصراع بين طرفي الصناعة الأبرز "الصين وأميركا"، طبقًا لشركة التحليل "فاست ماركتس".

وتكمن معضلة المعادن الأرضية النادرة في الحصول عليها بتركيزات يمكن تداولها على النطاق التجاري، ويعدّ التعدين في الخليج مثالًا حيًا على ذلك؛ إذ تفتقر غالبية إمداداته للمعادن المتوافقة مع هذه الاشتراطات بغياب القدرة على فصل المعادن المستخرجة عن بعضها بعضًا.

وبطبيعة المعادن الأرضية النادرة، فإنها تتوافر على شكل كتلة واحدة تحت سطح الأرض وفي المناجم، ومع استخراج كتل المعادن المتنوعة معًا، تصاب السوق بالتخمة من بعض العناصر غير المطلوبة.

الصراع الأميركي الصيني

من شأن هذا التقلب أن يؤدي إلى فائض معروض لبعض الأنواع، وبالتبعية انخفاض سعرها، حسب تقرير لموقع إربيان غولف بيزنس إنسايتس (AGBI).

وبدأ الصراع الأميركي الصيني على سوق المعادن قبل ازدهار قطاع التعدين في الخليج؛ إذ طردت الاعتبارات البيئية في أميركا الصناعة خارج البلاد في الثمانينيات، مقابل نمو وتوسع صيني بدءًا من عام 2005.

وتسيطر بكين -حاليًا- على 70% من عمليات تعدين العناصر الأرضية النادرة عالميًا، بالتوازي مع خطط لتنظيم سياسات وأطر القطاع وشركاته.

ويسبب هذا قلقًا أميركيًا وأوروبيًا، ما عزز محاولات إبعاد سلاسل التوريد وتحويلها عن الصين؛ ما دفع الأخيرة إلى حظر معدّات وتقنيات فصل المعادن الأرضية عن بعضها، بقرار أعلنته العام الماضي 2023.

وانعكس الحظر على خطط التعدين في الخليج، خاصة في ظل جهود تنوع سلاسل التوريد وفصل المعادن؛ ما قد يحوّل الدفة لصالح بكين مرة أخرى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق