تكلفة تشغيل محطات الكهرباء في أستراليا تثير الجدل حول الطاقة النووية
دينا قدري
أثارت تكلفة تشغيل محطات الكهرباء في أستراليا مزيدًا من الجدل حول جدوى الاعتماد على الطاقة النووية في البلاد، في ظل السعي إلى الابتعاد عن مصادر الوقود الأحفوري.
وسلّط تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الضوء على الإستراتيجية النووية المقترحة للائتلاف الوطني الليبرالي، ووصفها بـ"المعيبة".
وأرجع ذلك إلى أن نظام الكهرباء الحالي لا يمكنه الاعتماد على مصدر طاقة يعمل على مدار اليوم بالكامل، مع عدم إمكان الاستغناء عن مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة.
وخلُص التقرير إلى أنه لا يوجد مجال ولا حاجة للطاقة النووية في أستراليا، نظرًا إلى عدم مرونتها، فضلًا عن ارتفاع تكلفة تشغيلها بصورة ملحوظة، مقارنةً بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح على سبيل المثال.
جدوى الطاقة النووية في أستراليا
أوضح التقرير -الذي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيله- أن المفاعلات النووية الـ7 التي اقترحها الائتلاف الوطني الليبرالي ستوفر 3.7% فقط من الطلب على الكهرباء في أستراليا بحلول عام 2050، وفقًا لتحليل أجراه مجلس الطاقة الذكية.
ومع ذلك، حتى لو كانت الطاقة النووية عنصرًا مهمًا في هذا المزيج بحلول عام 2040 (في ظل سيناريو متفائل للغاية)، فلن تكون متوافقة مع مصادر الطاقة المتجددة الموجودة بالفعل على الأسطح وفي الشبكة؛ وذلك لأن محطات الطاقة النووية تتمتع بمرونة محدودة للغاية في تشغيلها أو إيقاف تشغيلها، أي أن هذه المحطات قيد التشغيل دائمًا، ما يستلزم إيقاف تشغيل شيء آخر.
والحل الوحيد هو "الحدّ" من الطاقة المتجددة الرخيصة، بما في ذلك الصادرات من الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، وفق التقرير الذي نشرته منصة "ذا كونفرسيشن" (The Conversation).
ولكي تصبح الطاقة النووية مصدرًا مهمًا للطاقة في المستقبل، يتعيّن على أستراليا أن تبدأ توفير مساحة أكبر لتوليد الطاقة الأساسية الآن.
ويجب أن تكون المولدات الحالية التي تعمل بالفحم قابلة للاستمرار من الناحية المالية، حتى تتمكن من الاستمرار في العمل حتى تُستبدل بها الطاقة النووية في نهاية المطاف.
وفي الوقت نفسه، لابد من منع مولدات الطاقة المتجددة وصادرات الطاقة الشمسية على الأسطح من إمداد الشبكة أو تقويضها ماليًا، من خلال الدعم الحكومي لمحطات الفحم والغاز؛ وستكون نتيجة أي منهما بالطبع تكاليف أعلى وانبعاثات أعلى.
ورأى التقرير أن الحل الأمثل للطاقة، من منظور التكلفة والانبعاثات، هو مزيج من توليد الطاقة المتجددة (بصفة أساسية طاقة الرياح والطاقة الشمسية)، التخزين على شكل الطاقة الكهرومائية بالضخ والبطاريات، وكميات صغيرة من الغاز، يُستبدل بها الهيدروجين في النهاية، لملء الفجوات.
تكلفة تشغيل محطات الكهرباء في أستراليا
أشار التقرير -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن السعر الذي يدفعه العملاء مقابل الكهرباء هو دلالة على أسعار الجملة التي يدفعها تجار التجزئة، لتأمين الطاقة من المولدات، بالإضافة إلى تكلفة نقلها (النقل والتوزيع).
ولمقارنة تكلفة الطاقة النووية بالمصادر الأخرى، هناك حاجة إلى إلقاء نظرة فاحصة على رأس مال كل مولد وتكاليف التشغيل.
وبالنسبة إلى تكاليف رأس المال، يلجأ مشغلو السوق ومعظم محللي الطاقة إلى تقرير "جين كوست" (GenCost) الذي تصدره منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية (CSIRO) ومشغل سوق الطاقة الأسترالية.
ووجد التقرير أن محطات الطاقة النووية التقليدية يتكلّف بناؤها 40% أكثر من الفحم، و2.5 مرة أكثر من طاقة الرياح البرية، و5 مرات أكثر من الطاقة الشمسية واسعة النطاق.
وتعكس تكاليف التشغيل كلًا من التكاليف الثابتة (مثل الصيانة) والتكاليف المتغيرة (مثل الوقود)، وكلما قلّ وقت تشغيل المحطة، ارتفعت تكاليف رأس المال والتشغيل لكل ميغاواط/ساعة من الإنتاج.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تكاليف تشغيل محطات الكهرباء في أستراليا:
ويُمكن لكل من الفحم والطاقة النووية أن يعملا بنحو 90% من الوقت بكامل طاقتهما، في حين أن كلًا من طاقة الرياح والطاقة الشمسية تعمل فقط بكامل طاقتها في بعض الأوقات.
لذا، من الأفضل مقارنة تكاليف التشغيل السنوية على أساس الطاقة الفعلية المولدة خلال العام، وفق التقرير.
وحتى على هذا الأساس، فإن تكلفة تشغيل طاقة الرياح والطاقة الشمسية البرية أقل من تكلفة تشغيل الفحم أو الغاز، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم وجود تكلفة للوقود.
وخلص التقرير إلى أن المحطات النووية تُعد معقدة بصورة لا تُصدق، وتتكلف صيانتها وإدارتها نحو 5 أضعاف تكلفة طاقة الرياح البرية والطاقة الشمسية واسعة النطاق.
وهذا لا يشمل التكلفة المرتفعة لوقف تشغيل المحطة، أو معالجة الوقود والنفايات المستعملة والتخلص منها في أثناء استعمالها.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الكهرباء في أستراليا تحت رحمة محطات الفحم
- سوق الكهرباء في أستراليا الأكثر تقلبًا على مستوى العالم.. ما السبب؟
- عودة الكهرباء في أستراليا جزئيًا بمساعدة أكثر الشركات تلويثًا
اقرأ أيضًا..
- انقلاب ناقلة نفط في سلطنة عمان.. والكشف عن وجهتها
- إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا توشك على التوقف.. وهذه خيارات أوروبا
- بعد صفقة مصر.. الهيدروجين في ألمانيا يتلقى دعمًا بـ5 مليارات دولار
- بطاريات السيارات الكهربائية.. شركة كورية تنافس عالميًا بتصنيع كل أنواعها