المقالاتكهرباءمقالات الكهرباء

أزمة الكهرباء في إيران تتفاقم.. بنية تحتية متهالكة وطاقة متجددة محدودة (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الخسائر الكبيرة في الكهرباء تصل إلى 13% بسبب المعدّات القديمة
  • • أزمة الكهرباء في إيران قضية متجذرة وطويلة الأمد، استمرت عبر 13 حكومة
  • • الإستراتيجية الحالية للطاقة التي تنتهجها الحكومة الـ14 تعكس أخطاء الحكومات السابقة
  • • الحكومة تخطط لبناء مزارع للطاقة الشمسية لتوليد 15 ألف ميغاواط من الكهرباء الخضراء

تتفاقم أزمة الكهرباء في إيران بسبب البنية التحتية القديمة ومحدودية التوليد من المصادر المتجددة، إلى جانب ضعف إدارة الموارد وكميات الهدر الزائدة، ما يقوّض استقرار إمدادات الشبكة وموثوقيتها.

وبالنظر إلى القدرة النظرية القصوى بمقدار 90 ألف ميغاواط، تعاني الشبكة من تكرار انقطاع التيار الكهربائي وقيود السعة، وتتفاقم هذه المشكلات جرّاء الخسائر الكبيرة في الكهرباء، التي تصل إلى 13%، بسبب المعدّات القديمة، مثل توربينات البخار والغاز، التي تكافح لتلبية الطلب في أوقات الذروة.

بدورها، تسهم البنية الأساسية المتقادمة لشبكة الكهرباء في إيران في ضعف التغذية الكهربائية، وتعرّض النظام لمزيد من الأعطال.

إضافة إلى ذلك، فإن الإدماج الضئيل لمصادر الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء في إيران يحدّ من فوائدها المحتملة.

تحديات تواجه قطاع الطاقة الإيراني

يسلّط الجمع بين القدرة واسعة الانتشار والتكنولوجيا القديمة والإدماج المحدود للطاقة المتجددة الضوء على التحديات الخطيرة التي يواجهها قطاع الكهرباء في إيران، ما يؤثّر في العمليات الصناعية والحياة اليومية.

وتُعَدّ أزمة الكهرباء في إيران قضية متجذرة وطويلة الأمد، استمرت عبر 13 حكومة، ركّزت جميعها، في المقام الأول، على تعظيم الإنتاج دون معالجة جوانب أخرى بالغة الأهمية في إدارة الطاقة.

في المقابل، تتطلب إدارة الطاقة الفعّالة تحقيق التوازن بين الإنتاج، والإشراف على الاستهلاك، والحدّ من الهدر، وتنويع مزيج الطاقة.

جدير بالذكر أن التركيز التاريخي على تعزيز الناتج أهمل هذه الجوانب، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الحالية.

إحدى شبكات نقل الكهرباء في إيران
إحدى شبكات نقل الكهرباء في إيران - الصورة من طهران تايمز

إنتاج النفط والغاز في إيران

في العام الماضي، أنتجت إيران 3.6 مليون برميل من النفط يوميًا، بإجمالي 110 مليارات دولار، بسعر 81 دولارًا للبرميل.

بالإضافة إلى ذلك، استخرجت البلاد 275 مليار متر مكعب من الغاز بسعر 25 سنتًا للمتر المكعب، أي ما يعادل نحو 70 مليار دولار.

ومن هذا المبلغ، ذهب 35 مليار دولار إلى الإعانات العامة، و35 مليار دولار أخرى جاءت من صافي صادرات النفط والغاز ومنتجات النفط.

رغم ذلك، فقد خسرت إيران نحو 60 مليار دولار بسبب العقوبات الدولية، وإدراجها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، وهو وضع يتطلب حلًا سياسيًا، ويقدّر خبراء الطاقة أن إيران تهدر نحو 50 مليار دولار بسبب سوء الإدارة.

وينتج هذا الهدر عن عدّة عوامل: أخطاء في شبكة الأنابيب التي يبلغ طولها 500 ألف كيلومتر، وتسرّب الغاز، وفقدان 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا من خلال الحرق، وسوء العزل الحراري في المباني، وأنظمة التدفئة غير الفعالة.

بالإضافة إلى ذلك، يُجَوَّل نحو 40% من النفط الذي يُعالج في المصافي إلى زيت وقود منخفض القيمة، وتُنفَق 8 مليارات دولار سنويًا على وقود السيارات قليلة الكفاءة.

الكفاءة المنخفضة لمحطات الكهرباء في إيران

تسهم الكفاءة المنخفضة لمحطات الكهرباء في إيران، حتى الحديثة منها، في إهدار كبير للطاقة، إذ تتراوح خسائر الكهرباء في الشبكة بين 13% و19%، وهو ما يتجاوز بكثير المعايير العالمية.

ومن المتوقع أن يكون نقص الغاز في الشتاء المقبل أكثر حدّة من عجز الكهرباء في الصيف الماضي.

فقد انخفضت إمدادات البنزين إلى عجز قدره 20 مليون لتر، ومن المتوقع أن يتجاوز عجز الغاز في الشتاء عجز الكهرباء في الصيف، مع عجز متوقع يبلغ 275 مليون متر مكعب في المتوسط، وتبلغ ذروته عند 400 مليون متر مكعب.

محطة لتوليد الكهرباء في إيران
محطة لتوليد الكهرباء في إيران - الصورة من موقع طهران تايمز

وفي غياب حل متكامل لإدارة الطاقة، يمكن أن تتفاقم الأزمة بأكثر من 10% في العام المقبل، مع ارتفاع عجز الكهرباء من 10 غيغاواط إلى 18 غيغاواط.

وتواجه إيران أزمة كهرباء حادة تتّسم بعدم التوافق الكبير بين العرض والطلب على الطاقة.

وتتجلى الأزمة من خلال الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي يؤثّر في المستعمِلين الصناعيين والسكنيين. وعلى الرغم من قدرة توليد الطاقة الاسمية البالغة 90 ألف ميغاواط، فإن نحو 75 ألف ميغاواط فقط قابلة للاستعمال بسبب المحطات القديمة وغير الفعالة.

وخلال ذروة الطلب في الصيف، تعاني إيران من عجز بنسبة 20%، أو ما يقرب من 14 ألف ميغاواط، بسبب الاعتماد على محطات الغاز والبخار القديمة بدلًا من مرافق الدورة المركبة الحديثة.

الاستعمال الضئيل لمصادر الطاقة المتجددة

يواجه قطاع الطاقة في إيران العديد من التحديات الصعبة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الاستعمال الضئيل لمصادر الطاقة المتجددة.

وتولِّد البلاد أقل من 1% من كهربائها من مصادر الطاقة المتجددة، بسعة 879 ميغاواط فقط.

ونظرًا لمناخ إيران الملائم، حيث تتمتع بـ 3200 ساعة من سطوع الشمس سنويًا، و 24 موقعًا عمليًا لطاقة الرياح، تُعَدّ هذه فرصة ضائعة كبيرة.

محطة للطاقة الكهروحرارية في إيران
محطة للطاقة الكهروحرارية في إيران - الصورة من موقع فايننشال تريبيون

وعلى النقيض من ذلك، أنشأت الهند، على الرغم من الظروف الأكثر قسوة، محطة للطاقة الشمسية بقدرة 30 غيغاواط، ما يؤكد عدم كفاءة قطاع الطاقة في إيران، الذي ما يزال يعتمد بصورة كبيرة على محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز.

وتؤدي البنية التحتية القديمة للنقل والتوزيع إلى تفاقم الأزمة، حيث يُفقَد نحو 13% من الكهرباء المولدة، وهي كمية تعادل استهلاك الطاقة في قطاع الصلب في إيران.

سوء الإدارة والحوكمة

أدى سوء الإدارة والحوكمة إلى خنق الابتكار وتأخير الترقيات الضرورية، فإيران تدير نحو 79 مصنعًا للبتروكيماويات بقدرة 90 مليون طن، ولكن بسبب نقص الغاز، تُنتج هذه المصانع أقل من 70 مليون طن.

وعلى الرغم من إصدار تراخيص لـ 75 مصنعًا آخر، وإذا اكتمل 50 منها، فقد تتجاوز قيمة الصادرات 60 مليار دولار، ما قد يضاعف الأرقام الحالية 3 مرات.

وتعكس الإستراتيجية الحالية للطاقة التي تنتهجها الحكومة الـ14 أخطاء الحكومات السابقة، الأمر الذي يسهم في الأزمة الحالية. ويقترح الخبراء إنشاء منصب نائب الرئيس لشؤون الطاقة داخل المكتب الرئاسي، لتنسيق إدارة الطاقة بشكل أفضل.

وسوف يعمل هذا المكتب الجديد بالتعاون مع وزارة النفط ووزارة الطاقة ووزارة الصناعة والتعدين والتجارة لتعزيز إدارة موارد الطاقة في البلاد.

وينبغي أن يكون الهدف الأساس لهذا المكتب الجديد الحدّ من هدر الطاقة ومعالجة النقص الحالي في الكهرباء والغاز والبنزين.

ومن المهم أن ينصبّ التركيز على التخفيف من هذا النقص، ثم يتبع ذلك إصلاح تدريجي لأنظمة هدر الطاقة على مدى 3 سنوات تقريبًا.

وينبغي للمكتب أن يعطي الأولوية لتبنّي الطاقة المتجددة بصفتها ضرورة اقتصادية، وليست قضية سياسية.

ونظرًا لأن 19% من الطاقة المتجددة العالمية تأتي من مصادر غير حكومية، فإنّ تبنّي نهج مماثل من شأنه أن يساعد إيران في حل أزمة الطاقة التي تعاني منها خلال عقد من الزمان.

وفي ظل حكومة مسعود بزشكيان، هناك توقعات قوية بتحول التركيز من مجرد رفع أسعار الكهرباء إلى الحدّ من هدر الطاقة.

ويهدف هذا النهج إلى تحقيق نتائج أسرع وأكثر إيجابية مع الحدّ من التأثيرات الاجتماعية السلبية، ومن الممكن أن يؤدي تحسين كفاءة الطاقة والحدّ من الهدر إلى تحقيق فوائد كبيرة دون فرض أعباء مالية إضافية على الجمهور.

ولا بدّ للحكومة من أن تتجنب إستراتيجيات إدارة الطاقة غير الفعّالة والمشروعات المكلفة التي غالبًا ما تفشل في تحقيق النتائج المرجوة.

وبدلًا من ذلك، فإن النهج القائم على أسس علمية، والاستنارة في إدارة الطاقة، ينطويان على أهمية بالغة.

ومن خلال الاستفادة من الأبحاث الميدانية والممارسات المتميزة، يصبح من الممكن معالجة هدر الطاقة الذي يُقدَّر بنحو 50 مليار دولار بصورة تحقق الجدوى الاقتصادية.

ويُشكّل منع استمرار هدر الموارد الوطنية وضمان استدامة الإصلاحات وفوائدها في الأمد البعيد أهمية بالغة.

انقطاع الكهرباء في إيران
انقطاع الكهرباء في إيران

من ناحية ثانية، توجد مخاوف من أن المصالح الراسخة، التي يشار إليها أحيانًا باسم "مافيا الطاقة"، قد تعوق هذه الإصلاحات.

وسوف يكون التغلب على هذه التحديات أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أيّ جهود إصلاحية، وتحقيق الفوائد الكاملة المترتبة على الحدّ من هدر الطاقة.

إستراتيجية شاملة لمعالجة نقص الكهرباء في إيران

تُعَدّ الإستراتيجية الشاملة لمعالجة نقص الطاقة في إيران ضرورية، وينبغي أن يشمل ذلك زيادة توليد الطاقة المتجددة، وتحديث محطات الطاقة الكهروحرارية، وترقية البنية الأساسية للنقل والتوزيع.

وتخطط الحكومة لبناء مزارع للطاقة الشمسية لتوليد 15 ألف ميغاواط من الكهرباء الخضراء، مع أهداف للوصول إلى 20 ألف ميغاواط بحلول عام 2027، و50 ألف ميغاواط بحلول عام 2031.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاحات الرامية إلى تحسين الحوكمة والإدارة داخل قطاع الطاقة تُعَدّ أمرًا بالغ الأهمية لاتخاذ القرارات الفعالة وتبنّي التكنولوجيا.

ويُعَدّ الاستثمار في الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أمرًا حيويًا للحدّ من الاعتماد على محطات الغاز والبخار القديمة.

ويمكن لمعالجة عدم الكفاءة في شبكات النقل والتوزيع، حيث تحدث خسائر كبيرة في الكهرباء، أن تضمن وصول الكهرباء المولدة إلى المستهلكين بصورة مناسبة.

على صعيد آخر، فإن العقوبات الدولية المستمرة تعوق القدرة على جذب الاستثمارات والتكنولوجيا الأجنبية اللازمة.

ومن شأن تخفيف هذه العقوبات وإحياء الاتفاق النووي أن يوفر الزخم اللازم لإيران لتنفيذ هذه الحلول، والتغلب على تحديات الطاقة التي تواجهها.

خلاصة القول، فإن الجمع بين الترقيات التكنولوجية والاستثمارات الإستراتيجية والإصلاحات الشاملة يُعَدّ أمرًا ضروريًا لتحقيق استقرار قطاع الطاقة في إيران حاضرًا ومستقبلًا.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق