من يُنقذ الغاز في فنزويلا؟.. احتياطيات ضخمة ضائعة بين العقوبات والديون
أسماء السعداوي
ما زالت صناعة الغاز في فنزويلا تئنّ تحت وطأة نقص الاستثمارات في ظل ظروف اقتصادية عسيرة، رغم الاحتياطات الضخمة التي تضع البلاد بين العشرة الكبار عالميًا.
ووفق بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تراجعت احتياطيات فنزويلا من الغاز الطبيعي إلى 5.47 تريليون متر مكعب في 2023 من 5.51 تريليون متر مكعب خلال 2022، لتحل في المركز التاسع من حيث أكبر احتياطيات الغاز عالميًا.
كما انخفض الإنتاج لدى الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية بمقدار النصف في العام الجاري (2024) مقارنة بعام 2016.
ورغم الاحتياطيات في باطن الأرض، فإنها غير مستغلة إلى حد كبير وتذهب سدى من خلال حرق الغاز، لتحل فنزويلا في المركز الخامس على قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.
ومع قرب انعقاد الانتخابات الرئاسية الفنزويلية المقررة في 28 يوليو/تموز (2024)، تتزايد المطالب أمام الرئيس الساعي لإعادة الترشح نيكولاس مادورو والمعارضة بحل الأزمة المزمنة بالقطاع.
أزمة الغاز في فنزويلا
لو نجحت كاراكاس في حل مشكلات استثمارات الغاز في فنزويلا، فستلبي الاحتياجات المحلية، كما ستصدّر إلى الدول المجاورة وما عداها -أيضًا- وستوفر العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها.
وثمة عقبات بحاجة إلى التخلص منها أولًا لتمهيد الطريق أمام نهوض القطاع الذي لا يلبي حاليًا الاحتياجات الأساسية من الوقود اللازم للطهي وتوليد الكهرباء وإنتاج البتروكيماويات والمصانع الأخرى.
وأملًا في أن يسد الغاز الفنزويلي فجوة إمدادات الغاز لديهم، ضغطت دول مجاورة -ومنها البرازيل وكولومبيا وكثير من دول أوروبا- على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنح مشروعات الغاز إعفاءً من العقوبات.
وفي أبريل/نيسان (2024)، أعادت واشنطن فرض عقوبات نفطية على كاراكاس، بعدما كانت قد خفّفت القيود قبل 6 أشهر بعد وعود بإجراء انتخابات رئاسية بمراقبة دولية.
الانتخابات الرئاسية
تحتل أزمة الغاز مساحة كبيرة على الساحة السياسية قبل عقد الانتخابات الرئاسية، وبغض النظر عمن سيفوز بالسباق سيتعيّن عليه التعامل مع مهمة تأمين استثمارات صعبة المنال للصناعة المتعثرة.
بدوره، ضاعف الرئيس نيكولاس مادورو طرح مشروعات الغاز أمام الشركات الأجنبية منذ العام الماضي 2023، إلا أن هناك ديونًا ضخمة غير مسددة لكثير من الشركات والعقوبات الأميركية مع إحراز تقدم ضعيف في الوصول إلى الاستثمارات الهائلة المطلوبة.
ومن جانبه، اقترح تحالف المعارضة الرئيس، الذي يمثله المرشح إدموندو غونزاليس، منح دور أكبر للقطاع الخاص وإعادة هيكلة ديون فنزويلا البالغة 150 مليار دولار.
لكن محللين يقولون إن هذا الاقتراح سيستغرق سنوات قبل أن يرفع إنتاج الغاز في فنزويلا، وفق تقرير لوكالة رويترز.
وتعليقًا على ذلك، يقول الشريك الإداري في شركة "غاز إنرجي لاتين أميركا" (Gas Energy Latin America) أنتيرو ألفارادو، إن إنتاج الغاز في مثل تلك الظروف غير ممكن، لكنْ ثمة اهتمام بمتوسط القوة في المشروعات الوسيطة المرتبطة باحتجاز الغاز وتوزيعه ولكن على مستوى صغير.
حرق الغاز المصاحب
تقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إنتاج الغاز في فنزويلا محدود بالمقارنة بالإمكانات الفعلية؛ بسبب سوء المناخ الاستثماري ونقص البنية الأساسية وانعدام القدرة على تطوير المشروعات.
ويرتبط نحو 80% من إنتاج فنزويلا من الغاز بإنتاج النفط الخام، وبسبب عدم توافر معدات لاحتجاز الغاز المصاحب تلجأ كاراكاس إلى حرقه.
ووفق موسوعة "مفاهيم الطاقة" في منصة الطاقة المتخصصة، يطلق على الغاز صفة "مصاحب" عندما يُستَخرج مع النفط الخام، أما "الغاز غير المصاحب" فهو الموجود في مكامن خاصة.
ودخلت الحكومة في محادثات مع شركات الطاقة الأوروبية، ومنها ريبسول الإسبانية وإيني الإيطالية وشل متعددة الجنسيات، لتطوير مشروع بحاجة إلى رأس مال كبير، لاحتجاز ما يصل إلى 1.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب، من أجل توجيهه إلى السوق المحلية والتصدير.
وما زالت أغلبية مشروعات التنقيب والإنتاج البحرية والكبرى متوقفة، وثمة مفاوضات جارية لتطوير حقل وحيد (من أصل أربعة) بين الحكومة وشركتي شل و"إن جي سي" من ترينيداد وتوباغو، لكن من المتوقع أن يبدأ أول إنتاج منه في أواخر العام المقبل (2025).
وبدعم من قانون مرن يحد من الروتين في مشروعات الغاز مقارنة بالنفط، بدأت الحكومة محادثات داخلية لطرح حقل غاز ثانٍ أمام المستثمرين الأجانب.
لكن مديرين تنفيذيين يقولون إن كثيرًا من منتجي الغاز في فنزويلا لم تعد لديهم الموارد اللازمة لزيادة الإنتاج، ما لم تسدد الحكومة الديون المستحقة أولًا.
خصخصة شركات النفط والغاز
أعربت المعارضة عن رغبتها في إعادة فتح باب قطاع الطاقة أمام الاستثمارات الأجنبية من خلال الخصخصة والحد من دور شركة النفط الحكومية "PDVSA"، مع إعادة هيكلة الديون والدفع إلى بعض الدائنين بالنفط وليس نقدًا.
وتمثل الخطة تحولًا في السياسة المحلية، وربما -إذا وُضعت موضع التنفيذ- أن تنهي عقودًا من سياسة التأميم التي ركزت جميع قطاعات الإنتاج والنقل والمعالجة والمبيعات -تقريبًا- في أيدي الدولة.
وتسبب ذلك الوضع في إنشاء سلسلة طويلة من الديون بين شركات الحكومة.
ويقول الشريك الإداري في شركة "غاز إنرجي لاتين أميركا"، أنتيرو ألفارادو، إن خصخصة قطاع الكهرباء سيوفر حوافز اقتصادية لإنتاج الغاز للسوق المحلية، في حين يمكن أن تركز مشروعات الحقول البحرية بصورة أكبر على تصدير الغاز المسال.
موضوعات متعلقة..
- مستحقات شركات النفط لدى فنزويلا تشهد تطورات جديدة
- قطاع النفط الفنزويلي يخسر الترخيص الأميركي.. ومادورو يعلق: خطأ فادح
- حملة حفر تغذي إنتاج النفط الفنزويلي.. والصادرات عند أعلى مستوى
اقرأ أيضًا..
- واردات الأردن من الغاز المسال في 2024.. معظمها لصالح مصر (رسوم بيانية)
- نتائج أعمال أكبر شركة نفط في الهند تحقق أرباحًا تاريخية
- مخزونات النفط الأميركية تنخفض للأسبوع الرابع على التوالي
- قطع الكهرباء في مصر يستمر.. وبيانات خاصة تكشف السبب