صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا تواجه تهديدات انخفاض الطلب
محمد عبد السند
- تردّي أوضاع صناعة السيارات الكهربائية يبطئ جهود الحياد الكربوني في أوروبا
- هيمنة مصنّعي بطاريات الكهرباء الصينيين تتزايد في أوروبا
- هبطت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا بنسبة 11% في مايو 2024
- تعرضت الشركات الناشئة بصناعة البطاريات في أوروبا لسلسلة من النكسات الكبرى
تتعرض صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا لانتكاسة جديدة تُضاف إلى التحديات التي تواجهها –في الأصل-، ممثلةً في المنافسة الشرسة من الصين والولايات المتحدة الأميركية.
وتقف صناعة البطاريات في أوروبا عند مفترق طرق -حاليًا-، في أعقاب تراجع الطلب على السيارات الكهربائية التي يُراهَن عليها في جهود الحياد الكربوني.
وأضحى قرابة 70% من سعة مشروعات البطاريات المُعلَنة في أوروبا عُرضة للخطر نتيجة عوامل مختلفة، مثل تأخُّر المشروعات وتحديات التمويل وقضايا التراخيص.
وتضغط تلك التحديات التي تواجهها صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا على جهود الحكومات لتسريع خطط إزالة الانبعاثات من قطاع النقل، ومن ثم عرقلة جهود تحول الطاقة، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومن شأن تلك التحديات أن تُفسِح الساحة أمام تنامي هيمنة المصنّعين الصينيين على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا، مدعومين بمنتجاتهم منخفضة التكلفة، واحتكار سلاسل إمدادات المعادن الضرورية لتصنيع البطاريات.
تباطؤ الطلب
تعاني صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا من التباطؤ العالمي في مبيعات تلك المركبات منخفضة الانبعاثات؛ ما يُجبر الشركات على إرجاء -أو حتى إلغاء- مشروعات كان من شأنها أن تشغّل ما يزيد على مليوني سيارة كهربائية سنويًا، وفق ما نشرته صحيفة فايننشال تايمز.
ويؤدي تباطؤ الاستهلاك والمنافسة الشرسة من مصنّعي البطاريات الصينيين إلى إرجاء خطط استثمارية لإنتاج بطاريات تلامس سعتها قرابة 158 غيغاواط/ساعة في أوروبا منذ بداية العام الحالي (2024)، وفق أرقام صادرة عن شركة إس سي إنسايتس (SC Insights) الاستشارية.
وقال العضو المنتدب في إس سي إنسايتس آندي ليلاند: "إن مصنّعي السيارات في أوروبا لا يتقدمون بطلبات لشراء البطاريات".
وأضاف ليلاند أن غياب التخطيط طويل الأجل من قبل الحكومات الأوروبية ومصنّعي السيارات سيعني أن "الصينيين سيحصلون على نصيب الأسد من صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا".
وتراجعت شركات السيارات في أوروبا عن خطط لكهربة أسطولها من المركبات، بعدما سجلت مبيعات السيارات الكهربائية نموًا بنسبة 2.4% -فقط- في القارة خلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2024، لتصل إلى قرابة 800 ألف وحدة، مقارنةَ بالعام السابق (2023).
وفي علامة أخرى على ضعف الطلب على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا، هبطت مبيعات تلك المركبات بنسبة 11% في شهر مايو/أيار (2024) وحده، بحسب بيانات صادرة عن شركة سي آر يو غروب (CRU Group) المتخصصة في معلومات السلع.
انتكاسات متتالية
تعرضت الشركات الناشئة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا لسلسلة من الانتكاسات الكبرى خلال الأشهر الأخيرة.
فخلال الأسبوع الماضي، أطلقت شركة نورثفولت (Northvolt) السويدية لتصنيع البطاريات مراجعة إستراتيجيتها؛ ما قد يؤدي إلى تأخُّر إنشاء مصانع جديدة في ألمانيا وكندا والسويد.
ويأتي هذا القرار بعد أن خسرت المجموعة عقدًا رئيسًا بقيمة مليارَي دولار مع شركة بي إم دبليو (BMW) الألمانية، بعد فشلها في زيادة الإنتاج بالسرعة الكافية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأرجأت شركة باور كو (PowerCo)، ذراع تصنيع البطاريات التابع لشركة فولكسفاغن خلال العام الماضي (2024) قرارًا ببناء مصنع رابع لإنتاج البطاريات في أوروبا، بعد أن كانت قد حددت مستهدفًا في عام 2021 لبناء 6 مصانع مماثلة بحلول عام 2030.
صناعة معقدة
تشهد صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا عمليات تصنيع معقّدة تتطلب رأس مال ضخمًا؛ ما يضع تحديات أمام الوافدين الجدد لإنتاج خلايا مصممة وفقًا لمواصفات العملاء، بما يكفي لخفض التكاليف إلى مستوى الشركات الآسيوية القائمة نفسه.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة نورثفولت بيتر كارلسون: "بمقدورنا أن نتفوق عليها (الشركات الآسيوية) من حيث كفاءة المنتجات".
وفي معرض تعقيبه على قدرة شركته بإنتاج البطاريات في نطاق واسع أضاف كارلسون: "ما نحتاج إليه هو أن نثبِت أننا قادرون على مواكبتهم من حيث الإنتاج".
وتواجه قرابة نصف مصانع إنتاج البطاريات المُعلَنة، والبالغ إجمالي سعتها 1.280 غيغاواط/ساعة، مخاطر عدم بنائها بحلول عام 2030، وفق أرقام شركة سي آر يو غروب.
وبالمقارنة، فإن ما يزيد على ربع سعة إنتاج البطاريات المُعلَنة في الصين والولايات المتحدة الأميركية، البالغة 4.413 غيغاواط/ساعة و1.262 غيغاواط/ساعة على الترتيب، أضحى عُرضة للخطر نتيجة تطبيق الإجراءات الحمائية ضد الواردات الصينية.
معضلة النيكل والكوبالت
تواجه شركات صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا مشكلة أخرى تتمثل في تركيزها على مواد كيميائية أكثر تكلفة وأطول مدى تستعمل عنصرَي النيكل والكوبالت.
واستمرت بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد -الأرخص تكلفة والأقلّ نطاقًا، والتي يتخصص فيها المنتجون الصينيون- في التحسن، وأصبحت أرخص ثمنًا؛ ما شجّع مصنّعي السيارات على إعادة النظر في مدى ملاءمة تلك البطاريات للسوق الأوروبية.
ومن المتوقع أن تمثّل بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد 39% من البطاريات المستعمَلة في السيارات الكهربائية عالميًا خلال العام الحالي (2024)، صعودًا من 35% في عام 2023، بحسب أرقام شركة سي آر يو غروب، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن تشكّل البطاريات المذكورة ما نسبته 52% من إجمالي إنتاج البطاريات، بسبب الإنتاج الزائد منها في الصين.
موضوعات متعلقة..
- بطاريات السيارات الكهربائية.. هل تنجح أوروبا في إعادة تدويرها؟
- إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.. طريقة جديدة وفاعلة
- السيارات الكهربائية في أوروبا تجذب اهتمام شركة تايوانية.. مصنع بطاريات في فرنسا
اقرأ أيضًا..
- أقوى توربين رياح بحرية في العالم.. مصنوع من ألياف الكربون ومقاوم للأعاصير
- اكتشاف نفطي ضخم قد تصل احتياطياته إلى 400 مليون برميل
- محطات الفحم في ألمانيا لن تخرج من الخدمة قبل 14 عامًا