تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

أقوى توربين رياح بحرية في العالم يشعل خلافًا أوروبيًا

أسماء السعداوي

أثار أقوى توربين رياح بحرية في العالم حالة كبيرة من الجدل داخل الاتحاد الأوروبي، على خلفية صفقة شراء أبرمتها شركة ألمانية مع شركة تصنيع صينية.

وانتقدت مؤسسة كبرى معنية بشؤون قطاع الرياح في أوروبا ألمانيا، على خلفية اتفاق بين شركة لوكسكارا الألمانية (Luxcara) وشركة "مينغ يانغ سمارت إنرجي غروب ليمتد" الصينية (Ming Yang Smart Energy Group Ltd)، لشراء 16 توربين رياح بحريًا ضخمًا.

وبمساعدة أكبر وأقوى طرازات التوربينات البحرية، تستهدف الشركة الألمانية بناء مزرعة الرياح "ووتركانت" (Waterkant) في بحر الشمال بقدرة 270 ميغاواط، حيث من المقرر أن يبدأ تركيب التوربينات بها عام 2028.

يأتي ذلك في وقت يعاني فيه مصنّعو توربينات الرياح الأوروبيون من انخفاض هوامش الأرباح بفعل ارتفاع أسعار المواد الخام ومعدلات الفائدة واضطراب سلاسل التوريد.

وبحسب الشركة المطورة، سيُنتج مشروع "ووتركانت" ما يكفي من الكهرباء لتزويد نحو 400 ألف منزل، وسيُسهم بدرجة كبيرة في تحقيق هدف رفع حصة الطاقة المتجددة بمزيج الكهرباء إلى 80% بحلول عام 2030.

اتهامات لشركة لوكسكارا الألمانية

قال الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية "ويند يوروب" (Wind Europe) غليس ديكسون، إن الصفقة الألمانية - الصينية "ضربة" لقطاع الطاقة النظيفة داخل الاتحاد الأوروبي.

كما حذَّر من أن الخطوة تُسبّب مخاطر لأمن الطاقة في المنطقة، مضيفًا أن الصفقة كانت تستدعي تدقيقًا من جانب برلين.

الرئيس التنفيذي لمؤسسة ويند يوروب غليس ديكسون
الرئيس التنفيذي لمؤسسة ويند يوروب غليس ديكسون - الصورة من الموقع الرسمي

وأوضح أن توربينات الرياح عادةً ما تحتوي على 300 جهاز استشعار يمكن أن تُستعمَل لنقل بيانات مهمة، كما أن طرفًا خارجيًا يمكن أن يتحكم في أداء التوربين مثل زاوية الشفرة.

وأشار إلى أن سلسلة توريد الرياح البحرية الأوروبية كانت جاهزة، وجاهزة بالفعل لتزويد المشروع الألماني بالتوربينات اللازمة، داعيًا الاتحاد الأوروبي وألمانيا وأيّ دولة أخرى تبني مزارع رياح بحرية إلى أن تقرر ما إذا كانت طاقة الرياح قطاعًا إستراتيجيًا أم لا، قبل فوات الأوان.

وسبق أن اشترى مطوّرو مزرعة الرياح الإيطالية "نيرشور" (nearshore) توربينات صينية سابقًا، وكانت تلك المرة الوحيدة في أوروبا.

ووصفت "ويند يوروب" ذلك بالاستثناء؛ لأن قدرات المزرعة الإنتاجية تبلغ عُشر مشروع "ووتركانت" في بحر الشمال الألماني، وأنه قد سبق طلب التوربينات من شركة ألمانية، ولكنها أفلست.

أقوى توربين رياح بحرية في العالم

بدورها، تقول شركة لوكسكارا، إن صفقة شراء 16 من أقوى توربين رياح بحرية في العالم تمّت بعد مناقصة دولية وإجراءات العناية الواجبة.

وفي بيان صحفي نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، دافعت لوكسكارا عن الصفقة قائلة، إن مورّدين أوروبيين سيزوّدون المشروع بالمكونات الكهربائية للتوربينات من الباطن.

وعدّدت الشركة ميزات التوربين الصيني قائلة، إن قطره الدائري يبلغ 260 مترًا، مع قدرة إنتاجية تصل إلى 18.5 ميغاواط.

كما يتميز التوربين بشفرات كبيرة الحجم مصنوعة من ألياف الكربون المعروفة بأدائها العالي، وتعمل التوربينات بنظام دفع هجين يسمح بحركة متكاملة مدمجة بصورة أسهل.

وتقول الشركة، إن حافظة أعمال مشروعات الرياح البحرية للشركة الصينية تضمن تصنيع التوربينات بوساطة 100% من كهرباء الطاقة المتجددة، فضلًا عن توفير فرص عمل.

أقوى توربين رياح بحرية في العالم
أقوى توربين رياح بحرية في العالم - الصورة من موقع شركة مينغ يانغ سمارت إنرجي

إجراءات حماية

حاول الاتحاد الأوروبي تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لمصنّعي توربينات الرياح البحرية في أوروبا أمام نظرائهم الصينيين، وفق تقرير وكالة بلومبرغ.

ومن بين الأدوات في هذا الصدد، وضع معايير قبل التأهل للمشاركة في مناقصات الطاقة المتجددة ترتبط بالاستدامة والأمن السيبراني، كما استعمل الاتحاد تشريعًا مرتبطًا بالإعانات الأجنبية للتحقيق في مزارع الرياح الأوروبية المتضمنة توربينات صينية.

من جانبه، يقول الرئيس التنفيذي لمؤسسة ويند يوروب غليس ديكسون، إن شركات تصنيع التوربينات الصينية تستفيد من الإعانات الحكومية، لكنها تؤجل المدفوعات لمدة تصل إلى 3 سنوات.

وأضاف أن ذلك الوضع يمنح الشركات الصينية ميزة غير عادلة عند المقارنة بنظيرتها بالأسواق الأوروبية، التي لا يمكنها تأجيل المدفوعات سوى لمدة عام واحد؛ امتثالًا لقواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

وتشير تقديرات إلى أن أسعار توربينات الرياح البحرية في الصين أرخص بنسبة 67% مقارنة ببقية دول العالم، وذلك بناءً على العقود المبرمة خلال النصف الثاني من العام الماضي (2023).

أقوى توربين رياح بحرية في العالم

صناعة الرياح في أوروبا

من شأن الاتفاق بين الشركتين الألمانية والصينية لتوريد أقوى توربين رياح بحرية في العالم أن يعزز الزخم الصيني داخل السوق الأوروبية، وأن يضاعف مخاوف الصناعة بالاتحاد الأوروبي من "تهديد وجودي".

وتمثّل ألمانيا والصين أكبر سوقين لطاقة الرياح في العالم، لكن التوترات تتصاعد فيما بينهما بسبب الإعانات "غير العادلة"؛ ما دفع المفوضية لفتح تحقيق رسمي.

ويخشى الاتحاد تكرار أزمة الطاقة الشمسية في أوروبا عندما لم يتخذ صنّاع السياسات إجراءات كافية للحدّ من الواردات الصينية؛ ما تسبَّب في انهيار العدد من الشركات أو هروبها للخارج، وفق تقرير لوكالة رويترز رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم أن شركات التصنيع الصينية غولد ويند (Goldwind) و"مينغ يانغ سمارت إنرجي" و"ويندي" (Windey) تمثّل أقل من 1% من قدرات طاقة الرياح في أوروبا، فإن حجم الطلبات الأوروبية منها بلغ 1.2 غيغاواط في عام 2023 وحده.

وحتى هذا الوقت من العام 2024، وصلت الطلبات الأوروبية على توربينات الرياح الصينية إلى 546 غيغاواط.

وتشير بيانات مجلس طاقة الرياح العالمي إلى أن قدرات الإنتاج في الصين تبلغ نحو 82 غيغاواط، وهو ما فاق قدرة السوق المحلية على استيعابه في العام الماضي 2023، وتجاوز بنحو 4 مرات قدرات أوروبا.

ويقول المدير الإداري لجمعية طاقة الرياح في ألمانيا "بي دبليو إي" (BWE) ولفرام أكستهيلم، إن الطاقة الصينية الفائضة تعني أن المنافسين يسعون لإغراق السوق الأوروبية.

في المقابل، تقول جمعية طاقة الرياح الصينية، إن البلاد لا تدعم مصنّعي توربينات الرياح المحليين ماليًا، وإن تنافسية الصين تنبع من ضخامة حجم سوقها، وهو ما يقلل التكاليف.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق