تحول الطاقة في أذربيجان مرهون بدعم الصين (مقال)
أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح
- التعاون بين الصين وأذربيجان يهدف إلى تعزيز التقدم التقني وتسهيل مبادرات الطاقة المتجددة
- أذربيجان والصين تناقشان التعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء
- أذربيجان والصين تلتزمان بالتنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ، ما يضع الأساس لتوسيع التعاون
- أذربيجان تواجه تحديات كبيرة في تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط والغاز
ترتبط خطط تحول الطاقة في أذربيجان وخفض انبعاثات الكربون من قطاعاتها الاقتصادية بدعم من بعض الشركات الصينية.
وشهدت السنوات القليلة الماضية تعاونًا ملحوظًا في قطاع الطاقة بين الصين وأذربيجان، وحظي تطوير المصادر المتجددة باهتمام خاص.
ويهدف التعاون إلى تعزيز التقدم التقني وتسهيل مبادرات الطاقة المتجددة واسعة النطاق، بمشاركة السلطات الأذربيجانية والمنظمات المحلية.
وتؤكد العوامل التالية إمكان تحقيق النمو المستدام والمزايا الاقتصادية المتبادلة، فضلًا عن الدور المهم الذي تؤديه الصين بدعم تحول الطاقة في أذربيجان.
البنية التحتية للطاقة المستدامة
تمثّل استثمارات الصين في مشروعات الطاقة في أذربيجان، خاصة الطاقة المتجددة، شراكة حيوية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للطاقة المستدامة في المنطقة.
ومن خلال الموارد المالية الكبيرة والخبرة الصناعية، تلتزم الصين بدعم تحول الطاقة في أذربيجان إلى مصادر نظيفة ومستدامة.
والتزمت الصين، تحديدًا، ببناء محطات كهرباء بقدرة 230 ميغاواط في إقليم "كاراباخ" بأذربيجان، بموجب مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة الأذربيجانية ومجموعة جيزوبا الصينية للاستثمارات الخارجية.
بالإضافة إلى ذلك، وُضِعت خطط لتنفيذ 2 غيغاواط من مشروعات الطاقة المتجددة، ما يدلّ على اهتمام الصين بالاستفادة من إمكانات أذربيجان الكبيرة في مجال الطاقة المتجددة.
بدورها، تشارك الشركات الصينية الرائدة مثل "تشاينا إنرجي إنجينيرينغ غروب" China Energy Engineering Group Co. Ltd و"تشاينا إنرجي إنترناشونال غروب" China Energy International Group Co. Ltd بنشاط في هذه المشروعات الطموحة.
من ناحية ثانية، تناقش أذربيجان والصين التعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بهدف الابتكار في حلول الطاقة المستدامة.
مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"
تبنّت أذربيجان مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" الصينية، ووضعت نفسها مركزًا لوجستيًا حيويًا بين أوروبا وآسيا.
وفي منتدى التعاون الدولي "حزام واحد، طريق واحد" الذي عُقِد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقّعت وزارة الطاقة في أذربيجان وإدارة الطاقة الوطنية الصينية مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية في قطاع الطاقة.
وتورّد الصين، الرائدة عالميًا في إنتاج معدّات الطاقة الخضراء، 90% من الألواح الشمسية في أوروبا، وتقدّم الخبرة والتكنولوجيا المتقدمة للصين في مجال الطاقة المتجددة دعمًا كبيرًا لانتقال أذربيجان نحو مصادر الطاقة المستدامة.
كما تلتزم أذربيجان والصين بالتنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ، ما يضع الأساس لتوسيع التعاون، إذ تشمل المناقشات الجارية خططًا لمجموعة عمل لتحديد المشروعات المشتركة وتعزيزها.
وباختصار، فإن استثمارات الصين وخبراتها وتقنياتها في مجال الطاقة المتجددة تجعلها شريكًا محوريًا لأذربيجان بتحولها في مجال الطاقة، ويعمل البلَدان بنشاط على استكشاف الفرص في مختلف جوانب تنمية الطاقة الخضراء.
استثمارات الطاقة المتجددة
التزمت الصين ببناء محطات كهرباء في إقليم "كاراباخ" بأذربيجان، ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق، بالإضافة إلى ذلك، تمّ توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة الأذربيجانية ومجموعة تشاينا جيتشوبا للاستثمارات الخارجية لتنفيذ 2 غيغاواط من مشروعات الطاقة المتجددة.
وأعربت شركات صينية عن اهتمامها بالمشاركة في مشروعات واسعة النطاق في أذربيجان، لتسخير إمكاناتها الكبيرة في مجال الطاقة المتجددة.
واستعرضت المناقشات بين أذربيجان والصين أوجه التعاون في إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق الهادفة إلى تقديم حلول مبتكرة للطاقة المستدامة وتعزيز الإشراف البيئي في جميع أنحاء المنطقة.
ويعزز دعم أذربيجان لمبادرة الحزام والطريق الصينية مكانتها الإستراتيجية بصفتها مركزًا لوجستيًا بالغ الأهمية يربط بين أوروبا وآسيا.
وتم تأكيد التأييد مجددًا خلال منتدى التعاون الدولي "حزام واحد، طريق واحد" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ وقّعت وزارة الطاقة في أذربيجان وإدارة الطاقة الوطنية الصينية مذكرة تفاهم تركّز على تعزيز العلاقات الثنائية في قطاع الطاقة، ودعم الجهود المشتركة في تطوير الطاقة المتجددة، وتعزيز البنية التحتية.
في المقابل، فإن ريادة الصين في مجال تكنولوجيا الطاقة الخضراء تجعلها شريكًا مهمًا بتحول الطاقة في أذربيجان ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق.
ومن خلال الاستفادة من خبرات الصين وتقنياتها المتقدمة، تستطيع أذربيجان تسريع انتقالها إلى مصادر الطاقة المستدامة، إذ تدعم الشراكة الأهداف البيئية لأذربيجان، وتسهّل تبادل التكنولوجيا وبناء القدرات الحيوية لاستدامة الطاقة على المدى الطويل.
إنتاج الحافلات الكهربائية
تخطط شركة "بي واي دي" BYD الصينية لإنشاء منشأة لإنتاج الحافلات الكهربائية بقيمة 34 مليون دولار في مجمع سومغيت الكيميائي الصناعي في أذربيجان.
وتهدف المبادرة إلى تزويد السوق المحلية والعالمية بقدرة أولية تبلغ 500 حافلة كهربائية سنويًا، ومن المتوقع توفير 800 فرصة عمل جديدة محليًا.
من جهتها، التزمت شركة "باكو باص" BakuBus LLC بشراء 160 حافلة كهربائية و100 شاحن من شركة "بي واي دي" BYD بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وتشمل الخطط توطين إنتاج قطع الغيار، بهدف تصنيع المكونات المحلية بنسبة 40% عام 2030. وتستفيد الصين من خبرتها واستثماراتها في تكنولوجيا الطاقة المتجددة لدعم جهود تحويل الطاقة في أذربيجان قبل انعقاد قمة المناخ كوب 29.
التزام أذربيجان بالاستدامة
أعلنت أذربيجان عام 2024 "عام التضامن من أجل العالم الأخضر"، بما يتماشى مع دعمها قمّة المناخ كوب 29 والاستدامة البيئية.
يهدف مركز معلومات قمة المناخ كوب 29 في العاصمة باكو إلى رفع مستوى الوعي العام من خلال الأنشطة المختلفة، وتسليط الضوء على تقدُّم أذربيجان في التنمية المستدامة.
وتواجه أذربيجان تحديات كبيرة في تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط والغاز، فرغم وجود إمكانات الطاقة المتجددة، فإن قيود البنية التحتية، ونقص القوى العاملة، وقضايا مواءمة السياسات تعوق التقدم.
ويتطلب التغلب على هذه العوائق عزيمة سياسية وإعادة تخصيص الموارد نحو إيجاد حلول للطاقة المستدامة.
الشراكة مع الصين
يتيح التعاون مع الصين فرصًا واعدة لتحول الطاقة في أذربيجان، ويمكن لريادة الصين في تكنولوجيا الطاقة المتجددة ورأس المال الاستثماري أن تسهّل نقل التكنولوجيا وتطوير المشروعات.
وتعمل الشراكة على تنويع اقتصاد أذربيجان، وتعزز أمن الطاقة، وتدعم أهداف التخفيف من تغير المناخ.
ويعزز موقع أذربيجان الإستراتيجي بصفتها جسرًا بين أوروبا وآسيا، إلى جانب مشاركتها في مبادرة الحزام والطريق الصينية، التعاون الإقليمي في قطاع الطاقة، بما يدعم التجارة والاستثمار وتبادل التكنولوجيا، ويساند جهود التحول في مجال الطاقة في أذربيجان.
من ناحية ثانية، فإن خبرة الصين في تكنولوجيا الطاقة المتجددة ومواردها الكبيرة تجعلها حليفًا مهمًا لأذربيجان في تحقيق أهدافها المتمثلة بتوسيع الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ومن خلال تسخير التكنولوجيات المتقدمة والقدرات الاستثمارية الصينية، تستطيع أذربيجان تعزيز بُنيتها التحتية لتوليد الطاقة المتجددة وتوزيعها.
وتعزز الشراكة التزام أذربيجان باتفاقيات المناخ الدولية، وتدعم أهدافها الإستراتيجية المتمثلة في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن قطاعات الطاقة التقليدية.
إضافة إلى ذلك، يعمل التعاون مع الصين على تعزيز قدرة أذربيجان في الابتكار وتبنّي ممارسات مستدامة بمختلف الصناعات، وترسيخ المرونة الاقتصادية والاستدامة الطويلة الأجل.
ويعزز تبادل المعرفة والتكنولوجيا بين البلدين أمن الطاقة في أذربيجان، ويمنحها الريادة الإقليمية في تطوير الطاقة المتجددة.
على صعيد آخر، يخلق هذا التعاون فرصًا للازدهار المتبادل، من خلال توليد فرص عمل جديدة، وتحفيز النمو الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد وتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة محليًا، فإن أذربيجان تخفّف من الأثر البيئي، وتُظهر التزامها بالتنمية المستدامة العالمية.
خلاصة القول، تدعم الشراكة بين الصين وأذربيجان في مجال الطاقة المتجددة أهداف تحول الطاقة، وتضع الأساس للنمو الاقتصادي المستدام والإدارة البيئية والازدهار المشترك لكلا البلدين.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- المغرب يكشف عن مفاجأة بخصوص الربط الكهربائي مع الجزائر (خاص)
- أكبر 10 شركات حفر بحري في 2023.. 4 مقاولين عرب بالقائمة
- الصفقة الخضراء وتحول الطاقة في أوروبا.. رؤية واقعية أم رهان خاسر
